Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يعفي "مؤتمر باريس" السودان من ديونه؟

الحكومة حضرت مشروعات تنموية تقدر قيمتها بـ15 مليار دولار

رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك (أ ف ب)

بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، طرحت الولايات المتحدة الأميركية خطة لإعادة إعمار أوروبا عام 1949، يطلق عليها "مارشال" خلال أربعة أعوام تكلفتها 15 مليار دولار. واليوم، يبحث السودان عن فرصة مماثلة عبر مؤتمر باريس بطرح مشروعات تنموية والحصول على تعهدات لإعفاء الدين. 

يتطلع السودانيون إلى المؤتمر الدولي لدعم السودان في باريس بكثير من الأمل لإنعاش الاقتصاد وطرح مشروعات البنية التحتية لبلد دمرته الحروب الأهلية وأقعده الحصار الاقتصادي. 

الحكومة السودانية على لسان رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، تقول إن هدفها من هذا المؤتمر هو عودة السودان إلى المجتمع الدولي، وهي تحاول ألا ترفع سقف توقعاتها من المؤتمر. لكن بالنظر إلى طبيعة المشروعات التي سوف يتم عرضها، يبدو أن الأمر يتجاوز العودة إلى ترتيبات للتخلص من آخر عقبة في طريق مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون (هيبيك)، لتصفير ديون صندوق النقد الدولي.

المؤتمر الدولي لدعم السودان

في ديسمبر (كانون الأول) 2020، عندما أزالت الولايات المتحدة اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، علقت وزارة الخارجية الفرنسية أن "هذا اعتراف بجهود حكومة وشعب السودان لإنجاح الفترة الانتقالية"، ثم أعلنت عن تنظيم مؤتمر دولي لدعم السودان عام 2021، الذي ستستضيفه العاصمة الفرنسية باريس بين 17 و18 مايو (أيار) الحالي. 

يشتمل المؤتمر على عدد من الجلسات للتعريف بالسودان وتقديمه من جديد إلى مجتمع التنمية الدولي وعرض المشروعات الاستثمارية، إضافة إلى فعاليات للاحتفال بثورة ديسمبر 2019. 

يبدأ المؤتمر بالتعريف بالسودان الجديد "سودان ما بعد الثورة"، حيث سيعرض حمدوك الإصلاحات الاقتصادية، على أن تتبعه كلمات لممثلي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. أما الجلسة الثانية، فستخصص للقطاع المصرفي.

الإصلاح القانوني مدخل لجذب الاستثمار

الإصلاح القانوني رافعة مهمة للاستثمار الخارجي المباشر، وقد أنهت وزارة العدل السودانية ثلاثة قوانين مهمة تحضيراً لاندماج الاقتصاد السوداني مع العالم، بدأت باعتماد النظام المالي المزدوج لسنة 2021. 

وفي السابق، كان النظام المالي في السودان أحادياً ويعتمد النظام الإسلامي، لكن هذا الإصلاح سوف يمكن الشركات العالمية والمصارف الدولية من الولوج إلى السوق السودانية.

أما القانون الثاني، فهو الشراكة بين القطاعين العام والخاص لسنة 2021، الذي يهدف إلى مساعدة القطاعات الحكومية المختلفة في تحقيق أهدافها الإستراتيجية وتحفيز القطاع الخاص المحلي والأجنبي للدخول في شراكات مع القطاع الحكومي. 

والثالث هو قانون تشجيع الاستثمار لسنة 2021، ويعتبر من القوانين المهمة التي تساعد في زيادة تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة. وأوصى القانون باعتماد نظام النافذة الموحدة، موفراً تركيبة من المحفزات والضمانات للاستثمار الأجنبي، مثل ضمان المعاملة العادلة والمنصفة لجميع الاستثمارات في السودان.

وقد نشرت هذه القوانين في الجريدة الرسمية في 12 مايو، أي قبل أسبوع من انطلاق مؤتمر باريس.

المشروعات التنموية

في جلسة الأعمال، سوف تتم مناقشة مشروعات متعددة في أربعة قطاعات اقتصادية رئيسة، وهي البنية التحتية، والقطاع الزراعي بشقيه، ثم قطاع الطاقة والمعادن، وأخيراً قطاع الإتصالات.

وقد اختيرت هذه القطاعات بعناية لتحضير الاقتصاد السوداني لمرحلة جديدة بعد الخروج من العزلة. في قطاع البنية التحتية، يطرح السودان عدداً من المشروعات مثل مشروع ميناء جديد في سواكن الساحلية بصيغة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومشروع تأهيل الناقل الجوي الوطني بشراء أسطول جديد وتأهيل خدمات التموين والمناولة الأرضية، بتكلفة تقدر بملياري دولار.

وتطرح الخرطوم مشروعاً ثالثاً لتأهيل الخطوط البحرية السودانية بتكلفة ملياري دولار، ومشروعاً رابعاً لتأهيل السكك الحديد بتكلفة تبلغ 2.6 مليار دولار. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعدت وزارة الطاقة مشروعاً قومياً أطلقت عليه اسم "إنارة"، بهدف زيادة الإنتاج من الكهرباء بـ1000 ميغاوات بتكلفة قدرتها الدراسة بـ1.161 مليار دولار.  وأيضاً هناك مشروع في قطاع التعدين سوف يتم عرضه في مؤتمر باريس يستهدف إنتاج 92 طناً من الذهب و3100 طن من الفضة و600 ألف من النحاس، و200 ألف من الزنك، بتكلفة قدرت بـ700 مليون دولار. 

أما القطاع الزراعي بشقيه، فسوف يقدم مشروعات متنوعة تقدر قيمة الاستثمارات فيها بـ4 مليارات دولار، تتضمن تأهيل مشروع الجزيرة ومشروع للصمغ العربي، ونظام للري في جبل مرة بدارفور، ومشروعات مسالخ حديثة لقطاع الثروة الحيوانية. 

وستتقدم وزارة الاتصالات والتحول الرقمي بمشروع أطلقت عليه اسم "إعمار" لرفع مستوى التغطية بخدمات الاتصالات والإنترنت من 46 في المئة إلى 65 في المئة، من خلال إضافة 2000 محطة اتصالات أساسية في المناطق المتأثرة بالنزاعات، بتكلفة تبلغ 695 مليون دولار لتخدم 6 ملايين سوداني يعيشون في هذه المناطق. 

مؤتمر باريس وديون السودان

تطبق الحكومة السودانية برنامجاً للإصلاح الاقتصادي بإشراف من موظفي صندوق النقد الدولي خلال الفترة بين يونيو (حزيران) 2020 ويونيو 2021، ونفذت جملة من الإصلاحات مثل إصلاح منظومة دعم السلع الإستراتيجية وتوحيد سعر الصرف وإعداد وثيقة الفقر وإطلاق برنامج دعم الأسر. 

وفي ديسمبر 2020، خرج السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب وانتقل مباشرة إلى إدارة ملف الدين الكبير الذي يبلغ 58.8 مليار دولار، ووضع مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون هدفاً وقام ببناء سجل من الإصلاحات الاقتصادية للوصول إلى نقطة اتخاذ القرار والحصول على إعفاء كبير للديون.

وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي وافق على خطة تمويل لتغطية حصة الصندوق من ديون السودان، ما أعطى الخرطوم كثيراً من الأمل بأن عملية إعفاء الدين باتت مسألة وقت. 

وسبق للسودان أن تخلص من متأخرات دين البنك الدولي بقرض تجسيري من الولايات المتحدة، وتخلص من متأخرات ديون بنك التنمية الأفريقي، البالغة 413 مليون دولار، بقرض تجسيري من بريطانيا وضمانات من السويد وإيرلندا، وتبقى للسودان متأخرات صندوق النقد، البالغة 1 مليار دولار، التي يتطلع إلى التخلص منها بمساعدة فرنسا.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد