Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"التنين الصيني" يعود إلى سوريا عبر "طريق الحرير"

ليس عبثاً أن تبدأ العربة الصينية تقدمها تزامناً مع مشروع "الحزام الواحد"

 ستعمل الصين على تطوير شبكة سكك الحديد في سوريا (اندبندنت عربية)

تراقب الصين التطورات الحاصلة في سوريا بعين سياسية وأخرى اقتصادية، وتتأهب لبدء سباق إعادة الإعمار لتأذن لشركاتها العملاقة، كما هو تنينها، الرمز المحبب للشعب الصيني وحكومته، للانطلاق في رحلة استثمارات كبيرة نحو بلد مزقته الحروب، ساعيةً إلى كسب صفقات إعادة الإعمار من بوابة طريق الحرير.

استثمارات وصناعة

وفي ظل الهجمة الاقتصادية التي زادت من قتامة المشهد السوري، وتداعيات الحصار وارتفاع حدته لاسيما من باب شح النفط وحظر إدخاله إلى سوريا، وتوعّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشنّ حرب اقتصادية ضدها، تسعى الصين بخفة إلى إعادة إحياء طريق الحرير، وهو الطريق التاريخي القديم للقوافل التجارية، الذي تقع إحدى محطاته في سوريا والعراق. ولم تفوّت الحكومة السورية فرصة المشاركة في فعالية نظمتها الصين ضمن مشروع أطلقت عليه اسم "الحزام الواحد" في 25 أبريل (نيسان) الحالي، لتخرجها من الحصار المفروض عليها دولياً وإقليمياً. وذكرت مصادر مأذونة فإن الصين ستوجد في الأيام المقبلة على الساحة السورية كلاعب اقتصادي أساسي.



النظام العالمي

ويجد الاقتصاديون السوريون الاتجاه نحو الشرق مفيداً. ويرى الباحث الاقتصادي ليون زكي أن "حتى الدخول في تكتلات أوارسية أمر وارد، ومن بينها منظمة شنغهاي، التي تأسست في 15 يونيو (حزيران) 2001 لما تمنحه من كوة أمل للسوريين، عبر توفير تحالفات اقتصادية مميزة، لتنضم إلى دول انضمت حديثاً إلى المنظمة مثل أرمينيا وأذربيجان والنيبال وكمبوديا". وأردف زكي العائد من بكين قائلاً إن "نسبة الاستثمارات الدولية لمنظمات مثل شانغهاي وبريكس تزداد، وهما تكسران احتكار القطبية الواحدة في النظام العالمي وتمنحان مشاركة للدول المنضمة إليها مشاركة فعالة في المصارف وتمويل المشاريع".

الصين وبريكس

وتنتظر الصين التي تُعد من أبرز دول البريكس، إلى جانب روسيا الاتحادية الداعمة لسوريا منذ العام 2011، "ساعة الصفر" لإعادة إعمار البلاد التي دمرتها الحرب، وهي لم تنازع حليفتها الروسية لتحصل على موطئ قدم عسكري لها هناك. ووفق المعلومات المتوافرة فإن المشاريع والصفقات التجارية التي يتأهب "التنين الصيني" للدخول في مجالاتها، تتعلق بقطاعات النقل، لا سيما مع دخول شركات عقارية ضخمة قادرة على بناء مجمعات سكنية بطوابق عالية، لتقدم المساعدة إلى سوريا التي تهجّر ونزح 6 ملايين من مواطنيها تقريباً، ودُمرت نصف بناها التحية، فيما قدّرت الحكومة السورية تكلفة إعادة الإعمار بـ 400 مليار دولار.



شراكة اقتصادية

ولن يستطيع حلفاء دمشق، وتحديداً روسيا وإيران، مهما بلغت قوة شركاتها التي تنوي العمل على الأرض في مرحلة ما بعد الحرب، أن تفيا بكل ما يجب فعله لإعادة سوريا إلى مرحلة ما قبل اندلاع الأحداث الأخيرة في العام 2011. وتقدر مصادر سورية بأن البلاد تحتاج إلى ما بين 25 إلى 30 سنة، لكي تعود كما كانت، مع اقتصاد متعافٍ من خسائر أثقلته وتضخم بالعملة غير مسبوق، في وقت بلغ حجم التبادل بين البلدين 2.27 مليار دولار في العام 2008 ليرتفع محققاً أعلى معدل له في أولى سنوات الحرب بـ 3.5 مليار دولار، ليعود ويسجل انخفاضاً حاداً بلغ 210 ملايين دولار في العام 2014 مع تراجع الصادرات والصناعات.

الصناعات البحرية

وليس عبثاً أن تبدأ العربة الصينية تقدمها من طريق قطاع النقل، بالتزامن مع نداءات بإعادة تفعيل "طريق الحرير". وأفادت مصادر مطلعة في مجال النقل البري والبحري بأن الاستثمارات الصينية ستكون حاضرة بقوة في مشاريع المواصلات من خلال مد سكك الحديد وإنشاء مدينة صناعية بحرية ضخمة في منطقة "عرب الملك" في الريف الساحلي وتنفيذ طرق سيارات دولية وغيرها من المشاريع، وهذا ما يفسر اللقاءات بين مسؤولين سوريين وصينين في الفترة الأخيرة، وأبرزها لقاء السفير الصيني في دمشق فنخ بياو، مع وزير النقل علي حمود.

انتزاع مكانة بكين

وسيشكل دخول بكين إلى قلب البلد الذي يُعَد حلقة ربط بين قارات ثلاث، منازعاً قوياً لطهران الساعية إلى اللحاق بركب الحليف الروسي في الحصول على امتيازات واتفاقيات، أبرزها عقد استثمار ميناء طرطوس مدة 49 سنة. ولا يتوجس الأصدقاء والحلفاء فحسب من دخول الصين مجدداً

إلى الساحة السورية، بل إن الولايات المتحدة التي تشاهد الاستثمارات الصينية تتنامى في الشرق الأوسط وتتمدد بشكل مخيف بالنسبة إلى اقتصاداتها وسياساتها بالمنطقة، قلقة جداً أيضاً بخاصة بعد انتزاع الأخيرة عقداً لاستثمار ميناء حيفا في وقت سابق مدة 25 سنة، ما يعني أنها لن تكتفي بالتفرج على النمو المتزايد لهذا العملاق.

إعادة الأمجاد

أما "الحزام الواحد" فهو المشروع الذي طفا على سطح الاقتصاد العالمي في العام 2013، وأطلقته الصين لتعيد أمجاد طريق الحرير في قمة عُقِدت في 25 أبريل (نيسان) الحالي بمشاركة 37 دولة من بينها سوريا، فيما لم ترسل أميركا مَن يمثلها إذ تنظر بريبةٍ إلى هذا المشروع وتعتبره بداية الهيمنة الصينية على الاقتصاد العالمي. ويكشف مركز الأمن الأميركي أن مشاريع البنى التحية التي تموّلها بكين تعرّض مشاريع البنية التحتية الخاصة بالاتصالات في الدول المتعاونة إلى المساومة أو وضع البلد المتعاون وسط التنافس الإستراتيجي بين العملاق الأصفر وقوى عظمى أخرى.

الطريق القديم

وتمرّ القوافل عبر "طريق الحرير القديم" الذي يمتد من شمال الصين، ثم تنقسم إلى قسمين، الأول شمالاً يبدأ من بلغاريا وعبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم وحتى البحر الأسود وبحر مرمرة والبلقان وصولاً إلى البندقية. أما الثاني فجنوباً يمرّ من تركستان وخراسان إلى بلاد العراق والأناضول وسوريا عبر تدمر والبحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق إلى مصر وشمال أفريقيا، حيث كان لهذا الطريق دور في ازدهار الحضارات القديمة الصينية والمصرية والهندية والرومانية.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد