Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل اشتباكات "المجمع الرئاسي في البصرة" تقوض فكرة الانتخابات؟

"الكاظمي سيصدر خلال الفترة المقبلة قائمة من المطلوبين والعصابات المتورطة بالقتل إلا أنه لن يشير للميليشيات الداعمة لها"

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي (أ ف ب)

بعد ليلة نارية في مجمع القصور الرئاسية في محافظة البصرة، الأربعاء 12 مايو (أيار)، وما أثارته من تساؤلات عن مدى إمكانية الحكومة العراقية مواجهة السلاح المنفلت وإقناع الشارع العراقي، تتزايد التكهنات بشأن قدرتها على القبض على المتورطين في قضايا قتل واغتيال الناشطين والإشارة الصريحة للجهات التي ينتمون إليها.

وعلى الرغم مما أثارته تلك الحادثة من جدل، فإن رؤىً لمتابعين تحدثت عن احتمالية وجود اتفاق بين القوى السياسية المختلفة ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تمكنه من إلقاء القبض على المتورطين من دون الإشارة إلى الجماعات التي ينتمون إليها، في مسعى ربما إلى إعادة الثقة للشارع العراقي في الانتخابات المقبلة، بعد موجة كبيرة تدعو للمقاطعة. 

وعلى الرغم من الحديث عن احتمالية الاتفاق، فإن ما جرى من اشتباكات في مجمع القصور الرئاسية في محافظة البصرة، يعطي انطباعاً مغايراً ويقوض فكرة الاتفاق السياسي. 

وفي هذا السياق، كشف مصدر مطلع لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن الكاظمي "سيصدر خلال الفترة المقبلة قائمة من المطلوبين والعصابات المتورطة بالقتل إلا أنه لن يشير إلى الميليشيات الداعمة لها". 

ورجح المصدر الذي رفض الكشف عن هويته، أن الكاظمي "ربما سيحاول إقناع أطراف سياسية وميليشيات بالتخلي عن تلك الجماعات، ضمن مساعي إقناع المجتمع الدولي بخطواته في استعادة الأمن، فضلاً عن محاولة إقناع الشارع العراقي بتوفير أجواء آمنة قبل الانتخابات للعدول عن فكرة المقاطعة". 

اتهامات لميليشيات مسلحة

في غضون ذلك، نقل موقع "الحرة" عن مصادر أمنية أن "فصيلاً مسلحاً تابعاً لميليشيات عصائب أهل الحق هاجم مقر خلية الصقور الاستخبارية في منطقة البراضعية بالبصرة ليلة الأربعاء (المنصرم)". 

وأضاف المصدر، وفقاً للموقع، أن "الحادثة حصلت بعد مداهمة مفرزة تابعة للاستخبارات مداهمة منزل مسؤول الدعم اللوجستي في عصائب أهل الحق وفق مذكرة قبض أصولية، إلا أنها لم تتمكن من القبض عليه"، مبيناً أن هذا الأمر "دفع مجموعة من الميليشيات لتطويق المقر ومهاجمته".

ونشر موقع "الحرة" وثيقة قال إنها "نسخة سرية وعاجلة" من الاستخبارات تؤكد الحادثة. وتحدثت مصادر أخرى عديدة عن أن الفصيل الذي هاجم المقر هو "عصائب أهل الحق". 

ولم يصدر الفصيل أي بيان أو تعليق على ما جرى من أحداث حتى لحظة إعداد هذا التقرير، فيما حاولت "اندبندنت عربية" التواصل معه من دون الحصول على رد. 

توجيهات من رئيس الوزراء

لم تمض سوى ساعات على الحادثة حتى أصدرت خلية الإعلام الأمني بياناً يشير إلى توجيه رئيس الوزراء بإرسال لجنة لمعرفة ملابسات الأحداث في المحافظة ومعرفة المقصرين لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

وبعد الاشتباكات التي حدثت، أصدر الكاظمي أمراً بإقالة قائد عمليات البصرة أكرم صدام، وتعيين اللواء الركن علي الماجدي، لمنصب قائد العمليات في المحافظة.

