Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتجه بنوك منطقة الخليج نحو العملات الرقمية؟

مقبلون على تغييرات غير تقليدية في التعامل المالي

تعد "بيتكوين" الأكثر تداولاً بين العملات الرقمية المشفرة (أ ف ب)

قبل بضع سنوات فقط، كان يُنظر إلى العملات الرقمية والمشفرة على أنها شيء هجين، ولكن الحال تغير اليوم مع ازدهارها وهرولة البنوك المركزية لإطلاق عملاتها الرقمية. إذ شرعت الصين في تجربة اليوان الرقمي في معظم مدنها، وبدأ الاتحاد الأوروبي يتحدث بصوت عال عن احتمالات ولادة اليورو الرقمي. ومنذ أيام أطلقت حكومة المملكة المتحدة فريق عمل "بريتكوين" لدراسة مستقبل استرليني رقمي. 

كما يبحث الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تقنية العملة الرقمية. وعلى الرغم من أنه لم يتحدث بصوت عال عن مستقبل "الدولار الرقمي"، لكنه والإدارة الأميركية منشغلان بدراسة تداعيات رقمية التنين على دولار العم سام.

وتبني البنوك المركزية للعملات الرقمية يُدخل العالم بلا شك في حقبة مالية رقمية جديدة أكثر ارتباطاً بتقنية "بلوكتشين" وأكثر بعداً من الأنظمة المالية التقليدية. لكن المخاوف من أن تقوض العملات الرقمية للبنوك المركزية نظيرتها في البنوك التجارية تؤرق مضاجع كبرى المصارف في العالم. ما تريده البنوك المركزية هو تشكيل عملة رقمية من صنع يدها تخرج من تحت عباءتها وتخضع لنفوذها وسيطرتها، ولا عجب في ذلك فهي لا تريد عملات مارقة ولدت في رحم الفضاء الشاسع غير محكومة بالقوانين والتشريعات المالية يمكن استخدامها في تمويل الإرهاب وغسيل الأموال. لا يختلف اثنان على أننا ندخل اليوم في حقبة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي و"بلوكتشين" والتي سرعت مخاضها جائحة كورونا في دفعها للعالم نحو الرقمنة، التي تطال اليوم القطاعين المالي والمصرفي. والسؤال هنا: إلى أين وصلت الرقمنة في المصارف الخليجية؟

وجد تقرير لـ "فينتش تايمز"، صدر في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن معظم منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا تتمتع بمستويات مختلفة من احتضان العملات المشفرة و"بلوكتشين"، كما هي الحال في بقية العالم، لا سيما مع ظهور أمثال "بيتكوين" والتحول الرقمي الأوسع في ظل جائحة كورونا. 

وأضاف التقرير أن دول مجلس التعاون الخليجي والكثير من دول الشرق الأوسط وأفريقيا تشهد اليوم تحولات تنموية اقتصادية ورقمية.

ولا تزال معظم مشاريع التنمية الحالية القائمة على "بلوكتشين"، والمعلنة في دول مجلس التعاون الخليجي، في المرحلة الأولي أو التأسيس، كما هي الحال في معظم أنحاء العالم.

عملات رقمية تخضع لنفوذ البنوك المركزية

ويقول المحلل في أسواق المال عميد كنعان، إن تبني العملات الرقمية لن يحل محل العملات النقدية وأن استخدامها سيكون موازياً لاستخدام النقد. 

ويرى أن العملة الرقمية لم تأخذ الوقت الكافي لكي تحل محل العملات النقدية، مشيراً إلى أن هذا التحول سيستغرق وقتاً أطول لإثبات فعالية هذه العملات.

وأوضح أنه لا يمكن مقارنة العملة الرقمية للبنوك المركزية مع العملات المشفرة الأخرى مثل "بيتكوين" على سبيل المثال، فهي عملة غير مسيطر عليه، بينما تريد البنوك المركزية الخروج بعملات تخضع لسيطرتها لتجنب العملات المشفرة التي تكون مستويات المخاطرة فيها كبيرة جداً. بالتالي إذا حازت العملات الرقمية التي ستطلقها البنوك المركزية على ثقة الناس وأثبتت فاعليتها، فستسحب البساط من تحت أقدام العملات المشفرة غير المنظمة وستخلق مساحة أكبر من التنظيم في عالم العملات الرقمية. 

سيُسمح للبنوك التجارية بتداولها

ويؤكد كنعان أن العملة الرقمية التي ستشرف عليها البنوك المركزية سيسمح للبنوك التجارية بتداولها جنباً إلى جنب مع العملات النقدية الأخرى، مشيراً إلى جنوح كبير نحو الرقمية في المنطقة الخليجية، فعلى سبيل المثال رخّص مصرف الإمارات المركزي، أخيراً، بنكين رقميين واحد في دبي والآخر في أبو ظبي، وأعلن خلال الأسبوعين الماضيين عن تقديم رخص لأخرى. بالتالي طالما أن الرقمية تحت عباءة البنوك المركزية فلا ضير فيها، وباعتقادي أنه على مستوى البنوك التجارية هناك من يعمل على أن تكون له بصمة في عالم الصيرفة الجديد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف أن "العصر الذي نعيشه اليوم يتطلب تغيراً جذرياً يواكب التحول نحو التكنولوجيا، بما في ذلك الشق المالي".

خليجياً، كان البنك المركزي السعودي (ساما) ومصرف الإمارات المركزي، قد أطلقا العام الماضي مشروع "عابر" كمبادرة مُبتكرة تعد من أوائل التجارب عالمياً على مستوى البنوك المركزية في هذا المجال. 

ويهدف المشروع إلى فهم ودراسة أبعاد إصدار عملة رقمية للبنوك المركزية، عبر استخدام تقنية السجلات الموزعة عن كثب من خلال التطبيق الفعلي، والتعامل مع هذه التقنيات بشكل مباشر، من أجل تنفيذ التحويلات المالية بين البنوك في البلدين بشكل يضمن تقليص مدة إنجازها وتخفيض تكلفتها، وذلك عن طريق إصدار عملة رقمية للبنكين المركزيين مغطاة بالكامل وتستخدم فقط من قبلها مع البنوك المشاركة في المبادرة كوحدة تسوية لعمليات البنوك التجارية في البلدين، سواء كانت محلية أو بين حدودهما.

العملات المشفرة ونفوذ البنوك المركزية

من جانبه، قال هيمنت جي جيتواني، المحلل المالي والمدير العام الإقليمي الأسبق للبنك العربي الأفريقي الدولي لمنطقة الخليج، لـ "اندبندنت عربية"، "لا أعتقد أن البنوك المركزية ستطلق العملات الرقمية في وقت قريب، ولن تُشرع العملات المشفرة التي نراها اليوم مثل بيتكوين لأن ذلك يعني تنازلها عن نفوذها وسلطتها المالية". 

وأضاف "الولايات المتحدة تدرس حالياً حظر العملات المشفرة، لأن هناك شخصيات في الظل تستخدمها. وهي على الرغم من ازدهارها لن يُعترف بها قبل أن تُشرعها البنوك المركزية، التي لا أعتقد أنها مستعدة بعد لهذه الخطوة".

وعن اليورو الرقمي و"بريتكوين" البريطانية، يقول إن "هذه الخطوات لا تزال في مراحل ابتدائية جداً، فما يقومون به مجرد تأسيس وحدات لدراسة العملة الرقمية، بالتالي الخروج بعملة رقمية حتى لا تتسلل إليها العملات المشفرة غير المُشرعة". 

العملة الرقمية والتبادلات التجارية

من جانبه، يقول المصرفي في دبي حسن الريس، "ليست كل البنوك التجارية لديها عمليات رقمية، في الإمارات على سبيل المثال لا تتعامل البنوك التجارية بها". 

وأضاف أن "أي قرار لإصدار عملات رقمية سيكون على مستوى البنوك المركزية وحكومات الدول، ولا أعتقد أنها ستجيز استخدامها على مستوى البنوك التجارية على الأقل في المرحلة الأولى".

ولا يتفق الريس مع فكرة أن العملة الرقمية للبنوك المركزية يمكنها تقويض نظيرتها في البنوك التجارية، فهو يرى أن العملات الرقمية لديها أغراض خاصة، مثل العملات النقدية.

وأوضح "إذا ولدت عملة رقمية لبنك مركزي فسيكون التعامل بها على مستوى البنوك المركزية للدول كوحدة تسوية، ولن تكون للاستخدام الفردي أو التجاري على الأقل ليس في المرحلة الأولى من الإصدار". 

وأضاف "على سبيل المثال مشروع عابر للعملة الرقمية سيكون على مستوى الإمارات والسعودية فقط. أيضاً لدى كل بنك تجاري نظام مدفوعات خاص به لا يمكن تغييره بين ليلة وضحاها، كما أن البنوك التجارية لديها نقد له استخدامات عدة، ربما يمكن استخدامه في عمليات الدفع المرتبطة بالتبادل التجاري مع دولة أخرى على سبيل المثال. لذلك أتوقع أن ينحصر استخدام العملة الرقمية في الجهات الرسمية كمرحلة أولى في مدفوعات التسوية ومن ثم ستأتي المرحلة الثانية والثالثة، عندها سيتاح للبنوك التجارية استخدامها بعد أن تثبت العملة الرقمية كفاءتها وتتعزز الثقة فيها".

تنظيم في مواجهة عملات الفضاء

وقال الريس إن "تحرك البنوك المركزية في العالم لإصدار عملة رقمية خاصة بها هو لتنظيم العملات المشفرة المنتشرة. أضف إلى ذلك، أن العملة الرقمية لأي بنك مركزي يجب أن تكون مقبولة لدى مؤسسات تجارية أخرى حتى قبل إصدارها، مثل شركات البطاقات المصرفية والدفع المرتبط بالتجارة. كما يجب أن تكون العملة الرقمية ذات تنافسية، ففي النهاية هي ضمن نظام مالي يجب أن تتحدث لغته، بخاصة أن الدفع الرقمي لحظي وسريع جداً".

اقرأ المزيد

المزيد من عملات رقمية