Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استقبال زعيم البوليساريو للعلاج في إسبانيا يثير حفيظة المغرب

عبرت الخارجية المغربية عن عدم اقتناعها بتبريرات مدريد واتهمتها بالتواطؤ مع الجبهة

مقر وزارة الخارجية المغربية في الرباط (حساب وكالة الأنباء المغربية على تويتر)

تتجه السلطات المغربية نحو التصعيد في وجه إسبانيا، وذلك بسبب استقبالها زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي الذي تأكد دخوله الأراضي الإسبانية للعلاج، ما أثار حفيظة الرباط التي هددت بقطع الشراكة مع مدريد.

اتهامات مغربية

 وأثار استقبال إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو، في 18 أبريل (نيسان) الماضي قصد العلاج من إصابته بفيروس كورونا، أزمة جديدة في العلاقات المغربية – الإسبانية. وكانت الرباط عبرت أكثر من مرة خلال الأعوام الأخيرة عن قلقها من طبيعة تعاطي مدريد مع قضية الصحراء.
وبعد توالي مطالب المغرب بتقديم توضيحات حول دوافع استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو، صرحت وزيرة الشؤون الخارجية الإسبانية، لايا غونزاليس، "في هذا الشأن لن أضيف أي شيء... المغرب شريك له أولوية، والعلاقات معه جيدة، على الرغم من استقبال زعيم البوليساريو لأسباب إنسانية".
لكن وزارة الخارجية المغربية عبرت عن عدم اقتناعها بتبريرات السلطات الإسبانية، متهمة إياها بـ"التواطؤ مع الجبهة"، ومهددة بإعادة النظر في الشراكة والتعاون مع الجارة الإيبيرية. كما أكدت الخارجية المغربية أن "توالي تصريحات المسؤولين الإسبان التي تحاول تبرير فعل جسيم مخالف لروح الشراكة وحسن الجوار"، معتبرة أن "قرار السلطات الإسبانية عدم إبلاغ نظيرتها المغربية بقدوم زعيم ميليشيات البوليساريو لا يعد مجرد إغفال بسيط، وإنما هو عمل يقوم على سبق الإصرار، وهو خيار إرادي وقرار سيادي لإسبانيا، أخذ المغرب علماً كاملاً به، وسيستخلص منه كل التبعات". كما شددت على كون "الحفاظ على الشراكة الثنائية، مسؤولية مشتركة يقويها الالتزام الدائم بالمحافظة على الثقة المتبادلة، واستمرار التعاون المثمر وحماية المصالح الاستراتيجية للبلدين".

ضرورة تغيير النهج

ورأت جهات رسمية وأهلية مغربية أن على إسبانيا إعادة النظر في طبيعة علاقاتها بالمغرب اعتباراً للمكانة الحالية للرباط، معتبرة أن توجه مدريد سيؤثر لا محالة على التعاون والشراكة بين البلدين. وأكد وزير الفلاحة المغربي عزيز أخنوش، زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، أن "مستقبل العلاقات بين المغرب وإسبانيا مرتبط أساساً بتصحيح الوضع الحالي"، مؤكداً أن تداعيات وعواقب ذلك الوضع "ستنعكس لا محالة وبشكل رئيس، فقداناً للثقة بين الطرفين، ومراجعة للخيارات الاستراتيجية التي كانت لدى المغرب منذ فترة طويلة في كل المجالات التي تربطه بجارته إسبانيا".
وأشار أخنوش إلى أن "المغرب شريك قوي لإسبانيا في التبادل الاقتصادي والتعاون في قضايا الأمن والهجرة، من بين أمور أخرى"، مشدداً على أن "الثقة هي أساس الشراكة والتعاون، وعندما تُفقد هذه الثقة قد يكون هناك تقهقر وانتكاسة في الإنجازات التي تحققت منذ عقود بين البلدين".
في السياق، أكد الباحث السياسي المغربي، رشيد لزرق، أن "التحولات على المستويين الإقليمي والدولي تفرض الوضوح السياسي، إضافة إلى تغيير طبيعة التعاطي مع المغرب كقوة صاعدة، وذلك عبر تبني توجه براغماتي تحت معادلة رابح - رابح بعيداً عن اللهجة الاستعمارية التي ستعمق التنافر عبر استعمال ورقة الصحراء المغربية للابتزاز"، مضيفاً أن "المغرب تطور، ولا مناص لإسبانيا من استيعاب ذلك، ومواجهة أسلوبها بتبني الوضوح السياسي بغية السير سوياً في اتجاه تعميق الشراكة على كل المستويات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وشدد لزرق على كون إسبانيا مدعوة للانخراط الإيجابي في مشروع المغرب التنموي، الأمر الذي يصب في مصلحة إسبانيا، نظراً إلى ما تملكه المملكة المغربية من مجال للاستثمار والتنمية المشتركة، والأمن والاستقرار. كما أكد أن "الوحدة الترابية للمغرب أولوية وخط أحمر للمملكة، وأي مماطلة من الجانب الإسباني ستؤثر على العلاقات مع المغرب، وبالتالي على التنسيق الثنائي بين البلدين"، منبهاً أن "مدريد تضع علاقة الصداقة بين البلدين على المحك، وسلوك إسبانيا الحالي يُعدّ مناورة غير مقبولة وطعناً في الظهر للمغرب". وزاد أن "المغرب يطالب إسبانيا بالوضوح قبل أن يلجأ إلى المعاملة بالمثل، بخاصة وأن المدعو إبراهيم غالي متهم في جرائم دولية تتعلق بالاغتصاب والعبودية والتعذيب وجرائم حرب وتجنيد أطفال وإبادة جماعية".
وخلص لزرق إلى أنه "على إسبانيا أن تدرك أن كل ملفات التعاون التي تجمعها بالمغرب تبقى رهينة وضوح الموقف الإسباني، بخاصة في ما يخص الشراكة الشاملة: السياسية، الاقتصادية، التجارية، الإنسانية والأمنية، ومنها الهجرة والإرهاب، فالمغرب لن يظل شرطياً للاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بقضايا الهجرة".

دعوات داخلية

وفي الوقت الذي تتهرب فيه السلطات الاسبانية من الحديث عن الموضوع، دعا "الحزب الشعبي" الإسباني المعارض، حكومة بلاده إلى تقديم توضيحات بشأن استقبال زعيم البوليساريو. وجاءت تلك الدعوة إثر اجتماع رئيس "الحزب الشعبي"، بابلو كاسادو، بزعيمي حزبي التجمع الوطني للأحرار والاستقلال المغربيين، حيث أكد زعيم الحزب الإسباني المعارض أنه طرح خمسة أسئلة برلمانية لمطالبة الحكومة التي يرأسها بيدرو سانشيز بتوضيحات حول الدخول غير القانوني وبهوية مزورة لزعيم جبهة البوليساريو إلى إسبانيا.

كما طالب كاسادو بدعم وتعزيز العلاقات الثنائية مع المغرب، مشيراً إلى أنها "أساسية ومحورية وتشمل جميع المجالات، لا سيما التجارة والثقافة والسياحة والأمن والطاقة والصحة والفلاحة والصيد البحري"، مؤكداً تعهد حزبه "بالعمل على تكثيف علاقات الجوار الاستراتيجية، التي تُعد أساسية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي والفضاء الأطلسي ومنطقة المغرب العربي والقارة الأفريقية".

تفاصيل إسبانية

وبخصوص أسباب وتفاصيل استقبال إسبانيا لإبراهيم غالي، أفادت صحيفة "إل باييس" الإسبانية أن مدريد قبلت ذلك لأسباب "إنسانية بحتة، وبالنظر لطبيعة العلاقات الاستراتيجية مع الجزائر، التي تُعد المورد الأساسي للغاز نحو إسبانيا، على الرغم من معارضة وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا"، مؤكدة أنه "تم نقل غالي إلى إسبانيا عبر طائرة طبية تابعة للرئاسة الجزائرية، حطت في قاعدة سرقسطة الجوية في 18 أبريل (نيسان) الماضي، ثم نقل بسيارة إسعاف مع حراسة من الشرطة إلى مستشفى سان بيدرو دي لوغرونيو".
وأشارت الصحيفة إلى أن دخول زعيم البوليساريو إلى إسبانيا تم بهويته وجواز سفره الدبلوماسي، إلا أنه سُجل  في المستشفى تحت اسم مستعار لمواطن جزائري لأسباب أمنية . وأوردت "إل باييس" نقلاً عن مصادر حكومية، أن وزيرة الخارجية الإسبانية لايا غونزاليس" كانت تعتزم إبلاغ نظيرها المغربي ناصر بوريطة بخبر دخول غالي للعلاج في إسبانيا، لكن الخبر انتشر قبل ذلك"، مشيرةً إلى أن المسؤولة الإسبانية تحدثت بالفعل مع بوريطة وقدمت له كل التفسيرات، كما فعل السفير الإسباني في الرباط، ريكاردو دييز هوتشلايتنر.

المزيد من العالم العربي