Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زيارة الرئيس التونسي إلى القاهرة تثير الانتقادات ضده في الداخل

الأزمة الليبية والقضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب والأمن المائي المصري أبرز محاور المباحثات بين سعيد والسيسي

اختتم الرئيس التونسي، قيس سعيد، الأحد 11 أبريل (نيسان) الحالي، زيارته الرسمية الأولى إلى مصر منذ توليه منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، بعد مباحثات موسعة عقدها مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، فضلاً عن عدد من الرموز الدينية والسياسية والمجتمعية في البلاد.

وجاءت الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام "بهدف ربط جسور التواصل وترسيخ سنّة التشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين"، بحسب رئاسة الجمهورية التونسية، في وقت تشهد فيه تونس أزمة داخلية حادة بين الرئيس والأغلبية البرلمانية التي تسيطر عليها حركة النهضة الإسلامية، وبينما تسعى القاهرة إلى حشد الدعم العربي والدولي لموقفها في قضية سد النهضة التي باءت آخر جولات التفاوض في شأنها، والتي عُقدت قبل أسبوع في كينشاسا، بالفشل، وارتفع منسوب التوتر بين دولتي المصب، مصر والسودان، من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى.

ملفات الزيارة

وشملت زيارة الرئيس التونسي على مدار الأيام الثلاثة الماضية، محطات سياسية واقتصادية وثقافية وتاريخية ودينية في القاهرة، وإلى جانب القمة الرئاسية التي عقدها مع نظيره المصري، التقى سعيد رئيس الوزراء المصري مصطفي مدبولي وشيخ الأزهر أحمد الطيب، فضلاً عن زيارة ضريحي الرئيسين المصريين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات، إضافة إلى معاينته مواقع تاريخية ودينية في القاهرة والعاصمة الإدارية الجديدة التي تبنيها الحكومة المصرية في شرق البلاد.

وشملت المباحثات خلال القمة بين الرئيسين، السبت، وفق بيانات رسمية من البلدين، القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، والتحديات المشتركة التي تواجه البلدين، وفي مقدمتها تحقيق التنمية الشاملة، ومواجهة التدخلات الإقليمية السلبية في المنطقة، ومنع تقويض الدولة الوطنية، ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وبحسب رئاسة الجمهورية المصرية، تم التأكيد على أهمية تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بكل أشكاله ومظاهره، ومطالبة المجتمع الدولي بتبني مقاربة شاملة للتصدي لتلك الظاهرة بمختلف أبعادها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والفكرية والأيديولوجية.

وعلى الصعيد العربي، أكد الرئيسان أهمية مواصلة الجهود العربية من أجل دعم القضية الفلسطينية، كونها القضية المحورية للعالم العربي، وضرورة بذل الجهود لتطبيق مبدأ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع حضور الأزمة الليبية في المباحثات، شدد السيسي وسعيد على ضرورة تفعيل الدور العربي إزاء هذه الأزمة، مع الإشادة بما تم التوصل إليه أخيراً من تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا، معربين عن استعدادهما لتقديم كل أشكال الدعم لها بما يمكّنها من أداء دورها في إدارة المرحلة الانتقالية، وإجراء الانتخابات في موعدها المقرر نهاية العام الحالي، وإنهاء التدخلات الخارجية وخروج كل القوات الأجنبية والمرتزقة والمسلحين الأجانب من ليبيا بما يضمن استعادتها لاستقرارها الكامل.

كذلك تناولت مباحثات الرئيس التونسي في القاهرة، الأمن المائي المصري، الذي يشكل جزءاً من الأمن القومي العربي، فجرى التأكيد على ضرورة الحفاظ على الحقوق المائية لمصر باعتبارها قضية مصيرية، وهو ما أكده سعيد خلال المؤتمر الصحافي المشترك، قائلاً إن "الأمن القومي لمصر هو أمننا، وموقف مصر في أي محفل دولي سيكون موقفنا".

ووفق مراقبين مصريين، تعوّل القاهرة على الدور الذي يمكن أن تلعبه تونس في دعم موقفها في شأن أزمة سد النهضة مع إثيوبيا، من خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي.

نتائج الزيارة

كذلك، رجّح مراقبون أن تعيد اللقاءات المكثفة التي عقدها سعيد مع المسؤولين المصريين الزخم إلى العلاقات الثنائية، لا سيما مع تحديد العام المقبل ليكون عاماً للثقافة المصرية - التونسية.

وقال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إن "تطوير العلاقات العربية بشكل مستمر ومتواصل وتعزيز التعاون المستمر مهم جداً لمواجهة التحديات الإقليمية والثنائية التي تواجهها بلدان المنطقة"، مضيفاً أن "مصر وتونس تحتاجان إلى بعضهما، فمن جهتها تتحرك الحكومة التونسية للاستفادة من خبرات القاهرة على الصعيد الاقتصادي أو الأمني، في وقت تسعى فيه القاهرة إلى الاستفادة من عضوية تونس غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي لدعم موقفها المتعلق بأزمة سد النهضة وحلحلتها بما يساعد الأمن القومي المصري". وتابع بيومي، "هناك ملفات أخرى مشتركة ومهمة للبلدين، لا سيما في ما يتعلق بتطورات الأزمة الليبية، التي تنعكس مباشرة على الأمن القومي للبلدين، نظراً لكونهما بلدين جارين لليبيا".

من جانبه، رأى الدبلوماسي المصري السابق، حسين هريدي، أن "من المهم تعزيز التعاون والتنسيق المتبادل بين الدول العربية في شمال أفريقيا، لا سيما في قضايا مثل ليبيا والإرهاب والجماعات المتطرفة، فضلاً عن تنسيق المواقف المتعلقة بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي". واعتبر هريدي أن "الزيارة حققت أهدافاً عدة على الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية، ويتوقع أن تكون قوة دفع جديدة للعلاقات بين البلدين". وأضاف أنه "من بين النقاط المهمة، أن أهمية الزيارة تظهر في تكثيف الدعم التونسي لمصر من خلال مقعدها غير الدائم بمجلس الأمن، وحشد التأييد الدولي في قضية سد النهضة ضد إثيوبيا، وهو ما عبر عنه الرئيس التونسي خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس المصري".

وبحسب الرئاسة التونسية، فإن الزيارة "تندرج في إطار ربط جسور التواصل وترسيخ سنّة التشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين، فضلاً عن إرساء رؤى وتصورات جديدة تعزز مسار التعاون المتميز القائم بين تونس ومصر بما يلبي التطلعات المشروعة للشعبين الشقيقين في الاستقرار والنمو".

 

انتقادات داخلية تونسية

في المقابل، وفي الوقت الذي تزامنت فيه زيارة سعيد مع أزمة داخلية حادة بين الرئيس التونسي والأغلبية البرلمانية التي تسيطر عليها حركة النهضة الإسلامية، تصاعدت حدة الانتقادات التي وجهها مؤيدو "النهضة" القريبة من جماعة الإخوان المسلمين، التي تصنفها القاهرة جماعة إرهابية، لقيس سعيد. وكان أبرز ردود الفعل على الزيارة، تعليق الرئيس التونسي الأسبق، المنصف المرزوقي، الذي قال، إن "سعيد لا يمثل الثورة التي سمحت له بالوصول إلى السلطة، ولا يمثل استقلال تونس، ووحدة دولتها ومصالحها وقيمها".

وبينما لم ترد الرئاسة التونسية رسمياً على تلك الانتقادات، كان لافتاً اهتمام الصفحة الرسمية للرئاسة على مواقع التواصل الاجتماعي بزيارة سعيد ضريح الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وتدوينه كلمة في دفتر زيارات الضريح بصحبة نجل عبدالناصر، في إشارة عدها مراقبون بمثابة "رسالة ضمنية" إلى الحركات الإسلامية في تونس، وخصوصاً حركة النهضة، عبر استعادة مواقف عبدالناصر في التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين.

وكان عبدالناصر قد أصدر قراراً بحل جماعة الإخوان في عام 1954. ونقلت تقارير تونسية، أن من بين الملفات التي أولاها سعيد اهتماماً خلال زيارته مصر، الاطلاع على الخبرات المصرية في التعامل مع جماعات الإسلام السياسي.

وعلى الرغم من توضيح السفير حسين هريدي أنه لا يمكن ربط الزيارة بالتطورات الداخلية التونسية، فإنه فسر أن موقف مؤيدي "النهضة" نابع بالأساس من الموقف العام للحركة مما حدث في 2013، وإطاحة الرئيس المصري الراحل المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، محمد مرسي، وقال إنه "على الرغم من عدم صدور بيانات رسمية من حركة النهضة في شأن الزيارة، فإنه يمكن استخلاص مواقفها من خلال ما عبر عنه مقربون منها عبر صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي".

المزيد من العالم العربي