Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إلغاء مشروع قانون لسحب الجنسية من جزائريي الخارج

أثار جدلاً واسعاً وأسهم في اخراج مزيد من الجزائريين إلى التظاهر في الشارع

قال تبون إن إلغاء المشروع سببه سوء فهم هدفه الذي كان حماية الأمن القومي وليس المساس بحق الجنسية لأي مواطن (موقع التلفزيون الجزائري)

عاد الحديث مجدداً في الجزائر حول مسألة الجنسية، ولكن هذه المرة من باب إلغاء مشروع قانون سحب الجنسية أثار جدلاً واسعاً بين مرحب ورافض، ما يطرح تساؤلات عدة حول أسبابه الحقيقية.

ارتباك

وفيما اعتبرت الحكومة الجزائرية أن مشروع قانون تجريد الجزائريين المقيمين في الخارج من جنسيتهم سواء الأصلية أو المكتسبة، يستهدف "مَن يرتكب عمداً أفعالاً خارج التراب الوطني من شأنها أن تلحق ضرراً جسيماً بمصالح الدولة أو تمس بالوحدة الوطنية"، وأيضاً "كل جزائري ينشط أو ينخرط في منظمة إرهابية، أو يموّلها أو يمجدها، وكل مَن تعامل مع دولة معادية"، إلا أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قال إن إلغاء المشروع سببه سوء فهم هدفه الذي كان حماية الأمن القومي، وليس المساس بحق الجنسية لأي مواطن.
وبالعودة إلى تصريحات تبون التي أتت في سياق لقاءاته مع الصحافة الجزائرية، يظهر أن سحب المشروع كان استجابةً لضغط فرضته أطراف سياسية وحقوقية وشعبية عدة، ما دفع إلى التساؤل حول تعامل السلطة مع تجاوزات الجزائريين التي قدمتها في إطار تبرير طرح مشروع قانون تجريد الجنسية الذي "يستجيب إلى ما تسمح به الاتفاقيات الدولية واستنفاذ إجراءات الطعن"، بحسب تصريحات الناطق باسم الحكومة الجزائرية، وزير الاتصال عمار بلحيمر.

تجنباً للغط

ورأى أستاذ علم الاجتماع السياسي، مصطفى راجعي أن "سحب مشروع القانون كان منتظراً بالنظر إلى ما أثاره من جدل، حتى أنه أسهم في اخراج مزيد من الجزائريين إلى الشارع في مسيرات حراك الجمعة"، مبرزاً أنه "يبدو واضحاً من مبرر المشروع، أن حماية الأمن القومي من أعداء مفترَضين في الخارج هو السبب، حيث حاولت الحكومة استخدام "الجنسية" كسلاح قانوني لمواجهة معارضين راديكاليين في الخارج يدعون إلى الاطاحة بالنظام ويستهدفون الجيش كمؤسسة". وقال راجعي إن "الجدل والغضب سببه الطابع الفريد للمشروع الذي يستهدف نزع جنسية أصلية وفطرية وطبيعية وليس جنسية مكتسبة عن طريق طلب الحصول عليها، إذ إن المعمول به في البلدان الأخرى هو نزع الجنسية المكتسبة الثانية وليس تجريد المواطن من جنسيته الأصلية التي تُعتبر بمثابة هوية شخصية".
في ذات الشأن، يعتقد أستاذ القانون الدولي، اسماعيل خلف الله، أن "سحب مشروع القانون جاء بناءً على ما أثاره من ضجة إعلامية ومجتمعية، وتأويلات بأنه سيُستعمل لقمع معارضين في الخارج". وقال إنه "ربما رأت السلطة في سحبه تجنباً لكل هذا اللغط والتأويلات التي لا تخدمها في المرحلة الحالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


عبارة "انفصالية"

وفي سياق الفئات التي أشار إليها مشروع قانون سحب الجنسية، ذكر بيان لرئاسة الجمهورية عقب الاجتماع الدوري للمجلس الأعلى للأمن الذي ترأسه تبون الثلاثاء 6 أبريل (نيسان) الجاري، وخُصص لتقييم الوضع العام للبلاد على المستويَين السياسي والأمني، أن "المجلس درس ما سُجل من أعمال تحريضية وانحرافات خطيرة من قبل أوساط انفصالية وحركات غير شرعية ذات مرجعية قريبة من الإرهاب تستغل المسيرات الأسبوعية، حيث شدد الرئيس على أن الدولة لن تتسامح مع هذه الانحرافات التي لا تمت بصلة للديمقراطية وحقوق الإنسان، مسدياً أوامره بالتطبيق الفوري والصارم للقانون، ووضع حد لهذه النشاطات غير البريئة والتجاوزات غير المسبوقة، لا سيما تجاه مؤسسات الدولة ورموزها والتي تحاول عرقلة المسار الديمقراطي والتنموي في الجزائر".
واستعمل الرئيس الجزائري للمرة الأولى عبارة "انفصالية" في إشارة واضحة إلى "حركة انفصال القبائل" التي يتزعمها الفنان فرحات مهني، والتي باتت تنشط بقوة منذ سقوط نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في العواصم الأوروبية وبشكل خاص في فرنسا. كما تحدث تبون عن "أعمال تحريضية وانحرافات من حركات غير شرعية ذات مرجعية قريبة من الإرهاب"، وهو ما فهمه الحراك على أنه يتعلق بحركة "رشاد" التي تأسست في الخارج على أنقاض "الجبهة الاسلامية للإنقاذ" المنحلة، والتي يُتهم أعضاؤها وأنصارها بالتورط بالإرهاب.

توقيت الطرح

من جهة أخرى، اعتبر أستاذ العلوم السياسية، علي ربيج، أن "مشروع قانون سحب الجنسية فُسِّر في اتجاهات عدة، على الرغم من أنه معمول به في دول عدة في العالم، بدليل ما يحدث مع المتشددين الذين يعودون إلى بلدانهم. كما اعتبرته المعارضة قانوناً لتصفية الحسابات وتهديد لحرية التعبير والديمقراطية"، مبرزاً أن توقيت طرحه هو الإشكال وليس ما جاء به، الأمر الذي بلور فكرة إسقاطه والتراجع عنه تماشياً مع ظروف البلاد ولتخفيف الضغط والابتعاد من تأزيم الأمور، على الرغم من أنني أعتبره قانوناً ضرورياً لمعاقبة الذين يستهدفهم".
ويرى الإعلامي المهتم بالشأن السياسي، محمد دلومي أن "سحب القانون كان ضرورة أملتها عوامل عدة، ثم هناك أمر آخر يجب أن يؤخذ في الاعتبار وهو غياب مفهوم محدد للمخالفات القانونية التي تدفع السلطة للتلويح بهذا القانون بوجه معارضة الخارج". وقال إن "ما تراه السلطة تجاوزاً قانونياً وإضراراً باستقرار البلاد والشعب قد تراه المعارضة نضالاً من أجل الحقوق"، مضيفاً أن "الجنسية تبقى برأي كثيرين ورقة ضغط بيد السلطة أكثر مما هي ورقة ضغط عليها، فسحب الجنسية من أي مواطن قد تجعله محمياً في دولة أخرى، بخاصة إذا كان يحمل جنسية ثانية، بينما إذا كان يحمل الجنسية الجزائرية فيمكن للسلطات المطالَبة بتسليمه بعد إثبات الأدلة والقرائن التي تدينه ومحاكمته في الجزائر".

المزيد من العالم العربي