Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتجه "أوبك+" لتغيير مستوى الإنتاج؟

ترقب لإعادة صياغة اتفاق جديد مع تلاشي تداعيات كورونا

يرى مراقبون أن حالة التفاهمات التي يبدو عليها تحالف "أوبك +" مؤقتة وقد تتأثر في المستقبل مع التعافي من جائحة كورونا (رويترز)

تتزايد أهمية تحالف "أوبك+" الذي يضم أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) و10 دول أخرى منتِجة للخام بقيادة روسيا، يوماً بعد يوم، إذ أضحت عنصراً مؤثراً ولاعباً رئيساً في استقرار أسعار النفط ومساهمتها في الحفاظ على أسعار عادلة. 
وفي ظل استهداف استقرار أسعار النفط عند مستويات عالية، وسط استمرار ضعف الطلب وتأثيرات جائحة كورونا، تستمر مجموعة "أوبك+" بالتزام خطط خفض الإنتاج بقوة. 

وقال متخصصون نفطيون في إفادات لـ"اندبندنت عربية"، إن تحالف "أوبك+" يلعب دوراً أساسياً في استقرار الأسواق النفطية، إلا أنهم يرون أن "حالة التفاهمات التي يبدو عليها التحالف مؤقتة وقد تتأثر في المستقبل مع التعافي من جائحة كورونا وتغيير الأولويات".

وبدأ تعاون منظمة "أوبك" التي تُمثل ثلث إمدادات النفط العالمية مع عدد من منتجي النفط الآخرين بقيادة روسيا منذ أواخر عام 2016 وهو مستمر إلى الآن. ووافقت تلك المجموعة على خفض الإنتاج حينها بنحو 1.7 مليون برميل يومياً لمنع الأسعار من الانزلاق أكثر مع ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية، ما أدى في النهاية إلى أن تصبح أميركا أكبر منتج للنفط في العالم.

ومنذ يناير (كانون ثاني) 2017 وحتى نهاية عام 2020، اعتمدت مجموعة "أوبك+" تخفيضات عدة، حتى وصلت إلى رقم قياسي عام 2020 بلغ 9.7 مليون برميل يومياً مع انهيار الطلب العالمي في ظل انتشار جائحة كورونا قبل أن يصل إلى 7.7 مليون برميل يومياً بحلول نهاية العام الماضي، وذلك قبل أن يبدأ كبار المنتجين بتقليص تلك التخفيضات مطلع العام الحالي. 

الأثر الكبير 

وأكد الدكتور صادق الركابي، المتخصص في شؤون النفط، مدير المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن، أنه "بات لتحالف أوبك + الأثر الكبير في أسواق النفط، وفي تحديد اتجاهاتها لأن حصة هذا التحالف في السوق العالمية ما زالت كبيرة إلى جانب كيفية تعامل أوبك مع تراجع أسعار النفط بمرونة عالية وتوافق كبير، كان لها أثر مهم". وأفاد بأن "سلة نفط أوبك لا تزال تحظى بطلب عالٍ، على الرغم من أن فيروس كورونا حَدَّ من هذا الطلب وقلّص منه، ولكنه لا يزال مرغوباً بخاصة في الأسواق الآسيوية، بالتالي أي قرار من أوبك الآن سيكون له الأثر الكبير". وأضاف أنه "إذا كان هناك قرار بالزيادة، سيكون له أثر في الأسعار، وإذا كان هناك قرار بتقليص أو زيادة تخفيض الإنتاج، سيكون له أيضاً الأثر السلبي، لذلك لا تزال أوبك+ لاعباً رئيساً في أسواق النفط العالمية".

وأشار الركابي إلى "قرارات المجموعة ودورها الحالي في استقرار الأسعار ومساهمتها في الحفاظ على أسعار عادلة". وقال "بالتأكيد أسهمت المجموعة في إنقاذ -إن صح التعبير- أسواق النفط من الانهيار الكبير الذي حدث قبل أشهر، وأيضاً في زيادة أسعار النفط من مستويات متدنية جداً إلى مستوى فوق 60 دولاراً للبرميل، وهذا بفضل جهود هذه المنظمة وانسجام أعضائها وقراراتها التي كانت متّسقة مع حالة الأسواق وحالة الإغلاق العالمية".

الطلب مهم 

وأردف الركابي أنه "على الرغم من الأثر السلبي لجائحة كورونا في النشاط التجاري والاقتصادي العالمي، وفي حين لا تزال هناك حالات إغلاق، إلا أن الطلب العالمي على النفط لا يزال مهماً، وأيضاً على الرغم من خطط التعافي الأخضر التي رسمها الاتحاد الأوروبي وبعض الاقتصادات المتقدمة".

وتابع أن "مساهمة أوبك ستبقى قوية من خلال قراراتها وتأثيرها في تحقيق الأسعار العادلة، فالآن الأسعار العادلة هي التي تأخذ في الاعتبار كلَف إنتاج الدول وإيراداتها وأن يكون هناك تقليص في عجز الموازنات لهذه الدول، ورأينا تحسناً من هذه الناحية، فدول عدة في أوبك + الآن تتمكن من تسديد نفقاتها وتغلبت على العجز، ولكن لا تزال التبعات السلبية لجائحة كورونا مؤثرة في قطاعات أخرى في تلك الدول، وهذا الأمر سيبقى إلى حين تحسن الاقتصاد العالمي".

تفاهمات حول الأسواق 

وتحدث مدير المركز العالمي للدراسات التنموية في لندن، عن اجتماعات "أوبك+" بقوله إنها كانت تستمر سابقاً لأيام والآن تستغرق فقط ساعات، والسبب واضح هو أن هناك تفاهمات حول حالة الأسواق وأهمية أن يبقى القرار بخفض الإنتاج والزيادات التدريجية موجوداً، لأن عملية الزيادة الكبيرة ستؤدي إلى الإطاحة بأسعار النفط.

وكشف الركابي عن أن "حالة التوازن والتفهم للأسواق والمرونة موجودة لدى معظم الأعضاء، لذلك فإن نسبة التزام قرارات التخفيض تجاوزت في كثير من الأشهر الـ100 في المئة، وهذا يعني أن هناك انسجاماً في منظمة أوبك لتحقيق مصالح غالبية أعضائها، وأيضاً ينسجم ذلك مع رغبة أوبك + في هذا الأمر". 

وأوضح الركابي أن مستقبل "أوبك+ رهن ليس بأعضاء أوبك نفسها، وإنما بتطورات الاقتصاد العالمي، وطول فترة الإغلاق، أو تحسنه بشكل سريع". 

ركن أساسي 

في هذا الصدد، قال وائل حمّاد، المدير الإقليمي لدى شركة "آي سي إم كابيتال"، إن "تحالف أوبك+ يُعتبر ركناً أساسياً في أسواق النفط وذلك لأسباب عدة أهمها إنتاج أكثر من 50 في المئة من المعروض العالمي، وتملّكها لحوالى 90 في المئة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم". 

وأكد حمّاد أن "هذين الرقمين يشكلان محتوى أساسياً للمستثمرين في أسواق النفط"، مشيراً إلى أنه "كان واضحاً خلال العام الفائت تأثير قرارات التحالف بقيادة السعودية في اتجاه أسعار النفط، فتمكّنت المجموعة من دفع أسعار الخام مجدداً إلى مستويات مرتفعة بعد هبوطها الكارثي في النصف الأول من عام 2020". وأوضح أن "المجموعة تدرس بدقة قراراتها بشأن الإنتاج مع استمرار الضبابية حول مسألة التعافي من جائحة كورونا، كذلك لا تزال المخزونات مرتفعة مقارنة بمعدل الخمس سنوات". وأضاف أن "إنتاج النفط الصخري عاد ليدخل بقوة إلى المعادلة، ما يزيد التحديات في السيطرة على الأسعار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الاتفاق على الأهداف 

 وأشار حمّاد إلى أنه "على المدى القصير، تتفق المجموعة على الأهداف، وهناك نوع من الإجماع على دعم استقرار أسواق النفط ووضع الخلافات جانباً أو على الأقل إلى حين التخلص من فيروس كورونا، ولكن على المدى البعيد، ستعود الانشقاقات مع تغيّر الأولويات".

وتابع أن "المجموعة تجتمع أكثر الآن قياساً إلى الفترة السابقة"، متوقعاً أن "مستقبل أوبك+ سيكون صعباً مع التحديات التي تحيط قطاع النفط، بخاصة مع اللجوء إلى الطاقة النظيفة وزيادة إنتاج النفط الصخري، ما يخلق صعوبة في الحفاظ على الحصص السوقية لإنتاج الدول الموقّعة على الاتفاق". 

استراتيجية فاعلة 

في سياق متصل، قال رائد الخضر، رئيس قسم البحوث لدى "إيكويتي غروب" العالمية ومقرها لندن، إن "استراتيجية خفض الإنتاج من أوبك+ كانت فاعلة إلى حد كبير، إذ انخفضت مخزونات النفط بشكل كبير، وقفزت أسعار النفط إلى مستويات الـ 80 دولاراً للبرميل من 30 دولاراً للبرميل عام 2016، ما يدل على أن تلك الاستراتيجية كان لها تأثير كبير في سوق النفط العالمية وساعدت بشكل واضح في تحديد اتجاهات السوق". وأوضح أن "ما يدل على ذلك، هو أنه عندما انهار اتفاق خفض الإنتاج في 2020، شهدنا انهيارات سعرية للنفط دفعت الأسعار إلى المناطق السالبة في أبريل (نيسان) من العام الماضي، قبل أن تتعافى مرة أخرى مع اتفاق خفض الإنتاج القياسي لتصل أخيراً إلى مستويات 71 دولاراً للبرميل". 

وأشار رائد الخضر إلى أنه "مع تعافي الاقتصاد العالمي وعودة فتح الاقتصادات من جديد، ارتفعت توقعات نمو الطلب. وتقدّر وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب العالمي بنحو 5.5 مليون برميل يومياً في 2021 بعد انكماشه بنحو 8.7 مليون برميل يومياً في 2020، ليتعافى بنحو 60 في المئة مما فقده خلال الجائحة في 2020، وهو ما انعكس على الأسعار بشكل مباشر لتقفز إلى أعلى مستوياتها في 16 شهراً في ظل التخفيضات الأخيرة". 

وأفاد الخضر بأن "كبار منتجي النفط حذرون من أي قرارات تدفع الأسعار إلى الانهيار مثلما حدث قبل عام. كما أن المصلحة الاقتصادية ستتغلّب على أي مصالح أخرى، إذ يسعى منتجو النفط إلى زيادة الأسعار لرفع الربحية إلى أقصى حد، ولن يكون من مصلحتهم أن تهبط الأسعار". 

وأشار إلى أنه "في ظل استمرار التعافي، بخاصة في أكبر اقتصادين في العالم، الولايات المتحدة والصين، والتوزيع السريع للقاحات وانخفاض أعداد الإصابات وعودة الاقتصاد إلى طبيعته، سينعكس ذلك مباشرة على تعافي الطلب العالمي للنفط، بالتالي على الأسعار، التي كلما ارتفعت أو استقرت عند مستوياتها الحالية على الأقل قد نشهد تحركاً جديداً من أوبك+ لاستعادة حصتها السوقية كاملة". 

وأوضح الخضر أن "هذا الأمر الذي شهدناه مع بداية 2021، سيستمر، إذ إنه مع بداية شهر مايو (أيار) المقبل، سيتم رفع الإنتاج بنحو 350 ألف برميل يومياً ومثلها في يونيو (حزيران)، ليصل إلى 450 ألف برميل في يوليو (تموز)، إضافة إلى تخلي السعودية عن خفضها الطوعي لمليون برميل يومياً، ليصل إجمالي تخفيض الإنتاج من أوبك+ إلى 7 ملايين برميل يومياً". 

وقال إن "الأمر سيقع على عاتق أزمة كورونا، ومدى استجابة الأسواق لتطورات اللقاح وأوضاع الإصابات وعودة النشاط الاقتصادي، وهو ما سيُحدد ما سيفعله كبار المنتجين بعد يوليو المقبل، وهل سيستمرون في عمليات تقليص خفض الإنتاج أو أن حالة الغموض بشأن الجائحة قد يُبقي الوضع على الأقل حتى نهاية 2021؟".

المزيد من البترول والغاز