وعاد الناخبون في إسبانيا الأحد للمرة الثالثة في غضون 4 سنوات، إلى مراكز الاقتراع للتصويت في الانتخابات البرلمانية التي رجحت الاستطلاعات أن يحقق فيها رئيس الحكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز الكتلة الأكبر ما سيتيح له تأليف حكومة بدعم من حزب "بوديموس" (نستطيع) اليساري، إضافةً إلى أحزاب مستقلة أخرى، بعدما استبعد في مناظرة تلفزيونية جرت منذ أيام التحالف مع حزب "سيودادانوس" (المواطنة) الليبرالي (يمين الوسط).
وقال سانشيز للصحافيين بعد الإدلاء بصوته في أحد مراكز الاقتراع قرب العاصمة مدريد "بعد سنوات كثيرة من عدم الاستقرار والغموض، من المهم أن نرسل اليوم رسالةً واضحة عن إسبانيا التي نريدها. ومن ثم يجب بناء أغلبية برلمانية موسعة يمكنها أن تدعم حكومة مستقرة".
وكانت مراكز الاقتراع فتحت أبوابها من الساعة التاسعة (07:00 بتوقيت غرينيتش) وتستمر حتى الساعة 20:00 (18:00 بتوقيت غرينيتش)، بينما يُفترض إعلان النتائج مساء الأحد.
ويتكوّن البرلمان الإسباني من 350 عضواً ينتخبون كل أربع سنوات عن طريق الاقتراع العام. ويُتوقع أن تسفر الانتخابات الحالية عن برلمان مجزأ سيكون لتيار اليمين المتطرف وجود كبير فيه للمرة الأولى منذ عودة البلاد إلى نظام الحكم الديموقراطي.
صعود اليمين المتطرف
وتبدو الأمور مفتوحةً على كل الاحتمالات، بخاصة مع بروز حزب "فوكس" (الصوت) اليمني المتطرّف كخيار شائع في هذه الانتخابات، إذ يُرجّح حصده ما بين 29 و37 مقعداً في بلدٍ غاب عنه اليمين القومي منذ عهد الجنرال فرانسيسكو فرانكو الذي انتهى في العام 1975. وتشير الاستطلاعات إلى عدم حسم 4 من بين كل 10 ناخبين خيارهم بعد. وحذر سانشيز الذي تولى رئاسة الحكومة في يونيو (حزيران) الماضي، إثر نجاحه في تقديم مذكرة بحجب الثقة عن رئيس الحكومة السابق المحافظ ماريانو راخوي (الحزب الشعبي)، من موجةٍ لليمين القومي في إسبانيا كما حدث في فنلندا حيث
احتل حزب "الفنلنديين الحقيقيين" المرتبة الثانية في انتخابات جرت في منتصف أبريل (نيسان) الحالي. ويأتي تحذير سانشيز بينما سبّب "فوكس" الذي كان هامشياً منذ ستة أشهر فقط، زلزالاً سياسياً بحصوله على حوالي 11 في المئة من الأصوات في انتخابات محلية جرت في منطقة الأندلس. وأظهرت استطلاعات رأي أن نتائج "الحزب الشعبي" والليبراليين في حزب المواطنة و"فوكس" لن تسمح للأحزاب اليمينية الثلاثة بتشكيل أغلبية، مثل تلك التي سمحت بطرد الاشتراكيين من السلطة في معقلهم في الأندلس في بداية السنة الحالية. إلا أن سانشيز قال الجمعة إن "هناك احتمالاً واقعياً ومؤكداً" أن يكون أداء حزب "فوكس" أفضل مما تتوقعه استطلاعات الرأي وأن تتشكل أغلبية يمينية بدعم من اليمين القومي. من جهة أخرى، فتح زعيم "الحزب الشعبي" بابلو كاسادو الذي شنّ حملةً معاديةً جداً لسانشيز، وصفه خلالها بأنه "حصان طروادة" القوميين في منطقتَي كاتالونيا والباسك، الباب للمرة الأولى لمشاركة حزبه اليميني القومي في حكومة يمينية محتملة. ويتبنى حزب "فوكس" من ناحيته، خطاباً معادياً للمرأة وللمهاجرين، وهو أُسِس على يد أعضاء سابقين في "الحزب الشعبي" وازدهر خصوصاً خلال دعوته إلى اعتماد القوة ضد الانفصاليين في منطقة كاتالونيا، داعياً إلى حظر أحزابهم. ويحظى زعيم "فوكس" سانتياغو أباسكال بتأييد زعيمة اليمين القومي في فرنسا مارين لوبن وزعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني في إيطاليا.
الإعادة ممكنة
وبعد حملةٍ شابها التوتر وهيمنت عليها قضايا مثل الهوية الوطنية والمساواة بين الجنسين، يلوح احتمال أن تطول جهود تشكيل ائتلاف حكومي إسباني إلى أسابيع أو أشهر، ما من شأنه أن يغذي أجواء الغموض السياسي في أنحاء أوروبا. وهناك فرصة لخمسة أحزاب على الأقل من الطيف السياسي الإسباني لتكون ممثلة في الحكومة، وقد تتكبد العناء من أجل التوصل إلى اتفاق في ما بينها، ما يعني أن إعادة الانتخابات إحدى النتائج الممكنة.