Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهند تنافس الصين سكانيا فهل تتجاوزها على صعيد الناتج المحلي؟

يقول مراقبون إنه في حين من غير المحتمل أن تكون الهند هي "الصين التالية" فإنها بالتأكيد قوة عظمى صاعدة محتملة

الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي (أ ب)

خلال أقل من عقد سيشهد العالم واحداً من أكبر التغييرات الديموغرافية، مع زيادة سكانية مطردة في الهند ستجعلها تتجاوز منافستها الأقرب الصين. ويتوقع علماء الديموغرافيا الصينيون أن تصبح الهند أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان قبل عام 2027، وهو الموعد الذي كانت تشير إليه توقعات الأمم المتحدة، ما يعني أن الهند ستتجاوز الصين التي سجلت انخفاضاً مطرداً في معدل المواليد في السنوات القليلة الماضية.

ونشرت الصين الأسبوع الماضي، التعداد السكاني الذي يصدر مرة واحدة كل عقد، فأظهر أن عدد الصينيين نما بأبطأ وتيرة ليصل إلى 1.41178 مليار نسمة، مع الحفاظ على مكانة الصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان وسط توقعات رسمية بأن الأرقام قد تنخفض العام المقبل.
وبحسب تقرير سابق صادر عن الأمم المتحدة عام 2019، فإنه من المتوقع زيادة عدد سكان الهند بـ273 مليون نسمة بحلول عام 2050، وأن تتخطى عدد سكان الصين بحلول عام 2027.
وفي عام 2019، كان عدد سكان الهند 1.37 مليار نسمة والصين 1.43 مليار نسمة، وفق أرقام الأمم المتحدة.
وبحسب الإحصاءات المذكورة على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي، في عام 1800 كان عدد سكان الهند يبلغ 169 مليوناً، في المقابل تضاعف عدد سكان الصين تقريباً ليبلغ 322 مليوناً في مطلع القرن التاسع عشر. وفي عام 1950، بدأ إجمالي عدد السكان في كلا البلدين بالارتفاع بشكل كبير، حيث بدأ الأمر يصبح مثيراً للاهتمام. ووصلت الصين إلى المليار نسمة في عام 1980، بينما استغرقت الهند وقتاً أطول قليلاً للوصول إلى هذا الرقم، في عام 1997.

الهند تواصل النمو

وعلى الرغم من أن عدد سكان كلا البلدين سيبدأ في الانكماش في منتصف القرن الحادي والعشرين، فمن المتوقع أن تظل الهند في صدارة قائمة الدول الأكثر كثافة سكانية في العالم، حتى من خلال تقديرات أكثر اعتدالاً. وتشير البيانات الدولية إلى احتمال أن يتجاوز عدد سكان الهند 1.6 مليار نسمة خلال السنوات الثلاثين المقبلة.
ونقلت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، عن علماء ديموغرافيين، الأسبوع الماضي، قولهم إن عدد سكان الهند قد يتفوق على الصين قبل عام 2027. ومع توقع انخفاض معدلات الخصوبة في الصين في السنوات المقبلة، توقع علماء الديموغرافيا أن تتفوق الهند بمعدلات خصوبة أعلى بكثير على الصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان بحلول عام 2023 أو 2024.
وقال لو جيهوا، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بكين، إن عدد سكان الصين قد يصل إلى الذروة بحلول عام 2027 قبل أن يبدأ بالانخفاض. بينما يعتقد علماء آخرون أن الذروة قد تأتي في أقرب وقت بحلول عام 2022.

تراجع معدل الخصوبة

وتواجه الصين بالفعل خطر الخصوبة المنخفضة، حيث سجلت 12 مليون مولود في عام 2020، في انخفاض للعام الرابع على التوالي. وبلغ معدل الخصوبة الإجمالي للنساء في سن الإنجاب 1.3، وهو مستوى منخفض نسبياً، في حين بلغ معدل الخصوبة العالمي 2.5 في عام 2019، وفق تقرير الأمم المتحدة العالمي للخصوبة وتنظيم الأسرة لعام 2020.

وعلق ليانغ جيانزانغ، أستاذ الاقتصاد بجامعة بكين، إن معدل الخصوبة في الصين سيستمر بالانخفاض في السنوات المقبلة، وقد يصبح الأدنى في العالم. وأضاف في تعليقاته للصحيفة الصينية، إنه "بحسب البيانات الموجودة، في السنوات العشر المقبلة، سينخفض عدد النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 22 و 35 سنة، وهي فترة الإنجاب، بأكثر من 30 في المئة مقارنة بالبيانات الحالية".

ويتوقع ليانغ أنه "من دون تدخل سياسي قوي من الحكومة الصينية، من المرجح أن ينخفض عدد السكان المولودين حديثاً في الصين إلى أقل من 10 ملايين في السنوات القليلة المقبلة، وسيكون معدل الخصوبة فيها أقل من معدل الخصوبة في اليابان، وربما يكون الأدنى في العالم".

وفي ضوء الأزمة الديموغرافية، تواجه الصين حالياً شيخوخة سريعة ضمن تعداد السكان، في حين من المتوقع أن يبلغ أكثر من ثلث المواطنين الصينيين 65 سنة وما فوق بحلول عام 2050. وأوقفت الحكومة الصينية سياسة الطفل الواحد في عام 2016 وسمحت بإنجاب طفلين، ولكن كان لها تأثير محدود للغاية في وقف انخفاض عدد السكان، حيث قام عدد قليل من السكان بإنجاب طفل ثانٍ. لذا يتوقع مراقبون أن ترفع الصين جميع القيود المفروضة على عدد الأطفال الذين يمكن أن ينجبهم الزوجان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الناتج المحلي

في المقابل، تشير بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن 65 في المئة من سكان الهند يبلغون حالياً أقل من 35 سنة. كما أن التوجه المتزايد نحو التبني الرقمي أدى إلى دفع معدل النمو الاقتصادي في الدولة، بخاصة أن العالم أصبح يعتمد بشكل متزايد على خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. إذ استطاعت الهند تحويل الانفجار السكاني إلى نقطة قوة عبر قطاع تكنولوجيا المعلومات الذي باتت تنافس فيه بقوة الولايات المتحدة والصين. وفي ظل معدلات التغير السكاني هذه، يظل السؤال عما إذا يمكن لنمو الناتج المحلي الإجمالي للهند أن يتجاوز نمو الصين في العقود المقبلة؟

وعلى الرغم من أن كلا البلدين سيظلان يشهدان مكاسب هائلة في إجمالي الناتج المحلي خلال العقود المقبلة، لكن مع ذلك يقول المنتدى الاقتصادي العالمي إن الإجابة المختصرة على هذا السؤال هي "لا".  لكن في المقابل ووفقاً لشركة "برايس ووترهاوس كوبرز"، فإنه بحلول عام 2050 ستكون ستة من أكبر سبعة اقتصادات في العالم من الأسواق الناشئة اليوم - بقيادة الصين والهند بهذا الترتيب.

ويضيف المراقبون الدوليون أنه في حين من غير المحتمل أن تكون الهند هي "الصين التالية" من حيث الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإنها بالتأكيد ستحصل على فرصة معركة عادلة كقوة عظمى صاعدة محتملة - وكل ذلك ينبع من القوة المشتركة لسكانها الآخذين في التزايد.

لا أحد أكثر أهمية من الهند

هناك بُعد آخر يتعلق بالهند، فبينما تبحث الولايات المتحدة عن استراتيجيات لمواجهة الصين الصاعدة بسرعة اليوم، يقول مراقبون أميركيون إنه لا توجد دولة أكثر أهمية من الهند. فالهند وحدها هي التي يمكنها مضاهاة عدد سكان الصين الهائل، وتوافر العمالة بتكلفة منخفضة، وقاعدة عميقة من المواهب الفنية ذات المستوى العالمي، بحسب الزميل لدى مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار في واشنطن، ديفيد موسكيلا.
وأشار موسكيلا، في مقال بصحيفة "يو أس أي توداي"، إلى أن الولايات المتحدة والهند تتمتعان بصلات سياسية وثقافية ولغوية قوية، ويرى كلا البلدين في الصين منافساً عسكرياً وجيوسياسياً. وفي حين أن المصالح الأميركية والهندية ليست متوافقة دائماً، فإن أوجه التآزر المحتملة، بما في ذلك نقل التصنيع من الصين إلى الهند، تبقى حقيقية مهمة.

والولايات المتحدة هي أكبر سوق لموردي خدمات تكنولوجيا المعلومات الهندية مثل TCS و Infosys وWipro و HCL و Cognizant وغيرها، والتي تمتعت مجتمعةً بمبيعات تصل إلى 50 مليار دولار إلى الولايات المتحدة في عام 2020. وتقوم شركات تكنولوجيا المعلومات الأميركية مثل Accenture و IBM وDeloitte و DXC بالكثير من أعمالها في الهند، إذ توظف الشركات الأربع حوالى 400 ألف شخص في الهند.

ومن بين أكثر من 400 ألف يعملون في الولايات المتحدة من خلال برنامج تأشيرة H-1B، فما يقرب من ثلاثة أرباعهم من الهند، وهم بغالبية ساحقة يعملون في مجال تكنولوجيا المعلومات. كما يتمتع الأميركيون من أصل هندي بحضور كبير ورفيع المستوى في وادي السيليكون. ويدرس الطلاب ويعمل الأساتذة الهنود في جامعات النخبة الأميركية، وبخاصة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ووفقاً لموسكيلا، فإنه بينما يقتصر اعتماد الولايات المتحدة على الصين في الصناعات التحويلية، فإن كل قطاع صناعي أميركي تقريباً يعتمد الآن على الهند لدعم تكنولوجيا المعلومات.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير