Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مأزق "فتح" و"حماس": لا دولة ولا ثورة

"تغيب التسوية عن برامج الأحزاب المتنافسة في الانتخابات الإسرائيلية وسط الانزياح الواسع نحو اليمين المتشدد"

لا شيء يوحي أن إدارة الرئيس جو بايدن تعطي أولوية لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي (أ ف ب)

ليس الخلاف على تأجيل الانتخابات الفلسطينية سوى تعبير عن صراع عبثي على سلطة ليست سلطة فعلية. ولا فرق، سواء كان سبب التأجيل في خطاب "فتح" هو القدس، وفي خطاب "حماس" هو خوف قيادة "فتح" من الخسارة. فالطرفان في مأزق. والانتخابات، مهما تكن نتائجها، تجدد شرعية "نظام سياسي مريض"، كما يقول حسين آغا وأحمد سميح الخالدي في مقال نشرته "فورين أفيرز" تحت عنوان: "حساب فلسطيني: وقت لبداية جديدة". وهما أستاذان في أكسفورد شاركا على مدى ثلاثة عقود في المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية. والانتخابات الإسرائيلية التي أُجريت أربع مرات في غضون عامين، والخامسة على الطريق، وأعطت النتائج ذاتها، هي تمارين في العبث للحفاظ على نتنياهو واليمين والاحتلال. فالكل في مأزق. الفلسطينيون في مأزق الخاسر في قضية عادلة. والإسرائيليون في مأزق الرابح في قضية ظالمة.

ولا شيء يوحي أن إدارة الرئيس جو بايدن تعطي أولوية لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي من الموقع الأميركي الكلاسيكي، بعدما عملت إدارة الرئيس دونالد ترمب عبر صهره جاريد كوشنر على الترويج لتسوية سيئة سُمّيت بـ"صفقة القرن". فالشرق الأوسط ليس بين ثلاث مناطق لها الأولوية على "أجندة" بايدن، وهي آسيا والمحيط الهندي والهادي، أوروبا، ونصف الكرة الغربي، كما نقلت "بوليتيكو" عن مستشار لبايدن. وكل ما جاء في وثيقة "التوجيه الاستراتيجي المؤقت" حول الشرق الأوسط هو: "سنترك القدر اللازم من القوة في الشرق الأوسط للقضاء على الشبكات الإرهابية وحماية المصالح الأميركية، وستكون مهتمة بأمن إسرائيل وستردع، مع دول المنطقة، تهديدات إيران لسيادة الدول الأخرى وسلامتها".

ذلك أن السلطة الفلسطينية التي أُقيمت بموجب اتفاق أوسلو 1993 أوصلت نفسها وشعبها إلى وضع حائر ومحيّر: لا دولة ولا ثورة. والانقسام بعمل عسكري بعد الانتخابات الأخيرة عام 2006، بين الضفة الغربية بقيادة "فتح" وقطاع غزة بقيادة "حماس" ليس العقبة الوحيدة أمام مفاوضات التسوية، ولا أمام العودة إلى "الكفاح المسلح". فالثورة، لا سيما "انتفاضة الحجارة"، قادت إلى أوسلو. والسلطة عجزت عن الوصول إلى الدولة التي هي حق طبيعي للفلسطينيين، وهم اليوم 13 مليوناً بين فلسطين والشتات. وكما في التجارب الطويلة مع الوساطة الأميركية، كذلك في تجربة الرباعية الدولية ودعوات السلطة الأخيرة الى مؤتمر دولي: لا اختراق. إسرائيل ترفض المؤتمرات الدولية، وتصرّ على وحدانية الدور الأميركي لأنها ضامنة لانحياز واشنطن لها وقادرة في حال التخفيف من الانحياز على ليّ ذراع الإدارة في الكونغرس. والسلطة، كما يقول حسين آغا وأحمد سميح الخالدي، "تراهن على الدور الأميركي، لكنها ترفض كل المقترحات الأميركية". لا بل إن الجانب الفلسطيني له تاريخ منذ وعد بلفور وحرب 1948 حتى اليوم في "رفض الاقتراحات ثم العودة إلى قبولها في ظروف أسوأ وثمن أكبر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


والواقع، بحسب آغا والخالدي أن الصراع العربي-الإسرائيلي الرسمي انتهى ومعه الحرب بين دولة ودولة، لكن صراع الفلسطينيين وإسرائيل باقٍ. فما كانت جبهة واحدة ضد إسرائيل "من المحيط إلى الخليج"، صارت "السلام من المحيط إلى الخليج". وهناك نظرتان حول هذا العامل الجديد. الأولى أن اتفاقات السلام العربية ستدفع الفلسطينيين إلى الحلول الوسط خوفاً من البقاء وحدهم. بينما الثانية، فتقول إن ثقل اتفاقات السلام يفتح الطريق لعملية سياسية.

لكن على الفلسطينين بحسب آغا والخالدي، إدراك "أن الرهان على القانون الدولي والمجتمع الدولي هو خداع". وعلى القيادة التفكير في ما قاد إلى الوضع الحالي وكيفية تغييره. ثم الانطلاق في "بداية جديدة". والمعادلة هي الحاجة إلى "مفهوم أمني واسع واستراتيجي بدل المفهوم الضيّق، ومفهوم استقلالي أضيق من مفهوم الدولة-الأمة والسيادة الكاملة في القرن التاسع عشر". وليس ذلك سهلاً. فالتسوية غائبة في برامج الأحزاب المتنافسة في الانتخابات الإسرائيلية، وسط الانزياح الواسع نحو اليمين المتشدد. ومعاودة المقاومة مجرد شعار. والحد الأقصى الذي تقدّمه إسرائيل أقل من الحد الأدنى الذي يقبله الواقعيون في الجانب الفلسطيني. والصين وروسيا، قبل أميركا، في صداقة وعلاقات تجارية ومصلحية مع إسرائيل حتى في ظل نتنياهو والليكود. والسؤال، مهما طال التملّص الإسرائيلي من الحق الفلسطيني، هو: إلى أين الهرب من 13 مليون فلسطيني، 7 ملايين منهم بين البحر المتوسط ونهر الأردن؟

المزيد من تحلیل