Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إقصاء عدد كبير من المرشحين لانتخابات برلمان الجزائر يثير جدلا

رأى البعض في رفض ترشحه اقتصاصاً لدعمه "الحراك" بينما دعا آخرون إلى عدم التشكيك في "الهيئة المستقلة"

رئيس السلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر محمد شرفي (موقع التلفزيون الجزائري)

تصنع الانتخابات البرلمانية المقررة في 12 يونيو (حزيران) المقبل، الحدث في الجزائر، بعدما شهدت إقصاءات واسعة لمرشحين على غير العادة، ومنهم رؤساء أحزاب من الدرجة الأولى، وبين رافض ومرحّب، استقر الأمر على قبول ترشح 1500 قائمة بانتظار دراسة الطعون.

تظلم واستجابة

ولم تمرّ عملية إقصاء قوائم المرشحين مرور الكرام، إذ سارعت تشكيلات سياسية إلى رفع تظلّماتها إلى "السلطة المستقلة للانتخابات" وطالبوها بفتح تحقيق محايد حول أسباب الإقصاء، وهو الأمر الذي استجاب له رئيس "السلطة" محمد شرفي، الذي نظّم لقاء مع ممثلي 18 حزباً لتقديم التبريرات.
وعدّد شرفي الأسباب التي دفعت إلى رفض ملفات الترشح كالعلاقة مع أوساط المال والأعمال المشبوهة والمحكوم عليهم نهائياً بعقوبة سالبة للحرية، إضافة إلى نقص الوثائق المطلوبة وشرط السن والوضعية تجاه الإدارة الضريبية وعدم تسوية الوضعية تجاه الخدمة العسكرية الإجبارية.

حزب بوتفليقة في عين الإعصار

وانتقد حزب "جبهة التحرير الوطني" (الذي كان يتزعمه الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة)، صاحب الغالبية في مختلف البرلمانات التي عرفتها الجزائر منذ الاستقلال عام 1962، الذي تعرّض زعيمه أبو الفضل بعجي، لمقصلة السلطة المستقلة للانتخابات، "الاستخدام المفرط للفقرة السابعة من المادة 200". وذكر الحزب في بيان أن مرشحيه "تعرّضوا لمظالم كثيرة، بعدما مسّت عمليات الإقصاء شخصيات في منتهى النزاهة ونظافة اليد، غالبيتهم من أساتذة الجامعات وموظفين بسطاء، وشباب عاطلين من العمل وطلبة جامعيين". واعتبر أن ملفات مرشحيه تعرّضت لعملية استهداف ممنهجة.

كذلك عبّرت "جبهة المستقبل" عن رفضها طريقة إقصاء بعض الأسماء المرشحة على قوائمها الانتخابية، وشددت على أن "التحفظ على بعض الأسماء لا علاقة له بشبهة المال الفاسد"، مشيرةً إلى أنه "تم الطعن لدى المحكمة الإدارية التي قضت باسترداد بعض الأسماء، بينما رفضت البعض الآخر".

من جانبها، طالبت "حركة البناء"، الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بفتح تحقيق محايد في قرارات الإقصاء، داعيةً إلى كشف الأطراف المستفيدة من إسقاط مختلف الكفاءات عن طريق رفض ملفاتهم بتهمة المال الفاسد. وناشدت رئيس سلطة الانتخابات، التدخل سريعاً من أجل تدارك الأمر.

فخ التشكيك

في السياق، اعتبر المرشح الذي قُبل ملفه، محمد أمين صندوق، في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن إلغاء ورفض عدد كبير من القوائم الحزبية والحرة يرجع إلى عدم استيفاء الشروط الأساسية للترشح وعدم اكتمال ملفات البعض منهم، مشيراً إلى أن السلطة المستقلة للانتخابات منحت هؤلاء المهلة للطعن في القرار واستكمال ملفاتهم، كما سبق أن مددت الفترة المخصصة لتفحّص الملفات إلى خمسة أيام أخرى. وأضاف أنه "بالنسبة إلى عدم الرضا والسخط جراء قرارات الرفض، فهو أمر مفهوم، ومن حق المقصيين الطعن بالقرارات واللجوء إلى المحاكم المخصصة لذلك، لكن لا يجب الوقوع في فخ التشكيك باللجنة القائمة على تسيير الانتخابات، وذلك لأنها تتابع العملية من بدايتها، أي من التحقيق في المرشح بحد ذاته، وصولاً إلى الحزب الذي ينتمي إليه، في ظل ضمانات الاستقلالية والموضوعية من طرف رئيس الهيئة، وعبر وضع شروط صارمة وحاسمة لفحص ملفات المرشحين بمعايير عصرية ترافق تطورات الفترة الحالية، بإبعاد كل مَن له يد في الفساد أو تحوم شبهات حول علاقاته داخلياً أو خارجياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


رفض 1200 قائمة

وكان رئيس "السلطة المستقلة للانتخابات" محمد شرفي أعلن أن "القوائم المقبولة من دون تحفّظ بلغ عددها 1483 قائمة، منها 646 حزبية و837 من المرشحين المستقلين"، مبرزاً أن "عدد ملفات المرشحين التي تم إيداعها بلغ 25416 ملفاً، من بينها 12854 ملفاً قدمّتها أحزاب و12562 من مرشحين مستقلين".
وأوضح شرفي أن نحو 1200 قائمة رُفضت، فيما يدرس القضاء ملفات 700 قائمة، بعدما تقدّم أصحابها بالطعن في القرار، مبرزاً أن الحملات الانتخابية للمرشحين ستبدأ في 17 مايو (أيار) الحالي، للتنافس على 407 مقاعد نيابية، وهو عدد أقل من مقاعد المجلس السابق البالغ 462 مقعداً.
وتنصّ الفقرة السابعة من المادة 200 للقانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات الجديد، التي تحدد شروط قبول ملفات المرشحين على "ألا يكون المرشح معروفاً لدى العامة بصلته بأوساط المال والأعمال المشبوهة، وتأثيره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الاختيار الحر للناخبين وحسن سير العملية الانتخابية".

إشكاليات

من ناحية أخرى، رأى القيادي في حزب "الفجر الجديد" حليم بن بعيبش أن "الإشكالية الحاصلة تتعلق بالمناصفة مع فئة الشباب، إذ إن المعنيين بدراسة الملفات اجتهدوا بخصوص العمر المطلوب والمحدد بـ40 سنة، على اعتبار أن النص اشترط هذا العمر من دون توضيح إن كان يُفترَض بلوغه يوم الاقتراع أو قبله، وهو ما تمت مناقشته مع رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات محمد شرفي، خلال اللقاء الذي نظمه". وتابع بن بعيبش "لم نطالب بفتح تحقيق وإنما توضيحات حول تطبيق المادة 200 التي تضع شروط الترشح"، مشيراً إلى أنه "تم إسقاط قوائم بتبريرات غير متوقعة وتهم غير منطقية".
وأضاف أن "إشكالية غريبة أخرى تمت إثارتها مع شرفي، وهي أن السلطة المستقلة للانتخابات تطعن في قرار المحكمة الإدارية التي تقبل طعن المرشح المُقصى وتعيده إلى القائمة"، متسائلاً "الهيئة المستقلة حيادية، فكيف لها أن تكون خصماً في الوقت ذاته؟". ولحظ "تسجيل اختلالات ربما ترجع إلى قانون الانتخابات المعقّد أو لأنها التجربة الأولى". وختم أن "ما يحدث مرتبط بسياسة محاربة الفساد والمال الفاسد، لكن يجب بذل المزيد من الجهد في التحقيق والبحث والتثبّت، ولا يمكن العمل بالاشتباه فقط".

تضييق الخناق؟

في المقابل، استغرب أستاذ الاقتصاد وليد بن علي رفض ملف ترشحه. وأوضح في تصريح مقتضب أنه في ظل عدم وجود أي قضية تمنع ترشحه وفق قانون الانتخابات الجديد، فإن "الرفض يرتبط بالتأكيد بمشاركتي في الحراك ومعارضتي للحكومة"، مشدداً على أن "ما يحدث هو معاقبة الحراكيين في محاولة لثنيهم عن الاستمرار في الخروج إلى الشارع أيام الجمعة، غير أن ذلك سيزيدنا إصراراً وتماسكاً من أجل التغيير". وأضاف بن علي أنه "بقدر ما راهن الشارع على الوعود التي جاء بها الرئيس تبون بهدف تحقيق التغيير، جاء رفض أكثر من 1200 قائمة ليكشف عن غربلة تستهدف تضييق الخناق ليس إلا". وختم أن "المادة 200 من قانون الانتخابات باتت تشكّل مدخلاً للإقصاء ومقصلةً لتحييد المعارضين، على الرغم من أن المادة 34 من الدستور، تشدد على ضرورة عدم حرمان أي مواطن من حقوقه السياسية بما فيها الترشح إلا بوجود قرار أو إدانة قضائية بحقه".

المزيد من العالم العربي