Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حوالات المغتربين تنعش الأسواق وتوقف نزيف الأسر السورية

هذا الدخل الوافد من الخارج يمثل كفالة داعمة للعائلات لقضاء حاجاتها الغذائية والاستهلاكية

مقر البنك المركزي في العاصمة السورية (اندبندنت عربية)

لطالما ردد السوريون هذا المثل الشعبي "البحصة بتُسند الجرة" خصوصاً في ما يتعلق بأمورهم وحياتهم المعيشية، وكيفية إدارة نفقاتهم ومصاريفهم، وسط شح في المدخول. إلا أنهم في السنوات القليلة الماضية باتوا يعتمدون على إيرادات المغتربين ويستندون عليها، ومهما كان الإيراد قليلاً إلا أنه ينفع في بلد يتخبط في أزمات اقتصادية متلاحقة.

وليس خافياً في الداخل السوري ما يجنيه أصحاب الدخل المحدود، وسعيهم للعمل في أكثر من مهنة وحرفة لتأمين لقمة العيش، فالاعتماد على الراتب فحسب، البالغ 50 ألف ليرة تقريباً لموظف في بداية تعيينه، أي ما يعادل 20 دولاراً، يعدُّ أكبر التحديات التي يعيشها الناس اليوم.

الحوالات ومجاراة التضخم

وشكلت حوالات المغتربين السوريين من خارج البلاد إحدى دعائم الانتعاش، وأدت بالنتيجة إلى زيادة مداخيل الأسر المعيشية طوال عقد من الزمن منذ 2011 بداية النزاع المسلح، الذي كبد اقتصاد البلاد خسائر بمليارات الدولارات بلغت حوالى 442 ملياراً، منها قيمة مفصلة للدمار اللاحق برأس المال 117.7 مليار، بينما مجموع خسارة الناتج المحلي الإجمالي وصل 324.5 مليار.

وتتوقع منظمة "الإسكوا" أن تستمر الحوالات في أداء الغرض منها، إذ قدّر البنك الدولي وصول 1.62 مليار دولار عام 2016، وفق تقرير له أفضى عن حجم معدل يومي يصل أربعة ملايين دولار، وهذا الدخل الوافد من الخارج يمثل كفالة داعمة للأسر لقضاء حاجاتها الغذائية والاستهلاكية، من مأوى ومأكل، وتعليم ورعاية صحية، علاوة عن قدرتها على مجاراة التضخم الذي بدأ يسري في الأسواق السورية وينهش فيها، ما ترك تأثيراً بالغاً على أسعار المنتجات وكلفتها.

الصرافون يعيشون في العسل

وعلى الرغم مما تعزوه الأوساط الاقتصادية من تدخل إيجابي وقرار يصب في صالح السياسة المالية، أفضت بعزل حاكم المصرف المركزي السابق حازم قرفول وتعيين عصام هزيمة، بات من الواضح تغيير نهج المركزي، وهو الأمر الذي يعول عليه في ضبط سعر الصرف وسط تفاؤل من أداء دور مهم في ذلك.

في المقابل، تتحدث الأوساط ذاتها عما حققته هذه القرارات السورية التي خرجت بعيداً عن الصورة النمطية لسياستها المالية، وأشركت شركات الصيرفة على العمل بتحويل الدولار من فروعها المنتشرة في العالم ليتسلمها المستفيدون بالليرة وبسعر قريب من السعر الرائج 2850 ليرة مقابل الدولار الواحد، بينما كان المركزي يسلم الحوالات بمبلغ يصل للنصف.

وقال مسؤول في إحدى شركات الحوالات "يمكن تحويل الدولار الأميركي إلى الداخل السوري، واستلامه بالقطع الأجنبي، وهو خاص للتجار والصناعيين، بينما يتسلم المواطنون القطع الأجنبي بالعملة المحلية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا ما أنعش عمل شركات الحوالات بشكل كبير، ومن جانب آخر قلل من مخاطر التعامل مع الأسواق غير المرخصة المسماة بـ"السوداء"، إذ يواجه المتعاملون معها الملاحقة القانونية التي تصل للحبس لكل من يتعامل بغير الليرة، لا سيما العملة الأجنبية (الدولار).

ليس بالحوالات وحدها!

في غضون ذلك، يسري تفاؤل في الشارع الاقتصادي السوري، حول تغيير في العقلية الاقتصادية، وكانت بدايته القرار التشجيعي بإرسال الحوالات واستقطاب القطع الأجنبي، بعدما عاشت أسوأ حالات النزيف المتواصلة عبر شركات الصرافة غير المرخصة، وحسّنت ولو بشكل طفيف عملة البلاد إلا أن هذا التحسن لن يكتمل إلا بقرارات تشجع الاستثمار والصناعة ودفع عجلة الإنتاج مجدداً.

ويعد إجراء اتخذه البنك المركزي في منتصف أبريل (نيسان) الفائت، بتسلم الدولار بسعر قريب من قيمة الليرة بالسعر الرائج، عقب ذلك شهدت السوق تحسناً بقيمة العملة السورية إلى (2900) ليرة مقابل الدولار الواحد، بعدما ارتفعت متخطية حاجز الأربعة آلاف ليرة في مارس (آذار) وصلت حينها إلى 4900 في السوق "السوداء".

مرحلة ما بعد الأعياد

ويتوقع مراقبون اقتصاديون بعد انقضاء فترة العطل يوم 17 مايو (أيار) تراجعاً في مجموع تدفق الحوالات المرسلة من المغتربين، ويرى الباحث الاقتصادي الأكاديمي سامر العيسى، أن الليرة السورية شهدت تحسناً كبيراً يعود إلى وعي المصرف المركزي لأهمية التحويلات الآتية من المهاجرين واستقطابها.

ولعل إعطاء سعر الدولار بالسعر الرائج أو القريب منه مكّن المركزي من الاستحواذ على القطع الأجنبي، بعد أن عاشت هذه التحويلات فترة الحرب وخلال عقد من الزمن خارج العباءة الحكومية، وكانت العملة السورية في عام 2010 تقارب 50 ليرة للدولار الأميركي الواحد، واليوم تخطت عتبة الثلاثة آلاف ليرة سورية.

نشاط في التحويلات سببه دفع الزكاة

وأضاف عيسى في مستهل شرحه عن توقع انحسار الحوالات من المغتربين وإقبالهم على شركات الصيرفة المرخصة لتحويل أموالهم، وقد ساندت الشعب السوري في الداخل إثر غلاء معيشي، وتضخم وصل حدود 2000 في المئة، بحسب مكتب الإحصاء المركزي في دمشق.

"يمكن ملاحظة هبوط طفيف في العملة قد يكون مرتبطاً بعوامل عدة، منها انخفاض كميات القطع الأجنبي في البلاد، ويمكن أن نعزو نشاط التحويلات أخيراً لأسباب تتعلق بدفع الزكاة أو الصدقات".

من جهة ثانية، بعد الانحسار الجزئي في الحوالات، توقع معنيون في هذا الشأن أن يعود التدفق مجدداً بمبالغ أكبر في فصل الصيف، إذ لوحظت حركة نشطة في سوق العقار، مردها وفق عيسى إلى أموال المغتربين الصيف الفائت، بينما تعيش اليوم ركوداً سببه تقلبات اقتصادية يتأثر بها الشارع السوري الذي يترقب الانتخابات الرئاسية في الـ26 من الشهر الحالي.

المزيد من اقتصاد