Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طلاب الجزائر... الشريان الحيوي للثورة الشعبية السلمية

صدحت حناجرهم تزامناً مع مثول أويحيى أمام المحكمة "رانا صحينا باصيتو بينا"

سار طلاب الجزائر الثلثاء 30 أبريل (نيسان) الحالي، في مسيرتهم العاشرة منذ بدء حراك 22 فبراير (شباط) الماضي، إلا أن زخم تحركهم بدا كأنه تظاهرتهم الأولى. هم دائماً في الموعد بحماسة مرتفعة وشعارات موحدة، مفعمون بالنشاط والحيوية وتواقون للتغيير. اختار الطلاب أن يكون هذا اليوم خاصاً بهم، الشارع منبرهم للتعبير عن أفكارهم وتصوراتهم وطموحاتهم المشتركة، إنهم طلاب الجامعات أو شريان التغيير في الجزائر، كما يلقّبهم كثيرون. لا يتمالك السيد رشيد (55 سنة) نفسه أمام مشاهد تدفق آلاف الطلاب سيراً على الأقدام من مقر الجامعة المركزية في العاصمة متجهين نحو ساحة البريد المركزي كل يوم ثلثاء، من دون كلل أو ملل، مرددين بصوت واحد "مسيرة طالبية" و"جزائر حرة ديموقراطية"، فسرعان ما يضم صوته إلى أصواتهم ويهتف بما تصدح به حناجرهم. ويقول رشيد لـ "اندبندنت عربية" "تدمع عيناي عندما أرى هؤلاء الشباب في عمر الزهور بهذا التحدي والعزيمة، أنا متفائل بأن مستقبلهم سيكون أفضل لأنهم القلب النابض للحراك". قد لا يكون رشيد الوحيد، فآباء كثر يفضلون القدوم مع أبنائهم، ليس بغرض توفير الحماية لهم من أي خطر قد يترصّدهم، لأن المسيرات سلمية، وإنما للمشاركة في مسيرتهم التي بات زخمها يرتفع من مسيرة إلى أخرى.


 



"قوتنا في وحدتنا"

وحمل الطالب لافري عبد الله (21 سنة)، لافتة كبيرة يتوسطها شعار "لا للتدخل... لا للتفرقة". وقال بحماسة وابتسامة عريضة إن أنامله خطّتها رفقة أصدقاء "كالعادة نحن في الميدان، لن يثنينا شيء، الجميع في الموعد، ومطالبنا واضحة... حرروا الجزائر". ويعتقد الطالب الشاب أن "محاولات التفرقة أو الثورة المضادة قد تكون صعبة التطبيق على حراك الجزائر، لأن الجميع واعٍ ومدرك ألاعيب النظام السياسي، الذي يرغب في البقاء بشتى الطرق والأساليب لكننا سواسية كأسنان المشط، لا أحد سيفرقنا". وبالقرب من عبد الله، كانت أمينة تصرخ بحماسة مع صديقاتها اللواتي لففنَ أنفسهنَّ بالعلم الجزائري الوطني وردّدنَ "رانا صحينا باصيتو بينا"، أي "لقد استيقظنا أين مفرّكم منا؟"، ويعني هذا الشعار أن الشباب لن يتخلوا عن مطالبهم في بناء جمهورية جديدة، تحدث قطيعة تامة مع ممارسات النظام السابق، الذي أسهم في ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الجامعيين، وتفشّي الفساد في مؤسسات الدولة، ولم يفعل شيئاً لمحاربة الآفات الاجتماعية، بل على العكس، شهدت الهجرة غير الشرعية أو ما يُعرف شعبياً "بـ"الحرقة" تنامياً رهيباً في السنوات الـ 10 الماضية.



محاربة الفساد

وبات طلاب الجامعات يتفاعلون مع كل حدث تشهده البلاد. وفي حين تزامنت مسيرتهم العاشرة هذا الثلثاء مع مثول رئيس الوزراء السابق، أحمد أويحيى أمام محكمة سيدي أمحمد في العاصمة، للتحقيق معه في قضايا فساد وتبديد أموال، رفع المتظاهرون شعارات تدعو إلى "محاربة الفاسدين"، محمّلين العدالة مسؤولية "تطهير البلاد" من المتورّطين في ملفّات نهب المال العام، مطالبين بمحاسبة "كل مشارك في خيانة البلد والشعب".


بريق الجامعة

وعلت أصوات الطلاب كالعادة إصراراً على مواصلة مسيرة التغيير وصدحت الحناجر بهتاف "حلوا البينان خلوا الطاليب يبان" أي "افتحوا الأبواب أتركوا الطالب يبرز"، وهي بمثابة دعوة للنظام السياسي إلى تسليم المشعل لجيل الشباب حتى يبني بلاده بعيداً من الوصاية وجيل الثورة (ضد الاستعمار الفرنسي) الذي ظلّ مسيطراً على مقاليد الحكم في البلاد أكثر من نصف قرن. ويعتقد مراقبون أن التظاهرات الطالبية الأسبوعية شكّلت عاملاً حاسماً في ترجيح كفة الشعب على السلطة الحاكمة، بعدما استعاد الطلاب مكانتهم الطبيعية كقوة اجتماعية مؤثرة في رسم سياسات البلاد وخططها المستقبلية. ويعتقد إسلام (24 سنة) الطالب في جامعة بوزيعة في أعالي العاصمة، أن "الجامعة بدأت تستعيد بريقها منذ اندلاع حراك 22 فبراير، بعدما ظلت فئة الطلاب مهشمة لسنوات، وبعيدة من الساحة السياسية تراقب الأحداث من بعيد". وأكد أن مسيراتهم الأسبوعية "بات يُحسب لها ألف حساب لأن النظام السياسي يتخوّف من التنظيم"، وهي أهم صفة تميّز تظاهراتهم. كما تحولت تظاهراتهم إلى رابطة قوية مع المسيرات المليونية التي تشهدها مدن جزائرية عدة كل يوم جمعة، للدعوة إلى رحيل كل رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي