Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

آخر ما نحتاجه هو تخريب جونسون مقترح مجموعة السبعة بشأن ضرائب الشركات

مساندة بريطانيا الملاذات الضريبية يبقيها متخلفة عن الكبار

الفرصة سانحة أمام بوريس جونسون كي يساعد في صياغة سياسة يمكن أن تدر على بريطانيا إيرادات بالمليارات (غيتي)

تأتي قمة "مجموعة السبعة" ("جي 7"، اختصاراً لـ"الدول السبع الصناعية الكبرى") وتذهب، وغالباً ما يجري تذكرها لمجرد التقاط صورة الزعماء المشاركين، وكذلك غالباً ما يشكل طابعها غير الرسمي ذريعة للتقاعس عن العمل. في المقابل، فإن اجتماع زعماء أغنى سبع دول ديمقراطية في العالم المقرر عقده في 11 يونيو (حزيران) في "كورنوال" بجنوب غربي بريطانيا، من شأنه أن يتيح للمملكة المتحدة فرصة غير مسبوقة لإنهاء التجاوزات التي ترتكب في إطار التعامل مع ضريبة الشركات.

إن الحجج المطروحة قوية كما أنها ملحة. إذ سيؤدي كبح التجاوزات الضريبية إلى عزل الملاذات الضريبية التي كانت ولا تزال تخفي المليارات في بنوكها (التي تُعرف باسم) الـ"أوف شور" لفترة طويلة جداً. وتالياً، سيؤدي كبح تلك التجاوزات إلى تعزيز الإيرادات اللازمة في تمويل التعافي من الجائحة عالمياً بشكل كبير. كذلك سيفضي الأمر نفسه أيضاً إلى تأسيس "بريطانيا العالمية" بوصفها قائدة إيجابية تعقد تحالفاً قوياً مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

واستطراداً، يجيء ذلك العمل في الوقت المناسب لأن المفاوضات الدولية التي بدأت في "منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي" في يناير ( كانون الثاني) 2019، لم تحرز بعد ذلك أي تقدم منذ قرابة عامين ونصف العام. وقد أعيد تنشيط تلك المفاوضات بفضل استعداد جديد توفر لدى أميركا بزعامة الرئيس بايدن للتفكير، للمرة الأولى، في وضع حد أدنى عن معدل ضريبة الشركات على مستوى العالم، بحيث تدفعه الشركات المتعددة الجنسيات أينما كانت.

وكذلك يقدم اقتراح الرئيس بايدن بتحديد مستوى ذلك الحد الأدنى عند 21 في المئة، وذلك أعلى بكثير من الاقتراحات المطروحة سابقاً بأن يكون 12.5 في المئة، للدول التي تجد نفسها تحت وطأة ضغوط كثيرة مع أعباء ديون ناجمة عن تفشي فيروس كورونا، مصادر إيرادات جديدة في الإنفاق على خدماتها العامة.

ويشتمل العنصر الأول في الخطة الجديدة على ضريبة موجهة تستهدف 100 من أكبر الشركات المتعددة الجنسيات وأكثرها ربحية، بما في ذلك بعض الشركات الرقمية الرئيسة. وبمجرد الموافقة على الخطة الجديدة للضريبة المقترحة، فإنها ستحل بديلاً عن "ضريبة الخدمات الرقمية" المطبقة حالياً في المملكة المتحدة.

من جهة أخرى، ستحقق تلك الضريبة التي تستهدف فئة معينة من الشركات، عائدات إضافية تتراوح بين 5 و12 مليار دولار في كل أنحاء العالم سنوياً. وفي خطوة تالية، سيؤمن العنصر الثاني في الاقتراح القاضي بفرض حد أدنى في معدل ضريبة الشركات على مستوى العالم، إيرادات جديدة كبيرة للغاية، تعتمد قيمتها النهائية على المعدل الذي سيستقر الرأي على اختياره (أثناء القمة المقبلة لمجموعة السبعة).

واستطراداً، إذا جرى اختيار الحد الأدنى الذي يبلغ 21  في المئة، وفق ما ورد في مقترح الرئيس بايدن، يُقدر باحثون مرتبطون مع "شبكة العدالة الضريبية"  أن الإيرادات الإضافية المتوفرة ستزيد على 500 مليار دولار في السنة الواحدة، فيما ستبلغ العائدات الإجمالية التي تنالها المملكة المتحدة نحو 21 مليار دولار.

ومن الممكن تحقيق عائدات إضافية عبر اقتراح أكثر طموحاً يبدأ من فرض معدل ضريبة الشركات المقترح في المملكة المتحدة تكون نسبته 25  في المئة. وعند الجمع بين ذلك والشرط الأكثر صرامة للإعلان عن الالتزامات الضريبية على أساس المكان الذي يُمارس النشاط الاقتصادي (للشركات) فيه، فإن معدل 25 في المئة الذي أوصت باعتماده أيضاً هيئة تحظى بالاحترام هي "اللجنة المستقلة لإصلاح ضرائب الشركات الدولية"،  يمكن أن يؤدي إلى توفير نحو تريليون دولار على شكل إيرادات إضافية للعالم ككل. وسيتدفق القسط الأكبر من تلك العائدات إلى الدول النامية التي تواجه ضغوطاً شديدة في وقت تشتد حاجتها فيه إلى الدخل. وكذلك ستحصل المملكة المتحدة نفسها على عائدات قد تصل قيمتها إلى 25 مليار دولار أو حتى إلى 30 مليار دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في المقابل، ثمة حل وسط قد يجد طريقه إلى حيز التطبيق في المستقبل. وبينما ستواصل الولايات المتحدة العمل على أساس معدل الـ21 في المئة، فإنها تشير حالياً إلى أنها ستوافق على أن تبدأ الدول الأخرى بمعدل 15 في المئة. ومع ذلك، فمن شأن هذا المعدل الأقل البالغ 15 في المئة، أن يعود على المملكة المتحدة بما يتراوح بين 11 و15 مليار دولار. واستكمالاً، سيتمكن نهج عادل في توزيع الفوائد من إعطاء بريطانيا والدول الغنية الأخرى إيرادات تعادل نحو 10 في المئة من ميزانياتها المخصصة للصحة العامة. وكذلك ستكون الدول ذات الدخل الأقل التي يتسبب نقل الأرباح (إلى خارجها، على يد الشركات) في تكبيدها معظم الخسائر، مرشحة للحصول على إيرادات قد تكفي لتمويل 20 في المئة من ميزانياتها الصحية.

ومع ذلك، من المدهش أن المملكة المتحدة تبرز حالياً بوصفها العقبة الأكبر أمام مفاوضات ناجحة (حول تلك الضريبة). وحتى حين يكون من المحتمل أن تحقق الخطة البريطانية عائدات أقل من تلك التي يمكن أن يؤدي إليها المقترح الأميركي المخفّف، وعندما يبدو أنها أيضاً ستفشل في اقتناص بعض الشركات الرقمية المتعددة الجنسيات الأكثر شهرة كـ"أمازون"، فإن الوزراء يستمرون في الوقوف ضد البديل. ينبغي عليهم أن يغيروا آراءهم. إن الحد الأدنى العالمي لمعدل ضريبة الشركات الذي يقاومون فرضه حالياً، من شأنه أن يضمن للمرة الأولى أن تدفع كل الشركات المتعددة الجنسيات، بما فيها "أمازون"، ضريبة ذات معدل فاعل وعادل، بغض النظر عما إذا كانت هذه الشركات ستتمكن من تحويل أرباحها إلى شركات واجهة لا وجود لها إلا بالاسم، في الملاذات الضريبية. وفي الواقع، فإن ضريبة بمعدل فاعل يبلغ 21 في المئة كان من شأنها أن تضاعف مدفوعات "أمازون" الضريبية في السنوات الأخيرة، الأمر الذي كان سيحقق إيرادات إضافية تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.

يبدأ فصل الختام باجتماع افتراضي لوزراء المالية، الجمعة المقبل، على أن يُعقد بعده اجتماع يلتقي فيه الوزراء شخصياً مع بعضهم بعضاً في لندن يومي 4 و5 يونيو. ثم يلي ذلك اجتماع القمة في "كورنوال" لرؤساء الدول الأعضاء في "مجموعة الدول الصناعة السبعة الكبرى" في 11 يونيو.    

وتؤيد كندا واليابان وإيطاليا المقترحات الأميركية، فيما تخطط المفوضية الأوروبية سلفاً لتطبيقها، كما تُبدي ألمانيا حالياً مقداراً من الحماسة حيال تبني الاقتراح التوفيقي بتحديد معدل ضريبة على الشركات يبدأ عند 15 في المئة.

لقد حان الوقت لأن تنهض المملكة المتحدة بالدور الذي ينبغي أن تؤديه كرئيسة لـ"مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى"، وتضمن التوصل إلى نتائج طموحة. وكذلك يجب أن تتخلى بريطانيا عن الموقف العام الذي تتبناه حالياً، إذ يبدو أقرب إلى التكتيك المدمر المُصَمم بهدف حماية ممارسات التهرب الضريبي في الأقاليم البريطانية لما وراء البحار، منه إلى محاولة صادقة من قبل رئيس "مجموعة الدول السبع" لكسر الجمود.

واستطراداً، فإن ضريبة الحد الأدنى الطموحة هي وحدها التي ستضمن أن تدفع الشركات المتعددة الجنسيات ما ينبغي أن تدفعه في دول كالمملكة المتحدة، تعتبر الساحات الرئيسة التي تكسب فيها (تلك الشركات) أموالها فعلياً. وكذلك ينسجم القضاء على انتهاك ضريبة الشركات مع أولويات الشهب البريطاني، بحسب ما حددتها باستمرار استطلاعات الرأي على المستوى الوطني.

من جهة أخرى، إذا واصلت المملكة المتحدة العمل على عرقلة المقترحات، فإن الدول الملتزمة بالعمل كملاذات آمنة من ضريبة الشركات ستُترك ببساطة متخلفة عن الركب، فيما سيمضي تحالف الدول الراغبة (في فرض ضريبة على الشركات) قدماً إلى الأمام للعمل بمقترحات بايدن.

إذاً، ثمة خيار واضح متاح لرئيس الوزراء. هل سيعمل على التوفيق بين المملكة المتحدة والملاذات الضريبية، ما سيضع بريطانيا في موقع يبقيها متخلفة عن الركب، أم أنه سيستغل موقعه كرئيس لـ"مجموعة الدول السبع" لاتخاذ ما يمكن أن يكون انتصاراً غير مسبوق ضد التهرب الضريبي، مع كل ما يتمخض عنه ذلك من إيرادات توجد حاجة ماسة للحصول عليها؟

 

* غوردون بروان رئيس وزراء بريطاني أسبق يعمل حالياً مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة لشؤون التعليم على المستوى العالمي

© The Independent

المزيد من آراء