Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميك غالاغر أحد ضباط الشرطة الأكثر تأثيرا في بريطانيا

رئيس المباحث الذي يتمتع بمنصب فريد من نوعه يجعله أحد أهم ضباط الشرطة في بريطانيا في مكافحة الجرائم المتخصصة، يتحدث عما يقوم به بالتحديد في إطار مهامه

يشرف ميك غالاغر، المسؤول عن مكافحة الجريمة في لندن، على عدد من العمليات من بينها الجرائم الإلكترونية، العبودية الحديثة وتجارة المخدرات (الشرطة اللندنية، ميت.بوليس.يوكاي)

لو حدث لك أن طرحت عرض السؤال على رئيس المباحث في المملكة المتحدة ميك غالاغر، عما تتطلبه مهام وظيفته تحديداً، فيستحسن بك أن تستعد للجلوس في مقعدك والاسترخاء، وأن تلغي جميع لقاءاتك لليوم.

وتأتي إجابة كبير قادة الشرطة في البلاد كالآتي "هناك في الواقع مسائل مختلفة يتعين التعامل معها كالجرائم الاقتصادية، والجرائم الإلكترونية، والعبودية الحديثة، والاتجار بالبشر، والتحقيقات الرئيسة والدولية، وعمليات "فرقة مكافحة السرقات والاختطاف" Flying Squad  (أحد فروع "قيادة الجرائم المنظمة والخطيرة" في شرطة العاصمة لندن)، وعمليات الخطف، والاعتداءات الجنسية على الأطفال واستغلالهم عبر الإنترنت، إضافة إلى عمليات تسليم المجرمين، ومكافحة الرشوة، والفساد...".

ويضيف غالاغر "... ناهيك عن إجراء التحريات الحساسة، السياسية منها وتلك المتعلقة بالعائلة الملكية، ومكافحة عمليات الاحتيال الخطيرة والمعقدة، وغسل الأموال على المستوى الدولي ...".

وفي الوقت الذي يتابع فيه المسؤول كلامه، ينبغي أن أوضح أن ميك غالاغر البالغ من العمر 57 عاماً، هو رئيس "القسم المركزي للجريمة المتخصصة في شرطة العاصمة" Central Specialist Crime for the Metropolitan Police، ما يعني أنه على الدوام يتولى الإشراف على مئات التحقيقات والعمليات التي يقوم بها نحو ألف محقق.

ويردف غالاغر بالقول "... أضف إلى ما سبق، مسائل أخرى مثل الإباحية الانتقامية، والاحتيال الإلكتروني، وحالات الإساءة الجنسية التي تعود إلى عدة سنوات، وجرائم القتل بدم بارد، وغيرها...".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منصبه الفريد من نوعه يجعله أحد أكثر ضباط الشرطة نفوذاً وتأثيراً في البلاد. وقد تم استحداثه قبل نحو أربعة أعوام، على إثر إجراء تحول تدريجي للإدارات والأدوار، بحيث تتواكب والطبيعة المتغيرة للجريمة المنظمة. وقد ازدهر هذا القسم متعدد الوظائف والمهمات في ظل قيادته. ففي عام 2017، كانت "مفتشية صاحبة الجلالة للشرطة" Her Majesty’s Inspectorate of Constabulary قد صنفت عمليات الشرطة بأنها "غير وافية" لجهة مكافحة عمليات الجرائم المنظمة والخطيرة في العاصمة البريطانية. لكن في آخر تقييم لها، تم تصنيفها على أنها "مميزة".

في المقابل، قد يطلب في أي يوم من الأيام من غالاغر وزملائه، التحقيق في عمليات احتيال إلكترونية تكلف ملايين الجنيهات الإسترلينية، أو في منع عمليات الاتجار بالبشر، أو نزع فتيل حالات خطف خطيرة، أو تحديد هوية المتحرشين بالأطفال الذين يعملون من خلال شبكة الإنترنت المظلمة (يتخفى وراءها المجرمون) أو تحرير أشخاص تم جلبهم إلى البلاد لتشغيلهم لقاء بدل زهيد، أي ما يطلق عليه اسم العبودية الحديثة.

خلال هذه السنة وحدها، تمكنت عناصر مكافحة الجريمة الاقتصادية، التي تشكل جزءاً من "القسم المركزي للجريمة المتخصصة" Central Specialist Crime، من تحقيق إنجاز بارز تمثل في ضبط مبالغ نقدية بلغت نحو 40 مليون جنيه إسترليني (55 مليون دولار أميركي) - أي بزيادة نحو 200 في المئة عن العام السابق. وحققوا زيادة بنسبة 150 في المئة في العمليات الناجحة التي أسهمت في تجميد حسابات المجرمين -  التي كانت لا تزال تحوي نحو 30 مليون جنيه إسترليني (41 مليون دولار).

وقد تم خلال الشهر الماضي تنفيذ سلسلة أعمال دهم عبر العاصمة قامت بها "وحدة مكافحة العبودية الحديثة واستغلال الأطفال" Modern Slavery and Child Exploitation Unit، التي تمكنت من القبض على 6 أشخاص للاشتباه في قيامهم بالاتجار في النساء ضمن إطار الاستغلال الجنسي. وتم إنقاذ قرابة 12 شخصاً في تلك العملية.

وقام فريق غالاغر المختص في مكافحة إساءة معاملة الأطفال واستغلالهم عبر الإنترنت، على مدى العام الماضي، بمسح 150 مليون ملف تحتوي على صور غير لائقة، وأصدر نحو 250 أمراً قضائياً في حق أفراد مشتبه بهم، وتمكن من الحصول على 200 إدانة في هذا المجال، و"حماية" نحو 300 طفل.

أما "فرقة مكافحة السرقات والاختطاف" فقد تصدت بنجاح لنحو 80 عملية خطف سنوياً- غالبية تلك الجرائم العظمى مرتبطة بالعصابات- فيما نجحت وحدة القضايا الباردة خلال العام الماضي وحده، في إقفال ملفات تتعلق بنحو 35 جريمة قتل بأسلحة نارية، كانت لا تزال عالقة.

لكن ألا تعد هذه المهمات الكثيرة عبئاً كبيراً على كاهل رجل واحد لجهة الإشراف عليها كلها؟ ألا يشعر ميك غالاغر أبداً بالإنهاك؟

ويجيب "لم أشعر مطلقاً بالإرهاق. أقول ذلك ليس من باب الرضا عن الذات أو بدافع الغطرسة. إن وجود أشخاص رائعين من حولي يجعلني أشعر بكثير من الراحة والطمأنينة. إنني محظوظ لوجودهم إلى جانبي، فهم السبب في النجاح الذي أحققه يوماً بعد يوم".

ويؤكد المسؤول رفيع المستوى في الشرطة على "وجود كثير من المهمات التي نقوم بها، والتي تنطوي على مخاطر عالية بشكل لا يمكن تصوره بالنسبة إلى الضحايا المعنيين، وتتسم بحساسية بالغة. لكننا نكون موضع ثقتهم لأننا نتمتع بسمعة جيدة في تحقيق نتائج مثمرة. وبسبب الطريقة التي تعمل بواسطتها الجريمة المنظمة هذه الأيام- من خلال كثير من المنصات- من المهم أن يكون لدينا عقل واحد قادر على التحكم بزمام الأمور ورؤية واسعة النطاق، واستخلاص النتائج من خلال تحليل الطرق والنقاط التي تتشابك بها الأحداث. وبالنسبة إلي، فإن قيامي بوظيفة فريدة من نوعها كهذه، يعد امتيازاً مطلقاً".

سار مايكل غالاغر عندما كان شاباً على خطى والده شون، الذي كان شرطياً عادياً في ضاحية لويشام (جنوب شرق لندن)، بعد ما تعرض لاعتداء مروع بسكين في إحدى حفلات الميلاد الموسيقية للممرضات، وكان يبلغ من العمر آنذاك 21 عاماً فقط.

وفي استعادة لتلك اللحظات، قال "تورط ذات يوم أحد أصدقائي في شجار وتدخلت محاولاً إنهاءه. ما حصل بعدها أنني وجدت نفسي عرضةً للاعتداء من جانب عدد غير قليل من الرجال. قام أحدهم بسحب رأسي إلى الخلف وبجز حلقي من جانب إلى الجانب الآخر بقطاعة السجاد والكرتون. انتهى الأمر بـ26 قطبة داخلية لجرحي، وبـ46 غرزة خارجية. الجراح قال إنني كنت محظوظاً لأن مهاجمي عندما سحب رأسي إلى الوراء جعل الشريان السباتي ينكفئ منطوياً إلى الداخل بعض الشيء، ولولا ذلك، لكان قد جزه هو الآخر، وكنت لأقضي نحبي على الفور في خلال 30 ثانية".

لم يتم في حينه القبض على أي شخص من المتورطين في الجريمة. لكن ما حصل جعل غالاغر يركز أكثر على مستقبله، إذ كان يشغل آنذاك وظيفة ذات متطلبات بسيطة بحيث كان موظفاً فنياً في إحدى الكليات الثانوية، فيما كان يعزف على الغيتار مع إحدى الفرق الموسيقية.

وارتسمت ابتسامة على وجهه عندما قال "استدعاني والدي في تلك الآونة وسألني عما أنوي القيام به في حياتي". وبغطرسة الشباب أجبت "يمكنني القيام بعملك. وما زلت حتى الآن أتذكر كم استرسل في الضحك عندما أوصلني إلى إحدى دورات التدريب في "كلية شرطة هيندون".

ولعل ما يتبع في ما بعد، يمكن قراءته في إطار التاريخ الحديث للشرطة. ففي عام 1984 أو نحو ذلك، استُدعي للانضمام إلى السلك في مدينة غرانثام (جنوب إنجلترا)، حيث إن هذا العمل أبعد عنه بعض معارفه. ويقول في هذا الإطار "كان بعض الأصدقاء قد أبلغوني أنهم لا يريدون البقاء على اتصال بي بعد ما أصبحت من عناصر الشرطة. لكن الجانب الأكثر أهمية، أن كثيرين آخرين عبروا عن فرحتهم الغامرة بأن يكون لديهم صديق مثلي يقوم بواجباته ضمن صفوف الشرطة".

ما عناه هؤلاء هو التوجه التدريجي الذي سلكه غالاغر نحو إرساء مبادئ التعاون بين أفراد الشرطة داخل المجتمعات. فقد كان ينفذ مهمة تتعلق بحفظ النظام العام في أحداث "برودووتر فارم إستايت" Broadwater Farm Estate في توتنهام في عام 1985، عندما عمد بعض مثيري الشغب إلى قتل الشرطي كيث بليكلوك، الذي كان عضواً في فريق مكلف بمكافحة تهريب المخدرات وجرائم الشوارع والدعارة في المنطقة المحيطة بمحطة "كينغز كروس" Kings Cross. وواصل مهامه ليصبح جزءاً من الفريق المعني بمكافحة المخدرات والعنف في نقطة ساخنة آنذاك هي بريكستون، حيث كان إطلاق النار من سيارة مسرعة أمراً شائعاً في ذلك الوقت. وفي المقابل، كانت الترقيات سمة متواترة طبعت المسيرة المهنية لميك غالاغر، بحيث منح في نهاية المطاف مهام تولي زمام الإدارة الكاملة لإحدى المقاطعات التابعة لمدينة "برنت"، والتي كانت تعاني من مشاكل خطيرة مع العصابات والعنف والمخدرات في تلك الفترة. (أعطيت له أيضاً مسؤوليات في حفظ النظام العام في ملعب ويمبلي).

وقد اعتمد، في مختلف مجالات عمله، أسلوب إشراك السلطات المحلية والجمعيات الخيرية المجتمعية والمنظمات غير الحكومية، لمساندة جهود الشرطة في الحد من الأنشطة الإجرامية، الأمر الذي آل في نهاية المطاف إلى تراجع نسبة الجريمة في المجالات كافة.

ويقول في هذا الإطار "إن محاولات الشرطة تكون غير مجدية، إذا لم تترافق مع دعم مجتمعي. ففي التعاون يتحقق النجاح. لقد كنت أندهش حقاً من العمل الذي يقوم به أفراد متفانون في المجتمعات المحلية. إذ إنني كنت أتقاضى أجراً، فيما كان كثيرون منهم يعملون من دون أي بدل. اعتدنا على القول كم هو مدهش ما يمكن للمرء تحقيقه عندما لا يحاول أي شخص امتلاك أي فضل في ذلك. وبالفعل، الجميع كانوا ينكبون على العمل بروح متواضعة ويحققون نتائج ملفتة".

أحد المناصب الأخيرة التي شغلها غالاغر قبل توليه مركزه الراهن، حمل لقب "قيصر مكافحة الطعن بالسكاكين" في لندن. وهنا، اعتمد مرة أخرى نهجاً مشابهاً لجهة ترسيخ التعاون بإشراك المجالس والجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية في مختلف أنحاء العاصمة، محققاً على ما يبدو النتائج المرجوة. فقد تراجع العدد الإجمالي لجرائم الطعن بالسكاكين في العاصمة في العام الذي سبق تفشي وباء كورونا، من 13,979 اعتداء إلى 10,185 جريمة، أي بانخفاض مقداره 27 في المئة.

تجدر الإشارة إلى أنه في وقت لاحق من هذه السنة، سينتقل ميك غالاغر إلى تولي منصب جديد، ليصبح "كبير المحققين" في "مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطرة"  Serious Fraud Office (SFO). ويقول "هذا المنصب يمثل فرصة رائعة وتحدياً جديداً". أتطلع بحماسة إلى الانضمام إلى مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطرة، الذي يتسم بسمعة عالمية واسعة ومرموقة".

عندما يبدأ البحث عن بديل لغالاغر، يبدو أن هناك شيئاً واحداً مؤكداً، وهو أن خسارة شرطة العاصمة البريطانية له ستكون في المقابل مكسباً لـ"مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطرة".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير