Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تزايد الدعم لـ "حماس" في الضفة الغربية ؟

بات يُنظر إلى الحركة المسيطرة على غزة على أنها تتصدى لإسرائيل، في تعارض مع قيادة "فتح" القديمة البالية. ويبدو أنها تستغل الفراغ السياسي الذي تخلفه السلطة الفلسطينة

فلسطينيون يحتفلون في رام الله دعماً للمقاومة في غزة بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل (غيتي)

 

يقف سمير عوض مع مجموعة من أصدقائه في ساحة المنارة، ويفكرون سوياً في ما يخبئه المستقبل، لكنه لا يرى أي شيء غير الانقسام والصراع. وقال في هذا الصدد، "لا أمل هنا، بل غضب فقط، وهذا ما يشعر به معظمنا".

 ولم يكن الغضب الذي شعر به سمير، 23 سنة، موجهاً نحو الإسرائيليين فقط، بل نحو القيادة الفلسطينية كذلك، التي لم تفشل في الوفاء بوعد إنشاء دولة فحسب، بل أخفقت أيضاً، برأيه، في تأمين الحاجات الأساسية للشعب الذي تزعم أنها تمثله.  

بدأ النزاع الأخير بين إسرائيل و"حماس" بمواجهات في إسرائيل بين أقسام من المجتمع العربي والقوات الأمنية. وفيما تبادل الطرفان الضربات الجوية وإطلاق الصواريخ عبر الحدود، استمرت هذه المواجهات العنيفة.

فُرضت الهدنة الآن، كما حدث في الحروب الثلاث الأخيرة مع غزة، لكن التوقعات ضئيلة بحلول سلام دائم. وكان قد سبق النزاع الأخير كذلك وقوع مواجهات عنيفة بين العرب واليهود، بسبب طرد العائلات الفلسطينية داخل حي الشيخ جراح في القدس الشرقية من منازلها، إضافة إلى وقوع مواجهات دينية في المسجد الأقصى بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية.

وسار اليهود والعرب جنباً إلى جنب في تل أبيب يوم السبت، مطالبين بإنهاء العنف. وبعد مرور أقل من 12 ساعة على وقف إطلاق النار، تجددت أعمال العنف خارج المسجد الأقصى بعد صلاة الجمعة، وأطلقت الشرطة غازاً مسيلاً للدموع ورصاصاً مطاطياً على المتظاهرين، بعد أن ألقوا عليهم الحجارة، حسب قولهم. 

ونفذت الشرطة الإسرائيلية موجة من الاعتقالات، يُعتقد أنها طالت أكثر من 1500 شخص، 90 في المئة منهم فلسطينيون، وذلك على الرغم من وقوع عدد لا يستهان به من الاعتداءات الطائفية على يد مجموعات يهودية يمينية. وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن استهداف القوات الأمنية أكثر من 500 شخص آخرين من أجل اعتقالهم.

وخلال الأسبوع الماضي تجمع في رام الله، حشد يقدر بألفين و 500 شخص في المنارة، وهي موقع معروف للتظاهر، وساروا باتجاه مستوطنة بيت إيل الإسرائيلية. وقام الجيش الإسرائيلي بإطلاق عيارات نارية خلال مواجهاته مع المتظاهرين، الأمر الذي أدى إلى مقتل أحد المتظاهرين، محمد إسحاق حميد البالغ من العمر 25 سنة.

وفي اليوم نفسه، توفي وائل برناط، ذو الـخمس عشرة سنة، بعد إصابته برصاصة في رأسه في قرية بيل إين، فيما قُتل أدهم فايز موسى كاشف، 20 سنة، في رام الله، بعد فتح القوات الأمنية النار عليه.

كما تم إطلاق النار على جنديين إسرائيليين خلال اشتباكات بيت إيل. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن رجلين مزودين ببنادق من طراز إي كي 47 رشاشات كلاشنكوف أطلقا النار. وأضاف المصدر نفسه، أنه من المستغرب وجود هذه الرشاشات في الضفة الغربية، وأن هذا التطور مقلق ويجري التحقيق فيه. 

وقال خالد حسين، 20 سنة، عاطل من العمل مثل صديقه سمير "نعم ذهبت إلى الاحتجاجات. كان هذا التصرف الصائب، نحن نحارب الاحتلال. لا شك أن الناس غاضبون، لكننا لم نهاجم الشرطة. بدأوا هم بإطلاق النار واضطررنا للركض للنفاد بجلدنا".

"كنت أعرف محمد (إسحاق حميد)، كان رجلاً طيباً. أصيب وأمِلنا أن يتعافى، لكنه توفي في المستشفى. لم ننزل لنحتج فقط على عمليات القتل الجارية في غزة، بل على ما يفعله الإسرائيليون في القدس كذلك، حيث يسلبون بيوت الناس. وسوف يواصلون محاولة الاستيلاء على أرضنا وسنواصل المقاومة. لا أحد يساعدنا، لذلك علينا أن ندافع عن أنفسنا".

لم يُحمل الشباب المجتمع الدولي وحده مسؤولية عدم التصدي لإسرائيل، بل ألقوا باللوم كذلك على القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية.

دعت فتح والسلطة الفلسطينية، بقيادة محمود عباس التي تتخذ من رام الله مقراً لها، لتنفيذ إضرابات ومظاهرات، رداً على تصرفات الحكومة الإسرائيلية. لكن الشك يساور كثيرين بأن عباس البالغ من العمر 85 سنة، يمثل الزعامة المطلوبة.

وقال محمد الخوري، رجل الأعمال الذي كان يمر في الساحة، وأراد المشاركة في الحديث "أبو مازن (عباس) أكثر ثراء وأكبر سناً من أن يهتم بنا. نريده أن يرحل. وهو يعلم ذلك،  لذلك يقوم بما في وسعه لكي يضمن احتفاظه بالسلطة والمال".

ومع تراجع شعبية عباس و"فتح"، ارتفعت أسهم "حماس"، حيث يزيد على ما يبدو، عدد الأشخاص الذين يعتقدون بأنها المدافع الحقيقي عن الشعب الفلسطيني الممثل للمقاومة الحقيقية المستعدة لمحاربة إسرائيل.

وقال السيد الخوري "كنت أؤيد فتح، وأنتمي إلى عائلة تؤيد فتح. لم أدعم حماس في الماضي. لكن يمكننا أن نرى كيف تتصدى لإسرائيل. وعلى الرغم من كل القصف الذي قام به الإسرائيليون وكل الأشخاص الذين قتلوهم، لا يستطيعون إلحاق الهزيمة بحماس".

وهز الشباب حوله برؤوسهم مؤيدين كلامه، فيما تابع السيد الخوري قائلاً "سأصوت لهم، لكن لا أعتقد أن أي انتخابات ستُعقد".

كان من المفترض انعقاد أول انتخابات نيابية ورئاسية فلسطينية منذ 15 عاماً هذا الشهر، وفي يوليو (تموز)، غير أن السيد عباس أرجأها إلى أجل غير مُسمى، لافتاً إلى أن السبب هو رفض الحكومة الإسرائيلية السماح بالاقتراع في القدس الشرقية.

وكشف استطلاع للآراء أجرته القناة الإسرائيلية 13 قبل اندلاع النزاع، أن 32 في المئة من الناخبين الفلسطينيين يؤيدون "حماس"، مقابل 17 في المئة فقط ممن يناصرون حركة "فتح" التي ينتمي إليها محمود عباس. ويؤيد 13.9 في المئة محمد دحلان، وهو منافس محمود عباس. وفي موضوع رئاسة السلطة الفلسطينية، نحو 28 في المئة أيدوا قائد "حماس" إسماعيل هنية مقابل 11 في المئة لصالح السيد عباس.

وقالت حنان عشراوي، السياسية الفلسطينية المخضرمة المعروفة دولياً، الوزيرة السابقة في السلطة الفلسطينية "قدمت حماس نفسها في هذا النزاع على أنها تمثل الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية وليس غزة وحدها. وقد نجحت بدرجة كبيرة. فقد ازداد كثيراً عدد الأشخاص الذين حملوا العلم الأخضر في القدس ورام الله. لم يحدث في السابق هذا التعبير الصريح عن الدعم لحماس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 يقول الناس، انظروا، كل هذه الأنظمة العربية والمسلمة لا تفعل شيئاً. لكن مجموعة صغيرة لا تمتلك سوى وسائل ضئيلة أخذت المعركة إلى إسرائيل. هي تبعث رسالة بأننا على قيد الحياة ولن نفقد روح المقاومة".

"لن أصوت لحماس. أنا أعارض إقامة دولة إسلامية، مثلما أعارض دولة يهودية في المقام الأول. لا أعتقد أن الدول يجب أن تقوم على الدين. وباعتباري امرأة أعارض بعض أجندتها الاجتماعية".

"لكن حماس تطورت، وباتت تحصد دعماً بين الشباب، وحتى المسيحيين منهم. لا أعتقد أن هذه الحركة ستكسب أغلبية مطلقة في الانتخابات، لكن لحماس كل الحق في أن يكون لها تمثيل ضمن نظام تعددي. تريد إسرائيل أن تقنع العالم بأن حماس عبارة عن مجموعة إرهابية. لكننا نعتقد بأن إسرائيل تمارس إرهاب الدولة عمداً وعن وعي".

تنتشر أغلفة القنابل الصوتية على الطريق المؤدي إلى مستوطنة بيت إيل. وينحدر الطريق نفسه في الاتجاه الثاني نحو وسط مدينة رام الله، وتنتصب على جانبيه بنايات شاهقة العلو.

"هذه فنادق"، يقول سمير عوض الذي رافقنا وهو يشير إليها "كانت لنا وظائف هناك منذ سنتين، مع كثير من الزوار".

"والآن مع كوفيد والمشكلات، لا أحد يأتي ولا أعلم من أين ستأتي الوظائف، يريدون أن يبقونا فقراء فيما يطوقوننا بالمستوطنين".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات