Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ساعد "دي أن أي" الأمير فيليب في حل لغز مقتل آل رومانوف؟

عينة دم من دوق إدنبره قدمت دليلاً حاسماً في القضية التي تعود إلى عام 1918

أولاد آخر قياصرة روسيا، القيصر نيكولاس الثاني (غيتي) 

إنها واحدة من أشهر جرائم التاريخ، وقد أدت إلى إنهاء ثلاثة قرون من حكم آل رومانوف لروسيا.

على مدى عقود أحاط الغموض بواقعة قتل القيصر نيكولاس الثاني وأفراد أسرته القيصرية عام 1918، في مدينة ييكاتيرينبيرغ بوسط روسيا. لكن وبعد مضي قرن تقريباً من انطلاق عمليات البحث عن قرائن متعلقة بالواقعة، تمكن محققون بريطانيّون من حل القضية، والفضل في ذلك يعود بجزءٍ منه إلى عينة دم أخذت من الأمير فيليب.

وكانت رفات القيصر الأخير، نيكولاس، وزوجته ألكسندرا، وثلاثة من أبنائهم الخمسة، وجدت في قبر مجهول عام 1991. هذا القبر الواقع في منطقة حرجية اكتشفه عالم جيولوجيا محلي (روسي) يدعى ألكسندر أفدونين منذ أكثر من عشرة أعوام، لكنّه أبقى اكتشافه سرياً حتى سقوط الاتحاد السوفياتي. أما الطفلان المتبقّيان من أسرة نيكولاس وألكسندرا، اللذان لم يعثر عليهما في هذا القبر الجماعي – الأمر الذي خلق شكوكاً في احتمال أن تكون الابنة الصغرى لعائلة رومانوف، أناستازيا، قد نجت من الإعدام – فقد عثر عليهما عام 2007، في مدفن آخر غير بعيدٍ من القبر الذي ضم رفات معظم أفراد الأسرة.

وفي ليلة 16 يوليو (تموز) 1918، تلقّت أسرة رومانوف أمراً بالنزول إلى قبو بيتهم، حيث رميوا هناك بالرصاص وقتلوا. ومن لم يمُت منهم بالرصاص، قيل إنه جرى الإجهاز عليه ذبحاً حتى الموت.

وقام محققون قادهم الدكتور بيتر جيل، خبير علم الجينات في "دائرة علوم الطب الشرعي" (البريطانية) Forensic Science Service، بتحليل عينات من تسع مجموعات عظام وجدت في المدفن [بمدينة ييكاتيرينبيرغ الروسية]. وتمكن المحققون من استخراج الحمض النووي من مجموعات العظام. وتوصل المحققون إلى تعيين مطابقة بين الحمض النووي المستخرج من بقايا جثامين اعتقد أنها لألكسندرا وثلاثة من أولادها، وبين عينة دم أخِذت من دوق إدنبره – المتحدر مباشرة من شقيقة ألكسندرا. وقدم هذا التطابق في الحمض النووي دليلاً دامغاً يثبت أن الأولاد القيصريين الخمسة قتلوا جميعاً مع أمهم وأبيهم، على يد الثوار البلاشفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي مدونة نشرت عام 2018 تناول الدكتور جيل الدراسة التحليلية التي خضعت لها رفات الأسرة القيصرية. فذكر جيل، الذي بات اليوم أستاذ الطب الجيني الشرعي بجامعة أوسلو، أنه "للتأكد إن كانت الرفات تعود إلى أسرة رومانوف، احتجنا مقارنة (حمضها النووي) بعينات من أقارب مباشرين". أضاف "حالفنا الحظ في الحصول على عينات دم من صاحب السمو الملكي الأمير فيليب، دوق إدنبره، النسيب المباشر لألكسندرا، زوجة القيصر. كما جرى الحصول على عينات من دوق فايف Duke of Fife، ومن الأميرة زينيا تشيريميتيف سفيري، وهما من أنسباء القيصر".

وأردف الدكتور جيل في مدونته "وقد تطابقت عينات الحمض النووي المستخرجة من الرفات، مع العينات المستخرجة من الأنسباء الأحياء للأسرة القيصرية. وهكذا تأكدنا من العثور على عظام وبقايا أسرة رومانوف. لكن ذلك لم يمثل نهاية القصة. إذ كان علماء آخرون تفاجأوا من تمكننا من استخراج عينات حمض نووي (دي أن أي) من رفات بهذا القِدم، كما أن جزءاً بالغ الصغر من سلسلة الحمض النووي العائدة للقيصر لم يطابق عينات أنسبائه الأحياء. لذا عملنا على مدى سنة إضافية كي نتحقق من نتائجنا. بيد أن البعض استمر في اعتبار اكتشافنا إشكالياً. وقد قامت فرق مختلفة عدة من العلماء في الولايات المتحدة الأميركية وروسيا بالعمل لتأكيد نتائج أبحاثنا، أو دحضها. حتى إن إحدى الفرق العلمية قامت بنبش واستخراج رفات جثمان شقيق القيصر، جورج، من مدافن كاتدرائية سانت بطرسبيرغ. لكن كل واحد من تلك التحقيقات الإضافية الجديدة، كان يثبت صحة ما توصلنا إليه في الأصل". تابع جيل في مدونته "لقد جاء عملنا، المتمثل في التأكد من أن الرفات تعود للقيصر، ليسهم في خلق "بيانات معلومات الحمض النووي الوطنية في المملكة المتحدة". كما إنه ساعد في تسريع تطوير مناهج جديدة لفحوص الطب الشرعي، تعتمد على عينات صغيرة من الحمض النووي (دي أن أي). هذه المناهج اليوم تستخدم في جميع أنحاء العالم بتحقيقات الطب الشرعي التي تجريها الشرطة، وهي استخدمت لحلّ آلاف القضايا الإجرامية".

الجدير ذكره هنا أن تفاصيل التحقيقات التي أجراها المحققون البريطانيون بإشراف الدكتور بيتر جيل، والتي توصف بأنها واحدة من أول تحليلات الحمض النووي الشرعية المستخدمة لحل قضية تاريخية، عُرضت عام 2018 في معرض بـ"متحف العلوم" Science Museum في ذكرى مرور مئة سنة على واقعة قتل الأسرة القيصرية الروسية.

معرض "القيصر الأخير: دماء وثورة" The Last Tsar: Blood and Revolution أظهر كيف أدت خبرات التصنيف الجيني، التي اعتمدها خبراء الطب الشرعي البريطانيون، في الإسهام بحل واحد من أكبر ألغاز القرن العشرين.

المزيد من تقارير