Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قواعد أوروبية صارمة تقيد إعانات الحكومات الأجنبية لشركاتها

ستساعد تشريعات الاتحاد الجديدة في معالجة مخاوف المنافسة الصينية غير العادلة في العالم

تمنح القواعد سلطات مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي صلاحيات لمنع الشركات الأجنبية من الاستحواذ (رويترز)

كشف الاتحاد الأوروبي، الأربعاء، عن مسودة قواعد تهدف إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد الشركات الأجنبية في أوروبا المدعومة من حكوماتها. وهي خطوة قد تسمح للمنظمين بملاحقة الشركات الصينية الكبيرة بالطريقة نفسها التي استهدفت بها الشركات الأميركية متعددة الجنسية مثل "أبل" و"أمازون دوت كوم أنك". التشريع المرتقب هو أحدث علامة على تحول أوروبا في موقفها تجاه الصين، الشريك التجاري الأكبر للكتلة في مجال السلع والسوق المهمة لمصدريها. في حين أنه من غير المتوقع أن تحدد القواعد الجديدة الصين بالاسم، لكن المحللين قالوا إن الشركات الصينية الكبيرة ستكون هدفاً أساسياً لهذه التشريعات.

وتمنح القواعد سلطات مكافحة الاحتكار في الاتحاد صلاحيات جديدة لمنع الشركات الأجنبية من القيام بعمليات استحواذ في أوروبا أو تلقي عقود عامة إذا ما اعتُبر أنها استفادت من الإعانات الحكومية، وستواجه الشركات غرامات صارمة إذا لم تمتثل لمطالب الاتحاد الأوروبي.

وقالت نائبة الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، مارغريت فيستيجر، كبيرة منفذي المنافسة في الكتلة، خلال قمة مجلس الرؤساء التنفيذيين لصحيفة "وول ستريت جورنال"، الثلاثاء، "إنها أداة تدخلية للغاية، ويجب أن يكون لها تأثير رادع".

وستساعد اللوائح الجديدة في معالجة المخاوف الأوروبية المتزايدة من الشركات الصينية، المدعومة من الدولة الصينية، والتي تتنافس بشكل غير عادل في جميع أنحاء العالم، وتقدم عطاءات متدنية في المناقصات العامة وتقدم علاوات لا تقبل المنافسة لعمليات الاستحواذ.

الصين لا تلعب وفقاً لقواعد "التجارة العالمية"

وقال أولريش أكرمان، العضو المنتدب للتجارة الخارجية في الاتحاد الألماني للصناعات الميكانيكية، وهي هيئة تجارية لقطاع يعمل فيه نحو 1.4 مليون شخص، "المشكلة هي أن الصين لا تلعب وفقاً لقواعد منظمة التجارة العالمية". وأضاف "إنهم يستخدمون جميع المزايا ولكنهم لا يريدون العيوب".

ولم يرد المسؤولون في وزارتي المالية والتجارة الصينية على الفور على طلبات التعليق للصحيفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أكرمان أن الإعانات في الصين غالباً ما تكون عميقة. فقد تحصل الشركات الصينية على الأرض مجاناً من الحكومات المحلية، وقد تحصل على كهرباء ومياه رخيصة الثمن، وعلى مبان وآلات مصانع مدعومة. وقال "في النهاية، تصل إلى سعر لا يستطيع الأوروبيون منافسته". واعتبر أنه من المفترض أن تخطر الحكومات منظمة التجارة العالمية بأي دعم للسلع، لكن الصين لا تفعل ذلك في كثير من الأحيان.

وقالت فيستاجر "لقد رأينا أمثلة على عمليات الاستحواذ [ولدينا] شكوك قوية في إجراءات المناقصات العملاقة، حيث الشركات التي يتعين عليها الوقوف على قدميها وتقديم دراسة الجدوى... تتعرض لتقويض الأعمال التي تحصل على إعانات من الحكومات الأجنبية، من دون تحديد الحكومات".

وكانت العلاقات السياسية بين أوروبا والصين قد شهدت توتراً ملحوظاً في الأشهر الماضية، على الرغم من صفقة استثمارية كاسحة اتفقا عليها بشكل فضفاض في ديسمبر (كانون الأول). في حين أن العديد من المصنعين الأوروبيين يعتمدون بشكل كبير على شهية الصين للسيارات والمنتجات الفاخرة وسلع أخرى، فإنهم قلقون بشكل متزايد لرؤية الصين تأخذ حصة في السوق في مجالات مثل التصنيع والهندسة المتقدمة. وكان الاتحاد الأوروبي قد انضم إلى الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة في فرض عقوبات على المسؤولين الصينيين في مارس (آذار) بسبب قمع الإيغور المسلمين.

أوروبا لا تريد الانفصال عن الصين

في الوقت نفسه، أكدت جائحة كوفيد-19 أهمية التدخل الحكومي والسيطرة على القطاعات الصناعية الحساسة. وعلى عكس الولايات المتحدة، لا يسعى الاتحاد الأوروبي إلى فصل أجزاء من اقتصاده عن اقتصاد الصين. وبدلاً من ذلك، يراهن على قدرته على الضغط على الصين للعب وفقاً للقواعد الدولية، بينما تسعى إلى توثيق العلاقات الاقتصادية.

وقال نوح باركين، المحلل في مجموعة "روديوم" في برلين، "يتمسك الاتحاد الأوروبي بالاعتقاد بأن الصين يمكن أن تتغير وستتغير لأن البديل مخيف للغاية". وأضاف "سيعني ذلك بشكل أساسي أن العلاقة الاقتصادية الوثيقة التي بنتها أوروبا مع الصين ضعيفة للغاية".

ويشهد الاقتصاد الأوروبي نمواً بطيئاً من ركود جائحة كورونا، بعد ما عاد إلى الركود في وقت مبكر من هذا العام، وحتى مع تقدم الاقتصادين الصيني والأميركي فإن في بلدان مثل ألمانيا تعتمد الشركات بشكل أكبر على النمو في الصين وتضاعف من المشاركة.

ولم يكن ممكناً التفكير في نهج أوروبا الصارم تجاه الصين حتى وقت قريب جداً، إذ قال فرانسوا شيميتس، المحلل في شركة "ميريكس"، القواعد تعكس تحولاً سياسياً في الاتحاد الأوروبي بعيداً عن الليبرالية الاقتصادية ونحو الحمائية، مدفوعاً جزئياً بخروج بريطانيا من الكتلة.

عقبات تواجه التشريع الأوروبي

ويواجه التشريع الجديد عقبات كبيرة، خصوصاً أنه ينبغي إعداد نص حل وسط بين المفوضية الأوروبية- الذراع التنفيذية للكتلة- وحكومات الاتحاد الأوروبي الوطنية والبرلمان الأوروبي، وهي عملية يمكن أن تستغرق سنوات عدة.

وقال محللون، إنه في حين أن المقترحات تحظى بدعم أكبر اقتصادين في الكتلة، وهما فرنسا وألمانيا، فقد تكون بعض الحكومات حذرة من الانجرار إلى معركة بين أوروبا والصين. ومن المرجح أن يشتكي أعضاء جماعات الضغط من أن القواعد تضيف التعقيد والروتين إلى منطقة تواجه فيها الشركات درجة عالية من البيروقراطية.

وقال أكرمان، إن لوبي الصناعة الهندسية في ألمانيا يدعم حملة صارمة على الإعانات الأجنبية في أوروبا، لكنه يفضل أداة أبسط من تلك التي اقترحها الاتحاد الأوروبي. وبمجرد اعتمادها، من غير الواضح مدى تطبيق القواعد. وقال محللون إن المنظمين قد يهدفون إلى دفع الصين إلى إجراء تغييرات من شأنها أن تجعل التنفيذ الصارم غير ضروري.

استهداف الشركات الأميركية العملاقة

"الأمر لا يتعلق بإغلاق جميع الشركات الصينية التي تعمل في أوروبا. وقال باركين "الأمر يتعلق بالإدلاء ببيان وإرسال إشارة إلى الصين". وفي الوقت الذي يتزايد فيه النفوذ العالمي للصين، لا تتضاءل استثماراتها في أوروبا مقارنة بالأميركيين الذين يمتلكون استثمارات مباشرة تبلغ قيمتها نحو تريليوني يورو (2.4 تريليون دولار أميركي)، في الاتحاد الأوروبي، أي قرابة ثمانية أضعاف المستثمرين الصينيين، وفقاً لوكالة الإحصاء في الاتحاد الأوروبي.

ولم تتردد فيستاجر في استهداف أكبر الشركات متعددة الجنسية في الولايات المتحدة، وطالبت بغرامات بمليارات الدولارات وضرائب متأخرة عن انتهاكات مكافحة الاحتكار المزعومة التي أثارت انتقادات من السياسيين الأميركيين. وخلال الأسبوع الماضي، اتهمت فيستاجر شركة "أبل" بارتكاب انتهاكات لمكافحة الاحتكار بزعم إساءة استخدام سيطرتها على توزيع تطبيقات بث الموسيقى. ودافعت "أبل" عن ممارستها المتمثلة في اقتطاع بعض المبيعات من خلال متجر التطبيقات، وقالت إنها تريد أن تزدهر التطبيقات المنافسة.

وفي عام 2016، أمرت اللجنة "أبل" بسداد 13 مليار يورو (15.6 مليار دولار أميركي)، لكن "أبل" فازت باستئناف قضائي ضد هذا الأمر الصيف الماضي. واستأنفت اللجنة أمام أعلى محكمة في الكتلة.