Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصدام الأميركي الإيراني... حروب بالوكالة في لبنان والمنطقة؟

ترمب انسحب من الاتفاق النووي وقرر قتال داعش

أحدثت قرارات الرئيس الأميركي تشديد العقوبات الاقتصادية على طهران (أ.ف.ب)

أي صيف في لبنان هذا العام؟ صيف عسكري، بحسب التوقعات، أم صيف سياحي، بحسب الأمنيات؟ حرب إسرائيلية أم حرب إيرانية بالوكالة أم لا حرب؟ هل تأتي الوقائع على صورة التوقعات أم تؤكد الوعود والتمنيات بموسم سياحي مملوء بالجمال والفرح؟

لا جوابَ قاطعاً

ليس لدى المسؤولين جواب قاطع، فهم مشغولون بأمور أخرى، ومستمرون في حروبهم السياسية الصغيرة، إما لأنهم ينامون على حرير تطمينات غير معلنة، وإما لأنهم يدركون العجز عن التأثير في مسار يدار خارج السلطة.

"حزب الله" الذي من مهامه، بطبائع الأمور، التحذير الدائم من "المخططات الإسرائيلية والأميركية العدوانية" والتأكيد على استعداده للمواجهة، يحرص هذا العام على استبعاد الحرب، وحين نسبت صحيفة كويتية قبل أيام إلى الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله حديثاً في لقاء مع كوادر الحزب عن حرب إسرائيلية هذا الصيف، فإن الرجل نفى الحديث وأعلن أنه شخصياً لا يرى حرباً.

والأسباب متعددة، في رأي، حزب الله، بينها أن أميركا "مهزومة" أمام محور "الممانعة والمقاومة" في سوريا والعراق واليمن ولبنان، وأن العدو الإسرائيلي "مردوع" بنوع من "توازن الرعب" الذي تضمنه صواريخ الحزب "الكثيرة والدقيقة".

ترمب والموقف من طهران

لكن المشهد أوسع بالطبع من هذه الصورة، والخط العريض في الصراع الجيوسياسي في الشرق الأوسط وعليه هو التحول الذي أحدثه الرئيس دونالد ترمب في الموقف الأميركي من إيران.

وكانت إستراتيجية سلفه الرئيس باراك أوباما الرهان على الاتفاق النووي مع طهران و"توازن القوى" بين ما سمي "الهلال الشيعي" بقيادة ولي الفقيه وما سمي "البلوك السني" بقيادة الإخوان المسلمين في تركيا ومصر وتونس، والهدف هو تخفيف الالتزامات الأميركية في الشرق الأوسط للتركيز على "المحور" في الشرق الأقصى.

ترمب انسحب من الاتفاق النووي، ورمى بثقله وراء الأدوار المصرية والسعودية والإماراتية بشكل خاص، وقرّر "كبح النفوذ الإيراني" وقتال داعش والمنظمات الإرهابية التكفيرية، وأحدثت قراراته، تشديد العقوبات الاقتصادية على طهران ومنعها من تصدير النفط وفرض عقوبات على كل من يساعدها ويشتري نفطها، فضلاً عن وضع الحرس الثوري على لائحة المنظمات الإرهابية.

هذه هي المعادلة؟

والمعادلة، حتى إشعار آخر، هي: واشنطن تتخذ خطوات عملية ضد إيران، وجمهورية الملالي لا تزال في مرحلة التهديدات، ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حدّد الأهداف والوسائل في مناسبات عدة بينها مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز" تحت عنوان "إستراتيجية إدارة أوباما"، والأهداف هي "إجبار إيران على الخيار بين التوقّف أو الإصرار على السياسات التي قادت إلى العقوبات"، والوسائل هي "حملة ثنائية تتمثّل في ضغط اقتصادي وردعٍ، من دون الانخراط في حرب، ولكن مع إفهام إيران أن تصعيدها خاسر".

 

 

لا تفاوض تحت الضغط؟

وفي المقابل، فإن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني يهدّد أميركا بـ "حروب غير متماثلة"، أي حروب الوكالة عبر وكلاء طهران في المنطقة، وهو يحذّر من أن "البحر الأحمر غير آمن، باب المندب غير آمن، ومضيق هرمز مرشح للغلق"، وليس قليلاً عدد المسؤولين الذين يهدّدون أيّ دولة تعوّض نقص الإنتاج الإيراني في سوق النفط، وهم يعرفون أن إغلاق مضيق هرمز يعني حرباً مع المجتمع الدولي ويقود في الحدّ الأدنى إلى قيام أميركا بتدمير البحرية الإيرانية وإعادة فتح المضيق، ومن هنا تليين اللهجة الإيرانية وإيحاء قاسم سليماني نفسه بالاستعداد للتفاوض عبر القول إن بلاده "لا تفاوض تحت الضغط".

والسؤال الطبيعي هو: ما دام الداخل الإيراني والأميركي خارجَ أي صدام بين واشنطن وطهران، فعلى أية أرض تدور الحروب غير المتماثلة والصراعات بالوكالة؟

حرمان حزب الله من التمويل

والجواب الطبيعي هو على أرض العراق وسوريا واليمن ولبنان والخليج. وفي ما يخصّ لبنان، فإن الضغوط الأميركية على إيران هي في جزءٍ منها لحرمان "حزب الله" الموضوعِ على لائحة المنظمات الإرهابية من مصادر التمويل الأساسية باعتبار أن طهران مصدر 70 في المئة من تمويله، بحسب المعلومات الأميركية.

ومن الوهم أن يتصرّف المسؤولون كأننا لن نتأثر بالعقوبات الأميركية على إيران وحزب الله، بعدما سمعناه في بيروت مباشرة من الوزير بومبيو، وفي واشنطن بعد بيروت من مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى بالوكالة ديفيد ساترفيلد، ومن مساعد وزير الخزانة لشؤون تمويل الإرهاب والجرائم المالية مارشال بيلنغسلي.

"حزب الله... سرطان"

وبحسب محاضر اجتماعات بعث بها السفير اللبناني في واشنطن كبريال عيسى إلى الخارجية، وجرى تسريبها بسرعة هائلة كأنها أرسلت للنشر، فإن الكلام كان صريحاً إلى حد الفجاجة، بلينغسلي قال لمحادثيه "إن حزب الله يمثل سرطاناً داخل البنية السياسية اللبنانية والمجتمع اللبناني، ومن المؤسف أن يكون قادراً على الدخول إلى النظام المالي اللبناني، ونحن نعمل على العلاج الكيماوي الدقيق للسرطان".

وساترفيلد قال "ليس لدينا إشكالاً في مشاركة حزب الله في الحياة السياسية اللبنانية، لكن الإشكال، في ما يفعله بالتعاون مع إيران من خطوات غير مشروعة، ولدينا قلق جدّي من التزامه مع إيران والحرس الثوري ولا سيما لناحية تطوير صواريخ دقيقة، وهذا ما يضع لبنان في مهب رياح قاسم سليماني المهددة".

لا بل رأى أن حزب الله لا يلتزم سياسة النأي بالنفس بصفته ممثلاً في الحكومة وهذا ما يجعل الحكومة في معرض خسارة الدعم الموعود من المجتمع الدولي".

احتواء جديد

وفي مقال نشرته "فورين أفيرز" دعا مايك ماندلبوم وهو أستاذ شرف السياسة الخارجية الأميركية في جامعة جونز هوبكنز إلى "احتواء جديد" لثلاث قوى يسميها "رجعية" هي روسيا والصين وإيران، وكان يقول "إن الحروب هي عادة للأقوياء، والآن صارت تكتيك الضعفاء".  والظاهر أننا في صراع مرشّح لحروب الأقوياء والضعفاء، وهي حروب بالوكالة، "ولا أحد يربح حرباً بالوكالة"، كما يرى مارك لينش أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن

المزيد من آراء