Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحراك يترقب و"صدقية الجيش الجزائري على المحك"

يبدو أن قيادة الأركان لجأت الى "قطع الأذرع وتأخير قطع رأس الأفعى"

الشرطة تمنع المتظاهرين من استكمال مسيرتهم بمناسبة يوم العمال في الجزائر العاصمة (رويترز)

بعد أن كان الحراك الشعبي سيد الموقف، غلبت أخبار التحقيقات والمحاكم وتطوراتها على الوضع القائم في البلاد، وباتت تتصدر عناوين الصحف ونشرات الأخبار. وبطبيعة الحال، لا يغيب الشعب الجزائري عن متابعة كل جديد يتعلق بالفساد والمفسدين، ويصرّ على ضرورة محاكمة كل من الجنرال محمد مدين، وسعيد شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، تعبيراً عن حسن نية قائد الأركان، وغير ذلك تبقى مبادرة الجيش مجرد تصفية حسابات، ومحاولة لتوجيه الحراك عن أهدافه.

 

ملاحقة توفيق وسعيد

يترقب الحراك الشعبي في الجزائر بدء ملاحقة رئيس الاستخبارات السابق الجنرال محمد مدين، المدعو توفيق، وشقيق الرئيس المستقيل سعيد بوتفليقة، باعتبارهما رأسي العصابة، خصوصاً في ظل توعد قائد الأركان وتحذيراته، وتوسع دائرة المتابعات والملاحقات القضائية ضد رجال أعمال من الصف الأول وشخصيات سياسية وأمنية رفيعة. وعلى الرغم من تطمينات قايد صالح، بأن العدالة تعمل بحرية في معالجة ملفات الفساد، غير أن الشارع يرى أن ما يحدث يندرج في إطار تصفية حسابات، خصوصاً أن الشخصيات السياسية والأمنية والمالية المُلاحَقة، جميعها محسوبة على سعيد بوتفليقة ومحمد مدين.

وفي السياق نفسه، علّق حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، على حملة التوقيفات والمتابعات القضائية بحق عدد من رجال الأعمال والمسؤولين السياسيين بالقول "أردناها مرحلة انتقالية بعدالة انتقالية، جعلوها مرحلة تضليلية بعدالة انتقامية". وتمسك رئيسه محسن بلعباس، بضرورة أن تطاول التحقيقات الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، ورئيس جهاز الاستخبارات السابق الجنرال المتقاعد محمد مدين.

 

تشكيك في النوايا

ورجح المحلل السياسي والخبير في القانون الدولي إسماعيل خلف الله، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن يُجر كل من رئيس جهاز الاستخبارات السابق الجنرال توفيق، وشقيق الرئيس سعيد بوتفليقة، الى المحاكمة، في الأيام القليلة المقبلة، مضيفاً "بالنظر الى الانتقادات التي وجهت لقيادة الأركان والتشكيك في صدق محاربة الفساد، فإن تحريك دعاوى ضد رأسي العصابة بات وشيكاً"، معتقداً أن تكون قيادة الأركان قد لجأت الى "قطع الأذرع وتأخير قطع رأس الأفعى".

وفي الوقت الذي يتوعد قايد صالح، "رفيقه" السابق، الجنرال توفيق، بإجراءات صارمة في حال استمر بالتحرك "ضد تيار قائد الأركان"، توسعت دائرة الهجوم على الجنرال توفيق لتشمل أيضاً القضاة، الذين شنوا هجوماً حاداً عليه، مطالبين بمحاكمته وأتباعه من كبار المسؤولين السابقين والحاليين، باعتبارهم في نظر القانون، مواطنين عاديين، لا يتمتعون بأي امتياز.

بدوره فجر وزير الدفاع خالد نزار مفاجأة من العيار الثقيل وكشف خلال العشرية السوداء أن "سعيد بوتفليقة استشاره بمسألة إقالة قائد أركان الجيش قايد صالح، وإعلان حالة الطوارئ لمواجهة الحراك الشعبي، المطالب برحيل الرئيس ورموز النظام"، مؤكداً أن "سعيد كان يحكم الجزائر من خلف ستار، واستقالة شقيقه الرئيس وضعته تحت مقصلة المحاسبة"، وكان يخشى أن يعتقله الجيش عقب استقالة شقيقه عبد العزيز بوتفليقة. ولفت نزار إلى أن "سعيد بوتفليقة كوّن شبكة واسعة ومعقدة من العلاقات مُتهمة بالفساد"، وقال "تحدثت مع سعيد بوتفليقة مرتين خلال فترة الحراك بطلب من الأخير، لاستشارته بشأن طريقة التعامل مع الأزمة".

استعادة فترة التسعينات

الضابط السابق في الجيش الجزائري أنور مالك، المقيم في فرنسا، استبعد في حديث لـ"اندبندنت عربية"، فكرة جر سعيد وتوفيق للمحاكمة، وقال "لا أعتقد ذلك، لأن جر توفيق سيفتح أبواباً أخرى لها علاقة بمرحلة التسعينات، ولا أظن أن الجيش يريد فتحها حالياً، أما سعيد، فهو ضمن إطار اتفاق أبرم قبل استقالة شقيقه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة"، وتابع "هناك توازنات كبرى داخلية وخارجية تقتضي التريث، ومعالجة الأمور بحكمة وحنكة، والجيش يمتلك معطيات لا يملكها المحللون ولا الذين يحرضون على رفع سقف مطالب الحراك الشعبي".

واعتبر مالك أن "المحاسبة تكون بالتدرج والمرحلية، فالشارع يغلي وينذر بالأسوأ، ويخضع لمؤثرات لا يمكن التحكم بها، خصوصاً أن اللاعب الأساس هي شبكات التواصل"، وتابع "الأولوية تتمثل في انتخاب رئيس ضمن الأطر الدستورية كضمانة لعدم الانفلات، مهما كانت عيوب الدستور"، وخلص إلى أن "اعتقال توفيق وسعيد، قد يأتي في مرحلة أخرى تكون البلاد مستقرة والمؤسسات قائمة، أما حالياً فأستبعد ذلك، ويبقى كل شيء ممكناً، فالسياسة الجزائرية قد تحمل مفاجآت قد لا يتوقعها أحد".

 

"وشاية" لإرباك الجيش

تصريحات الجنرال خالد نزار، وصفت بـ "الوشاية"، لأنها جاءت في الوقت بدل الضائع، وهي تصريحات تهدف إلى بعثرة الأوراق، وإرباك مجهود المؤسسة العسكرية، علماً أن تصريحاته لم تأت بجديد، وما تم ذكره يعرفه الشعب الجزائري منذ إصابة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بجلطة دماغية وتدهور وضعه الصحي.

ويقول المحلل السياسي رابح لونيسي، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، "على الرغم من محاولات توريط سعيد بوتفليقة، بعد شهادة خالد نزار، لا أعتقد أنه سيُجر للمحاكمة"، موضحاً أن "سعيد وكل أسرة بوتفليقة، يبدو أنها تلقت ضمانات بعدم المساس بها، ضمانات كان يبحث عنها الرئيس بوتفليقة حتى قبل العهدة الرابعة"، وتابع قائلاً "أستبعد ملاحقة توفيق، لأن الأمر يندرج في إطار صراع العصابات، وكل عصابة تملك ملفات على العصابة الأخرى"، مشيراً إلى أنه "يمكن إضعاف توفيق، بضرب بعض أذرعه في حدود معقولة". وخلص إلى أن الأمور مرتبطة بتطورات أخرى، إذ يمكن أن يزداد الضغط الشعبي، فيضطر قايد صالح، إلى جرهما إلى المحاكمة لامتصاص غضب الشارع.

المزيد من العالم العربي