Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف انهارت أسعار النفط قبل عام ولماذا ارتفعت بعد ذلك؟

هبوط سعر البرميل إلى السالب للمرة الأولى جعل التعاون بين "أوبك" والمنتجين من خارجها أقوى

مضخة نفط في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

شهدت أسواق النفط حدثاً غير مسبوق قبل عام، في يوم 20 أبريل (نيسان) 2020، حين هوت الأسعار إلى ما دون الصفر ووصل سعر برميل الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) عند الإغلاق ذلك اليوم إلى نحو 37- دولاراً، بينما كان عند بداية التعامل فوق 17 دولاراً للبرميل. وظل سعر خام برنت القياسي إيجابياً، لكنه هبط إلى نحو 9 دولارات للبرميل أي أعلى من كلفة إنتاجه في كثير من البلدان.

كانت تلك أول مرة يباع فيها النفط في العقود الآجلة بسعر سالب، أي من يبيع عقد النفط المستقبلي يدفع لمن يشتريه وليس فقط يبيعه مجاناً، ليس السعر السالب غريباً تماماً، ويحدث في أسعار السلع أحياناً حين يصل العرض إلى حد فوق التشبع ويتدهور الطلب وتكون السلعة غير قابلة للتخزين (مثل أسعار الكهرباء أو المنتجات الزراعية والغذائية غير قابلة للتخزين)، لكنها كانت المرة الأولى التي يهبط فيها سعر النفط دون الصفر.

مقدمات الهبوط

منذ عام 2017، اتفقت منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) مع مجموعة من الدول المنتجة من خارج "أوبك" في مقدمتها روسيا على التعاون للحفاظ على توازن سوق النفط ومعادلة العرض والطلب لضمان استقرار السوق. مع نهاية عام 2019 ومطلع العام الماضي ضعف الالتزام بالاتفاق وأخذت أسعار النفط في التراجع.

ثم جاءت أزمة وباء كورونا لتضاعف من تدهور الأسعار وسط مخاوف من تراجع حاد في الطلب العالمي على الطاقة عموماً. وبنهاية مارس (آذار) العام الماضي كان سعر الخام الأميركي الخفيف في حدود 20 دولاراً للبرميل. وذلك مع انتشار كورونا حول العالم وبدء معظم الدول في إجراءات الإغلاق وتعطل الاقتصاد، وقدّر تراجع الطلب العالمي على النفط بنحو الثلث، أي أكثر من 30 مليون برميل يومياً.

يذكر أنه في الفترة السابقة، ومع هبوط السعر، بدأت الدول المستهلكة للطاقة في شراء النفط بكميات كبيرة للتخزين حتى وصلت المخزونات التجارية في الاقتصادات الرئيسية إلى أقصى حد لها، وحين جاءت أزمة كورونا أصبح فائض العرض مضاعفاً في السوق نتيجة تضافر العوامل الثلاث: ضعف اتفاق "أوبك" مع شركائها، انهيار الطلب العالمي، امتلاء المخزونات إلى الحد الأقصى.

وواصلت أسعار النفط الهبوط منذ مارس حتى بداية أبريل العام الماضي. وفي 9 أبريل 2020 اتفقت "أوبك" مع شركائها (أوبك+) بقيادة السعودية وروسيا على خفض الانتاج بنحو 10 ملايين برميل يومياً في تطور غير مسبوق بتاريخ سوق النفط العالمية.

لكن الأسواق ظلت في حالة اضطراب متوقعة استمرار تدهور الطلب بما يجعل خفض الإنتاج أقل بكثير من فائض المعروض في السوق.

عوامل فنية

كان يوم الاثنين 20 أبريل آخر يوم في تعاملات العقود الآجلة للنفط تسليم شهر مايو (أيار)، وبدأت الأسواق التعاملات على سعر فوق 17 دولاراً لبرميل النفط الأميركي الخفيف. ولأن أغلب المتعاملين في العقود الآجلة ليسوا مستخدمين مباشرين للنفط اندفعوا للتخلص من عقود مايو قبل نهاية اليوم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأهم الأسباب الفنية المتعلقة بتلك العقود أنه إذا احتفظ المتعامل بالعقد فعليه أن يتسلم النفط في موعد العقد الآجل، ولأن حاويات التخزين في الاقتصادات الكبرى أصبحت ممتلئة تماماً، والطلب من مصافي التكرير في تراجع لم يرد أحد استلام نفط تسليم مايو.

وشهدت السوق عمليات بيع هائلة لتلك العقود الآجلة مع تردد المشترين ما هوى بالأسعار دون الصفر لتصبح سالبة، واستمر الهبوط بالسالب حتى أصبح من يبيع عقد نفط يدفع لمن يشتريه أكثر من 37 دولاراً على البرميل لتفادي الاستلام حيث لا يوجد طاقة تخزين فائضة.

وهنا يبدو الفارق بين نفط خام برنت ومزيج غرب تكساس واضحاً، بما يفسر أن نفط برنت ظل سعره إيجابياً على الرغم من الهبوط الشديد. فخام برنت في الأغلب محمول بحراً في الناقلات أما الخام الأميركي فلا بد له من حاويات تخزين. في تلك الفترة، تكدست ناقلات النفط في البحار والمحيطات حيث لا تجد منفذاً للتفريغ، سواء للمصافي أو للتخزين.

"أوبك+"

مع تجاوز ما يسمى "بيع النار" لعقود النفط تسليم شهر مايو أخذت الأسواق في الهدوء والتعامل مع تخفيض إنتاج "أوبك+"، ومصطلح "بيع النار" مأخوذ من سوق الأسهم، إذ يقوم المستثمرون الكبار ببيع ما لديهم بكثافة ومرة واحدة إذا شعروا بالخطر، وأقرب وصف أن الجميع يريدون الخروج من غرفة اشتعلت فيها النيران، ومن لا يخرج أولاً ستحرقه النيران، لذا يسمى "بيع النار".

كانت تلك الأزمة غير المسبوقة فرصة لتعاضد "أوبك" وشركائها في "أوبك+" للالتزام القوي باتفاق 9 أبريل. وتضمن الاتفاق خفض دول "أوبك+" إنتاجها بمعدل 9.7 مليون برميل يومياً من الأول من مايو 2020، على أن يصبح الخفض بعد أغسطس (آب) 2020 بمعدل 7.7 مليون برميل يومياً حتى آخر العام، ثم بدءاً من يناير (كانون الثاني) 2021 يصل الخفض إلى 5.7 مليون برميل يومياً، وإذا تم تعديله مع الموجة الثالثة من وباء كورونا ثم الاتفاق بعد ذلك على زيادة الإنتاج تدريجاً بنصف مليون برميل يومياً فقط ليصبح الخفض عند 5.2 مليون برميل يومياً.

ومع بدء الخفض في صيف العام الماضي، والالتزام القوي من جانب 23 دولة منتجة ومصدرة في اتفاق "أوبك+"، أخذت الأسعار في التحسن. وعلى مدة نحو العام الآن، ظل التزام الدول المشاركة في الاتفاق فوق 100 في المئة في أغلب الأحيان. ومع البدء في إعداد لقاحات كورونا نهاية العام الماضي وبداية هذا العام، والتفاؤل بعودة الطلب على النفط عادت سوق النفط تدريجاً للتوازن بين العرض والطلب وتحسنت الأسعار.

يضاف إلى تعزيز التعاون بين المنتجين والمصدرين عامل آخر مهم هو التراجع الشديد في إنتاج النفط الصخري في أميركا الشمالية، وأدى ذلك إلى هبوط الإنتاج الأميركي من النفط مما يزيد على 13 مليون برميل يومياً إلى أقل من 11 مليون برميل يومياً الآن.

كذلك أدت عودة النشاط الاقتصادي إلى تحسن الطلب وأخذت المخزونات في التراجع بمعدلات معقولة مع زيادة المصافي إنتاجها من المشتقات لتلبية الطلب المتزايد تدريجاً في العالم.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز