اشتملت الانتخابات التي شهدتها المملكة المتحدة في 6 مايو (أيار) الحالي سباقاً على عمادة سبع بلديات حضرية في إنجلترا. يدير "رؤساء البلديات" هؤلاء مناطق حضرية كبيرة خارج لندن، ويرأسون مجموعة من قادة المجالس المحلية، ومجموعة من قادة الأعمال الذين يتحكمون بالقرارات المتعلقة بالنمو الاقتصادي محلياً (المتمثل في شراكات مع المؤسسات المحلية)، وفي بعض المناطق، يديرون مفوضيات الشرطة والجريمة.
أفرز التصويت تسع عمدات بلديات حضرية في إنجلترا. كان ثلاثة من بينهم متنافسون لأول مرة في ويست يوركشاير هذا العام، بينما كان الستة الآخرون رؤساء بلديات يترشحون لولاية ثانية. ولم يحن موعد إعادة انتخاب العمدتين الآخرين هذا العام نظراً لوصولهما إلى المنصب في عامي 2018 و2019.
تتحمل السلطات في إنجلترا مجتمعة مسؤوليات كبيرة، تم إيكالها إليها كجزء من أجندة نقل السلطة إلى الجهات المحلية. إنها تمتلك تأثيراً جماعياً على صناعة القرارات الاقتصادية إقليمياً وتتمتع بمستويات حرية مختلفة عندما يتعلق الأمر بالتمويل. ولديها جميعاً ملفات تشمل النقل والتخطيط المكاني، والتدريب على المهارات لمن هم فوق سن السادسة عشرة، وخدمات دعم الأعمال التجارية والتنمية الاقتصادية. إنها ستلعب الآن دوراً حاسماً في التعافي وتنمية الاقتصاد بعد الوباء.
وعلى الرغم من هذه الصلاحيات المهمة، هناك نقص حاد في تمثيل المرأة. فجميع عمدات البلديات الحضرية الحاليين هم رجال. وكانت هناك ست نساء فقط من بين 31 مرشحاً في انتخابات عام 2021 لشغل مناصب العمدات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإذا تجاوزنا العمدات أنفسهم، فإن غالبية قادة المجالس المحلية الذين يتحملون مسؤوليات السلطات المشتركة هم أيضاً من الرجال. هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لتمثيل المرأة في القيادة السياسية والاقتصادية. إنها مشكلة أيضاً لأننا نعلم أن جنس الأشخاص الموجودين في أماكن اتخاذ القرارات لا يعكس التركيبة الجندرية للسكان الذين يتأثرون بتلك القرارات.
من المعترف به على نطاق واسع الآن أن إشراك المرأة في صنع القرار يؤدي إلى نتائج أفضل للجميع. إذا كان معظم الأشخاص حول الطاولة من الرجال، فحتماً ستكون هناك فجوة في تدارس ما تحتاج إليه المناطق والمدن.
لقد فشل التخطيط الحكومي للنمو على مدار عقود من الزمن في إشراك النساء ومساهمتهن في الاقتصاد. مرة تلو الأخرى، يتم تجاهل عاملي الجنس والعرقية في خطط النمو الاقتصادي. يعد هذا قصر نظر ويؤدي في النهاية إلى نقص النمو بالنسبة للجميع.
لقد غير وباء كورونا المشهد الاقتصادي للمناطق الإنجليزية بشكل جذري. وكان الضرر الذي لحق بالصناعات التي توظف نسبة كبيرة من النساء مثل قطاع الرعاية والضيافة والتجزئة أكبر مقارنة بقطاعات مثل البناء أو التصنيع. هناك طلب متزايد على عمال قطاع الرعاية، ولكنها في أغلب الأحيان أعمال منخفضة الأجر وخطيرة ولا تشتمل على أمان وظيفي. تم منح العديد من عمال الضيافة وتجارة التجزئة إجازة مفتوحة براتب جزئي أو تم تسريحهم من الخدمة.
تشكل النساء 51 في المئة من السكان. ومع بدء تعافي مناطقنا، نحتاج إلى ضمان أن القادة وصناع القرار الاقتصادي المحليين يضمون مجموعة كبيرة ومتنوعة من الخبرات من مجتمعات مختلفة، بما في ذلك النساء والمجموعات العرقية.
مثال من ليفربول
غالباً ما يكون النمو الاقتصادي المحلي مدفوعاً "باستراتيجية صناعية"، وهي خطة تضعها الحكومات لتعزيز صناعات معينة تعتقد أنها ستزيد الإنتاجية الاقتصادية والازدهار. وهناك ميل لدى الاستراتيجيات الحديثة إلى أخذ أشكال شبيهة بتلك التي تم إنتاجها في العقود السابقة. فعلى سبيل المثال، ما زال الاستثمار يركز على تصنيع السيارات والنقل والبناء والبحوث الصيدلانية.
قامت مجموعات نسائية في ليفربول بتوحيد صفوفها لمواجهة المشكلة بنفسها عقب انزعاجها من تقديم الدعم للصناعات نفسها مراراً وتكراراً. ففي مارس (آذار) من عام 2020، قدمت النساء بعض الأفكار الجديدة للنمو الاقتصادي للهيئة المشتركة لمنطقة مدينة ليفربول.
وفي تقرير يعرض وجهات نظرهن الجماعية، سلطت النساء الضوء على عدة مجالات للتنمية الاقتصادية الشاملة. تضمن ذلك بذل جهود مركزة لتمويل الأعمال التجارية التي تقودها النساء والاستثمار المالي في قطاع الرعاية. كما حث صناع القرار على الاعتراف بأن الشركات التي تدعم الأهداف الاجتماعية إلى جانب تحقيق ربح ستعود بنتائج أفضل على الاقتصاد والمجتمع المحليين.
قدمت نتائج التقرير إلى الاستجابة الفورية للهيئة المشتركة لمنطقة مدينة ليفربول لوباء كورونا في عام 2020. عملت هيئة المدينة مع المجتمع المحلي لإنشاء صندوق تمويل باسم "كيندريد" لدعم الأعمال التجارية الاجتماعية. بينما منحت الجولة التجريبة الثانية للصندوق الذي يحمل اسم "صندوق الابتكار المستقبلي لمنطقة مدينة ليفربول" لمجموعة أكثر تنوعاً من الشركات، بما في ذلك منظمات تقودها نساء.
يعد التنوع والجندرية ضرورين لتحقيق الإمكانات الاقتصادية في أي منطقة. يجب أن نرى النساء في مناصب قيادية كنماذج يحتذى بها، وأن نطور استراتيجيات متنوعة وشاملة. ويعد قطاعا الرعاية والضيافة من الصناعات الأساسية التي تضيف بشكل كبير إلى الإنتاجية الاقتصادية لأي منطقة. يجب أن يقدما أجوراً منصفة وظروف عمل لائقة للنساء اللاتي يعملن فيهما. ستبدأ هذه الخطوة في معالجة فجوة الأجور بين الجنسين والتأثير غير المتكافئ على النساء وأسرهن.
كما أن مهارات الأشخاص في الإبداع والابتكار والمرونة تدعم النمود الاقتصادي أيضاً. وقد رأينا هذا من خلال الشركات المحلية التي لديها مهمة مزدوجة متمثلة في قابليتها على الاستمرار مالياً وإفادة مجتمعها، أو ما يعرف بالشركات الاجتماعية. أثناء الإغلاق المرافق لوباء كورونا، بدا أن العديد من هذه الشركات المحلية كانت أكثر استجابة ومرونة من الشركات التقليدية.
بالإضافة إلى ذلك، يتيح السكن والمواصلات الآمنان فرصاً للمرأة لتختار مكان وتوقيت وكيفية عملها. الوصول الآمن إلى العمل هو الطريقة التي ستجعل الجميع يزدهر ويساهم في الاقتصاد، لذلك يتعين على العمدات ورؤساء المجالس المحلية ومفوضي الشرطة المقبلين التأكد من أن هذه القضايا ليست أجندات منفصلة، ولكنها في صميم استجابة مناطقهم.
هذه هي الفرصة لمشروع التعافي بعد وباء كورونا. لفترة طويلة جداً، كان النمو الاقتصادي المحلي يقاس بالعائدات المالية. وبإمكان إعادة البناء بعد أزمة الصحة العامة المدمرة هذه أن تمنح عمدات المناطق الحضرية فرصة لاستخدام طرق مختلفة لقياس النجاح. في المستقبل، يمكننا أن نقيس قيمة الصحة والرفاهية والاستدامة الذاتية.
هناك احتمال ضئيل في أن تتولى امرأة قيادة سلطة مشتركة بعد هذه الانتخابات، في حال فازت المرشحة العمالية تريسي بريين في ويست يوركشير، لكن حتى لو تغلبت على الصعاب، فإنها ستظل ضمن أقلية صغيرة. يتحمل عمدات المناطق الحضرية المسؤولية أمام الجمهور الذي يخدمونه ويجب أن يشملوا النساء والمجموعات العرقية في خططهم. سيؤدي هذا إلى التعافي الذي تعد إنجلترا في أمس الحاجة إليه والنمو المستقبلي للمناطق التي تم تفويض المسؤولية إليها في البلاد.
فيونا أرمسترونغ غيبس محاضرة مخضرمة في كلية ليفربول للأعمال التابعة لجامعة جون مورز في ليفربول. نشر هذا المقال لأول مرة في شبكة "ذا كونفرزيشن" [The Conversation] غير الربحية لنشر الدراسات والأبحاث الأكاديمية.