Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقرير بريطاني واعد في مواجهة التغير المناخي

تأييد واسع لخفض انبعاثات غاز الدفيئة إلى صفر بحلول عام 2050 إثر تحديد لجنة التغير المناخي تعديلات جوهرية مطلوبة خلال 30 عاما

تقرير لجنة التغير المناخي يدعو لتغييرات جذرية في حياة البريطانيين لخفض اعتمادهم على المشتقات النفطية (بي إكس هير)

من المنتظر أن يوصي المستشارون الرسميون المعنيون بالتغير المناخي في الحكومة البريطانية بالتزام البلاد هدفاً مُلزماً قانونياً لخفض الانبعاثات الناجمة عن الوقود الأحفوري إلى صفر بحلول عام 2050.

 هذه التوصيات التي قدمتها لجنة التغير المناخي يوم الخميس، ستحل محل الأهداف السابقة التي أُقرت في العام 2008، والهادفة إلى خفض انبعاثات غاز الدفيئة الضارة بنسبة 80 في المئة عما كانت عليه في 1990.

يشدد تقرير لجنة التغير المناخي على الحاجة إلى تغييرات يعتد بها في أوجه كثيرة من حياة البريطانيين إذا ما أردنا بلوغ الهدف. ويشمل هذا تغييرات رئيسة في سبل توليد الطاقة، وطريقة تدفئة منازلنا وأي طعام نتناول والأساليب الزراعية.

ويشير التقرير إلى ما تقتضيه التغييرات، أي وجوب أن تُعتمد نُظم تدفئة منخفضة الكربون في ملايين المنازل، وتناول الناس كميات أقل من لحم البقر والضأن ومشتقات الحليب، واتباع طرق ناجعة أكثر في التخلص من النفايات.

وتمسّ الحاجة كذلك إلى استخدام المركبات الكهربائية، وخفض الازدحام المروري من طريق حث الناس على المشي وركوب الدراجات واستخدام وسائل النقل الجماعي.

ويقول رئيس اللجنة اللورد ديبن "نتطلع، على أقل تقدير، إلى إرساء حياة تضاهي حياتنا اليوم على القدر نفسه من الكمال والتنوع والاختلاف. وعلينا بلوغ هذا الهدف بهذا على منوال نتحمل فيه مسؤوليتنا تجاه المستقبل من خلال احترام هذا الكوكب الذي يمنحنا الحياة والتزام موقف مختلف تجاه استخدام موارده".

على الرغم من أن التقرير يطالب بضرورة إرساء تغييرات رئيسة في مجتمعنا، إلا أن أهدافه قوبلت بترحيب كبير في كثير من القطاعات، بما في ذلك هيئات الطاقة وقطاعات الأعمال وكذلك المجموعات البيئية والزراعية.

هذه الحماسة العامة لهذا الهدف تأتي في وقت تعاظم الاهتمام بالتغير المناخي على وقع استلهام طلاب المدارس في إضرابهم حركة الناشطة البيئية السويدية غريتا ثنبيرغ، واحتجاجات حركة "التمرد على الانقراض" في المملكة المتحدة في العام 2018، والوثائقيات التي تناول فيها السير ديفيد أتنبرة التغير المناخي على "بي بي سيط، والدعم البرلماني في الأحزاب لاتخاذ تدابير تهدف لمعالجة شطر من المشاكل البيئية.

يأتي التقرير أيضاً بعد أيام من تنبيه حاكم مصرف إنكلترا، مارك كارني، المصارفَ بأنها لاتستطيع تجاهل الأثار "الكارثية" للتغير المناخي وعليها أن تكون في صميم مواجهة المشكلة.

ودعا السيد كارني الحكومات والمؤسسات المالية إلى الاضطلاع بدور محوري لإبقاء ارتفاع درجات الحرارة "أدنى بكثير من عتبة 2 درجة مئوية" وقال "إن الكلفة البشرية والمالية الهائلة للتغير المناخي لها تأثير مدمر في سلامتنا الجماعية".

وأفاد كارني في تصريح مشترك مع حاكم مصرف فرنسا، فرانسوا فيليروي دي غالو، لصحيفة الغارديان بأن التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون سيتطلب "إعادة توزيع هائلة لرؤوس الأموال... إذا فشلت بعض الشركات والصناعات في التكيف مع هذا العالم الجديد، فلن تقيض لها الحياة".

ووصف اتحاد الصناعة البريطانية الذي يمثل 190 ألف شركة تجارية في أنحاء البلاد، في تقرير، لجنة التغير المناخي بـ" فجر جديد في مواجهة التغير المناخي" وطالب "بتغيير جوهري في سياسات الحكومة" لتحقيق الهدف. كما أشار إلى أن الاحتجاجات الأخيرة هي مؤشر إلى "الضرورة المُلحة" اللازمة لمعالجة الأزمة.

 

وقالت كبيرة الخبراء الاقتصاديين في اتحاد الصناعة البريطانية، راين نيوتون- سميث، "إن تقرير لجنة التغير المناخي وتوصياته تنبئ ببزوغ فجر جديد في مواجهة التغير المناخي في المملكة المتحدة... وكانت المملكة المتحدة وإداراتها المعنية تطمح إلى خفض انبعاثات الكربون في قطاعات كثيرة. ولم يعد ثمة شك في ضرورة أن تقوم المملكة المتحدة بخطوات كبيرة إلى الأمام وأن تصبح معدلات الكربون فيها معدومة بحلول العام 2050... لو أردنا تحقيق هدفنا، فعلينا المضي قدماً في تغيير سياسات الحكومة وقطاع الأعمال وأسلوب حياة كل فرد منا". وأضافت "الاحتجاجات الأخيرة أظهرت حماسة عارمة في أوساط الناس للتغيير والحاجة الملحة إلى قيام المملكة المتحدة بكل ما في وسعها للتخفيف من أسوأ تأثيرات التغير المناخي في المجتمع والاقتصاد والبيئة. ما نحتاجه الآن هو تجاوب حكومة المملكة المتحدة لتشريع هذا الهدف الطموح، كي تتمكن الأعمال والعامة من تحقيقه".

انعكست هذه الرؤيا في تصريحات زميلها ماثيو فل، المدير العام للسياسات في المملكة المتحدة لدى اتحاد الصناعة البريطانية الذي قال "إن قطاع الأعمال قادر على التزام تحدي خفض الانبعاثات إلى صفر - وتعهدت شركات كثيرة كذلك بخفض الانبعاثات إلى هذه العتبة. ويعود هذا الأمر في جزء منه إلى مطالبة عامة بإجراءات لمواجهة تجاه التغير المناخي. لكن تتوافر أمامنا كذلك فرص اقتصادية".

وكان من بين المنادين بانتهاج الحكومة سياسة تساعد على تمهيد الطريق نحو مستقبل يراعي أكثر البيئة، مجموعة المستثمرين في المؤسسات حول شؤون التغير المناخي، التي تمثل أكثر من 170 من الأعضاء المستثمرين تفوق أصولهم الـ19 ترليون جنيه إسترليني. ومن هؤلاء المستثمرين مجموعة "بلاك روك" و"لينكليتيرز" وصندوق جوزيف راونتري الخيري.

وقالت ستيفاني بفايفر، المديرة التنفيذية في مجموعة "المستثمرين في المؤسسات حول شؤون التغير المناخي" يعتبر الالتزام بخفض الانبعاثات إلى صفر بحلول العام 2050 مؤشراً واضحاً على ريادة المملكة المتحدة في مكافحة التغير المناخي في العالم... تحتاج الحكومة اليوم إلى إرساء سياسات لبلوغ هذا الهدف وجذب الاستثمار اللازم لخلق اقتصاد نظيف. ويُظهر تسليط مصرف إنكلترا الضوء على أن وقوف 20 ترليون دولار من الأصول المالية العالمية على حافة الهاوية بسبب التغير المناخي، أن الاستجابة الحكومية الفعالة هي كذلك ضرورة اقتصادية أساسية".

 أما ديفيد سميث، الرئيس التنفيذي لـ "رابطة شبكات الطاقة"، وهي الهيئة الصناعية التي يمولها ناقلو الغاز والكهرباء في المملكة المتحدة، فيقول إن المجموعة هذه أيدت هذا الهدف، لكنه يرى أيضاً أن "لا حلَّ سحرياً وفورياً" ولا بد من مواصلة المنازل في استخدام بعض الغاز، الأمر الذي لا يتماشى مع الأهداف.

وأفاد سميث "نؤيد توصية لجنة التغير المناخي بأن نتجاوز هدف الـ 80 في المئة وأن نصل بالانبعاثات إلى صفر بحلول العام 2050، ولا غنى عن الهيدروجين المنخفض الكربون في نظام الطاقة بالمملكة المتحدة. نضم صوتنا إلى دعواتهم إلى اعتماد تكنولوجيا احتجاز الكربون واستخدامها على نطاق واسع وبشكل سريع، لأنها ضرورية لتطوير اقتصاد الهيدروجين. ستكون شبكات الطاقة في قلب هذا التحول... ليس هناك حلٌ سحريّ للوصول إلى نسبة الصفر، مع قيادة شبكات الطاقة للابتكار اللازم في القطاعات الاقتصادية الرئيسة بما في ذلك التدفئة وتزويد الطاقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مضيفاً:" نجح تقرير لجنة التغير المناخي بتسليط الضوء على حجم العمل الذي مازلنا بحاجة للقيام به في المملكة المتحدة كي نصل إلى انبعاثات غازية ناجمة عن الاحتباس الحراري معدومة بحلول العام 2050. من خلال تقديم طاقة خاوية من الكربون، نسلط الضوء على حاجتنا للمزيد من مصادر كهربائية منخفضة الكربون - مما يدعم تقارير أخرى صادرة عن أساتذة وخبراء - وأن الطاقة النووية ما زالت تلعب دوراً حيوياً إلى جانب الطاقة المتجددة". 

وقالت شركة "دراكس" للطاقة إنها تدعم المخططات أيضاً. وتدير الشركة أكبر محطة للطاقة تعمل بالوقود الحيوي في أوروبا، بالقرب من منطقة سيلبي في نورث يوركشاير.

تحصل الشركة حالياً على دعم حكومي للطاقة النظيفة، إلا أن محتجين زعموا الشهر الماضي أن إحراق الوقود الحيوي في "دراكس" ينتج القدر نفسه من الكربون الناجم عن إحراق الفحم.

وقال ويل غاردينر، الرئيس التنفيذي لمجموعة "دراكس" "نحن في الشركة مستعدون لتنفيذ توصيات لجنة التغير المناخي واستخدام تجربة الطاقة الحيوية مع احتجاز الكربون الناجحة على نطاق واسع لإنشاء أول محطة توليد للطاقة عديمة الانبعاثات في العالم في منتصف العشرينيات من القرن الحالي... إن استخدام الطاقة الحيوية مع احتجاز الكربون هي نواة بناء اقتصاد منخفض الكربون، وهذا أمر حاسم في مواجهة التغير المناخي، كما أنه سيخلق وظائف جديدة وفرص تصدير للشركات البريطانية".

وقالت الدكتورة ماري كلير بريسبو، المحاضرة في سياسة الطاقة في جامعة ساسكس، إن التقرير يمثل فرصة للحكومة لتحسين حياة الناس بشكل كبير. مضيفة "إن هدف خفض الكربون إلى صفر هو أكثر من مجرد هدف للطاقة، فهو يمثل فرصة لتحسين نوعية الحياة لجميع المواطنين البريطانيين بشكل كبير".

وأضافت "الاستثمار في مجالات مثل النقل العام الفعال والمباني الموفرة للطاقة لن يعالج الانبعاثات المباشرة للكربون فحسب، بل سيسهم كذلك في تحسين مستوى التزام سلوكيات موفرة للطاقة، وسيقلل من الافتقار إلى الطاقة وسيساعد على تخفيف حدة الأزمات المستمرة في الصحة البدنية والعقلية".

وأشار غاريث ريدموند كينغ، رئيس قسم التغير المناخي في الصندوق العالمي للطبيعة، إلى إنه يجب الشروع بتطبيق هذه التوصيات بأسرع وقت ممكن. قائلاً "تكمن المشكلة في أننا نتصرف كما لو الوقت مازال أمامنا. لكن لو أردنا عالماً فيه شعاب مرجانية، ومدن ساحلية آمنة وغذاء كافٍ للجميع، يجب علينا التصرف الآن. لذا رحبنا بمشورة لجنة التغير المناخي القائلة بضرورة إنهاء الانبعاثات بأسرع ما يمكن، قبل منتصف القرن الحالي".

كما دعم الصندوق الوطني بقوة توصيات التقرير. وقال مدير الصندوق الائتماني للموارد الطبيعية الخارجية، باتريك بيغ "إن موجة الحر الاستثنائية التي حدثت السنة الماضية، والتي زاد التغير المناخي احتمال وقوعها ثلاثين مرة، والأثر الذي تركته في المزارعين والحياة البرية في بريطانيا، يذكراننا بحتمية التهديد... على الحكومة أن تتحرك الآن ومن دون أي تأخير لتبني هدف خفض الانبعاثات إلى صفر لنتمكن من مواصلة همتنا للحد من التغير المناخي من خلال جعل الزراعة أكثر استدامة بالنسبة إلى الفلاحين والطبيعة على حد سواء، واحتجاز المزيد من الكربون من  طريق إعادة تأهيل البيئات الطبيعية الحيوية".

وأفاد مارتن هاربر، مدير الوقاية في الجمعية الملكية لحماية الطيور أن هدف خفض الانبعاثات إلى صفر سيساعد على تجنب "أسوأ آثار" أزمة المناخ.

قائلاً "إن التغير المناخي هو واحد من أكبر التهديدات على الحياة البرية، ولكن الطبيعة تعد أيضاً جزءاً من الحل لمعالجة هذه الأزمة. إن حماية الأراضي الحرجية واستعادتها والمستنقعات والأراضي الخضراء لدينا للمساعدة في احتجاز الكربون هما حيويان في المعركة للحؤول دون وقوع أسوأ آثار التغير المناخي. ويسلط تقرير لجنة التغير المناخي اليوم الضوء على الدور القيّم الذي يمكن أن يلعبه الحفاظ على الطبيعة في معالجة أزمة المناخ، بالإضافة إلى الحاجة الملحة إلى رفع مستوى طموحنا ليشمل كل القطاعات إذا ما أردنا النجاح".

في العام الماضي، قالت لجنة التغير المناخي إنه يجب خفض عدد الأغنام والأبقار في المملكة المتحدة إلى نحو الخمس ونصف الخمس لأن هذه الأجناس الحيوانية تسهم في إنتاج معظم الانبعاثات.

وورد في التوصيات أن تقليص ما بين 20 إلى 50 في المئة من مساحة مراعي قطعان البقر والخراف يمكن أن يُحرر ما بين ثلاثة إلى سبعة ملايين هكتار من الأراضي الخضراء من 12 مليون هكتار من المراعي اليوم في المملكة المتحدة.

من الممكن لاحقاً إعادة استخدام هذه الأراضي الخضراء لزراعة الغابات وإنتاج الوقود الحيويّ للمساعدة على امتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون.

لم تلقَ هذه التوصيات الترحيب في أوساط المزارعين، حيث قال الاتحاد الوطني للمزارعين إنه لا يوافق على خفض أعداد المواشي.

وكان الاتحاد الوطني للمزارعين أعلن أخيراً هدفه الخاص بخفض الانبعاثات الغازية الناجمة عن الزراعة إلى صفر في المملكة المتحدة في العام 2040.

لم يرد ذكر الحاجة إلى خفض أعداد المواشي في التقرير، إلا أن رئيسة الاتحاد، مينيت باتيرز، قالت "إن المناخ القاسي العام الماضي يعد بمثابة تذكير صارخ بالتحديات التي يواجهها المزارعون في الحفاظ على المحاصيل وتغذية المواشي في مواجهتهم للتغير المناخي. لن تكون الزراعة جزءاً من الحل فحسب، بل بإمكاننا أن نكون رائدين في العالم في مجال الإنتاجية الصديقة للمناخ".

وأضافت "توفر التكنولوجيا والاقتصاد الحيوي فرصاً هائلة، وهذا ما دفعني العام الماضي إلى إعلان غايتنا الطموحة إلى خفض الانبعاثات الناجمة عن الزراعة إلى صفر في المملكة المتحدة بحلول العام 2040. وفي سبيل تحقيق ذلك، نحتاج إلى أن نرى الحكومة تعمل مع المزارعين على هذه التكنولوجيا الحديثة والابتكار اللازمين من أجل بلوغ هذا الهدف".

كما أشار مارتن لاينز، رئيس "شبكة الزراعة الصديقة للبيئة" التي تروّج للزراعة المستدامة في المملكة المتحدة، إلى موجة الحر التي وقعت في صيف العام 2018 والتي تسبّب بها الاضطراب المناخي إلى حد كبير. وقال إنها "تذكير للمزارعين كافة بأننا على الجبهة الأمامية في مواجهة التغير المناخي. لكن باستطاعتنا أن نكون جزءاً كبيراً من الحل".

وأخفق التقرير أيضاً في تناول المطالب بتقليص قطعان الأبقار والخراف لتحل الغابات محل المراعي، لكنه أضاف "وجد المزارعون في جميع أنحاء البلاد بالفعل طرقاً لخفض الانبعاثات، وذلك من خلال تغيير الطريقة التي نطعم بها مواشينا، وتحسين إدارة التربة لدينا كي تبقى سليمة. من أجل الزراعة البريطانية وإنتاج الغذاء لدينا، علينا أن نوقف التغير المناخي، ويعني هذا أن نضع الوصول إلى نسبة الصفر هدفاً لنا وأن نحققه في أقرب وقت ممكن".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة