Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان الأوروبي يجمد التصديق على معاهدة الاستثمار مع الصين

الكتلة تشترط رفع بكين لعقوباتها المفروضة على شخصيات ومؤسسات قبل معاودة مناقشة الاتفاقية

الاتحاد الأوروبي يطالب الصين بمراجعة قراراتها بشأن العقوبات (أ ف ب)

عارض البرلمان الأوروبي بشراسة التصديق على معاهدة الاستثمار التي وقعتها الكتلة الأوروبية مع الصين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بإعلانها "مجمدة"، في إشارة إلى تصاعد التوترات بين الكتلة الأوروبية وبكين. وصوت أعضاء البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة، يوم أمس الخميس، على وقف التصديق على الاتفاقية بسبب العقوبات الانتقامية التي فرضتها بكين على البرلمانيين الأوروبيين والدبلوماسيين والأكاديميين ومراكز الفكر. وتم تمرير قرار الخميس بأغلبية 599 صوتاً مقابل 30 ضده، وامتناع 58 عن التصويت. 

وعلى الرغم من أن التصويت ليس له قوة قانونية، إلا أنه يُظهر عقبة أمام تنفيذ الاتفاق، الذي يتطلب موافقة البرلمان الأوروبي. كما يعكس تحولاً في عواصم الاتحاد الأوروبي ضد الاتفاقية، التي تم الاتفاق عليها على المستوى السياسي في ديسمبر الماضي. 

وربطت برلمانات أوروبية العودة للحديث عن الاتفاقية مجدداً، برفع بكين الفوري للعقوبات التي فرضتها على شخصيات سياسية أوروبية رداً على حظر السفر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي، وتجميد أصول أربعة مسؤولين صينيين ومنظمة أمنية، بسبب اضطهاد واعتقالات جماعية لمسلمي الإيغور.

راينهارد بوتيكوفر، عضو البرلمان الأوروبي في الحزب الأخضر الألماني الذي يرأس وفد الاتحاد الأوروبي إلى الصين، كان أحد الذين فرضت بكين عقوبات عليهم. 

وقال بوتيكوفر خلال جلسة التصويت للاتحاد الأوروبي، التي نقلتها "فايننشال تايمز"، إن المجلس التشريعي الأوروبي "لن يتزحزح" عن موقفه. وأضاف "بعقوباتها، أخطأت الصين في حساباتها، ويجب أن يتعلموا من أخطائهم ويعيدوا التفكير". 

وقال بيدرو ماركيز، عضو البرلمان الأوروبي الاشتراكي من البرتغال، إن الصين كانت مذنبة بارتكاب "هجوم على الديمقراطية الأوروبية"، معلناً "لن نتسامح مع ذلك".

سياسة الصين

ويسلط الخلاف بشأن الاتفاقية الضوء على الجدل المتزايد في الاتحاد الأوروبي حول سياسة الصين، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى بناء تحالفات دولية لمواجهة بكين في مجالات مثل التجارة والأمن، في حين تعمل الكتلة الأوروبية على توسيع ترسانة أسلحتها الاقتصادية، بما في ذلك مقترحات لمنع بعض الشركات الأجنبية المدعومة من الدولة الصينية من دخول السوق الموحدة للاتحاد.

وقالت سيغريد كاغ، وزيرة التجارة الهولندية، إن بلادها تدعم "بشدة" تحرك برلمان الاتحاد الأوروبي بشأن صفقة الاستثمار. وأشارت إلى "الضغوط السياسية" المتزايدة من الصين، بما في ذلك إضافة نائبة هولندية من حزبها الليبرالي "دي 66" إلى قائمة العقوبات. كما حثت كاغ على تحسين التنسيق بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي لوضع سياسة متماسكة بشأن الصين. وقالت يوم الخميس، إنها "مثال على علاقة صعبة أوسع نطاقاً حيث نحتاج إلى إيجاد سبل للمضي قدماً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولطالما سعى الاتحاد الأوروبي إلى صفقة الاستثمار التي تفتح فرصاً لشركاته العاملة في السوق الصينية، بينما تحاول معالجة شكاوى قائمة منذ فترة طويلة بشأن المعاملة غير العادلة، تشمل الصناعات التي تتمتع بشروط وصول محسنة، إلى جانب قطاع السيارات والرعاية الصحية الخاصة والحوسبة السحابية والخدمات الإضافية للنقل الجوي.

تم الدفع بالاتفاق السياسي في الأيام الأخيرة من الرئاسة الدورية لألمانيا للاتحاد الأوروبي في ديسمبر، بدعم قوي من المستشارة أنغيلا ميركل.

وألمحت أرمين لاشيت، مرشحة حزبها (يمين الوسط) لمنصب المستشار الألماني في انتخابات سبتمبر (أيلول) المقبل، الأربعاء، إلى أنه لا يمكن التصديق على الصفقة، ما لم تُرفع العقوبات. وقالت "إذا كنت تريد أن تكون شريكاً لنا، فعليك إظهار الاحترام المتبادل، لذا في هذه القضية أود أن أرى تحركاً من الجانب الصيني".

وقالت بعثة بكين لدى الاتحاد الأوروبي، إن "قرار الصين اتخاذ إجراءات مضادة هو رد شرعي على العقوبات والمواجهة أحادية الجانب التي يفرضها الاتحاد الأوروبي"، وأن "بعثة الصين لديها دائماً الإخلاص لتعزيز التعاون مع الاتحاد. نأمل أن يعمل من جانبه معنا في الاتجاه نفسه".

غضب وسائل الإعلام الصينية

أجمعت الصحف الصينية على أن الخاسر الأكبر من هذا التجميد هو الاتحاد الأوروبي، وأن بكين كانت تحاول مساعدة الكتلة المتعثرة. 

وقالت صحيفة "تشاينا ديلي"، إنه من المفهوم أن مجتمع الأعمال في الاتحاد الأوروبي قلق أكثر من نظيره الصيني بشأن تعليق الصفقة، لأنه على الرغم من أنها تفيد الجانبين، إلا أن الاتفاقية هي أكثر من "مساعدة في الوقت المناسب" للاتحاد الأوروبي، و"تجميد للسكر على" كعكة الصين. 

وأضافت أن الاتحاد الأوروبي الغارق في ركود "مزدوج الانحدار"، في حاجة ماسة إلى تعزيز اقتصادي مثل اتفاقية الاستثمار. واستشهدت الصحيفة بتقرير لصندوق النقد الدولي، أشار فيه إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للصين عام 2020، شكل 18.3 في المئة من الإجمالي العالمي، مقارنة مع 12 في المئة لمنطقة اليورو التي تضم 19 دولة.

وقالت إنه بالمقارنة بين معدلات النمو الاقتصادي الفعلية السنوية للصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان منذ عام 2016، نجد أن معدل النمو في الصين كان أعلى بكثير من الاقتصادات الثلاثة الأخرى، في حين كان معدل النمو في الاتحاد الأوروبي أقل من معدل نمو الولايات المتحدة، وكانت قدرته على التغلب على آثار جائحة كورونا أضعف من اليابان. 

وبينما حقق الاقتصاد الصيني نمواً بنسبة 18.3 في المئة  على أساس سنوي في الربع الأول من العام الحالي، استمر الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو في الانكماش. وهو ما يُظهر، إلى جانب معدل البطالة المرتفع، أن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى اتفاقية الاستثمار أكثر من حاجة الصين لها.

وعنونت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية "البرلمان الأوروبي يصوت على تجميد صفقة الاستثمار الصينية، ما يهدد اقتصاد الكتلة وسط الترفيه الذاتي السياسي". ونقلت عن مراقبين صينيين قولهم إنه مع ترك الصفقة الأخيرة معلقة في الهواء، فقد وضع البرلمان الأوروبي استفزازاته التي لا أساس لها وذات الدوافع السياسية فوق المصير الاقتصادي للكتلة المرتبط ارتباطاً وثيقاً بشراكاتها المالية والتجارية مع الصين".

وقالت إن المراقبين الصينيين يدعون الكتلة الأوروبية إلى التخلي عن الإكراه السياسي، لأنه لن يخيف بكين، لكنه قد يعرض مصالح الكتلة للخطر.

أما وكالة الأنباء الصينية "شنخوا"، فعنوت "البعثة الصينية تقول إن صفقة الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي اتفاقية متوازنة، وليست هدية يقدمها أحد الطرفين للآخر"، نقلاً عن متحدث باسم البعثة الصينية لدى الاتحاد الأوروبي.

اقرأ المزيد