Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر… "قص أجنحة" الفريق الرئاسي بدعم من الجيش

تفكيك الحلقة الضيقة لبوتفليقة يمهّد للانتهاء من حكم النظام السابق

تصدر العقبي المشهد في صورة "كاريكاتورية" حين أهدى إطار صورة بوتفليقة لإطار آخر لبوتفليقة نفسه (مواقع التواصل الاجتماعي)

يوقع رئيس الدولة الجزائري الموقت، عبد القادر بن صالح يومياً، قرارات إنهاء مهام تمس عادةً مسؤولين في مناصب "حساسة" ثم تُعلن مساءً في التلفزيون الحكومي الذي استعاد دوره على حساب قنوات خاصة توصف بأنها "الناطق باسم السعيد بوتفليقة" (شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة). وتتشابه قرارات الإبعاد من المناصب في أن أصحابها هم إما من "رجال ثقة" شقيق الرئيس السابق، أو من صناعة قائد الاستخبارات السابق، محمد مدين المعروف بـ "توفيق".

وتعلن الرئاسة الجزائرية مساء كل يوم في الفترة الأخيرة، إقالات جديدة تطاول مسؤولين كباراً في مناصب على قدر من "الحساسية". ويُنظر إلى المعنيين بالقرارات الأخيرة، بأنهم أصحاب "نفوذ"، تُنسب إليهم أفعال "يأمرون بها عبر الهاتف"، قياساً إلى عدد السنوات التي أمضوها في مناصبهم إبان فترة حكم النظام السابق.

وأنهى رئيس الدولة عبد القادر بن صالح السبت، مهام الأمين العام للرئاسة، حبة العقبي، الذي خلفه نور الدين عيادي، وفقاً لما أعلنت عنه المؤسسة العامة للتلفزيون الجزائري، ليُضاف بهذا إلى قائمة مستشاري الرئيس السابق، الذين جرت تنحيتهم، وهم مختار رقيق، وبن عمر زرهوني، ومحمد روقاب.



الحبل السري بين الرئاسة و"جبهة التحرير"

وارتبط اسم حبة العقبي بحزب "جبهة التحرير الوطني" (حزب بوتفليقة) لدرجة وصفه بـ "الحبل السري" الذي يربط بين مؤسسة الرئاسة والحزب الحاكم. ويُنسب إليه، ارتباطه بقرارات سابقة اتُخذت من "خارج نص القانون"، ومنها دفْع الأمين العام السابق لـ "جبهة التحرير" عمار سعداني إلى الاستقالة، وتعيين جمال ولد عباس مكانه، ثم إجبار الأخير على "التحجج بالمرض" وإفساح المجال أمام المسيّر الحالي للحزب، معاذ بوشارب.

تنسيق مباشر مع الجيش

ويبدو واضحاً أن قرارات بن صالح تُتخذ بالتنسيق مباشرةً مع رئاسة أركان الجيش، إذ يُعرف عن الرئيس الموقت نفوره من معارك "الدولة العميقة". وتعني قرارات بن صالح الأخيرة منع "الفريق الرئاسي" السابق من استعمال "جبهة التحرير" في معارك مقبلة محتمَلة. ومجرد إبعاد حبة العقبي معناه "قص أجنحته" لمصلحة طرف جديد في المعادلة.

وكان حبة العقبي قام بنشاطات عدة في الأيام الأخيرة، إذ قاد مبادرة اللقاء التشاوري حول أزمة الجزائر، التي باءت بالفشل. كما يُعد الأمين العام لرئاسة الجمهورية سابقاً، من بين المخططين لتجمع القاعة البيضاوية، في 9 فبراير (شباط) الماضي، لإعلان ترشح بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة. كما تصدر المشهد في صورة "كاريكاتورية"، حينما أهدى "إطار صورة بوتفليقة لإطار آخر لبوتفليقة نفسه".

وأثار ظهوره في 9 أبريل (نيسان) الحالي، برفقة مستشارَي بوتفليقة، بن عمر زرهوني ومحمد رقاب، ومدير التشريفات مختار رقيق، خلال استقبال عبد القادر بن صالح في مقر الرئاسة، موجة غضب عارمة، وسط الجزائريين الذين اتهموا النظام باستفزازهم والتقليل من ضغط الحراك الشعبي.

"قص أجنحة" الفريق الرئاسي

وتشمل قائمة "الفريق الرئاسي" أيضاً المستشار بن عمر زرهوني، وهو كان كاتب رسائل بوتفليقة، لذلك يواجه اتهامات "سياسية" بالتستر على غياب الرئيس السابق عن دائرة الحكم وعدم علمه أصلاً بالرسائل التي كانت تُوقَع باسمه.

أما مدير التشريفات السابق في رئاسة الجمهورية مختار رقيق، فيوصف بـ"العلبة السوداء" الحقيقية في الحلقة الرئاسية الضيقة، إذ يعلم "الصغيرة والكبيرة" في قصر المرادية في السنوات الـ 20 الأخيرة.

"عائلة بوتفليقة" تركت الرئاسة "شاغرة"

وعلمت "اندبندنت عربية" من أحد موظفي قسم الإعلام في رئاسة الجمهورية، أن رقيق وبمجرد استقالة بوتفليقة، أمر كل الموظفين في الأقسام المهمة بالرئاسة، بتقديم استقالتهم جماعياً بنية "ترك مؤسسة الرئاسة شاغرة". إلا أن مسؤولاً جديداً في الرئاسة عاود الاتصال بهؤلاء الموظفين قبل أسبوع، سائلاً عن سر استقالتهم، قبل أن يتم استدعاؤهم للعودة إلى وظائفهم بتعليمات من عبد القادر بن صالح.

وتعكس هذه القضية جزءاً يسيراً من محاولات "التعفين" (التعطيل) التي خلفها النظام السابق، بقيادة "الفريق الرئاسي" الذي كان مركز القرار الوحيد في البلاد خلال السنوات الخمس الأخيرة، على حساب توازنات كانت تُراعى في تقاليد الحكم الجزائري منذ الاستقلال، من ضمنها "حسابات الرئاسة وقيادة الأركان والاستخبارات"، و"التقسيم الجهوي في توزيع المناصب الدستورية العليا"، إضافة إلى "المنظمات الثورية".

حميد ملزي أو "الغرفة السرية"

ولم يستثنِ، بن صالح من مقصلة قراراته، الرجل القوي في النظام السابق، حميد ملزي، الذي أشرف خلال عقدين من الزمن على تسيير مقرات "إقامة الدولة" لا سيما "نادي الصنوبر" و "موريتي" في الضاحية الغربية للعاصمة.

ويقيم مسؤولون حاليون وسابقون ورجال أعمال ودوائر "فساد مالي" في هذه المقرات بحماية من ملزي، الذي كان يرافق الجنرال "توفيق". ويُنعت ملزي بـ"الغرفة السرية" للحياة الخاصة لكبار المسؤولين.

عزل محافظ العاصمة

وطاولت حملة الإعفاءات، والي محافظة العاصمة عبد القادر زوخ، الشخصية النافذة، التي حظيت بدعم الرئاسة منذ العام 2013. وأُنهيت مهام زوخ بمرسوم رئاسي، في اليوم ذاته الذي طرده فيه سكان حي "القصبة العتيق"، بعد انهيار أحد الأبنية مخلفاً ثلاث ضحايا.

وذكرت مصادر مأذونة أن القضاء يستعد لاستدعاء عبد القادر زوخ في ملفات نهب عقاري وتوقيع امتيازات غير قانونية لمقاولين ورجال أعمال. كما شملت التغييرات ولاة محافظات باتنة، سوق اهراس وسطيف.

عزل مسؤول الجمارك الجزائرية

كما عُزل المدير العام للجمارك الجزائرية فاروق باحميد، بنية منع محاولات لـ "إتلاف ملفات" وللتسريع بتعيين مدير جديد بالإنابة على رأس مصرف الجزائر المركزي. ويعتقد القضاء الجزائري أن عمليات "توطين مالي" غير مشروعة، كانت تتم بالتواصل بين هاتين المؤسستين، حيث تشكل ملفات "تهريب الأموال" الجزء الأكبر من القضايا المطروحة أمام المحاكم.

حبس عسكريين مرتبطين برجال أعمال

وفي السياق ذاته، تم تسريع سجن جنرالَين كانا أُحيلا على التقاعد قبل فترة، وهما السعيد باي وحبيب شنتوف. وقال مصدر قضائي لـ "اندبندنت عربية"، إن تهمة "تبديد أسلحة حربية" وُجهت إلى شنتوف إذ وقّع حين كان قائداً للناحية العسكرية الأولى، ترخيص حمل سلاح لرجل الأعمال علي حداد يجيز له حمل رشاش كلاشنيكوف". كما حصل رجل أعمال من عائلة كونيناف على الامتياز ذاته رغم أن القانون العسكري يمنع ذلك.

واستدعت المحكمة أيضاً، المدير العام السابق للأمن الجزائري، الجنرال عبد الغني هامل ونجله، أمام محكمة تيبازة (80 كلم غرب العاصمة). وسيتم التحقيق مع هامل الذي أنهيت مهامه في يونيو (حزيران) 2018، بسبب ممارسته "نشاطات غير مشروعة، واستعمال نفوذ، ونهب عقارات وسوء استغلال الوظيفة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي