Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد 11 يوما من الحرب قد يكون فيروس كورونا الأزمة المقبلة في غزة

قد لا يطول الأمر قبل أن يواجه القطاع المعرض للخطر حيث الكثافة السكانية مرتفعة ونظام الرعاية الصحية مشلول مشكلة الجائحة

حطام في موقف سيارات خارج وزارة الصحة ومختبر فحص كورونا في غزة (بيل ترو)

يظهر وميض سريع قبل أن يرفع عصف الانفجار الطبيب الفلسطيني عن الأرض ويرميه عبر الغرفة ليصطدم بالحائط.

يصور فيديو كاميرات المراقبة مشاهد مروعة عن اللحظة التي تلحق فيها ضربة جوية إسرائيلية الدمار في العيادة التي تضم المختبر الوحيد في غزة المخصص لفحص كوفيد-19. ويبدو الدكتور ماجد صلاح، الذي كان يقدم استشارة طبية عبر الهاتف في تلك اللحظة، فاقداً للوعي ومكوراً على نفسه على الأرض.

يهرب زملاؤه الذين نجوا من الإعصار العنيف، سعياً للنفاذ بجلدهم. يهتز المبنى حولهم مع انفجار النوافذ. وترتفع أعمدة الغبار لتملأ الشاشة. 

حدث ذلك يوم 17 مايو (أيار)، بعد أن استهدف القصف الجوي الإسرائيلي الطابقين العلويين من مبنى قريب يتألف من عدة طوابق في شارع الوحدة، أحد الشوارع الرئيسة في غزة.

كانت الضربة الجوية قوية لدرجة أنها ألحقت ضرراً كبيراً بالعيادة التي تضم مختبر كوفيد، كما بمكاتب وزارة الصحة، التي تقع في الجهة المقابلة للمبنى.

أصيب الدكتور صلاح بجراح خطيرة وظل في العناية الفائقة عدة أيام، وفقاً للدكتور يوسف أبو الريش، نائب وزير الصحة في غزة.

وقال المسؤول الرفيع المستوى من داخل مكتبه المدمر، في مبنى وزارة الصحة المتضرر "لم نتلق أي إنذار على الإطلاق".

"كما لو أنهم أرادوا أن يحضروا تلك الشقة إلينا وأن يلقوا بالإسمنت علينا". 

يدوس الدكتور أبو الريش على الزجاج المكسور وحطام المبنى والأدوات المكتبية فيما يأخذ "اندبندنت" في جولة حول ما تبقى من العيادة ومبنى الوزارة. 

ويقول إن المختبر الوحيد في غزة الذي يفحص نتائج الاختبارات بات غير قادر على العمل مؤقتاً. وقد نجت آلة فحص "بي سي آر" [فحص "تفاعل البوليميراز المتسلسل" للكشف عن كورونا]،  من القصف لكن توجب نقلها.

ويتابع الدكتور أبو الريش بقوله "هذا يؤثر بشكل هائل على العمل الذي نقوم به في ظل هذا الوضع الطارئ والجائحة".

"تضررت مكاتبنا- أي الجزء الإداري من وزارة الصحة- بشكل مباشر وشُل عملها في هذا الهجوم. وكان من الضروري إيقاف العمل بكثير من الخدمات، ومنها الاستشارات الهاتفية للأشخاص الذين يشعرون بأنه من غير الآمن لهم الخروج من منازلهم".

خلال 11 يوماً من القتال الشرس بين مقاتلي "حماس" والجيش الإسرائيلي، وقعت أعنف الغارات الجوية التي سُجلت يوماً في غزة، فدمرت مساحات كبيرة من القطاع المحاصر، كما انهمر وابل غير مسبوق من الصواريخ على إسرائيل.

وقُتل 248 فلسطينياً في غزة، من بينهم 66 طفلاً و39 امرأة. أما في إسرائيل، فتوفي 12 شخصاً بينهم طفلان وجندي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفيما كانت مدة الاشتباكات أقصر بكثير من الحروب السابقة في 2012 و2014، كان القصف على الجهتين من بين الأعنف وفقاً لمسؤولين في الأمم المتحدة. وهم يحذرون الآن من أن الأزمة الإنسانية التي تسبب بها القتال تتضاعف بسبب جائحة فيروس كورونا.

سُجلت أكثر من 300 ألف إصابة بالمرض القاتل في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ بداية تفشي الجائحة في المنطقة في مارس (آذار) 2020.

وغزة معرضة لهذا الخطر بشكل خاص بسبب الشلل الذي طال نظام الرعاية الصحية فيها نتيجة فرض الحصار المصري والإسرائيلي عليها منذ 14 عاماً، حين سيطرت حركة "حماس" على القطاع. ويُعتبر الجيب الذي يمتد 40 كيلومتراً ويضم قرابة المليوني نسمة، من أكثر مناطق العالم كثافة سكانية، وهذا ما يجعل التباعد الاجتماعي صعباً وعسيراً حتى في وقت السلام.

