Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يقود الحراك الجزائري نفسه إلى التفكك؟

عريضة تطالب بالإفراج عن السجناء السياسيين ووقف الملاحقة القضائية للمعارضين... وأخرى مضادة

بات الحراك في الجزائر يرفع شعارات منها "الشرطة في كل مكان... والعدل غائب" (أ ف ب)

يبدو أن الحراك الشعبي في الجزائر يتجه نحو مسار جديد بعدما بادرت مجموعة من النشطاء إلى إطلاق عريضة لا تزال مفتوحة للتوقيع، تدعو إلى وقف ما اعتبروه حرباً معلنة من النظام على الشعب، وطالبوا بعدم "تجريم الحراك السلمي". الأمر الذي أثار الجدل والاستغراب.

وطالبت العريضة التي وقعها 300 ناشط ومنظمة من مجالات مختلفة، حقوقية وسياسية ومدنية وجامعية وصحافيين ومواطنين بعضهم مغترب، بالإفراج عن السجناء السياسيين، ووقف الملاحقة القضائية للمعارضين ونشطاء الحراك. ونبهت إلى العواقب الوخيمة التي ستنجم عن هذا الانحراف القمعي. ودانت العريضة انتهاكات الأجهزة الأمنية بحق الموقوفين، ووصفتها بـ"العدوان الأمني والقضائي للسلطة بعدما اتخذت وضعية الحال هذه منحى حرب مفتوحة على الشعب الجزائري". وأكدت أهمية إعادة إقرار جميع الحقوق والحريات التي كفلها الدستور.

وأضافت العريضة أن "التعذيب والاغتصاب أصبحا وكأنهما عاديان، أما منحنى عنف أجهزة الأمن فأضحى في تصاعد واتساع مستمرين، ولا شيء يمكنه تبرير أن تعامل حكومة النظام القائم المواطنين بهذه الطريقة الفظة". واعتبرت العريضة أن السلطة بتجريمها الحراك السلمي فإنها تتجه بنفسها نحو مزالق ستؤدي حتماً إلى جرائم دولة.

وبات الحراك في الأسابيع الماضية يرفع شعارات "أطلقوا سراح أبنائنا ليصوموا معنا في رمضان"، و"الشرطة في كل مكان... والعدل غائب"، و"لا انتخابات مع العصابة"، و"لا للاعتداء على الحريات العامة الذي يتعارض مع الحقوق التي يكفلها القانون".

ووفق لجنة الإفراج عن المعتقلين، يوجد حالياً 70 شخصاً في السجن على خلفية مشاركتهم في الحراك أو قضايا حريات فردية.

تمرير مشاريع تضر؟

ويعتقد أستاذ القانون الدولي، الأطرش كريفيف، أنه "لطالما حافظ الحراك على سلميته، لا أحد يستطيع أن يجرّمه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى على الحراك أن يتفطن إلى من يريد استغلاله من أجل تمرير المشاريع التي تضر بالدولة الجزائرية شعباً وسلطة وإقليمياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتبر كريفيف أن "مصير الحراك مرتبط بحكمته وإخلاصه، وبصورة أدق بمن يقوده". وختم أن الأوضاع  لا تبشر بالخير.

عريضة مقابلة

ويقول الإعلامي محمد دلومي إن "من يقدمون أنفسهم على أنهم قادة الحراك اليوم، كانوا أول من طردوا منه حين كان منسجماً مع المطالب الشعبية الحقيقية". ويسأل "من خوّل هؤلاء الحديث باسم الشعب وعلى أي أساس بنوا هذه العريضة ولمن سيتم توجيهها؟ وعليه فإن قراءة ما يحدث تتعلق بمحاولات بائسة ويائسة من قبل الذين اخترقوا الحراك لجر الشارع إلى العنف والصدام مع قوات الأمن، وعلينا أن نذكر هنا التهم الكثيرة التي تم تلفيقها من قبل هؤلاء، سواء لقطاع العدالة أو حتى لعناصر الأمن، ولعل أبرزها اتهام الشرطة باغتصاب قاصر أثبتت التحقيقات أن الأمر يتعلق بتحريض قاصر من قبل أشخاص معروفي التوجه للتصريح بأنه تعرض للاغتصاب من قبل الأمن، ولما تم كشف خيوط المؤامرة تم تقديم المتهمين أمام العدالة، بينما حاول أحدهم الفرار إلى تونس بطريقة غير شرعية".

ويتابع دلومي أن "ما يحدث اليوم هو أن أشخاصاً وتنظيمات وأحزاباً وصلوا إلى حالة من اليأس بعدما فشلت كل خططهم لدفع الحراك إلى الصدام مع قوات الأمن، انتقلوا إلى خطة بديلة هي هذه العريضة". وكشف عن عريضة مقابلة وقعها الآلاف "تطالب هؤلاء بألا يتحدثوا باسم الشعب الجزائري، بل هناك هاشتاغ لا تتحدث باسمي موجه إلى الذين يقفون وراء العريضة".

الانسداد

في المقابل، يعتبر القيادي في "حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، أحد التشكيلات السياسية الموقعة على العريضة، مراد بياتور، أن "الانسداد الذي تعاني منه السلطة هو ما جعلها ترتبك، بالتالي اللجوء إلى العشوائية بوصف كل مَن يعارضها بالأيادي الخارجية، وذهب بها الأمر إلى القول إن الاحتجاجات القطاعية تحركها أياد خارجية تهدف إلى ضرب استقرار الوطن، وهي الأسطوانة المستهلكة التي لم يعد أحد يسمعها"، معتبراً أن "هناك حرباً معلنة ضد الشعب الجزائري، وهذا هو العنوان الذي اختارته مجموعة من النشطاء والأحزاب والمنظمات لعريضة تطالب بوقف تجريم الحراك الشعبي، وإعادة إقرار جميع الحقوق والحريات المكفولة دستورياً وإطلاق سراح معتقلي الرأي، والحد من المتابعات القضائية ضد المعارضين".

ويتابع بياتور أن "المبادرة لقيت تجاوباً واستحساناً شعبياً، خصوصاً في هذه المرحلة التي يدعو فيها الحراك إلى الوحدة والثبات". وختم أنه "على السلطة أن تضع حداً لهذا العبث والعدوان القضائي والأمني، وأن تعلم أن تمرير أجندات مرفوضة شعبياً مثل الانتخابات المقبلة، عن طريق استعمال القوة، لن تحل الأزمة بل ستزيدها تعقيداً".

ويكشف الناشط في الحراك وأحد الموقعين على العريضة، سفيان حداجي، أن "العريضة جات بعد تفكير، وبعد القمع الذي طاول ويطاول النشطاء، خصوصاً أن النظام بدأ يكشر عن أنيابه"، مضيفاً أن الحراك متمسك بمطالبه الشرعية القانونية التي خرج من أجلها منذ أكثر من عامين، وهي التغيير الجذري التدريجي للنظام".

ويعتقد حداجي أن "الحراك هو واقع يريد النظام التخلص منه لأنه أصبح عائقاً في وجهه وأمام خريطة طريقه"، مشيراً إلى أن "العريضة تلقى صدى واسعاً، على الرغم من أن تعامل السلطة جاء سريعاً من خلال إطلاق عريضة من طرف من يسمون أنفسهم الحراك الأصيل من صحافيين ومجتمع مدني وأحزاب، بهاشتاغ بوشاشي لا يمثلني، مع أن الحقوقي مصطفى بوشاشي هو واحد من الموقعين فحسب".

المزيد من العالم العربي