شابات قوامهنّ مذهل تبذلنَ كل شيء، كعوبٌ عاليةٌ ولباسُ سباحةٍ بكيني ضيّقٍ، للفت انتباه حكام المسام وكبار الشخصيات المدعوة. ولكن هذه ليست مسابقة جمال عادية أو كلاسيكية.
فالمشاركات يتحدّرنَ من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق، وتنافسنَ يوم السبت لنيل لقب "ملكة جمال الاتحاد السوفياتي" في المملكة المتحدة.
قدم بعضهنَّ إلى لندن من الخارج للمشاركة في المسابقة فيما بعضهنّ الآخر مقيمات في لندن.
قد يكون الاتحاد السوفياتي انهار منذ 28 عاماً ولكن في لندن يبدو أنه لم يندثر.
نُظمت مسابقة ملكة جمال الاتحاد السوفياتي في موسكو طوال ثلاثة أعوام قبل انهيار الاتحاد السوفياتي في العام 1991. وخلفتها مسابقة ملكة جمال الاتحاد السوفياتي في المملكة المتحدة التي أجريت في لندن لسبع سنوات.
واليوم، تتطور تلك المسابقة وتتوسع - عام 2018 أُجريت المسابقة نفسها في موناكو، وبحسب المنظّمين، يتوقّع أن تصبح حدثاً سنوياً- على وقع خطط لاستضافة المسابقة هذه في مونتينيغرو.
ولكن هذا العام، أقيمت المسابقة الرئيسة في 27 أبريل (نيسان) في فندق هيلتون الفخم في مايفير بلندن، وهي تضمّ شابات من بلدان الاتحاد السوفياتي سابقاً، وتشمل تلك التي احتلّها الاتحاد السوفياتي في العام 1940.
وعليه، يبدو أنّ الغالبية الساحقة من المشاركات هذا العام يأتينَ من أوكرانيا على الرغم من النزاع المتواصل الفصول مع روسيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"سنُظهر كيف أن الجمال قادرٌ على إنقاذ العالم"، هذا ما يقوله الموقع الرسمي لمسابقة ملكة جمال الاتحاد السوفياتي في بريطانيا.
ولكن وابل انتقادات من جهاتٍ متعددة وُجّه إلى المسابقة.
وقال أيان بوند السفير البريطاني السابق في لاتفيا والذي يشغل حالياً منصب مدير السياسة الخارجية في مركز الإصلاح الأوروبي لصحيفة "الاندبندنت" "تُظهر المسابقة قلّة ذوق خطيرة ونقصاً في الوعي التاريخي." وأضاف "تخيّلوا ماذا يحصل في حال نظّم أحدهم مسابقة جمال الرايخ الثالث للشابات المتحدّرات من بلدانٍ احتلّتها القوات النازية. أو حتى ملكة جمال الإمبراطورية البريطانية".
ولكن المنظّمين ينكرون وجود أيّ دافع عقائديّ وراء المسابقة. وتقول كاترينا بورسيفا التي شاركت في تنظيم المسابقة في العام 2012 للاندبندنت إنّ "اسم المسابقة لا علاقة له بالسياسة أبداً". وتجدر الإشارة إلى أنّ بورسيفا لم تعد مرتبطة بمسابقة ملكة جمال الاتحاد السوفياتي.
وتوافق كارينا بارولينا، وهي متسابقة من موسكو بلغت المرحلة النهائية في العام 2014، على هذا الرأي، إذا قالت إنّ المسابقة أطلق عليها هذا الاسم تيمناً بالاتحاد السوفياتي لتشمل عدداً كبيراً من الدول. وأضافت "أُطلقت عليها هذه التسمية لتجنّب حصول أيّ تمييز، إذ إنّها لا تضمّ مشاركات روسيات فحسب بل شابات تتحدثنَ اللغة الروسية أيضاً. هذه التسمية مفهومة أكثر".
تقوم المشتركات بتصوير مقاطع فيديو عن أنفسهنّ وبلدانهنّ، ويعرضنَها وهنّ يرتدينَ الزيّ الوطنيّ على المسرح. وعلى الموقع الرسمي للمسابقة، أُدرجت مشتركة من جمهورية القرم من بين الفتيات اللواتي يمثّلنَ روسيا.
وكانت روسيا ضمّت شبه الجزيرة الأوكرانية إلى أراضيها في العام 2014 في خطوةٍ اعتبرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة غير قانونية. ولا تعترف غالبية المجتمع الدولي بالقرم جزءاً من روسيا.
وفيا يصرّ المنظمون على أنّ المسابقة ليست سياسية، وجهوا دعوة سنوية إلى دبلوماسيين لحضور الحفل.
وقالت يوليا تيتوفا مديرة مسابقة ملكة جمال الاتحاد السوفياتي في بريطانيا "في الإمكان القول إنّ كلّ الشخصيات الدبلوماسية من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً لبّتْ الدعوة".
غير أنّ الدبلوماسيين من أوكرانيا وبيلاروسيا وأوزبكستان أعلنوا أن خبر هذه المسابقة تناهى إليهم للمرة الأولى من خلال الاندبندنت، وأكّدوا أنهم لم يحضروها أبداً من قبل.
وتردّدت تيتوفا في تسميتهم مضيفةً أنّ "الدبلوماسيين الكازاخستانيين حضروا المسابقة بسرورٍ بالغ. لست أدري إلى أي مدى هو ملائم سياسياً أن أذكر أسماءهم".
وأتى الدبلوماسيون من مولدوفيا لحضور المسابقة في العام 2016 بحسب ما أوردته صفحة مسابقة ملكة جمال الاتحاد السوفياتي على إنستغرام.
ولم يُجب ممثلو السفارتين الكازاخستانية والمولدوفية في المملكة المتحدة على طلب الاندبندنت منهم التعليق. وأعلن عدد كبير من دول الاتحاد السوفياتي السابق معارضتها المسابقة.
وورد في بيانٍ لسفارة ليتوانيا على موقعها على الإنترنت "تُظهر دعوة الفتيات الليتوانيات إلى المشاركة في الحدث الذي سُمي تيمناً بالاتحاد السوفياتي استخفافاً بالاستقلال الليتواني".
وقال الدبلوماسيون الليتوانيون في المملكة المتحدة للاندبندنت إنهم طلبوا من منظّمي المسابقة إزالة أيّ إشارة إلى ليتوانيا من سياقها، ولكن المنظّمين لم يمتثلوا لذلك.
وقال متحدّث باسم سفارة لاتفيا للاندبندنت إنهم ينصحون الشابات بعدم المشاركة في الحدث مشدّدين على أنّ اللواتي يفعلنَ ذلك "لا يمثّلنَ لاتفيا بأي شكلٍ من الأشكال".
وعبّر أليور تيلافوف المستشار السياسي لسفارة أوزبكستان عن استغرابه أيضاً إذ قال: "لسنا موافقين على هذه المسابقة ولا تربطنا أي صلة بها. ثمة من يحنّ إلى الاتحاد السوفياتي، على خلافنا".
ويورد موقع المسابقة أنها تجمع "ممثلين من عائلاتٍ ملكية ولوردات ومديرين ورؤساء تنفيذيين لشركاتٍ ومنظماتٍ عالمية".
ورفضت تيتوفا مديرة المسابقة الإدلاء بأيّ معلومات حول ضيوف هذا العام. وقالت إنّهم "شخصيات مؤثرة ونبيلة. إننا نهتمّ بخصوصية عملائنا ولا نكشف عن هذه المعلومات".
ويرى جون لوغ، خبير الشؤون الروسية في معهد تشاتام هاوس وممثل سابق لحلف شمال الأطلسي في موسكو، يسعى الحدث إلى تعزيز الحنين إلى الاتحاد السوفياتي ويأمل في استغلال ضيوف من كبار الشخصيات في خدمة مآربه". وأضاف "على الأرجح أنه يسعى إلى تعزيز أجندة تخدم روسيا مفادها أننا عائلة واحدة سعيدة مهما سبق وحدث على مرّ التاريخ. إننا معاً جميعاً". وهذه الرسالة "تخالف واقع الأمور".
وتتنافس الشابات للفوز بعقدٍ مع وكالة عرض أزياء عالمية تتغيّر كلّ سنة، وهذا العام بقي اسمها طيّ الكتمان.
وتقول تيتوفا إنّ الوصيفات سيحصلنَ على إقامة في فندق ريكسوس كيمير على الساحل التركي ورحلة لاستكشاف مونتينيغرو على يخت "ريانا" الفخم الذي يبلغ طوله 42 متراً.
وتجدر الإشارة إلى أنّ تيتوفا هي التي أطلقت مسابقة ملكة جمال الاتحاد السوفياتي في بريطانيا في العام 2012.
وكانت تيتوفا انتقلت إلى لندن قبل عامين من أطلاق هذه المسابقة، وعملت مُنظمة للمناسبات في أحد النوادي الليلية ولكنها سرعان ما قررت أنّها تودّ تنظيم مسابة جمال خاصة بها.
وأُطلقت عملية تصويت عبر الإنترنت على أكثر النساء حُسناً تخوّل الفائزات المشاركة في المسابقة. والأصوات تُباع بكلفة يورو واحد لثلاثة أصوات.
تُحدد كمية المال التي يبذلها داعمون متسابقةً من المتسابقة، الفائزة. إذ إنّ عدد الأصوات التي في وسع الشخص شراءها غير محدد. غير أنّ المال وحده ليس ضمانة المشاركة في الحفل، على قول جوليا ريبينوك، متسابقة أوكرانية وصلت إلى النهائيات في العام 2018.
وعلى الشابات اللواتي يفزنَ في هذه المرحلة الأولى أن يخضعنَ لمقابلة عبر سكايب.
وتقول ريبينوك إنّ "المنظمين ينظرون إلى قوام جسم المتسابقة ويطلبون منها المشي أمام الكاميرا".
بعدها، تدفع المتسابقات اللواتي يتمّ اختيارهنّ رسم اشتراك يبلغ 300 جنيه استرليني ويبدأ الاستعداد للحفل في أقرب وقت.
يُوظف مدرّبون ملهمون ومؤثرون لتدريب الفتيات قبل المسابقة. كما تتوافر الندوات عبر الإنترنت أمام من يودّ الانضمام. وفي إحدى تلك الندوات، تقوم إيكاترينا ليبيديفا وهي طبيبة نفسية ومتخصصة في علم الجنس، بتلقين المشتركات كيفية فرز الفيرومونات، وهي مركبات كيماوية تفرزها بعض الثدييات لجذب الجنس الآخر، حين المثول على المسرح.
وقالت ليبيديفا للفتيات "أصغينَ جيداً، عليكنَّ تذكير أنفسكنَّ أين يقع الأنبوب المهبليّ. نبدأ الآن بالضغط عليه، إننا نضغط عضلاتنا المهبلية. واحد، اثنان، ثلاثة. ستضمّ لجنة التحكيم رجالاً. أنتنّ لا تحتجنَ إلى وضع العطور. سوف تنبعث منكنّ رائحةٌ جاذبةٌ جنسياً وليس هذا مبتذلاً. لن يفهمَ الحكّام الذكور لماذا يحبونكنَّ، لكنهم سوف يحبونكنَّ".
شاركت ليبيديفا في مسابقة ملكة جمال الاتحاد السوفياتي في موناكو العام الماضي حيق التقت بزوجها المستقبليّ وهو عازف طبل روسيّ. وقالت إنّها تعرّفت عليه أثناء ندوتها عبر الإنترنت من خلال مصمّم رقص في المسابقة وأسرّت قائلةً "شاركت في المسابقة لأتزوج. لعلّ أحدهم سيراكم في مسابقة الجمال، وفيها بعض الرجال المحترمين. لذا، أحسنَّ التصرّف".
لا تتوافر البطاقات لحضور الحفل والتي تبدأ أسعارها من 400 جنيه إسترليني للبطاقة أمام عامة الجمهور لأنّه حدثٌ خاص أي لكبار الشخصيات فحسب.
وتقول تيتوفا "يقوم الشخص بملء استمارة على موقع الإنترنت ويقرر فريقنا برفضها أو قبولها."
ويستضيف الحدث عروض نجوم تلفزيونيين ونجوم البوب. وكان كلّ من سونيك وشايلا بونيك من فريق "بوني أم" ودي جاي سماش من بين النجوم الذين شاركوا وقدموا عروضاً ترفيهية في السنوات الماضية.
على الرغم من فخامة المسابقة، لا تجني الشركة المنظمة التي تملكها تيتوفا كثيراً من الأموال على ما هو ظاهر في موازناتها العامة الواردة في نظام تسجيل الشركات في بريطانيا.
في العام 2016، أعلنت الشركة عن ربحها الأول - 877 جنيهاً إسترلينياً من الأصول الجارية. وفي العام 2017، أظهرت عجزاً قدره 6.308 جنيه إسترليني. غير أنّ المسابقة تتلقّى دعماً مادياً كبيراً من الرعاة.
وتقول بورسيفا المنظمة السابقة للمسابقة "ما دامت الجهات الراعية تدفع الأموال، فإن المسابقة تُنظم".
ومن بين الرعاة شركة تأجير السيارات المرموقة "لندن لوكجوري شوفيورينغ" ومطاعم "بيت الكافيار"، و"نخبة لندن"، وهو حدث فخم حصريّ لنخبة من الأثرياء.
غير أنّ الداعم الأكبر لمسابقة ملكة جمال الاتحاد السوفياتي هي سلسلة فنادق ريكسوس الفخمة التي تشمل 25 فندقاً حول العالم.
تأسست ريكسوس على يد رجل الأعمال التركي فتاح تامنجى، ولكن وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني التي تسرّبت على موقع "فوتبول ليكس"، تسريبات عالم كرة القدم، ونشرها موقع أنباء البحر الأسود في العام 2016، فإن 50 في المئة من أسهم ريكسوس تعود إلى رجل أعمال كازاخستاني يُدعى توفيق عارف. وتربط هذا الأخير علاقات كثيرة بروسيا وكان يعمل في موسكو لمدة 17 عاماً في وزارة التجارة السوفياتية. كما أنّه مؤسس مجموعة "بايروك" التي تعاونت مع شركة ترمب في عددٍ من المشاريع.
وأوردت تقارير سابقة أنّ عارف متورّط في فضيحة جنسية - إذ قبض عليه برفقة تسع فتيات هوى روسيات خلال حفلةٍ على متن اليخت في تركيا في العام 2010، ووُجهت إليه تهم تمويل حلقة دعارةٍ ولكن براءته أُعلنت في العام 2011.
يقع منتجع ريكسوس سانغايت على بعد 80 كيلومتراً، حيث قضت المتسابقات النهائيات في مسابقة "ملكة جمال الاتحاد السوفياتي في المملكة المتحدة" عطلة في ربيع العام 2018. ومن المقرر أن تجري الزيارة المقبلة خلال هذا الصيف.
وتضع الجهات الراعية الأموال في مسابقة ملكة جمال الاتحاد السوفياتي في بريطانيا لتسويق أعمالها، على حدّ قول تيتوفا.
ولكن لا يقوم كثير من الرعاة بالترويج للمسابقة على مواقعهم الخاصة على الإنترنت.
وتضيف تيتوفا "نحن نضع إستراتيجية تسويقية لمدة عام ونوفر فرصاً أمام الشركات لجذب عملاء جدد. بالإضافة إلى تقديم جلسة تصوير مع متسابقاتنا".
© The Independent