Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تسونامي "كورونا" يجتاح الهند وقد يهدد سلطة رئيس الوزراء

حملة هاشتاغات تطالب باستقالته وظهور إشارات على غضب عارم يختمر ضده بسبب أسلوبه في مواجهة الموجة الثانية من كوفيد

أقر رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بعدما بلغ عدد الإصابات بفيروس كورونا في الهند أكثر من 348 ألفاً يوم الأحد الفائت، بأن الوباء اجتاح البلاد. ووفق كلمات خاطب بها مواطنيه عبر برنامجه الإذاعي الشهري "مان كي بات" (موضوع للتأمل)، "أتحدث إليكم في وقت يمتحن فيه وباء "كوفيد- 19" صبرنا وقدرتنا على تحمل المعاناة. لقد رحل باكراً عددٌ كبير من أحبائنا".

وكذلك أشار في معرض تأكيده أهمية تلقي السكان التطعيم واتباع بروتوكولات مواجهة فيروس كورونا، إلى أنه "بعد التصدي بنجاح للموجة الأولى من الوباء، ارتفعت المعنويات ومستويات الثقة في البلاد. لكن هذه العاصفة هزت أوصالها".

تجدر الإشارة إلى أن رسالته السابقة قبل نحو أسبوع، كانت مختلفةً بعض الشيء. ففي أثناء تلويحه لتجمعات مزدحمة من مؤيديه الذين تجمعوا من دون وضع أقنعة وقاية، في ولاية البنغال الغربية التي ارتفعت فيها حرارة الحملات والمسيرات الانتخابية، أعلن بفخر أنه "لم يشهد مثل هذه الحشود الغفيرة من قبل".

واستطراداً، تواصل حشد تلك المسيرات الانتخابية المؤيدة له من دون انقطاع لغاية الثاني والعشرين من أبريل (نيسان)، حتى بعدما انزلقت الهند إلى نفق مأسَوي لم تشهد مثله من قبل. فقد غُصت وسائل التواصل الاجتماعي بصور مستشفيات مزدحمة بالمرضى، ونداءات يائسة من الناس تطالب بالحصول على إمدادات الأوكسجين وأسرة في المستشفيات. ووصلت البنية التحتية في مرافق الرعاية الصحية إلى حافة الانهيار.

وفي المقابل، باستثناء خطاب متلفز حض فيه الولايات الهندية على عدم استخدام عمليات الإغلاق إلا "كملاذ أخير"، التزم رئيس الوزراء مودي الذي تولى الحكم منذ عام 2014، الصمت بشكل لافت، في وقت انحدرت البلاد نحو وضع فوضوي.

وفي ذلك الصدد، ترى مايا ميرتشانداني الزميلة البارزة في "مؤسسة أوبزرفر للأبحاث" Observer Research Foundation  ضمن حديث إلى صحيفة "اندبندنت"، أن "حكومتنا دفعت بنا إلى الركوع والاستسلام، من أجل استجداء الاستشفاء والأوكسجين واللقاحات والأدوية للناس. وحولتنا دولة فاشلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتضيف، "لقد تمتع مودي بسلطة هائلة في البلاد. إنه أحد أشهر رؤساء الوزراء في الهند منذ فترة طويلة. لكن ولايته تترنح. وإذا كانت ثمة فرصة أمامه في تقديم الحماية للأشخاص الذين اختاروه، فإنها تتمثل في هذه المحنة".

وفي المقابل، وجه قادة ولايات هندية رئيسية انتقادات إلى رئيس الوزراء بسبب مواصلته حملتَه الانتخابية حتى مع ارتفاع عدد الإصابات بالوباء. إذ كشف أوداف ثاكيري رئيس وزراء ولاية ماهاراشترا، الذي تقع مدينة مومباي العاصمة المالية للهند في ولايته، عن أنه عندما حاول الاتصال برئيس الوزراء بشأن التعامل مع نقص في الأوكسجين الطبي والأدوية، قيل له إن السيد ناريندرا مودي مشغول للغاية في مخاطبة التجمعات الانتخابية.

وحتى ياشوانت سينها وزير المال السابق لحزب "بهاراتيا جاناتا" الذي يتزعمه مودي، توجه بالانتقاد إلى رئيس الحكومة. وكتب عبر حسابه على "تويتر"، إن "استمتاع رئيس الحكومة برؤية حشود كبيرة في تجمع انتخابي عقده في مدينة "أسانسول" في زمن تفشي عدوى "كوفيد"، لا يمكن أن يصدر إلا عن شخص عديم الإحساس كلياً. إنني أستنكر تصريحاته".

وعلى نحو مماثل ترى ميرتشاداني أن مودي البالغ من العمر 70 سنة، يجب أن يُحاسب على إخفاقه بالاستجابة إلى الأزمة في الوقت المناسب، واصفة ما حصل بأنه "فشل مطلق في قيادته".

وتضيف، "إنه ليس مجرد رئيس وزراء ناخبي حزب "بهاراتيا جاناتا". إنه رئيس وزراء شعب يتألف من مواطنين هنود يُقدر عددهم اليوم بما بين مليار و300 مليون نسمة ومليار و400 مليون. إنه مدين لنا جميعاً بإجابات على الأسئلة الآتية: لماذا وصلنا إلى الوضع الذي نحن عليه؟ لماذا يموت الناس كالذباب؟ لماذا أغلقت محارق الجثث أبوابها واصطفت الجثث في الشوارع؟".

وفي سياق متصل، لقد تمثل الرد الذي قدمه مودي ومسؤولون بارزون ضمن فريقه لإدارة الأزمة الراهنة، في وصفها بأنها "عاصفة" لم يتوقعها أحد ولم يستعد لها أي شخص، على الرغم من أن خبراء علميين سبق أن حذروا لمدة من الزمن من موجة ثانية للوباء.

ففي تصريح أدلى به إلى صحيفة "اندبندنت"، أوضح شيفام شانكار سينغ وهو محلل سابق للبيانات في حزب "بهاراتيا جاناتا" ومؤلف كتاب "كيف يمكن الفوز بالانتخابات الهندية" How to Win a Indian Election، أن الحكومة في الهند فشلت في توقع الموجة الثانية لسببين محتملين. ويتمثل الأول في انهماك وزرائها إلى حد كبير بالحملات السياسية، فلم يتمكنوا من ملاحظتها [الموجة الثانية]. ويعود الثاني إلى اعتقادهم أن الموجة الثانية للجائحة ستمر تماماً مثلما فعلت الأولى، لذا لم تكن هناك حاجة لإثارة شكوك حول نصر متحقق".

وفي تفاصيل أخرى، يُشار إلى أن مودي لم يتحدث إلى الأمة عن الانفجار الهائل في عدد حالات الإصابة بالعدوى إلا في 20 أبريل، حين تصاعدت الانتقادات الدولية بشأن طريقة تعامل الهند مع الوباء. وتالياً، تشير مايا ميرتشانداني من "مؤسسة أوبرزفر للأبحاث" إلى أن "ما أجبره [رئيس الوزراء] على الخروج من قوقعته، يتمثل حصراً في تداول وسائل الإعلام العالمية قصة إهمال الحكومة الهندية مسؤولياتها تجاه شعبها".

وعلى نحو مماثل، يرى محلل البيانات سينغ أن صمت رئيس الوزراء الهندي شكل نوعاً من الاستراتيجية، إذ لم يستهدف من خلاله مجرد التهرب من المساءلة، بل أيضاً إعطاء نفسه صورة الزعيم الذي يعمل على حل المشكلات. وبحسب رأيه، "قد يكون من المرجح إلى حد بعيد أن رئيس الوزراء قرر مواصلة حملته الانتخابية كي يتمكن من الانتظار إلى حين انتهاء الأزمة الكبيرة هذه، كي يعاود الظهور بمجرد أن تهدأ الأمور، وبذلك تبقى صورته مرتبطةً بظروف إيجابية آخذة في التحسن، بدلاً من ارتباطها بالأزمات وعلامات الفشل والذعر". 

وضمن ملمح آخر، بدأت شرارات الغضب من رئيس الحكومة الهندية تتصاعد عبر الإنترنت، مع انتشار هاشتاغات على عدد من الحسابات عبر "تويتر" و"فيسبوك" من نوع#ResignModi  (استقل يا مودي)  و#ModiMadeDisaster (مودي تسبب بكارثة).

في المقابل، ثمة جانب ما زال أقل وضوحاً ويتمثل في التأثير السياسي للأزمة خارج إطار المجتمع الإلكتروني الذي له أهميته أيضاً. إذ تعتبر قاعدة الدعم لرئيس الوزراء، كبيرة جداً مع تجاوز معدلات الموافقين على سياساته في بعض الأحيان 80 في المئة، وقد حصد في الانتخابات العامة الأخيرة العام 2019 انتصاراً كبيراً وفاز بغالبية ساحقة.

وفي نظرة مغايرة، يؤكد سينغ أن ناريندرا مودي لن يقوى على الخروج سالماً من كارثة بهذا الحجم المأسَوي، إلا إنه يرى أن صورته والدعم الذي تمتع به طويلاً، قد تلقيا ضربةً كبيرة من دون أي شك بسبب طريقة تعامله مع الموجة الثانية من الوباء".

وأضاف سينغ إن "ما هو أسوأ (بالنسبة إلى مودي) يتجسد في أن كثيراً من مؤيدي حزب "بهاراتيا جاناتا" يتحدثون هم أيضاً عن إخفاقات الحكومة، لأنهم يواجهون شخصياً عواقب الوباء، بينما يواصل القادة الذين يدعمونهم إنكار الأزمة من خلال الادعاء بأنه لا يوجد نقص في الأدوية الأساسية والأوكسجين وأسرة المستشفيات". 

واعتبر سينغ أن "(هذا الأمر) يتناقض مع التجربة التي عاشها هؤلاء، إذ تعين عليهم البحث عن الذرائع والسعي الدؤوب بهدف تأمين الحاجات والموارد الأساسية التي تعاني البلاد من نقص فيها".

وضمن سياق متصل، من المقرر أن تعلن ولاية البنغال الغربية وعددٌ من الولايات والأقاليم الأخرى عن نتائج الانتخابات فيها، في غضون أيام قليلة، وتحديداً في الثاني من مايو (أيار)، بحيث ستكون بمثابة مؤشرات أولية على مدى تأثير الموجة الثانية من الوباء فعلاً في الدعم الذي يحظى به الحزب الحاكم. في المقابل، إن كان ثمة درسٌ واحد يمكن تعلمه من ولاية مودي في رئاسة الوزراء حتى الآن، فإن ذلك يتلخص في ضرورة عدم الاستهانة بقدرته على الصمود في وجه المحن.

© The Independent

المزيد من دوليات