منذ شهر، وصلت أعداد الإصابات اليومية في غزة إلى ألف حالة جديدة.

واستطاع مسؤولو الصحة ضبط تفشي المرض قبل أن يندلع القتال منذ أسبوعين، لكنهم يخشون من وقوع موجة جديدة قريباً.  

وقد تضررت أكثر من 20 منشأة صحية خلال القتال الذي استمر 11 يوماً، فيما سويت وحدة رعاية صحية أساسية بالأرض. ومن المراكز المتضررة مختبر فحص الـ"بي سي آر" في شمال القطاع، كما مختبر كوفيد-19 الوحيد المتبقي الواقع قرب وزارة الصحة في وسط المدينة.

وأعربت منظمة الصحة العالمية كذلك عن قلقها بشأن غياب التباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة مع تهجير عشرات آلاف الأشخاص جراء القصف التجأ العديد منهم إلى مدارس الأمم المتحدة التي تحولت إلى ملاجئ مؤقتة.

وقال الدكتور ريتشارد بيبركورن، رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية في الضفة الغربية وغزة لـ"اندبندنت" "على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة، سبعة في المئة من السكان فقط تلقوا لقاحاً وهذا يمثل خطراً كبيراً".

"إن غزة في الأساس من بين أكثر مناطق العالم كثافة سكانية، وعندما يكون لديك 75 ألف نازح، تصبح إجراءات الوقاية- التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة- شبه مستحيلة".

وأضاف أن منظمة الصحة العالمية تحتاج إلى دخول غزة بشكل منتظم لإدخال اللوازم ومنها المزيد من عبوات اختبارات "بي سي آر". وتابع بقوله "هناك كذلك نقص هائل في اللقاحات. في غزة نحو 120 ألف لقاح". 

بسبب الحصار، كانت 40 في المئة من الأدوية الأساسية مفقودة في القطاع أساساً بما فيها أدوية ضرورية مثل المضادات الحيوية ولوازم علاج الصدمات.

ومع تدفق المصابين من القصف فجأة، شحت هذه اللوازم في المستشفيات التي اضطرت في بعض الحالات إلى أن تعيد تخصيص منشآت كوفيد-19 للأزمة الآنية.

واضطر المجمع الطبي الرئيس في غزة، مستشفى الشفاء، إلى أن يحول قسم عزل مرضى كوفيد-19 الذي يضم 30 سريراً إلى وحدة عناية فائقة طارئة، فنقل ثلاثة مرضى مصابين بفيروس كورونا ومربوطين إلى أجهزة تنفس إضافة إلى 45 آخرين غير مصابين بأعراض شديدة من المرض إلى مستشفيات أخرى.

وقال الدكتور رائد كُحيل، الذي يدير عيادة خارجية لكوفيد-19 في الشفاء، إنهم لا يعلمون بعد مدى الضرر لأن الفحص قد توقف، وفي هذه الأثناء، ضُرب بقواعد التباعد الاجتماعي عرض الحائط.

وأضاف "لن نعلم معدل زيادة الإصابات سوى بعد أسبوع على الأقل، في حال استمرت الهدنة".

وتوجب نقل منشآت وتجهيزات فحص "بي سي آر" في مستشفى بيت حانون الذي يخدم شمال القطاع إلى مدينة غزة بعد أن استهدفت سلسلة من الضربات الجوية ملعباً يبعد خمس دقائق فقط عن الأقسام الطبية.

 وقال كبير الممرضين خالد أبو جارد من داخل قسم الأطفال الذي يطل على حفرتين واضحتين على الأقل في الأرض "كانت كارثة. اضطررنا لنقل كل مرضى كوفيد-19 لدينا. اشتد القصف لدرجة أن نحو 6 آلاف شخص أتوا إلى المستشفى".

"كان بعضهم مصاباً وبعضهم خائفاً فحسب، ولم نقدر على التزام التباعد الاجتماعي أبداً".

أعد مستشفى بيت حانون، الذي يتوقع ارتفاعاً جديداً في الحالات، مستشفى ميدانياً مخصصاً لكوفيد-19 داخل خيمة وفرتها منظمة الصحة العالمية.

وبالعودة إلى وزارة الصحة المدمرة، عبر الدكتور أبو الريش عن أمله الضئيل بقدرتهم على استئناف تقديم الخدمات العادية في وقت قريب.

وسأل "لم نتمكن بعد من إصلاح الضرر الذي لحق بكل المنشآت الصحية جراء الاعتداء الأخير في عام 2014. وكان ذلك منذ سبع سنوات، فماذا نفعل الآن؟".

"سوف يستمر هذا الوضع 10 سنوات على الأقل، فقط من أجل إعادة بناء ما خسرناه. وهذه خسارة هائلة".

© The Independent

المزيد من الشرق الأوسط