Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل نرى التحول من الاستثمار في "النمو" إلى الرغبة في القيمة؟

ثمة كلام كثير عن "التبدل الكبير" بمعنى انتقال المال من الاستثمارات التكنولوجية والرائجة إلى المنتجات الصلبة والمملة

بلغت أرباح إيلون ماسك 438 مليون دولار في الفصل الأول من 2021 (غيتي)

يعطي التعافي الاقتصادي دفعة هائلة لأرباح الشركات في مختلف أنحاء العالم. هذا مؤكد. في المقابل، يتمثّل الأمر الأقل وضوحاً في إمكانية أن تكون الجهات المستفيدة الرئيسية من ذلك هي شركات التكنولوجيا العملاقة التي انطلقت أسهمها إلى الأمام على مدى السنوات الأخيرة، أو إذا كانت نظيرتها الأقل تألقاً [التي تعمل] في التمويل والطاقة وغيرها من القطاعات "القديمة"، ستضحي الفائزة في الأجل البعيد.

بعبارة أخرى، هل ينتقل المال من الاستثمار في "النمو" إلى الاستثمار في "القيمة"؟

سيعطينا هذا الأسبوع بعض الأدلة، مع إعلان مجموعة من المؤسسات من المعسكرين [النمو والقيمة] عن نتائجها. في ركن التكنولوجيا الفائقة، كشف إيلون ماسك لتوه عن إنتاج وأرباح قياسية لشركة "تيسلا"، ولو إن ذلك حدث مع بعض المساعدة من الأرباح المحققة من البيتكوين.

ولا توجد أي مؤسسات تكنولوجية كبيرة مماثلة على هذا الجانب من المحيط الأطلسي، لذا تمثل الأسواق في المملكة المتحدة وأوروبا معسكر القيمة. في هذا الجانب، ظهرت لدينا بالفعل أرباح قوية لدى مجموعة "إتش إس بي سي"، أكبر مجموعة مصرفية في أوروبا، وارتفعت الأرباح بنسبة تقرب من 80% بعدما خفضت المجموعة الخسائر المحتملة من القروض. وحدث شيء مماثل لدى شركة "بريتيش بتروليوم" التي استفادت من تعافي أسعار النفط. كذلك جاءت أرباح المصارف الأميركية الضخمة قوية للغاية في هذا الفصل، ثم تتوقع الأسواق نتائج طيبة من شركة "إكسون موبيل"، أكبر شركة نفط أميركية، عندما تبلغ عن أرباحها الجمعة المقبل.

إذاً، ما هي الأدلة ؟ ثمة أمر واحد واضح حقاً، مفاده أن أداء الشركات العملاقة القديمة في القطاعات غير الرائجة كان طيباً حقاً. إن التعافي العالمي آمن، ومَكَّنَتْ الجائحة تلك الشركات من خفض قاعدة تكاليفها. إذ سيستغني "إتش إس بي سي" عن حوالي 20% من مساحات مكاتبه في مختلف أنحاء العالم وأكثر من ذلك في لندن، بما في ذلك التخلص من الطبقة المخصصة للمسؤولين التنفيذيين عند أعلى برج المقر الرئيسي في حي "كاناري وارف". وكذلك خفضت "بريتيش بتروليوم" قوتها العاملة بحوالي 10 آلاف عامل على مدار العام الماضي. وهذا النمط عالمي إلى حد كبير، وستكون النتيجة أن انتعاش الطلب سيجلب انتعاشاً في الربحية.

وعلى الجانب التكنولوجي، أعطت الجائحة زيادة في الطلب على تكنولوجيا المعلومات، فاق إتاحة الفرصة أمام خفض التكاليف. صحيح أن هذا سيكون مفيداً للغاية بالنسبة إلى الأرباح، لكن المستثمرين كانوا يعرفون ذلك طيلة أشهر عدّة، ما انعكس في أسعار الأسهم. فعلى مدى العام الماضي، ارتفع مؤشر "داو جونز" الذي يمثل الشركات الأميركية القوية القديمة، بنسبة 41%. في المقابل، ارتفع مؤشر "ناسداك" الذي يركز على شركات التكنولوجيا الأميركية بحوالي 62%. (وبالمقارنة، ارتفع مؤشر أف تي أس إي 100"، مؤشر فوتسي 100، الذي يمثل أكبر 100 شركة في المملكة المتحدة، بمجرد 19%،  ولا تزال أسهم المملكة المتحدة غير رائجة لدى المستثمرين العالميين).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قبل بضعة أشهر، كان الرهان الكبير على شركات التكنولوجيا في مقابل الشركات الصلبة آمناً، إذ فازت شركات التكنولوجيا بكل سهولة. لكن هذا ترجم نفسه في أن شركات التكنولوجيا أصبحت مكلفة للغاية، بل ربما مكلفة أكثر مما ينبغي. وفي الأسابيع الأخيرة تذبذبت أسعار الأسهم. مثلاً، بلغت أسهم "تيسلا" ذروتها في يناير (كانون الثاني) الماضي عند أكثر من 880 دولاراً أميركياً. والآن، وعلى رغم أرقام الإنتاج الجيدة، انخفضت قيمة السهم إلى نحو 720 دولاراً. وعلى النقيض من ذلك، أنهى سهم "إتش إس بي سي" العام الماضي عند 379 جنيهاً إسترلينياً (525 دولاراً). والآن يسجل 438 جنيهاً.

واستناداً إلى ذلك، ثمة سؤال مطروح على المستثمرين هو،  هل نشهد "التبدّل الكبير"، أي تحول المال من الاستثمارات التكنولوجية والرائجة إلى تلك الصلبة والمملة؟ لقد سرى توقع بحدوث ذلك منذ فترة طويلة، لكن موجة الحماسة للتكنولوجيا استمرت وتواصلت. وكان الزخم وراء التكنولوجيا أقوى من أن يتوقف. وشهد الشهران الماضيان علامات على التبدّل، ما يعني أن السؤال يتعلق بمدى استمرار ذلك التبدّل.  يعتبر جون سوربليس من بين أكثر المناصرين إقناعاً بشأن هذا التوجه، مع ملاحظة أنه يتولى رئاسة الأسهم الأوروبية في شركة "إينفيسكو" المتخصصة في إدارة الاستثمارات في المملكة المتحدة. إذ يعتقد سوربليس بأن المستثمرين سيدركون على نحو متزايد أن الأسهم الأوروبية تقدم قيمة أفضل. ومع طرح اللقاحات، سيحصل انتعاش عالمي متزامن، وعندما يحدث هذا سيعني انخفاض قيمة الأسهم الأوروبية في مقابل الأسهم الأميركية، أنها ستحقق عوائد أفضل.

وأصبح هذا الرأي وجهة نظر مشتركة. مثلاً، يكتب "جاي بي مورغان لإدارة الأسهم" عن ذلك الأمر مشيراً إلى "إن حظوظ الأسهم البريطانية إيجابية"، وحجته مفادها أن الأسهم البريطانية رخيصة تاريخياً، وتشكّل وسيلة في تجنب التقييمات الباهظة وشديدة الارتفاع لشركات التكنولوجيا الأميركية.

إذاً، من يدري أي وجهة نظر قد تكون صحيحة؟ إذ يتمثّل الغرض من أي سوق في الوجود الدائم لوجهتي نظر متعارضتين. إذا استمرت أرباح شركات التكنولوجيا الأميركية في الارتفاع، فقد لا يستمر التبدل. أما إذا استمر في المقابل تسجيل العوائد القوية لدى الشركات [التقليدية] الأقل بريقاً، فربما يستمر التبدّل. وثمة أمر لا جدال فيه مفاده أن هذه المناقشة حول التبدّل تشكل واحداً من أكثر المواضيع سخونة في الاستثمار الآن، وكذلك تحمل نتيجتها أهمية بالغة بالنسبة إلى المستثمرين كلهم.

© The Independent

المزيد من آراء