Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معضلة الكهرباء في العراق ستستمر لسنوات و"سيمنز" أحد الحلول

"يعاني هذا القطاع من تجاوزات كبيرة على الشبكة وتأخر صيانة المحطات ونقص الوقود وزيادة الاستهلاك بسبب زيادة عدد السكان"

كشف وزير الكهرباء العراقي عن صرف نحو 80 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2003 (أ ف ب)

يمثل ملف الكهرباء في العراق معضلةً استعصت على كل الحكومات العراقية منذ تعرض هذا القطاع الحيوي إلى التدمير بشكل شبه شامل خلال حرب "عاصفة الصحراء" في عام 1991 وما تلاها من عقوبات أممية استمرت لأكثر من عقد من الزمن، أدت إلى تراجع هذا القطاع الحيوي بشكل كبير، ليصل الإنتاج قبيل عام 2003 إلى نحو 3000 ميغاواط .
وحاولت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ سقوط نظام صدام حسين إيجاد حلول لهذه المعضلة عبر سلسلة من المشاريع لتشييد محطات إنتاج جديدة في مناطق مختلفة من البلاد لتصل بالإنتاج الى نحو 17 ألف ميغاواط، إلا أنها لم تعد كافية لتجهيز المواطنين بالطاقة طوال اليوم بسبب التجاوزات الكبيرة على الشبكة وتأخر صيانة المحطات ونقص الوقود، وزيادة الاستهلاك بسبب زيادة عدد السكان الذي وصل إلى نحو 40 مليوناً، ما جعل الاعتماد على أصحاب محطات إنتاج الكهرباء الأهلية ذات القدرات المحدودة في الإنتاج، الأساس في الحياة اليومية.

80 مليار دولار صُرفت على قطاع الكهرباء

وكشف وزير الكهرباء العراقي ماجد مهدي حنتوش عن صرف نحو 80 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2003 وحتى الآن كموازنة تشغيلية واستثمارية في كل مفاصل المنظومة الكهربائية من بناء وتشغيل للمحطات، مبيناً أن كُلف إنتاج الكهرباء عالية ومن ضمنها شراء الوقود. وقال حنتوش في لقاء متلفز أن الإنتاج الحالي للكهرباء يبلغ 16 ألف ميغاواط، وأُكملت 90 في المئة من أعمال الصيانة للمحطات الكهربائية ليرتفع الإنتاج بمقدار 4 آلاف ميغاواط عن العام السابق، وهذا يعتمد على تجهيز المحطات الكهربائية بكامل حاجتها من الوقود"، لافتاً إلى أن العام السابق بلغ ذروة الإنتاج بـ 17 ألف ميغاواط.
وتبلغ ذروة فصل الصيف في العراق في أشهر يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) وأغسطس (آب)، حين تزيد درجة الحرارة في بعض الأحيان على 50 درجة مئوية. وأشار حنتوش إلى أن "هناك صرفاً غير منتظم للطاقة الكهربائية إضافة إلى وجود متجاوزين على الطاقة الكهربائية متمثلين بـ 300 ألف منطقة عشوائية مثلاً في بغداد"، متوقعاً أن يكون هناك "ترشيد في الاستهلاك خلال العام المقبل في حال تركيب عدادات الكترونية مسبقة الدفع في منازل المواطنين". 

مشكلة الغاز الإيراني

وترى بغداد أن استمرار العقوبات الأميركية على إيران وعدم قدرتها على تسديد ديونها للأخيرة، البالغة نحو 5 مليارات دولار والناتجة من استيراد الغاز لفترة تجاوزت العام بسبب هذه العقوبات، كلها عوامل تصعّب اعتمادها مستقبلاً على الغاز الإيراني، إذ قد يحتاج رفع العقوبات عن طهران إلى فترة طويلة، ما سيتسبب بإحراج كبير للدولة العراقية في إدارة ملفات اقتصادية مهمة تعتمد على إنتاج الطاقة الكهربائية.
وسيشكل الصيف الحالي اختباراً صعباً للحكومة العراقية في ظل هذه الأجواء، خصوصاً أنها تستعد لافتتاح محطات جديدة تعتمد على وقود متنوع ستمكّنها من إنتاج نحو 21 ألف ميغاواط، ستسمح لها بعبور سخونة ذلك الفصل، من دون تظاهرات ضخمة كما يحدث في كل عام باستثناء العام الماضي، بسبب انتشار فيروس كورونا.
وأدى خفض إيران لإمداداتها من الغاز إلى العراق منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى فقدان ما بين 5000 إلى 6000 ميغاواط بسبب توقف نحو ست محطات كهربائية عن العمل، ما أدى إلى تراجع إنتاج الطاقة الكهربائية إلى مستويات غير معهودة وللمرة الأولى منذ سنوات.

لا يوجد سقف زمني

بدوره استبعد عضو لجنة النفط والطاقة في مجلس النواب العراقي أمجد العقابي إمكانية تحديد سقف زمني لحل مشكلة الكهرباء في العراق، مشيراً إلى أن "مخصصات وزارة الكهرباء ضمن موازنة العام الحالي لا تفي بالحاجة وبلغت حوالي 7.5 مليار دولار". وأضاف العقابي أن "الوقود الذي يصل إلى محطات الكهرباء والذي يُستورَد من إيران يمثل 25 في المئة من الحاجة الفعلية لتشغيل المحطات الكهربائية في العراق"، مبيناً أن هناك مباحثات تجري مع طهران لحسم موضوع تدفق الغاز الإيراني وتسديد الفواتير المتراكمة لإيران، والتي تتوافر أموالها لدى العراق، إلا أن تأخر التحويل سببه العقوبات على إيران".
وتابع النائب العراقي قائلاً إن "ما تم تخصيصه لوزارة الكهرباء ضمن موازنة هذا العام بلغ 8 تريليونات دينار أي نحو 5.5 مليار دولار، كموازنة تشغيلية و2 مليار دولار كموازنة استثمارية في وقت طلبت الوزارة 14 تريليون دينار أي بحدود 9.6 مليار دولار، لموازنتها التشغيلية و2.8 مليار دولار لموازنتها الاستثمارية".

الجباية مفقودة

كما أشار العقابي إلى "ضعف جباية أجور الطاقة الكهربائية المحصَّلة من المواطنين كون أن غالبيتهم لا يدفعون أجور الطاقة الكهربائية، فضلاً عن وجود تجاوزات على الشبكة"، لافتاً إلى أن "مشاريع وزارة الكهرباء متوقفة على توافر السيولة المالية". وحذر من "عدم حل مشكلة الكهرباء بالعراق إذا بقي الأمر على ما هو عليه في ظل التخصيصات الحالية"، مبيناً أن "الحاجة إلى الكهرباء تزداد سنوياً مع زيادة عدد السكان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


الحاجة إلى 28 ألف ميغاواط

من جانب آخر، تحدث الباحث في مجال الطاقة، فرات الموسوي، عن حاجة العراق إلى نحو 80 مليون متر مكعب يومياً من الغاز لتشغيل محطاته الكهربائية، مشيراً إلى أن "حاجة العراق الفعلية من الطاقة تبلغ 28 ألف ميغاواط". وأضاف الموسوي أن "حاجة البلاد من الغاز تبلغ 80 مليون متر مكعب. ويستورد العراق 50 مليوناً يومياً من حاجته من إيران وينتج 30 مليون متر مكعب"، مبيناً أن "انقطاع الغاز الإيراني وعدم وجود مصدر آخر لتغذية محطاته الكهربائية وضع العراق في مشكلة، كما حدث قبل أشهر ما أدى إلى انقطاع كبير بالطاقة الكهربائية في العراق".

وكانت إيران خفضت في 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كميات الغاز المصدَّرة للعراق بنسبة 40 في المئة بسبب عدم تسديد بغداد للديون المستحقة. 

لا توجد إرادة حقيقية

 وأكد الموسوي "عدم وجود إرادة حقيقية لمعالجة ملف الغاز المصاحب لإنتاج النفط، فضلاً على أن الغاز الحر لم يُستثمر إلى الآن على الرغم من احتلاله المرتبة 11 عالمياً بحجم احتياطات الغاز الحر"، مشدداً على أن "استثماره مهم جداً للعراق كونه وقوداً نظيفاً وسيكون أقل كلفة من استيراده". وتابع الموسوي أن "زيادة عدد السكان تزيد استهلاك الطاقة الكهربائية سنوياً بشكل لا يوازي حجم الزيادة في إنتاج الطاقة الكهربائية السنوية، وبذلك لا نرى أن هناك حلاً في الأفق. ومشكلة الطاقة الكهربائية لن تُحل سواء هذه السنة أو السنة المقبلة وأي تحسن بالتجهيز سيكون نسبي فقط يقلل ساعات القطع".

الحل بيد "سيمنز"

كذلك رأى الموسوي أن "وجود مشكلات أخرى تتمثل بخطوط النقل والتوزيع المتهالكة تُفقد 30 إلى 40 في المئة من الطاقة الكهربائية نتيجة تهالك هذه المنظومة"، لافتاً إلى أن "حاجة العراق الحالية هي 28 ألف ميغاواط في ذروة فصل الصيف، بينما يصل إنتاجه الحالي في أقصى حالاته إلى 18 ألف ميغاواط".
وأكد أن "تفعيل عقد شركة سيمنز الألمانية مهم جداً للعراق لأنه سيعمل على إيجاد حل جذري لمشكلة الكهرباء كونه يضمن استثمار حقول الغاز المصاحب وبناء محطات تعتمد على الغاز، فضلاً عن بناء محطات تعمل على الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية، خلال مدة تتراوح بين أربع إلى خمس سنوات ما سيؤدي إلى حل مشكلة الكهرباء في البلاد".
وأبرمت الحكومة العراقية في عام 2019 عقداً بقيمة أكثر من 14 مليار يورو مع شركة "سيمنز" الألمانية لتطوير قطاع الطاقة الكهربائية في البلاد. ومن المقرر أن يضيف العقد المؤلّف من ثلاث مراحل، تمتد على أربع سنوات، إلى منظومة الكهرباء الوطنية طاقات إنتاجية تصل إلى 11 ألف ميغاوات، فضلاً عن تجهيز محطات تحويلية عدة، وخطوط لنقل الطاقة الكهربائية، بحسب احتياج وزارة الكهرباء.