Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ساعدوا الجنود البريطانيين في العراق... والآن تُركوا للموت

على الرغم من المخاطر الشخصية الهائلة، عمل سكان محليون في العراق مترجمين للجيش البريطاني. لكن بعد تسريب هوياتهم إلى الميليشيات، يقولون إن حياتهم باتت في خطر- وقد تخلّت المملكة المتحدة عنهم

مترجمون عراقيون رفقة جنود في معسكر التاجي. أخفيت معالم الأشخاص في الصورة لحمايتهم من أي عملية انتقامية (ملتقط الصورة مجهول الهوية)

لم يرَ زوجته وطفله أو أياً من أصدقائه منذ أكثر من نصف سنة. مضت نصف سنة عليه من دون أن يغادر فعلياً المنزل الذي يختبئ فيه. لكن اليوم، وعلى الرغم من المخاطر الكبيرة، قرّر أن يقوم باستثناء.

فيما يغطي وجهه بقبعة كنزته ويلقي نظرات قلقة يمنة ويسرة، يشقّ علي طريقه باتّجاه سيارتنا، بينما يتأكّد من أن لا أحد يلاحقه.

وقع الاختيار على تقاطع طرق مزدحم في بغداد كموقعٍ للّقاء. كنا نقود السيارة في الشوارع بينما نتفادى نقاط التفتيش كي لا يبدو أننا غرباء عن المكان. يسود التوتّر في الجو: وتتوقف المقابلة كلّما يمرّ أحدهم.

يقول الرجل البالغ من العمر 38 سنة، وهو ينظر بحذر إلى بضعة شبّان يتسكعون على بُعد أمتار قليلة في الشارع "أشتاق إلى زوجتي وطفلي كثيراً. أرسلتهما إلى مكان آخر وكل ما بوسعي أن أفعله هو التحدث معهما من حين لآخر على الهاتف".

"أسكن في مكان سرّي. لا يمكنني الذهاب إلى المنزل ولا يمكنني أن أخاطر. لست قادراً على العمل من أجل إعالة عائلتي ولا يمكنني أن أسير في الشارع إجمالاً، فحتى هذا ليس آمناً".

ليس علي بجاسوس أو مجرم، بل هو مترجم سابق للجيش البريطاني. وهو واحد من ثمانية مترجمين فوريين يقولون إنهم يخشون على حياتهم بعد أن توظّفوا لدى شركة تعاقد من أجل العمل مع القوات البريطانية الخاصة في معسكر التاجي، على بُعد 40 كيلومتراً تقريباً شمال بغداد. منذ عام 2018 وحتى تاريخ تفشّي الجائحة في مارس (آذار) من العام الماضي، كانوا يترجمون لمستشارين بريطانيين قدّموا برامج تدريب للقوات العراقية الخاصة داخل القاعدة.

ويزعمون أن معلوماتهم الشخصية، التي طُلب منهم توفيرها بالنيابة عن القوات البريطانية في مارس الماضي، تمّ تشاركها من دون موافقتهم مع القوات الأمنية العراقية ووصلت بالتالي إلى أيدي الميليشيات الشيعية القوية المدعومة من إيران في العراق. وتعارض هذه المجموعات بشراسة وجود القوات الأجنبية على أرض البلاد، وقد هددت العراقيين الذين يعملون معها غير مرّة.

وتصاعدت الدعوات من أجل إراقة الدماء والانتقام منذ اغتالت الولايات المتحدة القائد الإيراني القوي السابق قاسم سليماني وملازمه العراقي أبو مهدي المهندس في ضربة جوية على مطار بغداد في يناير (كانون الثاني) العام الماضي.

منذ ذلك الحين، تصاعدت وتيرة الهجمات على مصالح التحالف في البلاد كما تعالت الدعوات المُطالبة بمغادرة كافة القوات الأجنبية البلاد. ينتشر نحو 1400 عنصر عسكري ومدني بريطاني في العراق كجزءٍ من عمليات مكافحة "داعش"، وفقاً لوزارة الدفاع.

ويتركّز العديد منهم في معسكر التاجي الذي تم استهدافه عدة مرات: وقد تعرّض لعدّة هجمات صاروخية على أيدي الميليشيات في بداية عام 2020 حيث قُتل خلالها جندي بريطاني وأميركيَّين. كما ازدادت التهديدات بالقتل ضدّ العراقيين الذين يعملون مع قوات التحالف.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" العام الماضي أن لائحة يُزعم أنها تحمل معلومات شخصية عن العراقيين الذين أُدخلوا إلى قاعدة يونيون العسكرية الثانية Union II في بغداد، وهي المقرّ الرئيسي لقوات التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة، نُشرت من قبل وكالة "صابرين نيوز" الإخبارية، المرتبطة بالميليشيات المدعومة إيرانياً.

وتضمّنت اللوائح، التي لم يكن بالإمكان التحقق منها بشكل مستقل، معلومات تتراوح بين عناوين منازل المترجمين، وأنواع السيارات التي يقودونها.

ثم نشرت الوكالة نفسها، "صابرين نيوز"، في أكتوبر (تشرين الأول)، تصريحاً لإحدى الميليشيات- وهي مجموعة جديدة نسبياً تُدعى أصحاب الكهف - كان بمثابة تهديد مبطّن للمترجمين العاملين مع القوات البريطانية على وجه التحديد.

وأدرك المترجمون الثمانية عندها أنه عليهم الاختباء. حتى أن أحدهم تلقّى داخل ظرف، ثلاث رصاصات لرشاش كلاشنيكوف، تمثّل كل واحدة منها عضواً من عائلته بما فيها طفله، وحمل الظرف كذلك رسالة تهدد بمعاقبته وجاء فيها "لن نرحمك".

ويقول أحدهم، سالم، لـ "اندبندنت"، إن رجالاً غرباء ظهروا في شارع قريب من مقر إقامته، داخل سيارة  بيضاء رباعية الدفع، واستجوبوا جيرانه عن عمله.

ويقول بيأس "كانوا يراقبون المنزل. عرفوا اسمي. في تلك اللحظة قررت أن أترك منزلي وأُرسل زوجتي وابني بعيداً. لم أرهما منذ زمن بعيد".

"لا يمكنني السير في الشوارع... أنا محبوس داخل قفص".

"بانتظار القتل"

وقام الرجال الخائفين على حياتهم- والذين افترقوا عن أحبائهم- بالاتصال بشركة "تي بي دبليو غلوبال" TBW Global، المتعاقدة معهم نيابة عن القوات البريطانية، وبوزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزراء سابقين أمثال توبياس إيلوود، والسفير البريطاني في بغداد، وستة أعضاء في البرلمان ومجلس اللوردات.

حتى أنهم اتصلوا بمجلس سيفتون في ميرسيسايد لأنه تعهّد في مارس (آذار) من هذا العام أن يستقبل 25 طالب لجوء أفغانياً ساعدوا القوات البريطانية خلال الحرب هناك.

إنما على الرغم من أن البارونة كوسنس أثارت قضيتهم في مجلس اللوردات، فإنه عملياً لم يُبذل أي شيء من أجلهم. 

وأخبرت وزارة الدفاع "اندبندنت" أن التحقيق جارٍ في الحادثة. وقال المتحدث باسمها "فيما لا نوظّف المترجمين الفوريين في العراق بشكل مباشر، فإننا نتعامل بمطلق الجدية مع أي خرق للأمن الشخصي. ونحن نُلزم الجهات التي نتعاقد معها بأعلى المعايير".

وقالت وزيرة الدولة لشؤون الدفاع، البارونة غولدي، للبارونة كوسينس في ردّ مكتوب على أسئلتها إنهم حققوا في المزاعم وتحدثوا مع "تي بي دبليو" التي "قدّمت مشورة أمنية، نبقيها قيد المراجعة"، ولكن نعتبرها مناسبة في هذا الصدد في الوقت الحاضر.

لكن وزارة الدفاع لم تردّ على أسئلة بشأن سبب تغيير البروتوكول ظاهرياً، نظراً لأن المتعاقدين قالوا إنهم كانوا يعملون في معسكر التاجي لمدة سنتين قبل أن يُطلب منهم توفير معلومات شخصية من أجل استصدار تصريح أمني معيّن.

وفي هذه الأثناء، قال نائب قائد قوات التحالف في العراق، اللواء جنرال البريطاني كيف كوبسي، لـ"اندبندنت"، إنه لا يمكنه التعليق على هذه الحادثة تحديداً لأنهم متعاقدون وليسوا موظفين مباشرة من قبل قوات التحالف. وأضاف "لم يتمّ تشارك معلومات عن أي شخص من قِبل التحالف". 

وتردّد صدى هذا الكلام في رسالة البارونة غولدي التي قالت إن وزارة الدفاع "لا تدير أمن هؤلاء الأشخاص بشكل مباشر". وعلمت "اندبندنت" أن وزارة الدفاع تعتقد كذلك بأنه لم يحدث أي خرقٍ على الإطلاق، وأن الإجراءات العادية قد اتُّبعت، وهي تتضمن الحاجة إلى تمرير معلومات عن المتعاقدين المدنيين للقوات الأمنية العراقية لضمان قدرتهم على بلوغ القواعد.

لم تجب وزارة الداخلية كذلك على الطلبات المتكررة للتعليق على إمكانية تقديم حكومة المملكة المتحدة أيّ مساعدة للمجموعة. كما رفضت "تي بي دبليو" التعليق "بسبب الاتفاق الأمني والعقد الذي يربطنا بعميلنا".

وهكذا إذن، بعد مرور ستة أشهر، يقول المترجمون إنهم عالقون في الوسط في "انتظار القتل".

ويقول علي بصوت يرتجف قليلاً "عندما بدأنا بالعمل لصالح البريطانيين، أخبرونا أننا "جزء من العائلة"، لكنهم تخلّوا عنّا. لا يهمنا أين نذهب، كلّ ما نريده هو أن نُنقل إلى مكان آمن".

"حتى الحيوانات لديها حقوق في المملكة المتحدة. ما نريده هو الحصول على الحقوق الأساسية التي تتمتّع بها الحيوانات في بلادكم. لا أطلب أكثر من ذلك".

"لا يمكنني الخروج أبداً- 24 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع"

 تحدّثت "اندبندنت" إلى ثلاثة من المترجمين الثمانية، قضوا جميعاً سنوات في الترجمة للقوات البريطانية والأميركية في العراق، وهم يدركون بالتالي مخاطر العمل للجيوش الأجنبية في العراق.

وبسبب اعتبارهم خونة في أعين مختلف الميليشيات في العراق، تعرّض عدة مترجمين عملوا في الترجمة لصالح القوات البريطانية في السابق إلى الخطف والتعذيب والقتل فيما استُهدفت عائلاتهم كذلك. وغالباً ما كان التحالف والقوات الأمنية العراقية عاجزين عن حمايتهم.

ولهذا السبب، أطلقت بريطانيا عام 2007، برنامج حماية خاص لمساعدة الموظفين المدنيين العراقيين الذين ساعدوا الجيش البريطاني خلال حرب العراق من خلال إعطائهم إعانة مالية على شكل دفعة واحدة، وإذناً استثنائياً من أجل الإقامة إلى أجل غير مسمّى في المملكة المتحدة، إضافة إلى مساعدة على الانتقال إلى مكان آخر أو فرصة لإعادة التوطين. 

لكن خلافاً للبرنامج المماثل المُخصَّص للمترجمين الأفغان والذي ما زال مستمراً اليوم، أُنهي العمل بالبرنامج العراقي منذ بضعة سنوات، فما عاد طريق المترجمين العراقيين نحو السلامة محدداً أو واضحاً. 

لم تُجب وزارة الداخلية على عدة طلبات قدّمتها "اندبندنت" من أجل التعليق على احتمال إعادة إحياء البرنامج أو عرض فرصة إعادة التوطين على هؤلاء الأشخاص الثمانية نظراً للظروف الاستثنائية.

أخبرت وزارة الداخلية المترجمين أنفسهم عبر رسائل إلكترونية شاركوها مع "اندبندنت"، أن برنامج إعادة التوطين للمترجمين السابقين في العراق أغلق الآن.

وأجرت الحكومة تقييمها الخاص بالمخاطر المزعومة التي تواجه مترجمين مثل علي، واعتبرت أنهم ليسوا في خطر، على الرغم من أن المخاطر التي يشكّلها وكلاء إيران في العراق معروفة وموثّقة. 

فيوم الثلاثاء الماضي مثلاً، ضُربت قاعدة عين الأسد الجويّة في غرب العراق، التي تستضيف قوات أميركية ودولية، بصاروخين. 

ويبدو أنه من غير المرجّح أن يتلقّوا أي مساعدة.

ويقول هشام - مترجم آخر يتوارى عن الأنظار- لـ "اندبندنت" إنه بسبب معرفتهم بالمخاطر، عملوا بجهد من أجل "إخفاء عملهم"، فكانوا يغيّرون روتينهم اليومي ويخفون هوياتهم قدر الإمكان. والعديد من أفراد عائلاتهم لم يعرفوا حتى حقيقة وظائفهم.

واعتقدوا أنهم يتمتّعون بمستوى معيّن من الأمن، وقيل لهم مراراً وتكراراً إن المعلومات (الشخصية) المتعلقة بهم لن تخرج من دائرة المملكة المتحدة أو قوات التحالف.

لكنهم يعتقدون بحدوث تغيير بعد مقتل سليماني والمهندس في يناير (كانون الثاني) 2020، وتمرير مجلس النواب العراقي قراراً يدعو فيه الحكومة العراقية إلى وضع حد لوجود كافة القوات الأجنبية في البلاد.

قال ثلاثة من المترجمين لـ "اندبندنت"، إنه بعد شهرين من ذلك، طَلب منهم المشرف عليهم توفير معلومات شخصية، بما فيها أسماؤهم الكاملة وعناوين منازلهم وأرقام  لوحات سياراتهم، لكي يستخرجوا لهم تراخيص جديدة تسمح لهم ببلوغ القاعدة العسكرية التي يعملون فيها. وأوضحوا أن هذه المعلومات لم تُطلب منهم من قبل، خلال السنتين اللتين عملوا خلالهما في قاعدة التاجي.

التقط المترجمون صوراً للمحادثة التي جرت على تطبيق "واتساب". وخلال النقاش الذي دار ضمن مجموعة التحادث التي تضم أعضاء الفريق، يقرّ المسؤول بمخاوفهم لكنه يطمئنهم إلى أن المعلومات لن تُعطى للعراقيين. واعتقد المترجمون أنها قد تصل إلى السفارة الأميركية في بغداد ولكنها لن تتعدى تلك الحدود.

وكتب الشخص المسؤول: "تدركون إذن أن هذه المعلومات الشخصية  مخصصة للمملكة المتحدة و(الشركة الأميركية) "سوسي"، وليس لأي جهاز آخر".

"أعلم أن بعضكم خائف من وصول هذه المعلومات إلى أيدي القوات والأجهزة العراقية".

لكن حين وصل الترخيص، كان من الواضح أنه مرّ عبر القوات الأمنية العراقية لأنه كان يحمل ختم مركز العمليات الوطني العراقي، وتضمّن أسماءهم وكافة التفاصيل المتعلّقة بهم كما وُزّع، وفقاً للمترجمين، على كافة نقاط التفتيش التي غالباً ما تشارك في تسييرها الميليشيات، وهكذا كُشفت هوياتهم.  

"وعدونا بأننا جزء من العائلة"

يقول سالم، الذي يعمل مع القوات العسكرية الأميركية والبريطانية منذ أكثر من 15 عاماً، إن الوثيقة أشعرته بالصدمة. كان قد تقدم بالفعل بطلب اللجوء في الولايات المتحدة في عام 2015، لأنه تلقى تهديدات سابقاً، لكن قضيته ما زالت عالقة. 

ويقول لـ "اندبندنت" عبر تطبيق رسائل مشفّرة من البيت الذي يختبئ فيه "شعرت بالرعب، وأول ما فكرت فيه هو زوجتي وبناتي الثلاث. ليس بمقتلي أنا بل بالذي سيحدث لهنّ".

ويضيف "إن زوجتي سنيّة وهي تشكّل هدفاً سهلاً". ويشرح بأنه بحاجة ماسة لزيارة الطبيب، لأنه مصابٌ بالسكّري، لكنه غير قادر على ذلك لأنها مخاطرة كبيرة.

ويضيف 'لا يمكنني الخروج على الإطلاق. أنا حبيس المنزل  24 ساعة يومياً، وسبعة أيام في الأسبوع، و 30 يوماً في الشهر".

ويردف قائلاً إنه عبّر غير مرة عن قلقه من مشاركة المعلومات الشخصية لدواعي استخراج التصاريح الأمنية، وكان متردداً جداً لخشيته من احتمال تسريبها.

"سألناهم بعد ذلك لماذا مرروا المعلومات ولم يجبنا أحد".

"بعد أن شاركوا المعلومات المتعلقة بنا، يمكن (للميليشيات) أن تتعرف إلى كل واحد منا بسهولة. سوف يعرفون وجوهنا وأسماءنا والتفاصيل المتعلقة بنا ومنازلنا وبالتالي عائلاتنا".

وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير هي البيان الذي نشرته مجموعة أصحاب الكهف في أكتوبر (تشرين الأول)، وطالبت فيه المترجمين العراقيين العاملين مع قوات التحالف بالعمل مخبرين لديها مقابل الكثير من المال وضمان سلامتهم.

وفهم المترجمون ذلك على أنه تحذير من أنهم إن رفضوا التعاون، فسوف يُعتبرون أعداء وتتم تصفيتهم.

ومذّاك، سرّبت الوكالة الإخبارية نفسها وثائق تزعم أنها تكشف قواعد بيانات حكومية فيها تفاصيل عن المواطنين العراقيين.

هذا وقد أقرّت الشركة المتعاقدة بالمخاطر التي يواجهونها، كما يقول مترجم ثالث اسمه مصطفى. وهو الآخر متوارٍ عن الأنظار ولم يرَ زوجته وابنه البالغ من العمر 11 سنة منذ أكتوبر.

ويكشف لـ "اندبندنت" أنه "عندما ألحّينا من أجل فتح تحقيق بالموضوع، أرسل لي المسؤول المباشر في النهاية بريداً إلكترونياً يقول فيه غيّر عنوانك وعاداتك في التنقّل ورقم هاتفك، واقترح عليّ الانتقال إلى كردستان أو التقدّم بطلبٍ لبرنامج اللاجئين التابع للأمم المتحدة".

"شرحت له أنه لا يمكنني الانتقال إلى كردستان لأنني لا أتحدث اللغة (الكرديّة)، ولا يحق لي الحصول على الإقامة سوى إن اشتريت عقاراً". 

"وإن انتظرت ست سنوات لكي تبتّ مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة  في طلبي، فسوف أكون ميتاً".

ووقع المزيد من الارتباك بسبب استعانة "تي بي دبليو غلوبال" بمتعاقد محلي من شركة "الانتقاء" لكي يُنفذ بعض أعمال "دبليو" الإدارية، ويُحتمل أن يكون هو من نسّق التراخيص مع الأجهزة الأمنية العراقية.

لكن البارونة غولدي أكّدت للبارونة كوسنس أن شركة "الانتقاء" "لديها سجلّ مُثبت في العمل مع التحالف، والناتو وغيرها من الشركات الدولية في العراق". وأضافت غولدي أن "تي بي دبليو" أكدت لوزارة الدفاع أن "اللجوء إلى شركة محلية كان شرطاً ضرورياً من شروط الامتثال المطلوبة".

بالتالي، فالأمر الوحيد الذي يمكن للمترجمين أن يفعلوه هو توسّل المساعدة. فهم يبعثون رسائل بانتظام لوزارة الدفاع ووزارة الداخلية والنواب حين يستطيعون ذلك، لكنهم ما زالوا يشعرون بأنه تم التخلي عنهم.

ويردد علي فيما يتحضّر للعودة سيراً إلى مخبئه "وعدونا بأننا جزء من العائلة". يتأكّد من الطريق ثلاث مرات قبل المغادرة ثم يضيف مناشدة أخرى:

"لسنا وحدنا هنا. لدينا عائلات وأطفال. لا تتخلوا عنا، رجاءً". 

غُيّرت أسماء المترجمين الفوريين من أجل حماية هوياتهم.

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات