Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف عززت الجائحة شعبية بوريس جونسون؟

رغم سلسلة من الأخطاء الكبرى أثناء الجائحة العالمية وترؤس أعلى حصيلة للضحايا في أوروبا، استيقظ بوريس جونسون على أنباء صباح الجمعة مفادها أن حزبه، حزب المحافظين، فاز بمقعد هارتليبول للمرة الأولى منذ 62 سنة. لماذا؟

يبدو من قبيل الذوق السيئ أن نتصور فكرة كهذه، نظراً إلى الخسائر الفادحة في الأرواح، بما في ذلك تقريباً حياته، لكن يبدو أن جائحة كوفيد– من الناحية السياسية البحتة– خدمت بوريس جونسون على خير ما يرام. وفي حين ألا شك في أن الاتجاهات الأبعد أجلاً، السابقة لكوفيد-19 بفترة طويلة، بما في ذلك التبعات المستمرة لـ"بريكست"، ساعدت المحافظين في الجولة الأخيرة من الانتخابات، ما زال صحيحاً أن أزمة كوفيد كانت عاملاً خاصاً، وعاملاً ملؤه الحظ لرئيس الوزراء.

لنتخيل، مثلاً، لو أن العديد من الانتخابات المؤجلة من العام الماضي أُجرِيت على نحو ما آنذاك، أو في الواقع بعد قضية (كبير المستشارين السابق لجونسون) دومينيك كامينغز. عند تلك المرحلة، بدت الحكومة غير مقتدرة، ومنافقة، وأسوأ من ذلك، وبدأ (زعيم حزب العمال) كير ستارمر يتقدم بثبات على رئيس الوزراء في استطلاعات الرأي. ففي بعض المناطق على الأقل، كان التصويت الاحتجاجي الفوري ليشكل لفتة لحجب الثقة عن الحكومة. لكن الآن، يستطيع جونسون أن يستغل في شكل كامل طرح اللقاحات، وتخفيف الإغلاق، والشعور بأن الأمور على ما يرام في شكل عام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثانياً، سمحت له الأزمة باستبعاد هجمات حزب العمال على "الفساد" وحملة الحزب القومي الاسكتلندي للاستفتاء على الاستقلال مرة أخرى باعتبارها تافهة أو غير ذات صلة بالمهمة الكبرى المتمثلة في التعامل مع كوفيد وإعادة الحياة إلى طبيعتها. ومرة أخرى، هذه ليست الحجة التي كان من الممكن أن يسوقها المحافظون بقدر كبير من الثقة في العام الماضي، عندما بدا وكأن زمام الأمور يفلت من أيديهم.

ثالثاً، ساعدت الاستجابة الجذرية حقاً لوزارة المالية في مقابل الأزمة الاقتصادية في إقناع الناس بأن الحكومة كانت مهتمة بحماية "العائلات التي تعمل بجد"، كما يُقال، من أسوأ الآثار المترتبة على الركود، من خلال برامج مثل برنامج الإجازات المدفوعة. وبطبيعة الحال، قد ينقلب هذا في الوقت المناسب، وقد تبدو اللغة الخطابية في شأن "المساواة" و"إعادة البناء في شكل أفضل" فارغة إذا تراجع الاقتصاد والعمالة في الأشهر المقبلة، لكن في الوقت الحالي، كما هي الحال مع كوفيد ذاته، بدا العديد من الناخبين ميالين إلى اعتبار الحكومة حسنة النية وقبول أنها كانت ولا تزال تحاول بذل قصارى جهدها. والواقع قد تكون ثمة حقيقة غير مريحة في القول الساخر لجونسون بأن المملكة المتحدة لو بقيت في الاتحاد الأوروبي وفي وكالة العقاقير الأوروبية، على نحو واسع كما تمنى العديد من المؤيدين في حزب العمال للبقاء، ما كان برنامج التلقيح ليحقق نجاحاً كالذي حققه. لقد سعى جونسون إلى إظهار المعارضة البناءة لحزب العمال بمظهر الشكوى المزعجة المثيرة للشفقة لـ(الشخصية الكرتونية) "قبطان إدراك متأخر" وأصدقائه الرافضين أن يدعموا جهود الحكومة لإنزال الهزيمة بالفيروس. ويبدو أن أعلى حصيلة للضحايا في أوروبا، والأخطاء المأساوية في الحكم، والحديث القاسي عن "تكدس الجثث"، كل هذا كان في طي النسيان في خضم الاندفاع إلى حجز الطاولات في المطاعم وتمضية عطل في الخارج.

وعند هذه النقطة، وعلى النقيض من كل التوقعات، أثبت كوفيد أنه مكافأة سياسية صافية لجونسون، وعزز من قدرته على قيادة حزبه وبلده؛ وحزب العمال هو الذي يطرح على نفسه بعض الأسئلة الصعبة. لكن ما زال الوقت مبكراً لانتخابات البرلمان، وكما أظهرت أزمة كوفيد، من الممكن أن تلقي "الأحداث" بظلال من الشك على الافتراضات الأكثر ثقة. كذلك أظهرت السنوات القليلة الماضية إلى أي مدى قد تكون السياسة متقلبة، وإلى أي مدى يمكن تكوين الولاءات والتخلي عنها بسرعة. ليس هذا بكثير ليتشبث به حزب العمال، بل هو شيء يخفف من شعوره باليأس.

© The Independent

المزيد من تحلیل