Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لنوقف حرب اللقاحات مع أوروبا ولنسرع بإصدار جوازات سفر التطعيم

تحصين الأوروبيين (بمن فيهم البريطانيين) يضمن العودة إلى قارة ترحب بأبناء المملكة المتحدة

سرعة خروج بريطانيا من قيود كورونا تثبت جدوى تعاونها مع الاتحاد الأوروبي (أ ب)

هل يمكننا أن نعلن هدنة في حرب اللقاحات مع أوروبا؟ في هذا الأسبوع، لقحت فرنسا ما لا يقل عن 400 ألف شخص يومياً، ووصل العدد نفسه في ألمانيا إلى حوالى 700 ألف شخص. وقد أدخلت فرنسا على خط مكافحة الأزمة مركزين رئيسين خصصتهما لإنتاج اللقاح، أحدهما ينتج لقاح "فايزر" ويصنع الآخر لقاح "موديرنا".

وعندما يصل المركزان إلى طاقتهما القصوى في التشغيل خلال الشهر المقبل، فسيقدمان مليون جرعة لقاح يومياً. وستعطي يومياً فرنسا اللقاح قريباً لمليون شخص من سكانها، وضمنهم حوالى 300 ألف مغترب بريطاني. وقد تجاوزت فرنسا في الأيام الأخيرة عتبة الـ 10 ملايين جرعة لقاح أعطتها فعلاً للسكان.

في المقابل، جاء أداء بريطانيا أفضل من ذلك، وإنّها الفائزة التي تتقدم بسرعة هذه الأيام في سباق اللقاحات الأوروبية، لكن في غضون شهرين أو ثلاثة، ووفق الحال في حكاية السلحفاة والأرنب البري الرمزية المفضلة لدى فرنسا، ستكون الأخيرة قد لحقت ببريطانيا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى معظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن دول أخرى مثل سويسرا والنرويج.

لقد شهد الشهران الأخيران حرباً كلامية غير لائقة ولا مجدية بين كبار أصحاب الاختصاص والسياسيين في لندن، ممن نددوا بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وقادة أوروبيين آخرين من جهة، وبين رئيسة المفوضية الأوروبية السياسية الألمانية البارزة أورسولا فون دير لاين، وهي بالمناسبة طبيبة مؤهلة ومعجبة بإنجلترا والإنجليز، وسبق أن تلقت قسطاً من التعليم في "كلية لندن للاقتصاد" قبل أن تلتحق بجامعات ألمانية لتدرس الطب.

وقد ذكرت صحيفة "هاندلشبلات"، التي تعتبر المعادل الألماني لصحيفة "فايننشنال تايمز"، في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، أن مسؤولين في وزارة الصحة الألمانية واجهوا صعوبات في التحقق من سلامة بعض البيانات الخاصة بتجارب لقاح "أسترازينيكا"، ونعلم اليوم أن هذه الشكوك باتت موجودة لدى البعض في المملكة المتحدة، أيضاً، الأمر الذي جعل اللجنة البريطانية المشرفة على اللقاح توصي بعدم إعطاء "استرازينيكا" لبعض الفئات، استناداً إلى عمرها.

وفي وقت سابق، ذكر الرئيس ماكرون في زلة لسان غبية، خلال مؤتمر صحافي عقده للإعلاميين الأجانب في أعقاب انتشار التقرير الاخباري الألماني هذا انتشار النار في الهشيم في أنحاء القارة الأوروبية، أن بعض المشكلات ظهرت بالنسبة إلى لقاح "أسترازينيكا".

وبالكاد لقيت ملاحظات ماكرون أي قدر يذكر من اهتمام وسائل الإعلام الأوروبية. وكذلك أعربت "وكالة الأدوية الأوروبية" بعد فترة قصيرة من انتشار القصة، عن تأييدها الكامل للقاح الذي تنتجه الشركة الإنجليزية - السويدية (أسترازينيكا)، وقد لُقّح رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس بـ "أسترازينيكا" علناً أمام كاميرات التلفزيون.

في المقابل، أطلّت سلسلة من البروفيسورات عبر شاشات التلفزيون والإذاعات في لندن للتنديد بماكرون واتهامه حتى بالتسبب بوفيات لم يتوجب أن تحصل، وشكّل ذلك إهانة غير مناسبة لا ينبغي أن تُوجه إلى الرئيس الفرنسي، ولكن يبدو أن لدينا بالفطرة متعة في التهجم على الأوروبيين خصوصاً الفرنسيين منهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في ذلك السياق، تستحق بريطانيا كل التقدير لإظهارها كيفية استخدام هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" في تعبئة الجهود لإعطاء اللقاحات إلى الجموع. وهذه الهيئة تعتبر فريدة من نوعها في أوروبا، نظراً إلى أنها خدمات عامة شاملة تمولها الدولة، ولا تسعى إلى تحقيق الربح، إضافة إلى كونها مجانية للجميع بما في ذلك كل أجنبي يعيش في بريطانيا.

وتذكيراً، لقد تعرضت "الخدمات الصحية الوطنية" للسخرية من قبل عديد ينتمون إلى اليمين، وكذلك دعا وزراء بارزون منهم دومينيك راب وبريتي باتيل وكواسي كوارتنغ وليز تروس إلى خصخصتها (حدث ذلك حين كانوا لا يزالون نواباً محافظين لايحتلون أي مناصب حكومية).

في السياق، يُعد النموذج الأوروبي مختلفاً كل الاختلاف عن هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، إذ يشمل 16 وزارة صحة مختلفة في الحكومات الإقليمية في ألمانيا، ووزارة صحة (وطنية) تتنافس مع وكالة للصحة في فرنسا، ويضم النموذج الأوروبي في الرعاية الصحية، إضافة إلى ما يوجد في ألمانيا وفرنسا، شركات تأمين خاصة وعيادات ومستشفيات مملوكة للقطاع الخاص. ويعني ذلك أن النموذج الأوروبي مختلف كلياً عن نموذج "الخدمات الصحية الوطنية" في بريطانيا.

وعلاوة على هذا، عمل الاتحاد الأوروبي على تصدير ما يزيد على 70 مليون جرعة لقاح، بما في ذلك 20 مليون جرعة من لقاح "فايزر"، إلى بريطانيا. إن ذراعي اليسرى التي حقنت مرتين باللقاح شاهدة على جدوى سياسة التصدير التي دافعت عنها بروكسل، وكذلك تمثل (سياسة بروكسل) موقفاً نقيضاً للقوموية التي تغلب على تعاملنا مع اللقاح، وتؤدي بنا إلى الاحتفاظ بكل جرعة منه داخل بريطانيا، حتى لو أدى ذلك إلى عدم وفاء "أسترازينيكا" بالتزاماتها التعاقدية وفق ما يُزعم.

بصورة عامة، إن ذلك هو الشجار الذي شهده فصل الشتاء، والآن نحن جميعاً نتلقى حالياً اللقاح بعد توفره، كما لو أن الذخيرة لا تصل المحاربين بكميات كافية إلا بعد اندلاع صراع ما.

وتالياً يجدر ببريطانيا أن ترحب بذلك، ففي سنة عادية نتوجه إلى أوروبا على متن الطائرات في 120 رحلة، ويسارع الناس إلى حجز رحلاتهم هذه من كل المطارات الصغيرة الموزعة في أنحاء بريطانيا بغرض مزاولة رياضة الغولف وزيارة المعالم الثقافية، وحضور مهرجات موسيقى الروك والموسيقى الكلاسيكية، والمشاركة في حفلات توديع العزوبية سواء أكانوا رجالاً أو نساء، وكي يغتسلوا بأشعة الشمس الدافئة وهم يرتشفون النبيذ المعتق المتوفر بكثرة أيام الصيف في أوروبا.

وكلما سارعنا بتلقي اللقاح، وعجلنا جميعاً بالحصول على جوازات السفر الخاصة بالتلقيح التي اُتّفق عليها مع المفوضية الأوروبية لأغراض السفر، كان ذلك أفضل لنا.

تصدرت الحرب الكلامية الدائرة حول اللقاحات مع أوروبا عدداً من عناوين الصحف وصفحاتها، لقد آن الأوان لإعلان الهدنة والمضي قدماً في تلقيح الأوروبيين جميعاً بمن فيهم البريطانيون، ومن ثم الطيران من جديد إلى حيث الترحيب الحار ينتظرنا.

* دينيس ماكشين وزير دولة بريطاني سابق لشؤون أوروبا.

© The Independent

المزيد من آراء