وكان صدام قد قال قبل إقالته، إن "معلومات وردت لإحدى الفصائل الموجودة في القصور بأن القوة المداهمة لهذا المطلوب والمنتمي لهم هي من خلية الصقور وبالتالي أطلق النار على خلية الصقور الموجودة داخل القصور الحكومية، رغم أن الصقور لم يكن لهم أي علم بعملية المداهمة، وبالتالي تم تدخل القيادات الأمنية وحل تلك القضية دون أي إصابات كما تحدث البعض".

ودعا في تصريحات صحافية، إلى "أخذ المعلومة من مصادرها الرسمية وعدم بث الشائعات حول مواجهات داخل البصرة بين القوات الأمنية والحشد الشعبي، لأن هذا الامر لم يحصل وتلك القوات هي تعمل وفق مبدأ واحد وهو العراق وتحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي".

في غضون ذلك، قال قائد العمليات الجديد في البصرة اللواء الركن علي الماجدي، الجمعة 14 مايو الحالي، إنه "كلف بإدارة الملف الأمني لهذه المحافظة المعطاء والعزيزة على نفوس جميع العراقيين".

وأضاف في بيان، "سنعمل سوياً جاهدين على إيجاد بيئة آمنة ومستقرة للبصرة، وسنضع جميع ما لدينا من خبرة ودراية في الشأن الأمني وسنسخر جميع الإمكانات المتاحة لوضع البصرة في أولى المحافظات الآمنة والمستقرة". وتابع، "لدينا اطلاع كامل ومعلومات وافية لقاطع عمليات البصرة، وسنكون قريبين ودائمي التواجد في الميدان لفرض الأمن والاستقرار ولحماية المواطن وممتلكاته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

استعادة الأمن الانتخابي

وفي سياق الحديث عن احتمالية نشوء اتفاقات تؤدي للإطاحة بالعصابات التي تقوم بقتل الناشطين، يرى مراقبون أن ما جرى لا يوحي بذلك، ويدخل ضمن مساعي استعادة الأمن قبل الانتخابات. 

وتأتي تلك الإجراءات لـ"تمكين الأمن الانتخابي"، بحسب الباحث في الشأن السياسي بسام القزويني الذي يشير إلى أنها، تهدف أيضاً إلى "استعادة السيطرة لتكون صناديق الاقتراع بعيدة عن لغة السلاح أو المقاطعة".

ويستبعد الباحث أن يرافق هذا النوع من العمليات اتفاقات سياسية، مبيناً أن "الجميع معرض للاعتقال في حال ثبُت تورطه أو تغافله عن الجرائم".

ويشير في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن "بعض الشخصيات الكبيرة أصبحت مرغمة على السكوت لا سيما بعد أن تتم عملية الاعتقال، بمعنى أن الدفاع عن أتباعهم يتوقف بعد إيداعهم خلف القضبان".

ويلفت إلى أن، "قوى اللا دولة تحاول إثارة الهلع لدى المواطنين باللعب على العامل النفسي وتغليب صوت الثورة على العامل السياسي، وتتخذ من عمليات الاغتيال عاملاً أساسياً لهذه المعادلة".

وبشأن ارتباط ما جرى في القصور الرئاسية في البصرة بعمليات الاغتيال الأخيرة، يعتقد القزويني أن "البصرة تضم أعداداً ليست قليلة متورطة في هذا النوع من الجرائم".

ويعزو انتشار الجماعات التي تقوم بتصفية الناشطين في محافظة البصرة لأسباب عدة، أبرزها "تنوع الشركات العاملة وبالتالي يمكن اعتبارها مقراً موسعاً لغسل الأموال وتنفيذ العمليات في بيئة أمنية أقل انضباطاً من بقية المحافظات، فضلاً عن وجود شركات بأسماء عالمية يديرها عراقيون حصلوا على عقود كبيرة، يقومون بتمويل بعض الجهات التي تتسبب في هشاشة الوضع الأمني".

اتفاقات سياسية ومساع لاستعادة الثقة

وعلى الرغم من استبعاد مراقبين فكرة التوافق السياسي في قضية كشف المتورطين دون الإشارة إلى الجهات التي ينتمون إليها، يعتقد الصحافي العراقي مصطفى المسعودي، أن "حملة المقاطعة الأخيرة التي وصلت إلى حدود القطيعة مع النظام السياسي ربما حفزت الأطراف الرئيسة إلى صياغة تفاهم من نوع ما يتيح للحكومة اعتقال شخصيات ثانوية، دون الكشف عن الجهات التي ينتمون لها، في مسعى لإعادة ثقة الشارع بالانتخابات المقبلة". 

ويضيف لـ"اندبندنت عربية"، "كل ما جرى لا يرتقي إلى مستوى إقناع الشارع العراقي بتلك الحملات، ولن تؤدي أي عملية من هذا النوع إلى إعادة الثقة مرة أخرى بالنظام السياسي". ويشير إلى أن السبيل الوحيد لإعادة ثقة الشارع بالنظام السياسي في البلاد هو "الإطاحة بجميع المتورطين بحوادث القتل منذ الانتفاضة وحتى الآن، وليس صياغة تسويات لا ترتقي إلى حجم الكارثة التي تحدث". 

من يفرض التسويات؟

ولعل ما جرى خلال عام كامل على حكومة رئيس الوزراء العراقي يعطي انطباعاً للناشطين بأنها غير قادرة على فرض التسويات على الجماعات المسلحة أو مواجهتها، الأمر الذي يصعب مهمة إقناع دعاة مقاطعة الانتخابات بالعدول عن مواقفهم.

في المقابل، يشير أستاذ العلوم السياسية إياد العنبر، إلى أن "الكاظمي يحاول الظهور بمظهر القادر على فرض التسويات على الجماعات المسلحة، في محاولة لإقناع الجمهور بأنه ما يزال يمسك بزمام المبادرة"، مبيناً أن ما يجري في الفترة الأخيرة يعطي تصوراً واضحاً على أن "القوى خارج سلطة الدولة ما تزال تمتلك المبادرة وليس العكس". 

ويوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن الدليل على عدم قدرة الحكومة فرض إرادتها هو "استمرار عمليات استهداف الناشطين والأصوات التي لها قدرة التحشيد، ما يعني أن الحكومة عاجزة عن مواجهتها". 

ويلفت إلى أن أي إجراءات خارج سياق المواجهة المباشرة مع الجماعات المتورطة بحوادث الاغتيال "لن تكسب ثقة الشارع". 

ويختم أن، الحكومة قامت قبل فترة أيضاً باعتقالات في البصرة لمتهمين بقضايا اغتيال إلا أنها لم تحد من تلك العمليات والدليل اغتيال الوزني"، مردفاً "لا يزال الناشطون الفاعلون أهدافاً معلنة من قبل الجماعات المسلحة". 

عملية دعائية

لا تبدو الإجراءات المتعلقة باعتقال متورطين بعمليات اغتيال دون المواجهة المباشرة وإعلان الجماعات التي تقف خلفها مقنعة، تحديداً بين أوساط الناشطين ودعاة مقاطعة الانتخابات المقبلة، على الرغم من الحديث عن أنها تهدف لإقناع الشارع واستعادة ثقته.

في المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية هيثم الهيتي أن "من يقومون بعمليات الاغتيال مجرد أدوات لجهات وجماعات نافذة في الدولة، واعتقال بعض الأفراد منهم لن يحل الإشكالية التي تمر بها البلاد".

ويوضح لـ"اندبندنت عربية"، "على هذا الأساس لا يمكن لتلك العمليات أن تقنع الناشطين بالعدول عن مقاطعة الانتخابات، لأنها تحولت لرأي عام شعبي تكون نتيجة تراكمات 18 عاماً على النظام السياسي الجديد". ويعتقد الهيتي أن، إقناع المجتمع العراقي بالعدول عن موقفه المقاطع للانتخابات المقبلة "يتطلب إجراءات كبيرة وثورية".

ولا يرجح الهيتي أن يكون هناك رابط بين ما جرى في البصرة ومحاولة حسم ملف اغتيال الناشطين، مبيناً أن "العملية لها دوافع أخرى ربما، لأن اغتيال الناشط إيهاب الوزني حصل في كربلاء في حين لا يوجد أي تحرك فيها". 

ويتابع أن المكان والزمان اللذين حدثت فيهما الملاحقة الأخيرة يعطيان انطباعاً بأنها "عملية دعائية وليست إجراءات أمنية للقضاء على ظاهرة الاغتيال". ويستبعد أن يكون ما جرى يمثل اتفاقاً سياسياً، واصفاً ما جرى بـ"العمليات البسيطة والمحدودة التي لن تقنع الجمهور".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي