Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استبعاد آلاف المتخصصين في "خدمة الاختبار والتتبع" البريطانية

حصري: يحذر خبراء من أن هذه الخطوة تطرح خطراً بوجود موظفين غير مدربين طبياً حيث يتوقع الناس أن يتواصلوا مع أشخاص مؤهلين لمساعدتهم

جدل في المملكة المتحدة بعد قرار الاستغناء عن ألاف العاملين الطبيين أمام تصاعد إصابات المتحور الهندي (رويترز)

سيتم في بريطانيا خلال نهاية الأسبوع الحالي استبعاد الآلاف من الموظفين الطبيين الذين يعملون على تتبع مخالطي مصابي كورونا في إطار "خدمة الاختبار والتتبع" الحكومية، بحسب ما علمت "اندبندنت". وللأسف، يأتي هذا القرار في "مرحلة حرجة" من الجائحة.

تتزامن هذه الخطوة مع قلق متنامٍ في شأن الارتفاع الذي تشهده أعداد إصابات فيروس كورونا في معظم مناطق إنجلترا، ومع تضاعف الحالات الناجمة عن المتحور الهندي ثلاث مرات تقريباً خلال أسبوع. وكان بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، قد حذر الجمعة الماضية من أن طريق الخروج من الإغلاق مهدد بالإخفاق. وكان قد أخبر أعضاء مجلس العموم في وقت سابق أن النسخ الجديدة المتحورة من الفيروس لديها "القدرة على التسبب بمعاناة تفوق ما قاسيناه في يناير (كانون الثاني) الماضي".

ومع ذلك، في إطار التغيرات، فإن آلافاً من الموظفين الطبيين الذين جرى توظيفهم بغرض تقييم المرضى المصابين بفيروس كورونا، وتحديد المخالطين الذين كانوا على اتصال وثيق بهم، سيستبدل بهم نهاية هذا الأسبوع موظفون آخرون من مراكز الاتصالات غير مدربين طبياً ويتلقون أجراً أقل، وسوف يستقدم هؤلاء من سيتيل Sitel وسيركو Serco، الشركتين العملاقتين المتخصصتين بتقديم خدمات التعاقد الخارجي.

وقالت مصادر مطلعة، إن القرار ربما يشكل خطراً محتملاً على سلامة المرضى، ذلك أن البعض قد أصيب بمرض شديد لدرجة أن موظفي تتبع المخالطين اضطروا إلى الاتصال برقم الطوارئ 999، أو طلب نقل المرضى مباشرة إلى المستشفى.

القرار سيبقي 125 مختصاً طبياً تقريباً في الخدمة كي يتولوا أمر المكالمات الهاتفية المرتبطة بمتحورات محددة من كوفيد، والرحلات الدولية. وسوف ينتظر من رؤساء الفرق الطبية استخلاص أي مخاطر من حالات أحالها إليهم موظفو مركز الاتصال، الذين سيكون عليهم أولاً التعرف إلى وجود مشكلة محتملة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رايتشل باور، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "اتحاد المرضى" في بريطانيا، قالت في هذا الصدد، "إسناد تلك المكالمات على نحو دائم تقريباً إلى متتبعين غير مؤهلين طبياً، سيزيد احتمال الإغفال عن رصد حاجة شخص ما إلى رعاية صحية طارئة، مع ما ينطوي عليه ذلك من عواقب وخيمة محتملة."

تجيء تلك التغييرات في وقت تخضع "خدمة الاختبار والتتبع" لإعادة هيكلة، فيما من المقرر أن تضطلع السلطات المحلية في المناطق بدور أكبر في هذه الخدمة.

معلوم أن "سيركو" و"سيتيل" حصلتا على مئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية نظير دورهما في إدارة مراكز اختبارات كشف عن الإصابة وتتبع مخالطي مرضى كورونا. وذكر "المكتب الوطني لمراجعة الحسابات"National Audit Office في بريطاتنيا عن أن قيمة عقدي الشركة وصلت إلى 720 مليون جنيه استرليني في الفترة 2020-2021. ويبدو أن الخدمة لن تستغني عنهما في المستقبل.

من جهتها، قالت ليلى ماكاي، مديرة قسم السياسة في "اتحاد خدمات الصحة الوطنية"NHS Confederation (رابطة تضم جميع السلطات الصحية والمستشفيات التي تقدم خدمات الصحة في إنجلترا وويلز)، إن "وجود نظام اختبار وتتبع فاعل كان أمراً "بالغ الأهمية" في السيطرة على الفيروس، وفي تجنب أن تتسبب متحورات جديدة بحالات تفش أخرى في المستقبل".

وأضافت ماكاي، "على الرغم من أن معدلات الإصابة قد انخفضت، ما زال الفيروس ينتقل من شخص إلى آخر، ما يعني أننا سنحتاج إلى أن تكون قوة الناس وكفاءتهم اللازمة لمواصلة الاختبارات وتعقب المخالطين، جاهزة للعمل فوراً على وقف الارتفاع المفاجئ في الحالات".

"في هذه المرحلة الحرجة، قرارات الحكومة المتعلقة بتعيين موظفين للبرنامج ينبغي أن تلحظ الحاجة إلى الإبقاء على كل جوانب هذه المهمة الأساسية، بما في ذلك ضمان الخبرة الطبية حيثما تكون مطلوبة"، وفق ماكاي.

و"دعماً لفرق "أن أتش أس" الطبية، على الحكومة أيضاً تقديم المساعدة الكافية التي تمكن الناس من عزل أنفسهم عند الحاجة"، وفق ما قالت ماكاي.

في الواقع، تسريح العاملين الطبيين من تتبع المخالطين سيوفر للشركتين (سيركو وسيتيل) مبالغ طائلة من المال. معروف أن الموظفين الطبيين الذين يتتبعون المخالطين يتلقون 17 جنيهاً استرلينياً في الساعة، ويعملون ضمن مناوبات مدة الواحدة منها أربع ساعات خلال أيام الأسبوع، ويكسبون ما يصل إلى 27 جنيهاً استرلينياً في عطلات نهاية الأسبوع. في المقابل، يرد في إعلانات منشورة عبر الإنترنت لتوظيف مرشدين جدد في "خدمة الاختبار والتتبع" أن معدل الأجور يتراوح بين 6.56 و9.99 جنيه استرليني للساعة.

بدورها، قالت "وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية" "دي أتش أس سي" DHSC في بريطانيا، إنه ينبغي "خفض حجم" القوى العاملة في "خدمة الاختبار والتتبع"، إذ انخفض عبء العمل الذي تضطلع فيه من 60 ألف مكالمة يومياً في ذروة طفرة إصابات كورونا في يناير الماضي، إلى ألفي مكالمة فقط يومياً في الوقت الحالي.

تذكيراً، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كشفت "اندبندنت" أن الخدمة تستخدم موظفين غير مدربين طبياً بعد أن أغرقت بالمكالمات الهاتفية تزامناً مع ارتفاع مستويات العدوى في البلاد، ولكن يرى مديرو "نظام الاختبار والتتبع" أن لا حاجة الآن إلى مهنيين طبيين في تتبع المخالطين.

وفي مارس (آذار) الماضي، استغنت الخدمة عن ثمانية آلاف متتبع، مبقية على 14 ألف موظف لتعقب المخالطين مع بدء انخفاض المكالمات. وكان معظم هؤلاء موظفين طبيين.

لن تقدم وزارة الصحة بياناً تفصيلياً بالعدد الكلي للموظفين المستبقين، أو الحجم الكامل للمهنيين الطبيين المسرحين من خدمة الاختبار والتتبع، لكنها لم تنكر أن الأخيرة قد استغنت عن "الآلاف".

مارتن ماكي، بروفسور في الصحة العامة الأوروبية في "كلية لندن للصحة وطب المناطق الاستوائية"London School of Hygiene and Tropical Medicine، وقف في تصريح إلى "اندبندنت" عاجزاً عن الكلام أمام فكرة استبعاد معظم الطاقم الطبي من خدمة الاختبار والتتبع.

وقال في هذا الصدد: "نظام "أن أتش أس" للاختبار والتتبع"، كما يسمى، انطوى على مشكلات منذ البداية. يبدو أنهم الآن يعطلون على نحو خطير الجوانب القليلة منه التي كانت نافعة، في وقت ينبغي علينا أن نكون أكثر يقظة من أي وقت مضى".

جيمي جونسون، مدير العمليات في نظام الاختبار والتتبع، أبلغ الموظفين بالقرار في ندوة عبر الإنترنت. وبدأ التنفيذ يوم الأحد الماضي الواقع فيه 16 مايو، وقد ألغيت حسابات الموظفين المسرحين من الخدمة، ولن يكون في مقدورهم حجز أي مناوبات أخرى مدتها أربع ساعات.

قال أحد المتتبعين الذين طالهم التسريح، "لن ينتفي الخطر أبداً بوجود موظفين غير مدربين طبياً، في مكان حيث يتوقع الناس منهم أن يكونوا مؤهلين لمساعدتهم. منذ العام الماضي، تحدثت إلى مرضى كثيرين اتصلت بهم على الرقم 999، أو طلبت منهم التوجه إلى قسم الحوادث والطوارئ. طرح اللقاحات، وثبوت أنها تقلص حالات الدخول إلى المستشفى سيحدان جزئياً من ذلك الخطر، ولا يتردد الناس كثيراً في اللجوء إلى أقسام الحوادث والطوارئ".

وأضاف، "قالوا إن الوضع حالياً ربما لا يستدعي وجود الآلاف من العاملين في الحالات الطبية، لكنهم أضافوا أنه "ينبغي أن يحظى الموظفون غير الطبيين بإشراف سريري أفضل".

شاركت "سيركو" و"سيتيل" في خدمة الاختبار والتتبع منذ مايو (أيار) من عام 2020، وسوف تضطلعان بدور أكبر مستقبلاً، في ظل توظيف عدد أقل من الخبراء في الرعاية الطبية.

طالب العمال بإسناد مزيد من المسؤولية إلى فرق صحة عامة محلية، عوض المضي في الاعتماد على القطاع الخاص، وسط مخاوف من أن لا تتطابق جودة الخدمة المتوفرة مع كفاءة الطاقم الطبي الأصلي.

من جهته، في تصريح أدلى به إلى "اندبندنت"، قال وزير الصحة في حكومة الظل، جاستن ماديرز، "منع ارتفاع الإصابات مجدداً يستدعي دعم "أن أتش أس" بنظام اختبار وتتبع فاعل، قادر على اكتشاف حالات التفشي، ووقف انتشار المتحورات الجديدة".

وأضاف ماديرز، "حري بالوزراء تسليم مهمة تتبع المخالطين إلى فرق الصحة العامة التابعة للسلطات المحلية في المناطق، حرصاً على توفر نظام تتبع يفي بالمطلوب فيما تشهد البلاد تخفيفاً أكثر للقيود".

وقال أحد مديري الصحة العامة في إحدى البلدات في شمال إنجلترا إن مجلسهم سيسعى إلى تنفيذ برنامج مستمر من الاختبار وتتبع المخالطين للأشهر الـ12 المقبلة، و"ربما يستمر سنتين"، قبل النظر في خفض العمليات، "ويتوقف ذلك على ما يتأتي من الفيروس" في المستقبل.

وأضاف المدير، "أحاول التفكير في شأن توفر الاختبارات هنا لمدة عامين. إذا كان علينا أن نتوقف عنها بعد مضي 12 شهراً، يكون ذلك رائعاً، ولكن ترمي الخطة إلى مراجعتها بعد ستة أشهر. ليس كل التمويل في المتناول بالضرورة، لذا على الناس وضع ذلك في الاعتبار أيضاً. ستحتاج (عمليات الاختبار والتتبع) إلى التمويل، خصوصاً إذا كان كثير منها محلياً. ستحتاج إلى أموال إضافية".

ذكرت "وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية"، أن نظام الاختبار والتتبع الذي ابتكرته "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" اتصل بأكثر من 10 ملايين شخص منذ إطلاقه، وساعد في وقف سلاسل العدوى للحد من انتشار الفيروس.

وأضافت، "نحن ماضون في الاستجابة للتغيرات في الطلب، وفي العمل على أن تتماشى أعداد الموظفين مع ذلك، ولكن عند الحاجة إلى الدعم الطبي، سيصار إلى توفيره. مثلما زدنا أعداد العاملين في خدمة تتبع المخالطين خلال فصل الشتاء، نستجيب الآن للانخفاض في أعداد الحالات التي شهدناها هذا الربيع".

وذكرت وزارة الصحة إنه كان لا بد من تقليص حجم القوى العاملة، ومع انخفاض إصابات كورونا، من المتوقع أن تستخدم السلطات المحلية نهجاً محلياً مستهدفاً.

كذلك رفضت الوزارة إبداء أي تعليق في ما يتصل بتوقيع أي عقود محددة للخدمة، ولكنها قالت إن جميع العقود ستنشر.

وقال متحدث باسم "سيركو"، إن الأخيرة "تفخر بكونها واحدة من 217 مؤسسة من القطاعين العام والخاص تدعم "نظام "أن أتش أس" للاختبار والتتبع"، الذي تديره "وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية". في الأشهر الأخيرة، دأب نظام تعقب المخالطين وبنجاح على الاتصال بأكثر من 80 في المئة من المخالطين الوثيقين".

أما شركة "سيتيل" فقد اتصلت بها "اندبندنت" للحصول منها على تعليق في هذا الشأن، ولكنها لم تتلق رداً بعد.

 

© The Independent

المزيد من صحة