Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيارة ماكرون إلى بيروت بشرطين... الكهرباء والموازنة

باريس حريصة على استقرار لبنان وسط الكباش الأميركي - الإيراني في المنطقة

ماكرون مصافحاً الحريري خلال فعاليات مؤتمر "سيدر" في باريس في 6 أبريل (نيسان) 2018 (رويترز)

ليست المرة الأولى التي يُعلن فيها عن زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان، ولن تكون الأخيرة، على الرغم من إلغائها مرتين لأسباب مختلفة، إحداهما كان التأخير في تشكيل الحكومة اللبنانية.

النية قائمة

وتتردد اليوم في أروقة السياسة اللبنانية معلومات عن أن نية الرئيس الفرنسي بزيارة بيروت ﻻ تزال قائمة، من دون تحديد موعد لها، علماً أن الكلام عن زيارة بهذا الحجم يعني أن حدثاً كبيراً سيتخللها، إلا أن ذلك الأمر غير منظور حالياً، في المدى القريب على الأقل، لكن مصادر دبلوماسية أكدت لـ "اندبندنت عربية" أنه قد يُستعاض عن زيارة ماكرون بزيارة وزير الخارجية الفرنسي إيف لو دريان، التي لن تحصل هي الأخرى قبل إنجاز مسألتين أساسيتين لهما علاقة بمؤتمر "سيدر" الدولي الذي عقد في 6 أبريل (نيسان) 2018 في العاصمة الفرنسية باريس لمحاولة النهوض بلبنان اقتصادياً. المسألة الأولى تحققت وهي خطة إطلاح قطاع الكهرباء، الذي يكلّف الهدر فيه، خزينة الدولة مليارات الدولارات سنوياً، والثانية في طريقها إلى الانتهاء وهي موازنة الحكومة للعام 2019.

"ليست مثالية لكن مقبولة"

وإذا كانت فرنسا تعتبر أن خطة الكهرباء كما أُقرت ليست مثالية لكن مقبولة، فإنها تترقب ما ستتضمنه الموازنة من خطوات إصلاحية جدية وحاسمة، يمكن البناء عليها لإطلاق صفارة بدء العمل بمقررات مؤتمر "سيدر" وإقناع الدول المانحة بتسديد ما تعهدت به من أموال لتنفيذ مشاريع البنى التحتية من طرقات ومدارس وغيرها في لبنان. زيارة لو دريان إلى لبنان والتي قد تكون تحضيرية لزيارة ماكرون أو بديلة منها، لن تحصل إذاً قبل إقرار الموازنة. وبدأت الحكومة دراسة مشروع الموازنة على أن ترسله قريباً إلى مجلس النواب حيث يُتوقع إقرارها، أواخر مايو (أيار) كما طالب رئيس مجلس النواب نبيه بري وتعهد رئيس الحكومة سعد الحريري.

"وسط الكباش"

وستحفل زيارة لودريان في حال حدثت، بجدول أعمال سياسي مكثف، يستند إلى حرص باريس على استقرار لبنان وسط الكباش الأميركي - الإيراني الحاصل، وهي التي كانت وﻻ تزال، تشجع على التفاوض مع طهران وتميّز بين جناحَي حزب الله العسكري والسياسي. كما ستتخلل الزيارة المحتملة لوزير الخارجية الفرنسي أيضاً، اهتمامات اقتصادية تتعلق باقتراب موعد بدء شركة "توتال" الفرنسية المراحل الأولى من التنقيب عن النفط في المياه الإقليمية اللبنانية. وفي هذا الإطار، ﻻ تستبعد المصادر الدبلوماسية دخول لودريان على خط الوساطة في شأن الحدود البحرية مع إسرائيل، تمهيداً لتحرير المنطقة البحرية المتنازع عليها وبدء عمليات التنقيب عن النفط جنوباً أيضاً.

قضية كارلوس غصن

ولم تستبعد مصادر مطلعة أن يطرح الجانب اللبناني خلال استقباله لودريان، قضية رجل أعمال اللبناني الأصل كارلوس غصن الموقوف في طوكيو، علماً أن فرنسا تحرص على عدم التدخل في شأن قضائي في دولة مستقلة كاليابان، لكنها حريصة أيضاً على قرينة البراءة، أي أن كل إنسان بريء حتى إثبات العكس.

"الأم الحنون"

زيارة وزير الخارجية الفرنسي في حال حصولها، لن تكون الأولى لمسؤول فرنسي إلى لبنان، فالزيارات من هذا النوع لم تشكل يوماً مفاجأة، نظراً إلى تاريخ العلاقات اللبنانية - الفرنسية وقدمها، فبين لبنان وفرنسا "الأم الحنون" (كما تُلقّب في لبنان) علاقة عمرها من عمر الانتداب الفرنسي على بلاد الشام. وبدأت علاقة "بلد الأرز" مع فرنسا في صبيحة الأول من سبتمبر (أيلول) عام 1920 عندما أعلن الجنرال الفرنسي هنري غورو قيام دولة لبنان الكبير. ومنذ ذلك الوقت وتُعتبَر فرنسا "الأم الحنون" للبنان. كما رافق عهد الرئيس اللبناني الراحل فؤاد شهاب، الذي يعتبره اللبنانيون عهد قيام المؤسسات الرسمية، مستشارون فرنسيون كثر. وفي عهد رئيس الحكومة اللبناني الراحل رفيق الحريري، استضافت فرنسا مؤتمرات "باريس 1" ثم "باريس 2" و"باريس 3" لدعم اقتصاد لبنان. وأسهمت فرنسا بتشكيل لجنة رباعية مع إسرائيل والأمم المتحدة إثر العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 1996، وخاض وزير الخارجية الفرنسي حينها إيرفيه دوشاريت حركة مفاوضات دبلوماسية نشطة أفضت إلى وقف الحرب. كذلك يُذكر أن فرنسا قدمت إلى مجلس الأمن القرار رقم 425 الذي أُقر في العام 1978 وتشكلت بموجبه القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، وتقف أيضاً خلف إقرار القرار رقم 1701 الذي تم التوصل إليه بعد حرب إسرائيل على لبنان في يوليو (تموز) 2006. ولعبت لفرنسا أيضاً دوراً أساسياً في إنشاء مجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان الجاهزة دائماً لمساندته سياسياً واقتصادياً. وتسعى دائماً فرنسا إلى الحفاظ على ما يربطها بلبنان وتحرص على عدم خسارة نفوذها في "بلد الأرز" ولا ترغب في مشاركته مع أحد، بخاصة أنها لم تستسغ خسارة سوريا، لمصلحة روسيا وإيران ولن تقبل بأن تتكرر التجربة في لبنان.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة