Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تسلل اليأس إلى حراك الجزائريين؟

مطالب كثيرة للمحتجين لم تتحقق منذ رحيل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة

جزائريون يطالبون بـ "رحيل النظام" في تظاهرة الجمعة 3 مايو (رويترز)

يبدو أن الحراك الشعبي في الجزائر اصطدم بحقيقة النظام الذي تمكن من امتصاص اندفاعه والتحكم في حرارته، التي كادت أن تأتي على الأخضر واليابس منذ 22 فبراير (شباط) الماضي. وعلى الرغم من أن الشارع تمكن من إسقاط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، غير أنه بقي يراوح مكانه في ما يتعلق بمطالبه الأساسية، المتمثلة في رحيل رموز النظام جميعهم. ما يدفع إلى التساؤل عن مصير هذا الحراك.

فشل في إسقاط "الباءات"

بعد مرور شهر على رحيل بوتفليقة، لم يتمكن الحراك الشعبي من تحقيق نجاحات جديدة. إذ وجد نفسه أمام مفترق طرق، في ظل "ذكاء" نظام يملك من التجارب ما يجعله يتعاطى مع مختلف الأوضاع بأريحية، خصوصاً بعد تجاوزه مرحلة الخطر التي رافقت بداية الحراك. وهو يواصل تمرير خطته في هدوء، وفي بعض المرات بترحيب من الشارع والمعارضة معاً.

بعد رحيل بوتفليقة، طالب المحتجون برحيل رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح. لكن بن صالح يواصل تأدية مهامه بشكل كلي. كما طالبوا برحيل حكومة نور الدين بدوي التي تلقت انتقادات واسعة، وهذا ما لم يحصل، بل بدأت الحكومة أعمالها. وطالبوا بمحاسبة الفاسدين، ولم يتحقق ذلك على الرغم من الأخبار ومشاهد الاعتقالات والمحاكم التي وصفت بـ "الانتقائية". وبعدما أصبحت وجوه الفساد تحضر إلى المحاكم للتحقيق، عبر وسائل الدولة من سيارات فخمة وحراس، لم تحاكم أي شخصية بشكل جدي ولم تصدر أي أحكام أو عقوبات. وطالب الحراك أيضاً بمحاسبة "رأسي العصابة"، الجنرال توفيق وشقيق الرئيس السعيد، وهذا ما لم يتحقق.

وهذه الحصيلة الضعيفة جعلت من اليأس يتسلل إلى الحراك الشعبي، على الرغم من تصريحات شباب بأنهم لن يتوقفوا عن الخروج إلى الشارع، ولن يمتنعوا عن المطالبة برحيل النظام.

تحول "غريب" للمعارضة

بات الحراك يواجه قبول المعارضة للحوار مع مؤسسات الدولة في تحول "غريب"، بالتزامن مع فشله في تعيين ممثليه، في حين يتمسك قائد أركان الجيش الجزائري أحمد قايد صالح بخريطة الطريق التي وضعها لحل الأزمة وفق الإطار الدستوري. ما جعل الحراك في وضع معزول بعدما كان سيد الموقف وبطل التغيير.

ويقول عبد الرحمن باعلي، المحلل السياسي، إنه بمجرد خروج أطراف من المعارضة للترحيب بدعوة قائد الأركان إلى الحوار، وهي الأطراف المعروفة بتغيير مواقفها بحسب الطلب، فإن مصير الحراك بات واضحاً. ويشير إلى أن التصرف يكشف عن محاولة قيادة الأركان دفع الحراك إلى تقبل الأمر الواقع، وتعيين من يتحدثون باسمه، لإنهاء توتر الشارع والدخول في مرحلة التحضير للانتخابات الرئاسية.

وأوضح أن النظام يجدد جلدته ويعيد تنظيم نفسه بهدوء، وما حدث مع انتخاب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، محمد جميعي، رجل الأعمال المعروف بمواقفه وتصريحاته، خير دليل على السعي إلى تجاوز مطلب "يتنحاو قاع".

ورحبت كل من حركة مجتمع السلم وحركة العدالة والتنمية بدعوة الجيش إلى الحوار من أجل "تجاوز الصعوبات والوصول إلى حالات التوافق الوطني الواسع"، بينما اعتبر حزب طلائع الحريات أن الحوار المنشود "يقتضي مخاطبة ذوي المصداقية والثقة". في المقابل، رفض حزب جبهة القوى الاشتراكية رفضاً قاطعاً تدخل رئيس الأركان "في الشؤون السياسية للبلاد".

من يحكم الجزائر؟

بعد شهر من استقالة بوتفليقة، من يحكم في الجزائر اليوم؟ قوى دستورية أم قوى غير دستورية؟ مؤسسات مدنية أم عسكرية؟ بن صالح أم قايد صالح؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تساؤلات يطرحها الشارع بقوة في خضم الحراك، بعدما اختلطت عليه الأمور، جراء محاولات الالتفاف على مطالبه التي كانت سياسية واضحة، وقد تحولت إلى جهوية وعرقية وشخصية.

ويوضح باعلي أن رئيس الأركان، بحكم الأمر الواقع، أصبح هو الرجل القوي في الدولة، بدليل أنه يطلق التصريحات والخطابات بشكل منتظم على العكس من بن صالح وبدوي. عليه، فإن أمور البلاد باتت تحت سيطرة قايد صالح، خصوصاً أنه يملك مفاتيح تسيير الجزائر بحكم قربه من الرئيس بوتفليقة. يضيف باعلي أن "البلاد تسير وفق الدستور وخارج الدستور".

ويتخوف المحتجون من أن يتراجع حجم التعبئة في شهر رمضان. لذلك، بدأ الناشطون في نشر شعار "لن نتوقف في رمضان" عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويدعون إلى التفكير في أشكال جديدة للاحتجاج كالتجمعات الليلية وفتح ورش عمل حول الاقتراحات للخروج من الأزمة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي