Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ذهبت السياحة الخارجية إلى المجهول بسبب كورونا ؟

توقعات بانخفاض الحركة الدولية بنحو 85 في المئة في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بالفترة نفسها من 2019 

لا يرى معظم خبراء السفر عودة إلى مستويات ما قبل الجائحة قبل عام 2023 (رويترز)

مع إغلاق 32 في المئة من الوجهات العالمية أمام السياح الدوليين في بداية فبراير (شباط)، تتوقع منظمة السياحة العالمية أن تكون الأشهر الأولى من عام 2021 محتشدة بالتحديات للسياحة العالمية. وبناء على الاتجاهات الحالية، تتوقع المنظمة انخفاض عدد السياح الدوليين الوافدين بنحو 85 في المئة في الربع الأول من عام 2021 مقارنة بالفترة نفسها من 2019. ومن شأن ذلك، أن يمثل خسارة بنحو 260 مليون سائح دولي مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة. وبالنظر إلى المستقبل، حددت منظمة السياحة العالمية اثنين من السيناريوهات لعام 2021، التي تأخذ بعين الاعتبار حدوث انتعاش محتمل في السفر الدولي في النصف الثاني من العام. تستند هذه إلى عدد من العوامل، أبرزها الرفع الكبير لقيود السفر، ونجاح برامج التطعيم أو إدخال بروتوكولات منسقة مثل الشهادة الخضراء الرقمية التي خططت لها المفوضية الأوروبية.

ويشير السيناريو الأول  للمنظمة إلى انتعاش في يوليو (تموز). ما سيؤدي إلى زيادة بنسبة 66 في المئة في عدد الوافدين الدوليين لعام 2021 مقارنة بأدنى مستوياتها التاريخية لعام 2020. وفي هذه الحالة، سيظل عدد الوافدين أقل بنسبة 55 في المئة عن المستويات المسجلة في عام 2019. ويتناول السيناريو الثاني حدوث انتعاش محتمل في سبتمبر (أيلول). ما يؤدي إلى زيادة بنسبة 22 في المئة في عدد الوافدين مقارنة بالعام الماضي. مع ذلك، سيكون هذا أقل بنسبة 67 في المئة عن مستويات عام 2019.

وأظهر أحدث استطلاع أجرته لجنة الخبراء التابعة لمنظمة السياحة العالمية أن التوقعات مختلطة لقطاع السفر لعام 2021. إذ إن قرابة نصف المشاركين (45 في المئة) تصوروا آفاقاً أفضل لعام 2021 مقارنة بالعام الماضي، بينما توقع 25 في المئة أداءً مماثلاً، وتوقع 30 في المئة تدهوراً في النتائج في عام 2021. ويبدو أن التوقعات الإجمالية للسفر في طريقها للارتداد لعام 2021 قد ساءت. إذ يتوقع 50 في المئة من المستجيبين لاستطلاع المنظمة حدوث انتعاش في عام 2022 مقارنة بنسبة 21 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) 2020. ولا يزال النصف المتبقي من المستجيبين يتوقعون أن يشهد قطاع السفر انتعاشاً محتملاً هذا العام، وعلى الرغم من أنه أقل من التوقعات الموضحة في استطلاع أكتوبر 2020 (79 في المئة انتعاشاً متوقعاً في عام 2021). عندما تبدأ السياحة من جديد، يتوقع فريق خبراء منظمة السياحة العالمية تزايد الطلب على الأنشطة السياحية في الهواء الطلق والأنشطة السياحية القائمة على الطبيعة، مع اكتساب السياحة المحلية وتجارب "السفر البطيء" اهتماماً متزايداً.

وبالنظر إلى المستقبل، لا يرى معظم خبراء السفر عودة إلى مستويات ما قبل الجائحة قبل عام 2023. وفي الواقع، يشير 43 في المئة من المستجيبين لمسح المنظمة إلى عام 2023، بينما يتوقع 41 في المئة أن العودة إلى مستويات 2019 لن تحدث إلا في عام 2024 أو بعد ذلك. وتشير سيناريوهات منظمة السياحة العالمية الممتدة للفترة من 2021 إلى 2024 إلى أن الأمر قد يستغرق عامين ونصف العام إلى أربع سنوات حتى تعود السياحة الدولية إلى مستويات عام 2019.

الإمارات الأقل تأثراً والأسرع تعافياً

ولكن، ماذا عن المنطقة الخليجية الأسرع في تقديم اللقاحات والتي شهد عدد من مدنها طفرة سياحية كبيرة خلال السنوات الماضية نافست وجهات سياحية مرموقة. إماراتياً، حققت الدولة أداءً لافتاً خلال عام 2020، على الرغم من تداعيات جائحة كورونا، إذ كان القطاع السياحي الأقل تأثراً والأسرع تعافياً من تداعيات الأزمة التي قادت إلى تراجع كبير في الحركة السياحية  بنسبة 76 في المئة على مستوى منطقة الشرق الأوسط  و74 في المئة على مستوى العالم. بينما حققت فنادق الإمارات ثاني أعلى معدلات إشغال على مستوى العالم لتحتل المرتبة الثانية بعد الصين بنسبة 54.7 في المئة، على الرغم من انخفاض معدل الإشغال إلى 37 في المئة على مستوى العام، و43 في المئة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، بحسب تقرير حديث  لوزارة الاقتصاد الإماراتية نشر في أوائل أبريل (نيسان) الحالي.

السعودية تعزز وجودها على خريطة السياحة العالمية

تخطط السعودية لتعزيز وجودها على خريطة السياحة العالمية، إذ تعد خطة تنمية القطاع السياحي من الأولويات الرئيسة للبلاد بما ينسجم مع أهداف رؤية 2030. وبحسب وزارة السياحة السعودية، يشكل القطاع السياحي في المملكة 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وهناك هدف لرفع هذه النسبة إلى 10 في المئة، كما يسهم القطاع بنسبة 4 في المئة من إجمالي الوظائف العاملة في المملكة. وكانت السعودية قد استقبلت أكثر من 500 ألف زائر قبل جائحة كورونا من أكثر من 25 دولة. وتهدف إلى زيادة أعداد زوار السعودية إلى 100 مليون بحلول عام 2030.

وبحسب الإحصاءات العالمية للقطاع السياحي، انخفضت الحركة السياحية في الإمارات في عام 2020 بنسبة هي الأقل على مستوى العالم حيث بلغت 45.2 في المئة، تلتها المكسيك التي تراجعت الحركة السياحية فيها بنسبة 52 في المئة، وإيطاليا بنسبة 63 في المئة، وألمانيا بنسبة 69 في المئة، وتركيا بنسبة 73 في المئة، والسعودية بنسبة 76 في المئة، والولايات المتحدة التي انخفضت الحركة السياحية فيها بنسبة 77 في المئة، وإسبانيا 78 في المئة، والمملكة المتحدة بنسبة 82 في المئة، وتايلاند بنسبة 83 في المئة.

صيف 2021 سيشهد نمواً ملحوظاً

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عبر سلطان العتيبي  الرئيس التنفيذي لشركة دور للضيافة في السعودية، "انطلاقاً من نظرةٍ إلى الواقع الحالي معطوفاً على التطورات التي نشهدها في المشهد الصحي والطبي، عن تفاؤل بصيف عام 2021، متوقعاً أن يشهد نمواً ملحوظاً، مقارنة بصيف عام 2020. وأضاف "لكن، هل يعني ذلك أن القطاع سيعود إلى سابق عهده قبل الجائحة؟ من المؤكد، أننا لن نشهد نسب الإقبال التي كانت قبل الجائحة في المدى القريب، وبخاصة على مستوى السفر والسياحة الدوليين. لكن، لا بد من الإشارة إلى أن تزايد نسب الإقبال يرتبط بشكل مباشر بمستوى التعافي والإجراءات المتخذة في كل دولة. لذلك، أنا أكثر تفاؤلاً بأن دولة مثل المملكة العربية السعودية ستكون في طليعة الدول التي ستستعيد عافيتها تدريجاً، وبشكل أسرع، بعد نجاحها المشهود في السيطرة على تفشي الجائحة وفرضها تطبيق كل الإجراءات الاحترازية المناسبة على مستوى القطاعات كلها. وعلى مستوى المنطقة ككل، أعتقد أننا سنشهد خلال صيف عام 2021 تحسناً في الإقبال على خدمات الضيافة والسياحة بدفعٍ من عدد من المؤشرات الرئيسة أبرزها: عودة الانتعاش الاقتصادي إلى دول المنطقة، وتوسيع دائرة نشر اللقاحات وتخفيف قيود السفر، في موازاة تعطش الأفراد إلى العودة إلى حياتهم الطبيعية وزيارة مقاصد جديدة بعد فترة طويلة من الإغلاق والقيود".

أضاف العتيبي عاملاً آخر، هو عنصر المناعة الذاتية للقطاع، إن صح التعبير، والقائم على نمو السياحة الداخلية في المملكة، التي عوضت جزءاً كبيراً من الخسارة من السياحة الدولية والدينية بشكلٍ خاص. أما العامل الأخير، فمرده إلى أن قطاع الضيافة في المملكة كان سباقاً في التأقلم مع التحول الذي طرأ على القطاع جراء الجائحة، من خلال إعادة ترتيب الأولويات واتخاذ الإجراءات التشغيلية والمالية وتبني البروتوكولات الصحية العالمية، مع إعادة هيكلة موارده البشرية، وهو ما قمنا به في دور للضيافة على سبيل المثال، من خلال التدريب والتطوير وابتكار نماذج أعمال جديدة تواكب المتغيرات السريعة وهي خطوات كانت كفيلة بضمان استمراريتنا ونمو أعمالنا ضمن ما بات يُعرف بـ"الواقع الجديد".

إسبانيا تستعد للسياحة بشهادة خضراء رقمية

وقال داني روسادو بايون، مدير مكتب السياحة في السفارة الإسبانية في أبوظبي، إن بلاده بدأت العمل على تنفيذ الشهادة الرقمية الخضراء بهدف جعلها جاهزة لشهر يونيو (حزيران) كي تكون سارية في الحملة الصيفية، إذ تسعى إسبانيا لجذب السياح مجدداً إلى أراضيها. وأضاف أن إسبانيا طورت بعض أنظمة تكنولوجيا المعلومات التي من شأنها الإسراع في التنفيذ بمجرد الموافقة عليها من قبل الاتحاد الأوروبي. 

وأكد احترام إسبانيا قوانين حماية البيانات الشخصية، مشيراً إلى أن الشهادة ستكون سهلة الاستخدام وقابلة للتشغيل البيني وخالية من التكلفة وعالمية. وأضاف سيكون تفعيل الشهادة شخصياً، إذ بإمكان المسافر إنشاء رمز الاستجابة السريعة الذي يعطي معلومات حول الشخص، سواء طُعم أو كانت نتيجة فحص كورونا سلبية أو إن كان قد اجتاز الإصابة بفيروس كورونا. وأكد أنه ستُحترم البيانات الشخصية والأمان والخصوصية، منوها بأن الشهادة ليست جواز سفر بل آلية لتسهيل حركة السفر

"كوفيد -19" لا يزال سيد الموقف

ويعتقد المتخصص في الشأن الاقتصادي والمالي عميد كنعان أن "الإجراءات المُتبعة من كل دولة خليجية على حدة هي ما يحدد التطور في قطاع السياحة. وعند قياس هذا التطور في الربع الأول من العام الحالي مقارنة بنظيره في عام 2020، سنجد بالتأكيد حصول نمو وارتفاع جزئي في أرقام السياحة ولكن تبقى منخفضة مقارنة بالأرقام الربعية للسنوات التي سبقت الجائحة". وأكد كنعان أهمية الاطلاع على إحصائيات المطارات التي ترصد أرقام المسافرين بدقة". وأضاف أن "ما يحدث اليوم من تفش كبير للوباء في الهند وتركيا ودول أخرى في العالم، يقوض فكرة كسر حاجز الخوف من السفر والسياحة، أي أن السياحة ستكون داخلية في معظمها وستتأثر المجتمعات ولن يكون هناك تشجيع للسفر الخارجي، وسيكون التركيز على السياحة الداخلية والخارجية ستكون قليلة جداً". ورأى أن "قلة من الناس ستتجرأ على السفر إلى الخارج، إلى أوروبا وغيرها من الوجهات، إذ إن قيود السفر في دول العالم تحد من سفر الأفراد والعائلات". واعتبر أن "الوضع لا يزال غير طبيعي ولا تزال مقيدات السفر  قائمة وكوفيد-19 سيد الموقف. وما يحدث اليوم من تفش للوباء في شرق آسيا كبح السياحة العائلية بشكل عام".

وقال كنعان، إن انتعاش القطاع السياحي يحدث بشكل بطيء والطريق لا يزال طويلاً أمام صناعة السياحة. وأضاف أنه حتى على مستوى المنطقة والتي حققت قفزة كبيرة فيما يتعلق بتقديم اللقاحات ما زالت متحفظة في فتح باب السياحة على مصراعيه. وأضاف "طالما أن هناك قيوداً تفرض على  السفر في جميع أنحاء العالم سيبقى الوضع غير طبيعي، وطالما هناك كمامات وحاجة إلى إجراء أربعة فحوصات لكورونا ذهاباً وإياباً في الرحلة الواحدة، ولطالما هناك من تلقوا اللقاح ومن لم يتلقوه، يبقى الوضع غير طبيعي".

ويعتمد الملايين من السكان والشركات على قطاع السياحة والسفر كسبيل للعيش. ويعد التنسيق المحسن بين البلدان وبروتوكولات السفر والصحة المنسقة أمراً ضرورياً لاستعادة الثقة في السياحة والسماح باستئناف السفر الدولي بأمان قبل ذروة موسم الصيف.