فيما تتوقع الحكومة المصرية ضخ استثمارات كلية تصل إلى 1.25 تريليون جنيه (79.8 مليار دولار) في الخطة الاستثمارية للعام المالي المقبل 2021/ 2022، مقارنة بنحو 740 مليار جنيه (47.2 مليار دولار) تتوقعها الحكومة المصرية خلال العام المالي الحالي، لكن الرقم الكبير في الالتزامات الخاصة بالديون الخارجية يبقى أكبر التحديات في هذا الملف.
ووفق بيان حديث لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في الحكومة المصرية، توقع مجلس الوزراء المصري أن ترتفع مخصصات الاستثمارات العامة خلال العام المالي 2021/ 2022 بنسبة 27.6 في المئة أي ما يمثل 469 مليار جنيه (29.96 مليار دولار) من 1.76 تريليون جنيه (112.46 مليار دولار) تمثل إجمالي الإنفاق العام في موازنة العام المالي المقبل، والتي تستهدف الحكومة منها التركيز على تحسين البنية التحتية وجودة الخدمات العامة المقدمة للمواطنين.
وأشارت وزارة التخطيط إلى أن الخطة الاستثمارية تستهدف تحقيق مزيد من النمو في الاستثمارات الموجهة للقطاعات الإنتاجية بنسبة 125 في المئة، مع ارتفاع نمو الاستثمارات الموجهة لبناء الإنسان بنسبة 70 في المئة، وزيادة نمو الاستثمارات الموجهة للقطاعات الخدمية بنسبة 30 في المئة.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة التخطيط أن الحكومة تستهدف زيادة نسبة الاستثمارات المخصصة للمشروعات الخضراء إلى 30 في المئة في العام المالي المقبل 2021/ 2022.
مصر تعتمد على هذه المؤشرات
يلفت الدكتور عماد كمال، محلل الاقتصاد الكلي، إلى أن الحكومة المصرية تعتمد على عدد من المؤشرات والأرقام في خطتها الاستثمارية للعام المالي المقبل، أهمها تحقيق فائض جيد في الموازنة، وفق ما أعلنت وزارة المالية المصرية قبل أيام.
وأوضح في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن الحكومة استغلت الأرقام الإيجابية التي حققتها منذ تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، وتمكنت من تجاوز التداعيات والمخاطر التي خلفتها جائحة كورونا منذ منتصف العام الماضي، وهو ما تشير إليه شركات الاستشارات العالمية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
في الوقت نفسه، تشير البيانات الرسمية إلى تطور حجم الاستثمار في مصر، حيث بلغت الاستثمارات الكلية "العامة والخاصة" نحو 721.1 مليار جنيه (46.07 مليار دولار) خلال العام المالي 2017/ 2018، مقارنة بنحو 514.3 مليار جنيه (32.86 مليار دولار) خلال العام المالي 2016/ 2017.
وخلال العام المالي 2015/ 2016 بلغت الاستثمارات الكلية التي ضختها الحكومة المصرية نحو 392 مليار جنيه (25.047 مليار دولار) مقارنة بنحو 333.7 مليار جنيه (21.322 مليار دولار) خلال العام المالي 2014/ 2015. ووفق هذه البيانات، فقد ارتفع إجمالي الاستثمارات التي ضختها الحكومة المصرية منذ عام 2015 وحتى العام المقبل بنحو 916.3 مليار جنيه (58.549 مليار دولار)، بنسبة زيادة تبلغ نحو 254.8 في المئة.
كما تشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بنسبة 84.7 في المئة، ليصل إلى 7.72 مليار دولار خلال العام المالي 2017/ 2018 مقارنة بنحو 4.18 مليار دولار خلال العام المالي 2013/ 2014.
وقال كمال، إن الفترة الحالية تشهد تقدماً ملموساً في تهيئة المناخ الاستثماري العام في مصر، سواء على صعيد تأسيس الشركات أو التسهيلات التي تقدمها الحكومة المصرية للمستثمرين، مشيراً إلى أن العائد على الاستثمار في مصر في الوقت الحالي مرتفع جداً مقارنة بعائد الاستثمار في عدد من دول المنطقة.
وأوضح أن جميع القطاعات في مصر تتحمل المزيد من الاستثمارات سواء في مجال البنية التحتية أو القطاع العقاري أو سوق الأسهم، وأيضاً سوق الدين المصرية أصبح في الوقت الحالي أكثر جاذبية مقارنة بالأسواق الناشئة، وهو ما يعود بشكل مباشر إلى استقرار سوق الصرف واستمرار الجنيه المصري في تحقيق مكاسب مقابل الدولار الأميركي بخلاف عملات الأسواق الناشئة التي تشهد موجة من النزيف منذ اندلاع أزمة كورونا.
تراجع إيرادات السياحة
وفي تقرير حديث، توقع بنك "بي أن بي باريبا"، أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 3.1 في المئة خلال العام المالي الحالي 2020/ 2021، انخفاضاً من 3.8 في المئة خلال العام المالي الماضي، على خلفية تراجع إيرادات قطاع السياحة مع انتشار جائحة كورونا في البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن الدعم المالي والمساعدات الخارجية لعبا دوراً محورياً في صمود النشاط الاقتصادي في البلاد في مواجهة التداعيات الناجمة عن الجائحة. وجاءت توقعات البنك للعام المالي الحالي أعلى قليلاً مقارنةً مع توقعات "فيتش سوليوشنز" التي توقعت أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر بنسبة 2.9 في المئة فقط خلال العام المالي الحالي.
وكانت وكالة "فيتش"، قد ذكرت أن مصر قد تكون ضمن ثلاثة اقتصادات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من المتوقع أن تعود إلى مستويات نمو ما قبل الجائحة في العام المالي المقبل بمعدل نمو قد يصل إلى 5 في المئة. لكن من المتوقع أن يتسع العجز في الحساب الجاري إلى 3.9 في المئة خلال العام المالي 2020/ 2021، مع توقعات بتراجع إيرادات السياحة بنحو 40 في المئة مقارنة بالعام المالي الماضي.
وذكر التقرير أن الطرح المحدود للقاحات المضادة لفيروس كوفيد-19 في مصر يعني أن الوضع الصحي لا يزال سبباً رئيساً في عدم اليقين، والذي قد يستمر في التأثير على الاقتصاد المصري. وأشار إلى استمرار ضعف الحساب الخارجي للبلاد كعائق محتمل للانتعاش الاقتصادي في مصر على المدى المتوسط.
ارتفاع التزامات الديون الخارجية
في الوقت نفسه، وعلى الرغم من الرياح المعاكسة، من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر بنسبة 5.3 في المئة خلال العام المالي المقبل 2021/ 2022، مدفوعاً بانتعاش الإنفاق الاستهلاكي وقطاع الإنشاءات. وكشف التقرير أن تعزيز الطلب المحلي والاهتمام بشكل خاص بالإنفاق الهيكلي وزيادة إنتاج البلاد من النفط والتعافي التدريجي لقطاع السياحة في مشروع الموازنة الجديدة من شأنه أن يحد من الانكماش المحتمل.
وسجل الميزان التجاري البترولي مستويات قياسية العام الماضي مع ارتفاع صادرات البلاد إلى 17 ألف برميل يومياً، على الرغم من استمرار تسجيل الميزان التجاري للمنتجات البترولية بشكل عام لصاف سلبي وصل إلى 101 ألف برميل يومياً. وارتفعت صادرات الغاز الطبيعي المسال أيضاً في نهاية العام الماضي مع تعافي الطلب الآسيوي، ومن المتوقع أن تسجل ما بين مليار وملياري دولار خلال العام المالي الحالي.
ولكن "تبقى توقعات صادرات الغاز الطبيعي المسال على المدى القصير غير مستقرة" بسبب تقلبات الأسعار في السوق الفورية، مما قد يعيق قدرة التصدير إن انخفضت الأسعار دون نقطة التعادل، بحسب التقرير.
وتوقع التقرير ارتفاع الالتزامات الخاصة بالمديونية الخارجية خلال العام المالي المقبل، لافتاً إلى أن تمويلات صندوق النقد الدولي ستوفر سيولة النقد الأجنبي على المدى القصير، لكن من المرجح أن تتراجع تدفقات النقد الأجنبي من الاستثمار في أدوات الدين الحكومية المصرية خلال العام المالي المقبل، بسبب جاذبية عوائد سندات الخزانة المرتفعة في الولايات المتحدة.
ورجح أن يرتفع الدين الحكومي إلى 94 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام المالي الحالي بسبب العجز المزمن في الموازنة وأسعار الفائدة الحقيقية ذات العائد الإيجابي منذ 2020. وعلى الرغم من ذلك، فمن المتوقع أن يتراجع العجز في الحساب الجاري بصورة طفيفة ليسجل 14.7 مليار دولار خلال العام المالي الحالي، وسيتراجع الدين العام تدريجياً إلى 89 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2023/ 2024.