Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا سيرة للحب في دراما رمضان 2021

حالة الصراخ والأكشن والانتقام تسيطر على مسلسلات الموسم

أحمد السقا في دور عساف الغريب بمسلسل "نسل الأغراب"  (الصفحة الرسمية للفنان على فيسبوك)

تظهر الممثلة اللبنانية نادين نسيب نجيم "منهنهة" تماماً في قصة حبها التي لم تكن على البال مع تاجر الممنوعات صافي الديب "قصي خولي"، و"منهنهة" هو اللفظ الذي يتكرر على لسان الشخصية "سما-حياة" للدلالة على المبالغة، فالنقيب في قوى الأمن التي جاءت لتنتقم من قتلة أخيها تجد نفسها ضحية الحب والغيرة والحيرة، رغم الخلفية القاتمة للحكاية، ولكن يبقى مسلسل "عشرين عشرين" من الأعمال الرمضانية القليلة التي تحافظ على تقليد "سيرة الحب" ضمن سباق ممتد عبر الشاشات ينتصر لفكرة الكراهية والمؤامرات والخيانات وخطط القتل والإيقاع بالشريك.

انتقام بلا غرام

قبل سنوات قليلة كانت السخرية على أشدها من السياق الدرامي التقليدي لمسلسلات الموسم الرمضاني، حيث كانت كثير منها نسخاً متشابهة تدور في فلك قصة حب تقليدية بين رجل وامرأة ولا تحاول الدخول في آفاق مختلفة، إلا قليلاً، وشيئاً فشئياً بدأ الصناع يقدمون أعمالاً بها خط رومانسي، يحمل في طيات حبكاته مفاجآت في الأبعاد والقضايا، ومؤخرا، أصبحوا يبتعدون عن هذا النمط ويدخلون عالم الأكشن والدراما الاجتماعية الصرفة التي تأتي فيها الرومانسية على الهامش.

الأمر في موسم دراما رمضان 2021 وصل إلى أن اختفت تقريباً الحكايات الرومانسية من الأعمال البارزة التي تلقى رواجاً، وكأن قصص الحب باتت تهمة أو الاهتمام بها يقلل من عمق أو مستوى الأعمال، حيث تغرق العلاقات العاطفية في مسلسلات هذا الموسم في أجواء سوداء أغلب الوقت، وتكون مرفقة دوماً بالخيانة وبالرغبة في تدمير الطرف الآخر، حيث تحضر بقوة فكرة "تمثيل الحب" وليس الحب نفسه.

الأمر يبدو وكأنه قصة غرام وانتقام مطولة، وأحياناً يكون الانتقام فقط دون غرام، وهو أمر يظهر بمسلسل "حرب أهلية" بين يسرا وباسل خياط وأروى جودة، حيث الغل يحرك الأحداث، حتى قصص الحب الهامشية لباقي الأدوار تنتهي كذلك نهاية مأساوية. الأمر لا يختلف كثيراً في مسلسل "ضد الكسر" لنيللي كريم ومحمد فراج، فيما الوضع يصل إلى حد استئجار شخص ليقتل الزوجة في مسلسل "اللي مالوش كبير" لخالد الصاوي وياسمين عبد العزيز وأحمد العوضي، قبل أن تنفصل البطلة عن الزوج وتعيش قصة حب جديدة مشاهدها قصيرة، حيث يفسح صناع العمل المجال للأحداث الساخنة والمطاردات، فيما المسلسل الأكثر جدلاً في هذا الموسم فقد بدأ بقصة هادئة قبل أن يكتشف الجمهور أن حكاية الحب بين هنا وحازم "منى زكي ومحمد ممدوح" في "لعبة نيوتن" هي حدوتة زائفة، وأنه لا مجال للرومانسية في هذا العمل الذي يمتلئ بقضايا التشدد الديني وتجارة الممنوعات وأحلام الهجرة إلى أميركا والطلاق الشفهي أيضاً، بينما العلاقات التي تبدو عاطفية من الخارج قائمة على المصلحة والمنفعة، والمحافظة على الشكل الاجتماعي.

جفاف عاطفي في موسم درامي صاخب

 أيضاً يبدو النزاع على حب جليلة "مي عمر" في مسلسل "نسل الأغراب" لأحمد السقا وأمير كرارة وكأنها قصة حقد وكراهية في الأساس، حيث المنافسة الشرسة تتخذ أكثر من مستوى. وبين حين وآخر تحضر العلاقة بين جليلة والبطلين، فيما اللمحات الرومانسية بين أمينة خليل ومحمد ممدوح في "خلي بالك من زيزي" قليلة للغاية أيضاً، بينما الصراخ يسيطر طوال الوقت بسبب حالة البطلة العصبية التي يناقشها العمل الذي استقبله الجمهور والنقاد باهتمام كذلك نظراً لتفرده، أيضاً الهامش الرومانسي بين محمد رمضان وتارا عماد "تُتوفى خلال الأحداث" كان مجرد نثرات لحساب قصة البطل الذي ينتقم من ظالميه في مسلسل "موسى"، وتكاد تأتي سطحية تماماً في مسلسل "نجيب زاهي زركش" ليحيى الفخراني. ورغم كلاسيكية مسلسل "قصر النيل" لكنه ابتعد عن الشكل المعتاد في تناول أحداث القتل الغامضة، ولا يتم التركيز كثيراً على الحالة الرومانسية للعلاقات به.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك سيطرت حالة من الجفاف العاطفي على أغلب الموسم وانتصر صناع المسلسلات للغلظة والقسوة وعالم الإجرام والأجواء المشحونة بالقلق والتربص، وهو ما يظهر في مسلسلات مثل "ملوك الجدعنة"، و"النمر"، و"الطاووس"، و"ضل راجل"، و"كوفيد 25"، حيث تبدو اللحظات العاطفية بها شحيحة، بل إن اللفتات الرومانسية الطريفة كانت تأتي من مسلسلين يناقشان قضايا سياسية في المقام الأول هما "الاختيار2" بين أحمد مكي وأسماء أبو اليزيد، و"هجمة مرتدة" لأحمد عز وهند صبري، كذلك ركز "أمينة حاف" لإلهام الفضالة، أبرز المسلسلات الكويتية هذا الموسم،على قضية تعدد الزوجات بالأساس وخطط كيد النساء، وابتعد عن التيمة الرومانسية، وأيضاً يسيطر الصراع على قصة مسلسل "للموت" لدانييلا رحمة وماغي بوغصن.

العضلات تنتصر

أغلب الأعمال المعروضة خلال موسم رمضان 2021 خاصمت الحبكة المعتادة بشكل يبدو مبالغاً فيه، وكأن هناك اتفاقاً ضمنياً للبعد عن أي قصة حب حقيقية بلا ميول انتقامية أو عقد نفسية، كما تميز هذا الموسم أيضاً بتراجع موجة المسلسلات الكوميدية بشكل كبير، التي باتت تعد على أصابع اليد الواحدة، بعدما كانت تسيطر في مواسم سابقة، وفيما يتعلق بظاهرة اختفاء قصص الحب الرومانسية التي كانت سمة أساسية فيما قبل على أعمال عرضت على مدار مواسم رمضانية سابقة وبينها "ونحب تاني ليه"، و"حلاوة الدنيا"، و"ليالي أوجيني"،و"طريقي"، التي ناقشت قضايا اجتماعية بارزة، ولكن الخط الرومانسي كان حاضراً وبقوة.

يقول الناقد الفني إيهاب التركي، "إن غياب الرومانسية عن الدراما ظاهرة غريبة، وذلك فيما يتعلق بالدراما المصرية بالذات، خصوصاًأن لديها رصيداً كبيراً في الأعمال الاجتماعية التي صورت قصص الثنائيات العاطفية"، لافتاً إلى "أن موسم دراما رمضان 2021 يتميز بسيادة دراما الصراخ والصوت العالي، وهو ما يزيد من صعوبة فرص الدراما الرومانسية التي توارت في خلفية الأحداث"، مشيراً إلى أن "ما حدث انعكاس لاهتمام الدراما بالأكشن خلال السنوات الأخيرة، واهتمام الممثل بعضلاته أكثر من الأداء والتعبير".

وتابع التركي في تعليقه على قصص أعمال هذا الموسم، "محاولة المزج بين العنف والدراما الاجتماعية نتج عنه أعمال مثل (ملوك الجدعنة)، وهي دراما شعبية صارخة بالمعنى الحرفي وتجمع بين مصطفى شعبان وعمرو سعد كثنائي من فتوات العصر الحديث، ونفس الشيء حدث في (نسل الأغراب) الذي جمع بين أمير كرارة وأحمد السقا، في منافسة على العنف والصراخ ولكن في إطار دراما صعيدية، وهناك نماذج أخرى تقدم الجريمة والخلافات العائلية، وتأتي قصص الحب ضيف شرف ودون تميز"، وشدد أيضاً على وجود بعض الأعمال التي صورت لمحات رومانسية مثل علاقة محمد ممدوح وأمينة خليل في "خلي بالك من زيزي"، ولكن الخط الرومانسي لم يكن أساس العمل نفسه".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة