Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صنع التاريخ في أرض قديمة: بوتشيلي أول من غنى في مدائن صالح بالعلا

التينور الإيطالي يتحدث حصرياً إلى "اندبندنت" عن ليلة حافلة بـ"المشاعر الغامرة"

صدح صوت أندريا بوتشيلي في مدائن صالح (أ ف ب، الهيئة الملكية لمحافظة العلا)

هل من مطابقة أفضل بين أحد أكثر مواقع الحفلات إدهاشاً في العالم وواحد من أكثر الفنانين روعةً في العالم.

فالعلا، هي منطقة صحراوية قديمة في شمال المملكة العربية السعودية، بدأت تظهر كواحة ثقافية خصبة. أما الحِجْر (مدائن صالح)، المدينة القديمة المذهلة وأول موقع في البلاد يُدرَج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، فشيدتها في القرن الأول قبل الميلاد المملكة النبطية. ومن بين آلاف المقابر، زُينت 100 مقبرة على الأقل بواجهات منقوشة متقنة، من توقيع حرفيين غادروا المسرح قبل فترة طويلة.

المشهد الطبيعي الذي يعود إلى قرون من الزمن، وحده يجعل من العلا وجهة مميزة. وتضيف المواهب الفنية الجديدة التي تصل إلى المشهد لمستها الدرامية المؤثرة.

والخميس، أصبح أندريا بوتشيلي أول فنان يغني في مدائن صالح – الأول، في الأقل، منذ ألفي سنة أو نحو ذلك. وفي الواقع، كانوا آل بوتشيلي. فللمرة الأولى، أحضر أندريا معه اثنين من أولاده معاً، ماتيو، 24 سنة، وفيرجينيا، تسع سنوات فقط.

وقال بوتشيلي في مقابلة مع "اندبندنت"، "كان الأمر مؤثراً كثيراً (وحافلاً بالمشاعر الجياشة) بالنسبة إلي، وكان من الجميل للغاية أن أغني معهما".

وإذا كان بوتشيلي متحمساً لوجود ولديه على المسرح، وليغني ما أسماه "رومانسيات جميلة"، أذهله أيضاً ما أحاط به. وغنى أمام جمهور لم يتجاوز عدده 300 شخص في خلفية رائعة (المقابر العشرون المنحوتة في الخريمات). ويقول علماء الآثار إن هذه المجموعة تمثل بعض أفضل المقابر المحفوظة في مدائن صالح، بالخريمات، سمتها المميزة، وتماثيل الجينوسفينكس الأنيقة – حراس الأرواح برؤوس نساء وأجسام أسود وأجنحة – التي تزين زوايا الأقواس.

وقال الإيطالي البالغ من العمر 62 سنة، الذي ولد بالقرب من بيزا، "إنه أمر مذهل". وفي حين أن الحجر سابقة من نوعها حقاً، غنى بوتشيلي من قبل في العلا، في قاعة مرايا للاحتفالات، المنعكسة على الخارج كسراب حديث. "إنه أمر عاطفي للغاية لأن المكان مختلف للغاية. وثقافته بعيدة كل البعد عن ثقافتنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وإذا كان الموقع لافتاً للنظر، فإن قصة بوتشيلي ذاته هي كذلك أيضاً. لقد ولد مع زرق خلقي، ويعاني العمى منذ تعرض إلى حادث في ملعب لكرة القدم في سن الثانية عشرة. ولم تحل هذه الإعاقة دون صعود التينور ليصبح واحداً من أكثر مغني الأوبرا شهرة وشعبية في العالم. لقد باع أكثر من 75 مليون ألبوم، مع امتداد شعبيته إلى ما وراء عالم الأوبرا إلى جمهور أكبر بكثير مع ألبوماته الهجينة بين الكلاسيكيات الأخف والأغنيات الشعبية، رافعاً الموسيقى الكلاسيكية إلى أعلى مراتب الأغنيات الشعبية.

ورُشِّح بوتشيلي لجائزة الأوسكار عن أغنية ثنائية مع سيلين ديون فازت بجائزة الغولدن غلوب وحملت عنوان "الصلاة" وخُصصت لفيلم "البحث عن كاميلوت". ولاحظت ديون قائلة، "إذا كان للإله صوت للغناء، لا بد من أن يشبه كثيراً صوت أندريا بوتشيلي".

والواقع أن مظهره الطيب يشكل أيضاً جزءاً من جاذبيته، إذ تسميه مجلة "بيبول" واحداً من أجمل 50 شخصاً على مستوى العالم.

وعلى الرغم من أن بوتشيلي ضرير، إلا أن قدرته على الإحساس بجو المكان رائعة، وفعل ذلك ليلة الخميس. قال، "أجل، أستطيع أن أتصور الأمر. أشعر بجو خاص. إنه مختلف تماماً عن الأماكن المعتادة حيث أغني.

"إن المدافن والمدينة القديمة خاصة بطبيعة الحال. لكن هناك أيضاً صحراء هائلة. مكان يستطيع فيه الإنسان أن يفكر بعمق أكبر".

وكما هي الحال مع غنائه، يشتمل خطاب بوتشيلي على إيقاعات وصياغة شعرية واضحة، وكثيراً ما يكون اختياره للغة مؤثراً.

سألت كيف كانت سنة "كوفيد" بالنسبة إليه، مع القيود الحتمية على جولاته العالمية. قال، "كان الأمر مؤلماً، لكنه كان أيضاً من أفضل فترات حياتي، إذ كان من الممكن أن أقضي وقتاً أطول كثيراً مع عائلتي. لكن بسبب ما كان يحدث، لم يعرف قلبي الطمأنينة".

وأقيمت الحفلة أمام جمهور محصور بسبب تدابير التباعد الاجتماعي الخاصة بـ"كوفيد-19"، لكنها بثت أيضاً على قناة الفنان على "يوتيوب" مع جمهور يُقدر بالملايين، فهذه هي قاعدته الجماهيرية.

وغنى بوتشيلي وابنته "هللويا" لليونارد كوهين، وفاخرت العائلة المتعددة المواهب بمواهبها الموسيقية إذ بدل بوتشيلي بين الآلات خلال الحفلة. وتضمنت الأغنيات أعمالاً مفضلة من بوتشيلي، وأغنيات لاقت رواجاً من أحدث ألبوم للفنان، "آمنوا"، فضلاً عن أغنيات من فيلمي "أعظم رجل استعراض" و"اللعبة الدائرية"، وأغنيته الختامية المعتادة "آن أوان الوداع".

وانضم إلى المغني موسيقيون من الأوركسترا الفلهارمونية العربية وضيوف مميزون، المغنية الأميركية لورين ألريد، وابن أندريا ماتيو بوتشيللي، وفرانشيسكا مايونتشي، ويوجين كوهن على البيانو.

ويقال إن بوتشيلي قادر على العزف على أي آلة يضع يديه عليها. وأولئك الذين كانوا هناك ليشهدوا وصوله إلى مطار العلا الدولي يستطيعون أن يجزموا بذلك، بعدما عزف الزائر الإيطالي نسخة من "أو سولي ميو" ("يا شمسي") على القانون.

وكان أكثر تينور شعبية على مستوى العالم الاختيار المثالي لتقديم عرض حي في مدائن صالح، في حفلته الثالثة في المملكة العربية السعودية. ويبدو أن مشاعره بادله إياها السكان المحليون.

قال لي، "إن الناس في هذه المنطقة مسرورون للغاية بقدوم السياح الآن. فإذا ما صادفت راعياً سيتكلم معك. إنهم سعداء لرؤية الناس. وأنا على ثقة بأن نجوماً آخرين سيأتون إلى هنا الآن. ومن الأهمية بمكان أن تصبح الثقافة أوسع نطاقاً. ومن المهم جداً دوماً أن نعرف بعضنا بعضاً في العالم في شكل أفضل".

© The Independent

المزيد من منوعات