Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة شرق أوكرانيا تعيد إلى الأذهان سيناريو جورجيا

تضع الحشود العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية الإدراة الأميركية الجديدة أمام أكبر وأخطر امتحاناتها

زيلينسكي لدى تفقده قواته في منطقة لوغانسك الخميس 8 أبريل الحالي (أ ف ب)

يتصاعد التوتر في شرق أوكرانيا بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الذين تدعمهم روسيا بشكل متقطع منذ اتفاق السلام الموقع في عام 2015، إلا أن حجم التصعيد الحالي يختلف عن كل المرات السابقة.
ويثير تزايد القوات العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا اليوم، علامات استفهام وتساؤلات عدة عن حقيقة أهداف هذه الحشود العسكرية غير المسبوقة في عمر النزاع الأوكراني. وعلى الرغم من عدم وجود مصلحة روسية في عمل عسكري واسع، إلا أنه لا يمكن استبعاد هذا السيناريو، مع احتمال أن يكون الهدف من كل ذلك ردع كييف عن أي تحركات أو هجمات مستقبلية في المناطق الشرقية، عبر إظهار موسكو نفسها أنها صاحبة الكلمة العليا من خلال قدرتها على التصعيد.
السائد اليوم في معظم الأوساط الروسية، هو أن الغرب في حالة هجوم على روسيا على أكثر من جبهة وأكثر من صعيد، سواء في فضاء دول الاتحاد السوفياتي السابق، في بيلاروس وأوكرانيا، أو على الصعيد الداخلي الروسي، لا سيما في قضية المعارض أليكسي نافالني، أو على الصعيد الدولي في جبهات مثل سوريا وليبيا.
وفي السياق، ذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، أن عدد القوات الروسية الآن على الحدود مع أوكرانيا أكبر منه في أي وقت منذ عام 2014، في إشارة إلى الفترة التي ضمت فيها روسيا شبه جزيرة القرم. وقالت تركيا، إن الولايات المتحدة سترسل سفينتين حربيتين إلى البحر الأسود عبر البوسفور، فيما تشهد المنطقة توتراً متصاعداً بين أوكرانيا وروسيا التي كثفت حشدها العسكري على الحدود مع جارتها الغربية، التي أعلنت من جهتها جاهزيتها للرد.
وفي خضم التصعيد، نفى قائد الجيش الأوكراني استعداد قواته لشن هجوم في إقليم الدونباس، وقال إن استخدام القوة لاستعادة السيطرة عليه سيؤدي إلى سقوط عدد كبير من القتلى، وهو ما ترفضه كييف. وفي الوقت ذاته، تتواصل الاتهامات المتبادلة بين كييف والانفصاليين المدعومين من موسكو بخرق وقف إطلاق النار والتحشيد العسكري، كما زار الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في 8 أبريل (نيسان) الحالي، شرق البلاد، حيث تفقد قوات الجيش، وذلك بعد يومين من دعوته حلف شمال الأطلسي إلى وضع خطة لأوكرانيا للانضمام إلى الحلف، وهو الإجراء الذي تعارضه موسكو بقوة.
وقال المتحدث باسم الكرملين، إن موسكو قد تتخـذ خطوات لحماية المدنيين من أي قتال شرقي أوكرانيا، واصفاً الوضع في إقليم "دونباس" بغير المسبوق. وأضاف المتحدث ديمتري بيسكوف للصحافيين أن "الوضع في شرق أوكرانيا مضطرب للغاية، ما ينطوي على مخاطر عمليات قتالية على أوسع نطاق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


المؤكد اليوم هو أن اندلاع أي مواجهة في شرق أوكرانيا الموعودة بدعم حلف شمال الأطلسي، ستضع الحلفاء الغربيين في موقف حرج للغاية، فالحشود العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية تجعل الإدراة الأميركية الجديدة أمام أكبر وأخطر امتحاناتها الروسية، في ظل انتهاكات لوقف إطلاق النار في الدونباس وقلق حلف الناتو، في الوقت الذي وصلت فيه العلاقات بين روسيا والغرب إلى أدنى مستوياتها وفق تعليق وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وإذا كانت الحشود والتحركات العسكرية الروسية الضخمة تأتي في سياق التدريبات الاعتيادية والمجدولة مسبقاً، وفي إطار اختبارات الجاهزية القتالية، فالسؤال الكبير هو، هل ستعود هذه القوات إلى قواعدها بعد إنهاء المهمات التي تحركت لأجلها؟ أم ستتمركز في أمكانها الجديدة عند الحدود الأوكرانية؟
استعراض موسكو قدراتها العسكرية ليس بالشيء الجديد، وأهميتها اليوم تأتي في إطار توجيه رسالة إلى كييف بالدرجة الأولى، بعد حديث روسي متكرر وتحذيرات من استعدادات لشن هجوم أوكراني على شرق البلاد حيث يسيطر الانفصاليون المدعومون من روسيا.
حدث شي مشابه جرى في أغسطس (آب) 2008 في إقليم أوسيتيا الجنوبية في جورجيا، حيث أوردت صحيفة "فيزغلاد" الروسية خبراً عن كشف الأجهزة الروسية معلومات وقتها، أن جورجيا تستعد لاجتياح أوسيتيا الجنوبية، حيث كانت تتمركز قوات حفظ السلام الروسية، بعد تأكيدات تلقاها الرئيس الجورجي آنذاك ميخائيل ساكاشفيلي بدعم واشنطن له.
وأظهرت التجربة الجورجية أن الاحتفاظ بالقوات العسكرية بشكل متقدم في مناطق النزاع المجمد والمتوقع اشتعاله، أكثر فاعلية من استقدامها في ما بعد من أماكن انتشارها الدائمة
يبقى القول إنه قد يكون تنفيذ القوات الروسية تدريبات اليوم على الحدود مع أوكرانيا قرب جمهوريتَي دونيتسك ولوغانسك في الدونباس (غير معترف بهما)، في إطار برنامج المناورات القتالية المجدولة مسبقاً، مع إمكانية استخدامها العاجل في حالة حدوث أي تغيير في الموقف الميداني، في سيناريو مشابه لحالة إقليم أوسيتيا الجنوبية مع جورجيا.

المزيد من تحلیل