Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رفع القيود على تملك الليبيين في تونس يقلق أفراد الطبقة الوسطى

يرى قسم من المواطنين أن ذلك القرار سيحرك القطاع العقاري التونسي الراكد

كشفت دراسة حديثة عن ارتفاع أسعار العقارات في تونس بنسبة 86 في المئة بعد ثورة يناير (اندبندنت عربية)

منذ أن أعلن رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي خلال زيارته إلى ليبيا، قرار رفع كل القيود التي كانت مفروضة على تملك العقارات السكنية لليبيين، ارتفعت وتيرة الجدل بين التونسيين، إذ عبر قسم كبير منهم عن مخاوفهم إزاء احتمال عدم تمكنهم من اقتناء مسكن في بلدهم، فيما اعتبر آخرون أن القرار سيدخل ديناميكية اقتصادية إلى قطاع التطوير العقاري الذي يشكو من ركود كبير في حركة البيع. وكان المشيشي اختتم زيارته إلى ليبيا، الأحد 23 مايو (أيار) الحالي، آملاً من خلالها أن يمكن تونس التي تعاني أزمات مالية حادة، من بناء تعاون اقتصادي متين مع ذلك البلد الجار والاستفادة من مخطط إعادة الإعمار فيه. وجاء قرار رفع كل القيود المفروضة على تملك المساكن لليبيين بتونس في هذا الإطار، بعد ما طالب رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة بذلك.
 


تفعيل قرار قديم

وفي السياق، صرح الوزير التونسي الأسبق لأملاك الدولة والشؤون العقارية، غازي الشواشي بأن "قرار المشيشي تمليك الليبيين العقارات السكنية قرار قديم فُعل منذ عام 2016 بموجب مذكرة صادرة عن حافظ الملكية العقارية والتي تسمح لليبيين بالتملك مع رفع قيود عدة"، لكنه رأى أن "مطالبة الحكومة اللليبية فتح الباب كلياً أمام تمليك الليبيين أي إلغاء شرط تحديد المبلغ وإلغاء رخصة المحافظ، أمراً سيؤثر سلباً على الطبقة الوسطى في تونس"، موضحاً أن "فتح الباب للأجانب أو لليبيين ورفع كل القيود يسهم في منافستهم التونسيين ذوي المدخول المتوسط على شراء المساكن التي لم يعد أصلاً شراؤها ممكناً لهم نظراً إلى ارتفاع أسعارها".
وأفاد الشواشي بأنه "في فترة حكومة إلياس الفخفاخ، كانت هناك نية لرفع الحد الأدنى لتمليك الأجانب إلى نحو 250 ألف دولار عوض 100 ألف دولار لضمان عدم منافسة الطبقة المتوسطة، وأيضاً لمساعدة الشركات العقارية في بيع المساكن التي لا يستطيع التونسيون اقتناءها نظراً لارتفاع أسعارها". وأوضح أن "الممتلكات العقارية في تونس أنواع، منها الفلاحية، ومنها ذات الصبغة السياحية، وأخرى صناعية. والقاعدة العامة في تونس تمنع منعاً باتاً تمليك الأجانب العقارات الفلاحية مهما كانت جنسيتهم، ولو كان ذلك ضمن إطار برنامج استثماري".
وتابع "أما العقارات الصناعية والعقارات السياحية فمفتوحة لتملك الأجانب في إطار مشاريع استثمارية. وبقيت الأراضي البيضاء والعقارات السكنية نقطة جدل"، مبيناً أن "اليوم، يشترط على الأجانب الحصول على رخصة السيد الوالي (المحافظ) بخصوص شراء مسكن، إلا بعض الاستثناءات التي ضبطت خلالها السنوات الأخيرة، إذ تمكن ليبيون من شراء عقارات سكنية في تونس قيمتها أكثر من 100 ألف دولار من دون حصول على رخصة المحافظ. وكان يُفرض الحصول على تلك الرخصة من أجل البحث عن مصادر الأموال وإجراء بحث أمني أيضاً. كما تهدف هذه الرخصة إلى عدم مساهمة عمليات البيع للأجانب في بعض المناطق في رفع الأسعار بالنسبة للتونسيين".
وقال الوزير التونسي الأسبق "منذ سنوات، يمكن لليبيين التملك في تونس لكن بشروط، أما البلدان المغاربية الأخرى فتتعامل معها تونس بسياسة المعاملة بالمثل في هذا المجال".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهة أخرى، سُجل ارتفاع عدد أفراد الجالية الليبية في تونس بعد الثورة الليبية، بينما كان، منذ فترة حكم معمر القذافي وعلاقته الوثيقة بالرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، يُسمح للتونسيين بالتملك في ليبيا، لكنهم ونظراً للأوضاع الأمنية غير المستقرة فيها، لم يقبلوا على الإقامة وشراء العقارات هناك.

حلم امتلاك مسكن

من ناحية ثانية، كشفت دراسة صادرة منذ شهر تقريباً في تونس عن "الغرفة النقابية الوطنية للباعثين العقاريين"، عن ارتفاع أسعار العقارات في تونس بنسبة 86 في المئة بعد ثورة يناير (كانون الثاني) 2011. وأشارت الدراسة إلى أن أسعار الوحدات السكنية قفزت خلال السنوات الأخيرة التي شهدت فيها تونس أزمات اقتصادية وارتفاع بعض الضرائب بنسبة 46 في المئة، فيما ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 60 في المئة والأراضي المعدة للبناء بنسبة 41 في المئة، ما جعل إقبال التونسيين على شراء المساكن ينحدر إلى أدنى مستوياته، بل أصبح حلم امتلاك مسكن مستحيلاً للطبقة الضعيفة وحتى المتوسطة.
في هذا الصدد، قال راضي الغرايري، وهو موظف في إحدى المؤسسات العمومية في تونس "أعمل منذ 20 سنة كموظف ولم أستطع امتلاك مسكن. يبدو أن قرار رفع كل القيود لتمليك الليبيين أو الأجانب عموماً قد يقضي على هذا الحلم نهائياً وستصبح أسعار المساكن خيالية".
من جانبه، رأى المحامي الليبي خالد الغويل أن "هناك عراقيل عدة وإجراءات معقدة تعترض سبيل الليبيين في تونس، بخاصة ترخيص المحافظ الذي يضع شروطاً عدة نتمنى أن تُبدد ونطالب بذلك من الجهتين، أي تمليك الليبيين في تونس والعكس، بخاصة في ظل ما تتميز به العلاقات بين البلدين من روابط اجتماعية وحتى عائلية وبالتالي يجب أن تُرفع بعض الإجراءات. ويجب أن يكون تمليك اللليبيين في تونس أو التونسيين في ليبيا، أمراً طبيعياً، مع استثناء الأراضي الفلاحية طبعاً".
أما الصحافية التونسية المتخصصة في الشأن الاقتصادي إيمان الحامدي، فاعتبرت أن "رفع القيود والتراخيص المسبقة عن بيع العقارات للأجانب سيدخل ديناميكية اقتصادية إلى قطاع التطوير العقاري الذي يشكو من ركود كبير في عمليات البيع".

وأفادت الحامدي بأن "قطاع العقارات يسهم بـ14 في المئة من الناتج المحلي ويوفر نحو نصف مليون فرصة عمل"، معتبرة أن "تحسن نسق المبيعات سيساعد على تقليص نسب البطالة وتوفير موارد ضريبية للدولة".

واعتبرت أن "الموارد الضريبية التي سيوفرها قطاع التطوير العقاري، ستسمح للسلطات باستعادة توازناتها المالية وتحسين دخل المواطن التونسي وقدرته الشرائية، إذ يشكو حالياً ارتفاع أسعار العقارات وعدم التمكن من شراء مسكن".