Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل نقل زعيم جبهة البوليساريو إلى الجزائر بعد علاجه في إسبانيا؟

الأزمة الدبلوماسية بين مدريد والرباط اختبار لقياس مدى صدق الخطاب السائد منذ سنوات في شأن حسن الجوار والشراكة الاستراتيجية بين البلدين

أكدت وزيرة الخارجية الإسبانية أن استقبال زعيم البوليساريو إبراهيم غالي من قبل إسبانيا تم فقط لأسباب إنسانية (أ ف ب)

في خضم الأزمة الديبلوماسية بين المغرب وإسبانيا جراء استقبال الأخيرة زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي لأسباب صحية، حذرت السلطات المغربية نظيرتها الإسبانية من السماح له بمغادرة أراضيها بالطريقة نفسها التي دخلها، باستخدام هوية مزورة.

ومما يؤكد مخاوف المغرب، هبوط طائرة عسكرية جزائرية بقاعدة "توريخون دي أردوز" العسكرية في مدريد، الإثنين 22 مايو (أيار)، تابعة لسلاح الجو الجزائري آتية من الجزائر العاصمة، وهي من طراز "سوبر كينغ إير بي 350" تستخدم عادة لنقل الشخصيات الرسمية، بحسب ما ذكرت صحيفة "الإسبانيول" الإسبانية.

تفاصيل سفر غالي 

وأكدت صحيفة "اندبندنت الإسبانية" دخوله البلاد بهوية مزورة، بحسب تصريحات ضابطي شرطة إسبانيين انتقلا "بشكل عاجل" إلى مستشفى "ريوجان"، للتأكد مما إذا كان غالي قد سجل في المركز الصحي باسم غير اسمه.

وأفادت الصحيفة نفسها بأنه في 18 أبريل (نيسان) الماضي، وصل "المريض محمد بنبطوش، المولود في 19 سبتمبر (أيلول) 1950 بهوية مزورة، من سرقسطة على متن سيارة إسعاف طبية، وفقاً للبيان الرسمي الصادر عن المديرية العامة للشرطة، ودخل في الخامس من مايو وحدة العناية المركزة بسبب المضاعفات التنفسية الحادة الناجمة عن إصابته بفيروس كورونا، والتي أدت إلى التهاب رئوي حاد منعه من التنفس بشكل طبيعي".

دعوى المحكمة

وأكدت الصحيفة الإسبانية أيضاً قيام عنصر من الشرطة بإبلاغ إبراهيم غالي بدعوى المحكمة، إلا أنه رفض التوقيع على تسلم الاستدعاء "بحجة رغبته في الاتصال بالسفارة الجزائرية والأشخاص الذين يثق بهم لتسهيل التوقيع"، وأضاف أنه يحتاج أياماً عدة لاتخاذ قرار.

وخلصت الصحيفة إلى أنه إذا لم يحضر غالي للإدلاء بشهادته في غضون أسبوعين، حتى في حال تأجيل الموعد بسبب حاله الصحية الدقيقة، فستكون هذه هي المرة الثالثة التي يتهرّب فيها من القضاء الإسباني، إذ كانت المرة الأولى عام 2013 والثانية في 2016.

أزمة الهجرة

وتمكن عدد من المغاربة من دخول مدينة سبتة الخاضعة للسيادة الإسبانية، واتهمت السلطات الإسبانية نظيرتها المغربية بالتقاعس في حماية المعبر الحدودي، رداً على استقبال إسبانيا زعيم البوليساريو، متهمة المغرب باستخدام ملف الهجرة السرية سلاحاً في نزاعها معها، وقامت السلطات الاسبانية بترحيل عدد ممن دخلوا مدينة سبتة بصفة غير شرعية، في حين عرف المعبر الحدودي مشادات بين قوات الأمن الإسبانية والراغبين في الهجرة من المغاربة بعدما منعوا من ذلك.

الموقف الإسباني

وجددت وزيرة الخارجية الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، تأكيدها أن استقبال زعيم البوليساريو إبراهيم غالي من قبل إسبانيا تم فقط لأسباب إنسانية، وليس لخلق نزاع مع المغرب. وقالت، "لم نرغب أبداً في حدوث نزاع، نحن لم نبحث عنه أبداً، ولم نرغب في ذلك أبداً". مضيفة، "نحن بالتأكيد لا نغدي ذلك النزاع، ما نريده، وهذا ما نقلته للسفيرة كريمة بنيعيش، هو التطلع إلى المستقبل. نريد أن نعمل معاً حتى لا تحدث أزمة مرة أخرى، وسنواصل العمل في هذا الاتجاه لأن إسبانيا تريد أن تكون لها علاقة ناضجة مع المغرب، حتى عندما تكون هناك خلافات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبرت أن "ما حدث هو رفض جارتنا المغربية للفتة إنسانية قمنا بها لمصلحة شخص حاله خطرة جراء إصابته بفيروس كورونا، الأمر الذي أدى إلى رد أحادي الجانب على شكل أزمة هجرة"، مشددة على وجود تقليد إنساني ببلادها، كما حال المغرب الذي استقبل بعض القادة الأفارقة في احترام لتقاليده الإنسانية. كما أكدت الوزيرة الإسبانية أن بلادها "لم تغير موقفها من مسألة الصحراء الغربية"، وأشارت إلى أن زعيم البوليساريو "عندما يتعافى سيعود لبلاده، وفي تلك الأثناء سيواجه سلسلة من الدعاوى القضائية، ونأمل بأن يتمم التزاماته تجاه النظام القضائي الإسباني".

ردود فعل مغربية

في هذا الوقت، حذرت السفيرة المغربية في مدريد، كريمة بنيعيش، من اللجوء إلى إخراج غالي من إسبانيا بالطريقة نفسها التي تم إدخاله إليها، وأوضحت أن الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين مدريد والرباط على خلفية استقبال زعيم الانفصاليين على التراب الإسباني بشكل سري وبهوية منتحلة، تعد اختباراً لقياس مدى صدق الخطاب السائد منذ سنوات في شأن حسن الجوار والشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

من جانبه، أشار المحامي والمتخصص في قضية الصحراء، نوفل البعمري، إلى أن المغرب عبّر من خلال تصريح سفيرته في مدريد عن موقف واضح تجاه محاولات إعادة تهريب غالي نحو الجزائر حتى لا تتم محاكمته، إذ أشارت إلى أن الأمر قد يعني القطيعة بين البلدين، لأنه سيعتبر تصعيداً خطيراً نحو المغرب، وضحايا غالي والبوليساريو عموماً. وتابعت أن "السماح بعودته، على الرغم من أنه مدعو من قبل قاضي تحقيق بالمحكمة الوطنية الإسبانية، بالكيفية التي دخل بها، يعني أن إسبانيا تبحث عن التصعيد، وتصب الزيت على نار هذه الأزمة التي تسببت فيها الحكومة الإسبانية بقبولها استقبال إبراهيم غالي بهوية وجواز سفر مزورين".

وخلص البعمري إلى أن "ما تم الكشف عنه هو أن الأمر لا يتعلق فقط بإبراهيم غالي بل بأشخاص آخرين، إذ أكدت الخارجية المغربية وجود أربعة أشخاص دخلوا بالطريقة نفسها التي دخل بها غالي إسبانيا"، مشيراً إلى أن "الإعلام الإسباني كشف عن اسم واحد من هذه الأسماء التي دخلت بجواز سفر مزور باسم محمد الصغير النقاش، وهو طبيب جزائري توفي في 2010، مما يؤكد رواية المغرب من مرافقة عناصر استخباراتية عسكرية إبراهيم غالي إلى إسبانيا، ودخلت كذلك بجواز سفر وهوية مزورين".

وحمّل البعمري الحكومة الإسبانية المسؤولية عن تطور هذه الأزمة، معتبراً أن "هناك قراراً لقاضي التحقيق، وهناك شكاوى مفتوحة في وجه غالي، لذلك فإن قبولها مغادرته إسبانيا من دون خضوعه للقضاء الإسباني سيكون مؤشراً إلى خضوع القضاء الإسباني للضغط السياسي، وسيكون دليلاً كافياً للتواطؤ الرسمي الإسباني ضد المغرب".

إخلال بالالتزامات

ويعتبر محللون أنها ليست المرة الاولى التي تخلّ فيها إسبانيا بالتزاماتها تجاه المغرب. وفي هذا السياق، قال الخبير الاستراتيجي المغربي، محمد الطيار، "ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها إسبانيا قراراً يتعارض مع قيم الشراكة والتزامات التعاون الاستراتيجي التي التزمت بها في علاقتها مع الدول الأخرى". وأضاف، "القرار بالسماح بدخول غالي بهوية مزورة بالتنسيق مع الأمن العسكري الجزائري من دون استحضار علاقتها مع المغرب، ليس بالأمر الجديد، فقد سبق لإسبانيا أن نهجت الأسلوب نفسه مع الولايات المتحدة في شأن رئيس جهاز المخابرات الفنزويلي السابق هوغو كارفاخال، الذي طالبت وكالة مكافحة المخدرات الفيدرالية الأميركية بتسلّمه أو محاكمته بعد وصوله إلى إسبانيا سنة 2019، حيث كان موضع  رعاية خاصة من جهاز الاستخبارات الإسباني، الذي عمد إلى تهريبه من إسبانيا على الرغم من مطالبة الولايات المتحدة بمحاكمته".

وخلص الخبير المغربي إلى أن "سماح وزيرة الخارجية الإسبانية بدخول غالي بلادها يتنافى مع ما جرت به العادة في مثل هذه الحالات، فدخوله بهوية مزورة ونزول طائرته في مطار عسكري، يبين أن الأمر حصيلة تعاون استخباراتي بين جهاز الاستخبارات الإسباني والأمن العسكري الجزائري".

مصيره العودة

وسط هذه الأجواء، لم تعلق جبهة البوليساريو حتى الآن على قدوم الطائرة الجزائرية إلى إسبانيا، لكن مستشار زعيم البوليساريو، لحسن لحريثاني، أكد أن غالي الآن "بصدد العلاج في إسبانيا، ومصيره العودة إلى مهماته بعد استكمال بروتوكول التطبيب".

وبخصوص توتر العلاقات المغربية - الإسبانية، أشار عضو الأمانة الوطنية للجبهة، وممثلها في أوروبا والاتحاد الأوروبي، أبي بشرايا البشير، إلى وجود "رغبة من جانب المغرب في أن ينقل للأوروبيين التخوف من ردّ فعل عنيف في حال قضت محكمة العدل الأوروبية مرة أخرى بحكم لمصلحة سيادة الشعب الصحراوي"، مشيراً إلى أن "إسبانيا أوضحت موقفها بشكل جيد للغاية، إلا أن الرباط أصرت على تنفيذ خطوتها الانتقامية بفتح الباب أمام حوالى 8 آلاف مهاجر غير نظامي في غضون يومين إلى منطقة سبتة الإسبانية، بتواطؤ من قبل الشرطة المغربية".

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن مصادر في الخارجية الإسبانية أن غالي دخل الأراضي الإسبانية بجواز غير مزور، كما نقلت تصريحات لممثل جبهة البوليساريو في إسبانيا، عبد الله العرابي، أشار فيها إلى أن "وزارة الخارجية الإسبانية فندت مزاعم ومغالطات النظام المغربي، وأن الرد الواضح للحكومة الإسبانية دفع بوسائل الإعلام في هذا البلد الأوروبي إلى إعادة نقل المعلومة بشكل واسع الانتشار لتصحيح المغالطات التي كانت بعض الوسائل الإعلامية قد تداولتها من قبل". وأشار ممثل الجبهة إلى أن "هناك حملة تشويه وتضليل يقوم بها المغرب على مستوى إسبانيا، يرمي من خلالها إلى المساس بالقضية الصحراوية ورموزها الوطنية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير