Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان المغربي يصادق على تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال

تحاول الرباط التجاوب مع ملاحظات المنظمة الدولية التي تصنفها في "المنطقة الرمادية" في هذا المجال

سياح ومغربيون يتجمعون بساحة جامع الفنا في مراكش في 5 نوفمبر 2016 (أ ب)

صادق مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى) على مشروع قانون متعلق بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي والقانون المتعلق بمكافحة غسل الأموال. وبحسب وزارة العدل المغربية، التي اقترحت مشروع القانون، فإن القانون الجديد يندرج في إطار "جهود المغرب الرامية إلى تعزيز المنظومة القانونية المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وملاءمتها مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا الباب من طرف مجموعة العمل المالي. كما يهدف مشروع القانون المذكور إلى تجاوز أوجه القصور التي تضمنها نص القانون الحالي والمستمدة أساساً من المؤاخذات التي أبان عنها تقرير التقييم المتبادل الذي خضعت له المملكة المغربية في جولتيه الأولى والثانية".

الملاءمة مع القوانين الدولية

وكانت "مجموعة العمل المالي" وضعت المغرب إلى جانب ثلاث دول أخرى، خلال فبراير (شباط) الماضي، في اللائحة الرمادية للدول التي تعاني من أوجه قصور استراتيجية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويربط مراقبون التعديل الجديد للقانون بمحاولة المغرب التجاوب مع ملاحظات المنظمة الدولية، إذ يعتبر رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، محمد  الغلوسي، أن "التعديل يأتي في إطار التجاوب مع تقرير فريق العمل المالي، الذي سبق أن صنف المغرب في "المنطقة الرمادية"، ووجه انتقادات للرباط بخصوص مجال مكافحة جرائم تبييض الأموال، واعتبر أن المملكة مقصرة في ذلك الاتجاه، وبالتالي طلب منها التجاوب في إطار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد"، مشيراً إلى أن "المغرب كان انزعج من تلك الملاحظات، لكن تبين له فيما بعد، مدى ضرورة تطويق تلك الجريمة التي لها تداعيات اقتصادية واجتماعية وأمنية".
من جانب آخر، أكد الخبير المغربي في القانون العام، محمد البوشوكي، أن "التعديل الجديد يدخل في إطار ملاءمة المغرب لتشريعاته مع القوانين الدولية"، مشيراً إلى "السرعة الكبيرة التي أصبحت تتطور بها هذه القوانين الدولية، بهدف مواكبة التحول الهائل الحاصل في مجال الجرائم المالية، وبالخصوص تبعاً للتطور الكبير في المجال التكنولوجي، مما يلزم القوانين الوطنية بمسايرة تطور القوانين الدولية". وسبق لوزارة الخارجية الأميركية أن أشارت في أحد تقاريرها إلى أن مجال محاربة تبييض الأموال في المغرب ما زال تعتريه نقاط ضعف عدة، مؤكدة أن "الموقع الجغرافي للمملكة يجعل منها نقطة جذابة من أجل التهريب والاتجار في البشر والهجرة السرية، فيما حددت مكامن ضعف مجال مكافحة غسل الأموال في وجود القطاع غير المهيكل، إضافة إلى انتشار المعاملات النقدية، وارتفاع حجم التحويلات المالية". لكن الخبير الاقتصادي، المهدي فقير، ينفي أن يكون للمغرب مكامن ضعف في مجال مراقبة الجرائم المالية، مؤكداً أن "القانون الجديد من شأنه تطوير العمل المؤسساتي وتكثيف التنسيق مع مختلف المتدخلين سواء الأمنيون أو الاقتصاديون والماليون، إضافة إلى تحصين المجال المالي المغربي إزاء شبهات تبييض الأموال".

فعالية القانون

ويرى الغلوسي أن "القانون الجديد من شأنه تغطية نواقص القانون القديم، على الرغم من وجود تخوفات، تُعتبر مشروعة، في تطبيق بعض بنوده، مثل إلزام بعض المهنيين بالتبليغ عن بعض الأعمال المشبوهة، وبالتالي فإن طبيعة تطبيق القانون الجديد هي ما ستكشف عن مدى فعاليته وعن أهدافه الحقيقية التي نأمل أن تتجه لمكافحة الفساد بشكل عام، وضمان الشفافية والمنافسة الحرة في المجال المالي والاقتصادي، باعتبار أن الأموال التي يتم تبييضها، تأتي من مصادر غير مشروعة، ويتم غسلها من أجل القيام بأنشطة مشبوهة". ويشير الغلوسي إلى "تصريحات حكومية تؤكد تداول أموال لا يُعرف مصدرها، إضافة إلى قيام بعض الشركات بعمليات تبييض الأموال، وبالتالي يجب العمل على مكافحة تلك الجرائم لتفادي التداعيات الأمنية لها، نظراً لما يقع في بعض الدول من استغلال العصابات الإجرامية لتبييض الأموال التي قد تُستخدم في تمويل عمليات إرهابية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ما الجديد؟

وأضاف القانون الجديد أحكاماً ومجالات جديدة، في سبيل ضمان مكافحة ناجعة لجرائم تبييض الأموال، حيث أضاف عقوبات تأديبية إلى العقوبات التي تُصدرها سلطات الإشراف والمراقبة في حق الأشخاص الخاضعين، كالتوقيف المؤقت أو المنع أو الحد من القيام ببعض الأنشطة أو تقديم بعض الخدمات، إضافة إلى رفع الحدين الأدنى والأقصى للغرامة المحكوم بها على الأشخاص الذاتيين في جريمة غسل الأموال المنصوص عليها في الفصل 3-574 من مجموعة القانون الجنائي.
كما أدخل القانون الجديد تغييرات على السلطات الحكومية المعنية بمراقبة جرائم غسل الأموال، عبر إضافة السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية، لتشديد المراقبة على الكازينوهات ومؤسسات ألعاب الحظ، ووضع آلية قانونية وطنية لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة بالإرهاب وتمويله وانتشار التسلح، يُعهد إليها السهر على تطبيق العقوبات المالية من خلال تجميد ممتلكات الأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين الواردة أسماؤهم في اللوائح الملحقة بالقرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وفق المساطر المعمول بها في هذا المجال.
وشدد الخبير البوشوكي على أهمية بعض البنود الجديدة في الحد من توسع مدى الجرائم المالية، من قبيل تسهيل عمليات تعقب ومصادرة الأموال التي تم جنيها بطرق غير مشروعة، إضافة إلى تكليف وزارة السكنى بمراقبة الوكلاء العقاريين، واهتمام إدارة الجمارك في مجال تجارة المعادن العادية والنفيسة والأعمال الفنية.  

غياب معطيات

وفي ظل غياب تصور رسمي حول مدى وجود ظاهرة تبييض الأموال في المغرب، يطالب الغلوسي بضرورة "التحلي بالشفافية عبر إصدار معطيات رسمية حول حجم تلك الظاهرة نظراً إلى تزايد حدتها في المغرب". كما يدعو إلى "إعادة النظر في الاختصاص القضائي لضمان نجاعة كبيرة في مكافحة تلك الجرائم".

المزيد من العالم العربي