Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تحتاج لبذل جهد كبير لإنجاح قمة المناخ "كوب 26"

إن تجنب أسوأ آثار الأزمة المناخية على قدر كاف من الأهمية، لكن هذا ليس السبب الوحيد الذي يجعل قمة غلاسكو وازنة في حسابات المملكة المتحدة

النجاح في قمم "كوب" للمناخ ليس مضموناً. فالاجتماع الأخير في مدريد كان دون المستوى، وفشلت قمة كوبنهاغن في 2009 (أ ب)

صدقوني، إن دبلوماسية المناخ ليست سهلة وهناك الكثير على المحك. عندما كنت على رأس وفد المملكة المتحدة في محادثات المناخ الأممية لعام 2015 في باريس، رأيت عن كثب الجهود العميقة للمضيفين الفرنسيين - قبل وأثناء القمة - والتي تُوجت باتفاقية باريس التاريخية.

وبتوليها دور المضيف لقمة المناخ المقبلة، "كوب 26" في غلاسكو، فإن المملكة المتحدة تحتل موقعاً يحظى بثقة كبيرة. وعلى الرغم من أن تجنب أسوأ آثار أزمة المناخ يعد أمراً مهماً بدرجة كافية، باعتباره هدفاً من أهداف دبلوماسية المناخ، إلا أن هذا ليس السبب الوحيد الذي يجعل قمة المناخ مهمة بالنسبة للمملكة المتحدة.

وتمثل قمة غلاسكو النقطة التي يجب أن يلتزم فيها قادة العالم بتحقيق طموح أكبر في مسألة المناخ، وإبقاء هدف اتفاقية باريس المتمثل في وقف زيادة الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية قريب المنال. وستخضع الطريقة التي ندير بها هذه المحادثات لتدقيق شديد، وستحدد الانطباعات الدولية عن المملكة المتحدة لسنوات مقبلة.

إن النجاح في قمم "كوب" للمناخ ليس مضموناً في جميع الأحوال. لقد كان الاجتماع الأخير في مدريد دون المستوى، وفشلت قمة كوبنهاغن لعام 2009 على نحو فادح في تلبية التطلعات. لكن الرياح مواتية لغلاسكو – حيث لم يكن بإمكاننا أن نتخيل في عام 2015 ما وصلنا إليه الآن.

لقد باتت الجغرافيا السياسية العالمية تسير مع تيار العمل المناخي، وحدثت طفرات تقنية متسارعة مع انخفاض التكاليف، والتزم شطر كبير من كبريات الشركات في العالم بالتغيير التحويلي [يراعي موارد البيئة].

لكن هذا لا يكفي، إذ لا يزال النجاح يتطلب بذل جهد دبلوماسي كبير من الآن وحتى نوفمبر (تشرين الثاني). ومع أن هذا بدأ يحدث بلا شك، إلا أن قمة القادة التي تستضيفها الولايات المتحدة هذا الأسبوع حول المناخ ستطلق إشارة بدء السباق بشكل جدي.

لقد ساعدت الولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس أوباما في إنجاح قمة باريس، وبعد خمس سنوات من التقاعس إزاء تغير المناخ في عهد ترمب، قاد جو بايدن حملة انتخابية رئاسية وفاز فيها بالاعتماد على أجندة مناخية تعتبر الأكثر طموحاً في تاريخ الولايات المتحدة. وبينما نتوقع تعهداً أميركياً جريئاً جديداً قبل القمة، سيكون من الصعب المبالغة في أهمية عودة واشنطن إلى قيادة العالم وتوجيه دفته في مواجهة تغير المناخ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن خلال الجمع بين الدول ذات الانبعاثات الكبرى والرائدة والمتضررة بتغير المناخ في يوم الأرض، سيوازن الرئيس بايدن بين خلافات عسيرة مع الحضور، بمن فيه الرئيس الصيني شي جينبينغ والبرازيلي جائير بولسانارو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وبالاستفادة من هذا الالتزام الأميركي المعزز بالعمل المناخي، يمكننا أن نأمل في توقع تحرك دول أخرى مثل كندا واليابان وكوريا الجنوبية [ورفعها راية حماية المناخ].

لكن هناك أيضاً على جدول الأعمال مسألة دعم الدول الفقيرة، التي لا تستطيع ببساطة تحمل فاتورة أزمة المناخ، بعد أن أطاحت [الأزمة] نشاطها الزراعي وبنيتها ​​التحتية. كما لا يمكنها تحمل اتخاذ الخطوات اللازمة لخفض انبعاثاتها الحرارية. ويتفاقم كل هذا بسبب الديون المتزايدة على الاقتصادات الهشة التي انهارت خلال أزمة "كوفيد". فقبل ست سنوات من قمة باريس، التزمت الدول الأكثر ثراءً بتقديم منح بقيمة 100 مليار دولار أميركي (71.8 مليار جنيه استرليني) سنوياً لتمويل مكافحة تغيير المناخ بحلول عام 2020. وحتى عام 2021، لم يُلتزم بهذا الوعد؛ وسنفقد ثقة الدول الفقيرة إذا لم يُقدم هذا الدعم قريباً. وسيكتسي التمويل أهمية بالغة في المفاوضات، لأن التوصل لاتفاق في غلاسكو سيكون مستحيلاً من دون ثقة هذه الدول الفقيرة.

بطبيعة الحال، لن تحل القمة الأميركية كل شيء، ولن تحلها مختلف التجمعات الهامة الأخرى في عام 2021، بما في ذلك قمة مجموعة السبع وقمة مجموعة العشرين. لكن يجب على القادة العمل بجد لبناء الزخم [تحريك عجلة]  في قمة غلاسكو وما بعدها.

وتعتبر هذه المهمة في المقام الأول، مهمة مستضيف القمة. لقد كان رئيس وزراء فرنسا السابق لوران فابيوس، ومن خلفه الثقل الكبير لوزارة الخارجية الفرنسية، نشيطاً، وعمل على حشد نفوذ منصبه لتحقيق اتفاق باريس.

آمل بشدة بأن تكون المملكة المتحدة قد تعلمت من ذلك. ويبذل ألوك شارما جهوداً حثيثة وجدية باعتباره الرئيس المعيّن لقمة المناخ، وكنت سعيدةً بجعله يتفرغ لعمله بدوام كامل كما اقترحت العام الماضي. لكنه يحتاج إلى مساعدة زملائه الوزاريين الكبار لحشد الثقل الهائل لهيئات الخدمات المدنية والدبلوماسية البريطانية لإنجاز هذه المهمة. ويلعب مستشار الخزانة [وزير المالية] ريتشي سوناك، في هذا الصدد، دوراً حاسماً في العمل مع نظرائه في الدول الغنية لحل مسألة الوصول إلى التمويل وتخفيف عبء الديون على الدول الأقل تقدماً، وكذلك في الداخل لتوفير الاستثمار اللازم لتحقيق تعهدات المملكة المتحدة الأخيرة بشأن المناخ، والتي حظيت بترحيب كبير وكانت رائدة على مستوى العالم.

وعلى الرغم من كونها رائدة في مجال تمويل جهود مكافحة تغيير المناخ، ينبغي الإقرار بأن مهمة المملكة المتحدة أصبحت أكثر صعوبة بسبب قرار الحكومة قطع مساعدات التنمية الخارجية في العام الماضي. وهذا يقوض نفوذ بريطانيا في الضغط على الدول المانحة لتخفيف قيودها التمويلية أو على الدول النامية التي قُطع عنها التمويل بينما هي في أمس الحاجة إليه.

في هذا الجانب، يضطلع البرلمان البريطاني بدور لدعم التدقيق العالمي. وتتفهم الغالبية العظمى من الشعب البريطاني الحاجة الملحة للعمل بشأن المناخ، وينتظرون من نوابهم محاسبة الحكومة على أخطائها مثل قرار خفض المساعدة. كما يتعين على جميع كبار الوزراء المثول أمام المجلس لشرح دورهم في إنجاح هذه القمة الحاسمة، وهي أكبر قمة تستضيفها المملكة المتحدة على الإطلاق.

في نهاية المطاف، سيُحدد النجاح في قمة "كوب-26"، كما كانت الحال في باريس، من قبل أولئك الأكثر طموحاً. ويعني هذا، أصحاب المصلحة الكبرى، أي البلدان الأكثر تأثراً في العالم بتغير المناخ، والتي على رغم أنها تسهم بأقل قدر في المشكلة تتحمل العبء الأكبر من الآثار والتكاليف.

يمكن أن تنجح المملكة المتحدة، ولقد أحدثت عودة الولايات المتحدة تغييراً كبيراً. لكن النجاح ليس مضموناً، ولهذا يحتاج شارما إلى رئيس الوزراء ووزير الخارجية ووزير المالية للانضمام إليه في بذل أقصى الجهود إذا أرادت المملكة المتحدة الخروج من قمة غلاسغو للمناخ برأس مرفوع.

آمبر رود هي وزيرة خارجية سابقة لشؤون الطاقة وتغير المناخ. كانت أيضاً رئيسة وفد المملكة المتحدة في قمة المناخ "كوب-21".

© The Independent

المزيد من آراء