Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

باريس تمنع معرقلي تأليف حكومة لبنان من دخول أراضيها

موسكو تحاول تليين موقف باسيل بموازاة مسعى الراعي بين عون والحريري

شاعت أنباء في بيروت عن إمكان القيام بمحاولة جديدة لإعادة التواصل بين عون والحريري (أ ف ب)

دخلت الأزمة اللبنانية مرحلة جديدة حساسة باتساع البحث في ضرورة تسريع ولادة الحكومة الجديدة بين العواصم الكبرى إلى موسكو، بعد مضي أكثر من ثمانية أشهر و20 يوماً على الفراغ الحكومي في بلد يمر بأزمة سياسية اقتصادية خانقة، وباشرت فرنسا اتخاذ تدابير زجرية عملية ضد شخصيات لبنانية تعتبرها مسؤولة عن تعطيل تأليف الحكومة ومتهمة بالفساد، تقضي بتقييد عملية دخول هذه الشخصيات الأراضي الفرنسية.

وتأتي التدابير الفرنسية في وقت شاعت أنباء في بيروت عن إمكان القيام بمحاولة جديدة لإعادة التواصل بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري بعد انقطاع الاتصالات بينهما، بمسعى قام به البطريرك الماروني بشارة الراعي، لعل الحريري يقدِّم تشكيلة جديدة لحكومته، وسط تشكيك أوساط سياسية بنجاح هذه الخطوة بفعل التوتر القائم بين الجانبين، في وقت استقبلت موسكو رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل للبحث معه في الأزمة السياسية في 29 أبريل (نيسان)، بعد ما كانت استقبلت الحريري معلنة تأييدها له، في 15 أبريل.

وهددت باريس بإجراءات عقابية إضافية ضد شخصيات متهمة بتعطيل الحكومة، من دون الإعلان عن أسماء محددة، في خطوة صرّح بها وزير أوروبا والعلاقات الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الخميس 29 أبريل، أثناء زيارته جزيرة مالطا، وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المالطي إيفاريست بارتولو، تناول فيه قضايا إقليمية تطرقت إليها المباحثات بينهما.

وقال لودريان، "أود أن أتحدث عن الوضع في لبنان ببضع كلمات. إنها قضية إقليمية، إنها قضية متوسطية، إنها مسألة أوروبية"، وأشار إلى "التدهور الخطير للوضع الاقتصادي والاجتماعي والإنساني، وحقيقة أن القادة السياسيين يواصلون عرقلة تشكيل حكومة كفوءة قادرة على إصلاح البلاد"، وذكّر بما سبق أن قاله "من ملاحظات جدية" في يوليو (تموز) 2020، بعد زيارة قام بها إلى لبنان.

"يجب أن يفهم المسؤولون"

أضاف لو دريان، "أود أن أقول ذلك مرة أخرى هنا، يجب أن يفهم المسؤولون عن الانسداد أننا لن نظل مكتوفي الأيدي، لقد بدأنا مناقشات مع شركائنا الأوروبيين حول الأدوات المتاحة لنا لزيادة الضغط على اللاعبين في النظام السياسي الذين يعرقلون مخرجاً من الأزمة، وعلى الصعيد الوطني، بدأنا بتنفيذ إجراءات تقيّد الدخول إلى الأراضي الفرنسية ضد الشخصيات المتورطة في الانسداد السياسي الحالي أو المتورطة في الفساد، ونحتفظ بالحق في اتخاذ إجراءات إضافية ضد كل من يعيق الخروج من الأزمة، وسنفعل ذلك بالتنسيق مع شركائنا الدوليين".

ويشمل تقييد دخول الشخصيات التي ستطالها هذه الإجراءات منع دخولها.

وتتحفظ باريس عن ذكر أسماء تلك الشخصيات، وتترك تنفيذ الإجراءات ضدها إلى حين محاولتها دخول الأراضي الفرنسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت باريس لوحت بعقوبات ضد معرقلي تشكيل الحكومة منذ أشهر، لكنها ارتأت عدم البدء بتنفيذها في الوقت الذي كانت مبادرة رئيسها إيمانويل ماكرون تشكيل حكومة مهمة من شخصيات ذات صدقية، قادرة على تنفيذ إصلاحات بنيوية، في بدايتها، إلا أن الولايات المتحدة الأميركية فرضت في التاسع من سبتمبر (أيلول) عقوبات ضد وزيرين سابقين حليفين لـ"حزب الله" تحت قانون مكافحة تمويل الحزب، هما علي حسن خليل، وهو معاون رئيس البرلمان نبيه بري، ويوسف فنيانوس الذي ينتمي إلى تيار "المردة" برئاسة سليمان فرنجية الحليف للحزب أيضاً، وفي السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) فرضت عقوبات على النائب باسيل لكن تحت قانون "ماغنتسكي" المتعلق بالفساد.

الالتفاف على عقوبات أوروبية

ويستبق الإجراء الفرنسي اجتماع يفترض عقده الأسبوع المقبل للاتحاد الأوروبي من أجل استعراض إمكان فرض عقوبات أوروبية على شخصيات لبنانية متهمة بعرقلة تأليف الحكومة اللبنانية، بعد أن تدارس وزراء خارجية الاتحاد هذا التوجه الأسبوع الماضي في بروكسل بناء لطلب فرنسا، واتخاذ القرار يحتاج إلى إجماع الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد، إلا أن وزير خارجية هنغاريا بيتر سيارتو الذي زار بيروت في 27 أبريل، واجتمع مع باسيل ووزير الخارجية الموالي له، ولرئيس الجمهورية ميشال عون، شربل وهبة، أعلن "أننا لن نقبل أبداً بأن تفرض عقوبات على أكبر حزب لبناني يمثل المسيحيين"، في إشارة إلى اسم باسيل من بين من يمكن أن تشملهم هذه العقوبات.

وسيارتو ينتمي إلى حزب "الاتحاد المدني المجري" (فيدس) المسيحي المتشدد الذي يتزعمه رئيس الوزراء اليميني المتعصب والمثير للجدل فيكتور أوربان، وهو على صداقة مع باسيل الذي بنى علاقة مع الأحزاب المسيحية المتطرفة في أوروبا، ويراهن على أن تحول دون حصول إجماع أوروبي على فرض عقوبات ضده، ويستخدم باسيل في علاقته مع هذه الأحزاب حجة سعي الحريري إلى الاعتداء على حقوق المسيحيين في تأليف الحكومة، ويتهمه بأنه لا يحترم دور رئيس الجمهورية المسيحي في تأليف الحكومة، لتبرير مطالبته بحصة وزارية راجحة فيها، هي التي حالت حتى الآن دون ولادتها بسبب رفض الرئيس المكلف الأخذ بمطالب عون ورئيس "التيار الحر".

ويبدو أن هدف إعلان لو دريان عن إجراء تقييد دخول شخصيات سياسية لبنانية إلى فرنسا بتهمة عرقلة قيام الحكومة، التأكيد على الجدية التي تتسم بها تهديدات باريس في فرض العقوبات حتى لو تعذر الإجماع على الخطوة في الاتحاد الأوروبي بسبب مواقف من نوع الموقف الهنغاري الأخير.

إلا أن التوقيت الفرنسي تزامن مع زيارة باسيل إلى موسكو حيث التقى وزير الخارجية سيرغي لافروف، ونائبه المتابع للملف اللبناني ميخائيل بوغدانوف، وشدد رئيس "التيار الحر" على حماية الأقليات في لبنان والمنطقة، وعلى خصوصية لبنان، ودور المسيحيين والمناصفة (بينهم وبين المسلمين) فيه، لأن من دون ذلك، لن "يكون هناك دور كامل".

بين جهود موسكو مع باسيل وجهود البطريرك

وتعمل موسكو على خط إقناع باسيل بالقبول بحكومة برئاسة الحريري من التكنوقراط غير الحزبيين، ومن دون حصول أي فريق فيها على الثلث المعطل، كي تتمكن من تنفيذ الإصلاحات التي يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم المالي للبلد، بينما لا تعير أهمية لمنطق المحاصصة الطائفية، وتعطي الأولوية لحكومة إنقاذ على ما عداها.

وفي وقت ذكرت مصادر سياسية معارضة للفريق الرئاسي الحاكم في لبنان أن موسكو استقبلت باسيل على الرغم من الاختلاف بينها وبينه لجهة الموقف من رئاسة الحريري للحكومة، إذ يميل هو والرئيس عون إلى دفع الأخير إلى الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة، في رسالة إلى واشنطن بأنها تنسج علاقات مع الجهات التي تخضع للعقوبات الأميركية، رداً على فرض الأخيرة عقوبات على مسؤولين روس، في إطار الصراع الأميركي الروسي، فإن هذا لا يلغي سعيها إلى تأكيد أولوية دفع باسيل إلى التوصل إلى حلول وسط تفضي إلى ولادة الحكومة الجديدة، نظراً إلى قلقها من أن استمرار الفراغ الحكومي يعمق الأزمة اللبنانية ويقود إلى الانهيار الكامل خلال أسابيع، في شكل يهدد الاستقرار الأمني الذي يؤثر على سوريا حيث لها انتشار عسكري.

وشاعت أنباء في بيروت عن أن القيادة الروسية ستتابع جهودها بعد زيارة باسيل، وأنها قد توفد نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف إلى بيروت للدفع من أجل تشكيل الحكومة سريعاً، في وقت أشارت أوساط متابعة إلى اتصالات جرت بين البطريرك الماروني بشارة الراعي والحريري لتشجيع الأخير على تقديم لائحة جديدة لحكومة من 24 وزيراً إلى الرئيس عون، بدل اللائحة التي كان قدمها إليه في 9 ديسمبر (كانون الأول) الماضي من 18 وزيراً ورفضها الأخير، واستندت هذه الأوساط في هذا التوقع إلى اللقاء الذي جمع الراعي بعون مطلع الأسبوع. في المقابل نفت مصادر متصلة بالمسؤولين الروس لـ "اندبندنت عربية" أن يكون في نية القيادة الروسية إيفاد بوغدانوف إلى بيروت طالما لا بوادر انفراج تتيح تسريع ولادة الحكومة، بعد المحادثات مع باسيل.

إلا أن مصادر مقربة من الحريري أبلغت "اندبندنت عربية" بألا جديد يسمح بالتفاؤل بأنه إذا قدم الحريري لائحة جديدة لعون بأنه سيقبل التوقيع على مرسوم إصدارها، ولن يشترط حق تسمية وزيرين مسيحيين إضافيين بحجة حق رفضه تسميتهما من قبل رئيس الحكومة، ما يعني حصوله على 10 وزراء في تركيبة حكومة من 24، وبالتالي على الثلث المعطل بطريقة مواربة، وبالتالي يكون الحريري تنازل عن تصوره لحكومة الـ18 وزيراً من دون ضمانة مسبقة بولادة الحكومة.

لا أن يعتذر

وكان باسيل قال لـ"روسيا اليوم" في موسكو، "نحن نريد من الحريري مئة مرة أن يؤلف لا أن يعتذر، لكن إذا لم يستطع عليه أن يتحمل مسؤوليته، ولا يمكن لأحد أن يحاول الاستفادة من الأزمة الكبيرة ليحاول فرض شروط جديدة"، في إشارة إلى اتهام الفريق الرئاسي للحريري بأنه يريد حرمان عون من تسمية وزراء مسيحيين، كما كرر باسيل رد أسباب تأخير الحكومة إلى موقف الحريري، وقال، "واضح أن هناك علاقة غير سوية بين السعودية وشخص الحريري وما يهمنا هو علاقات لبنان مع المملكة التي نريدها ممتازة ونرغب ونسعى لتسوية العلاقات وأخذها نحو الأفضل".

وفي مقابل زيارة باسيل إلى موسكو لفت قول القيادي في "التيار الوطني الحر" النائب ألان عون، المعروف عنه تمايزه عن باسيل، إن "اقتراح الـ24 وزيراً لا يزال الوحيد المطروح، والاستعانة راهناً هي بالبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يحاول القيام بمسعى معين نتمنى أن يوفق فيه للوصول الى تشكيلة حكومية من اختصاصيين لا ثلث معطلاً فيها لأحد".

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل