Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما مصير "قناة البحرين" مع تصعيد التوتر بين الأردن وإسرائيل؟

البحث فيها جاء بعد أزمة السويس ومصر تعتبر أن فكرة البدائل تجاوزها الزمن

قناة السويس (رويترز)

ضمن الاقتراحات البديلة لقناة السويس، في أعقاب الأزمة التي سببتها سفينة "إيفر غيفن" وأغلقت القناة لمدة أسبوع، أعادت إسرائيل إلى أجندة أبحاثها مشروع قناة البحرين، الذي لطالما بُذلت جهود لتنفيذه، لما يعود به من مكاسب لإسرائيل، لكن من دون جدوى.

وفي ظل تصعيد التوتر في العلاقة مع الأردن، مع الحديث عن علاقة إسرائيل بمحاولة الانقلاب في المملكة الهاشمية، حذر مشاركون في تخطيط قناة البحرين وخبراء في هذا المجال من خطوات تتخذها إسرائيل لإخراج مشروع القناة إلى حيز التنفيذ، كما حذرت مديرة جمعية "تسالول- لحماية البحر والشواطئ والأنهر" الإسرائيلية، مايا يعقوفتش، من اقتراح خبراء الأمم المتحدة لخطة شق قناة جديدة في إسرائيل، موازية لقناة السويس، تمتد من خليج العقبة في البحر الأحمر، وعلى طول الحدود المصرية- الإسرائيلية وصولاً إلى البحر المتوسط.

وبحسب يعقوفتش "الحادثة في قناة السويس غير مألوفة وتحدث مرة كل عشرات السنين، وتحويلها إلى ذريعة ومبرر لمبادرين من أجل دفع أفكار هو انتهازية اقتصادية ضيقة".

عملياً، المشروع المقترح هو بحد ذاته المشروع الإسرائيلي الذي لم ينفذ منذ عشرات السنين، وقد أثارت مناقشة المقترح في أعقاب أزمة السويس معارضة واسعة لمنظمات حماية البيئة، التي حذرت من "تحويل إسرائيل إلى دولة وقود وبضائع، صغيرة وملوثة"، ويُتوقع تنفيذ مشاريع كثيرة مشابهة بذريعة التخفيف من الازدحام في قناة السويس، وتؤدي إلى زيادة تلوث الجو والمخاطر على البيئة البحرية.

ونقل عن مسؤولين أن الحديث الحالي عن إمكانية مرور كثير من السفن في منطقة إسرائيل يندرج ضمن اتفاقيات السلام الأخيرة، التي تشمل نقل كميات كبيرة من النفط الخام من الخليج العربي إلى أوروبا ودول في العالم عن طريق ميناء إيلات.

الممر المنافس لقناة السويس

منذ اليوم الأول من أزمة قناة السويس يتباحث الإسرائيليون في الإمكانيات البديلة التي تضمن مصلحة اقتصادية واستراتيجية لإسرائيل. وكانت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" قد ذكرت أن المحادثات حول إقامة قناة بديلة من السويس طرحت للنقاش بعد توقيع اتفاقية السلام بين إسرائيل والإمارات، على أن يتقاسم البلدان مع مصر الأرباح الطائلة التي يمكن أن يحققه مثل هذا المشروع.

بالنسبة إلى مشروع قناة البحرين، الذي تطمح إسرائيل في تنفيذه، يعتبر أحد أهم المشاريع الثلاثة لحفر قنوات بمبادرة إسرائيل تستغل فيها البحر الميت والأحمر والأبيض المتوسط.

وقناة البحرين هي آخر المشاريع المقترحة في إسرائيل، ويعكس رغبة الخبراء في قناة إسرائيلية بديلة من السويس، في وقت تشكل العلاقة مع الأردن عاملاً مهماً في تنفيذ المشروع ومدى نجاحه.

وكان الأردن قد بعث برسائل، منذ أربعة أشهر إلى إسرائيل، قبل تصعيد التوتر بينهما، حول رغبته في استئناف مشروع قناة البحرين. وطرح الموضوع أمام  وزارة التعاون الإقليمي وكذلك في لقاء سابق بين وزير الخارجية الإسرائيلي، آنذاك، غابي أشنكنازي، ونظيره الأردني أيمن الصفدي.

وعلى خلفية التوجهات من الأردن، وفي أعقاب اتفاقات السلام مع البحرين والإمارات، قررت وزارة التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية إعادة النظر في استئناف العمل على المشروع، ورفعت توصية بعمل ذلك إلى وزير التعاون الاقليمي أوفير أكونيس.

أعجوبة عالمية

وبحسب الخطة الكاملة للمشروع فإن فوارق الارتفاع بين إيلات والبحر الميت ستستغل لبناء محطات توليد طاقة هايدرو- إلكترونية. وستنتج هذه المحطات طاقة "خضراء" تستخدم لتحلية المياه التي تنقل في قناة البحرين. وستستخدم هذه المياه للشرب والزراعة لإعادة ملء الخزانات التي فرغت في إسرائيل، في الأردن وفي مناطق السلطة الفلسطينية في أريحا. وتقدر كلفة مشروع كهذا بعشرات مليارات الدولارات. ولهذا، لا يدور الحديث في هذه المرحلة عن بدء حفر القناة بل عن تجربة كلفتها نحو مليار دولار.

ويشارك في المشروع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وجهات أخرى. وفي ضوء التطورات توجه أكونيس إلى محافل دولية أخرى، قبل ثلاثة أشهر، وعُرضت هناك المخططات على وزير التجارة البحريني زيد الحياني، في اثناء زيارته إلى إسرائيل، وبناء على طلبه نقلت إليه مواد أخرى. كما تحدث أكونيس مع سفير الاتحاد الاوروبي في إسرائيل ودول بارزة أخرى في أوروبا.

واعتبر أكونيس في حينه أن "مشروع قناة البحرين فرصة لربط دول وشركات عدة في منطقتنا، في أوروبا وفي الولايات المتحدة وبدعم محافل دولية لتنفيذ عملي لمشروع مثل قناة البحرين والذي يمكن لفوائده أن توفر المياه في منطقة جافة مثل منطقتنا وينقذ أعجوبة عالمية هي البحر الميت إذا لم نبدأ بالعمل على إعادة تأهيله فقد يختفي"، وفق أكونيس.

نتنياهو يصر على المشروع

في الوقت الذي يعترف الإسرائيليون بأن مشروع قناة البحرين ومجمل المشاريع التي يمكن أن تشكل بديلاً من قناة السويس تكلف مبالغ طائلة وسيكون من الصعب تنفيذها، تواصل إسرائيل مساعيها لتحقيق مشروع البحرين على الأقل، وسيكون قسطها في التمويل مليار دولار على الأقل، لكنها تصر على تنفيذه لمصالح استراتيجية في المنطقة. في المقابل، تقترح على الأردن الانسحاب من المشروع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع خوض بنيامين نتنياهو المعركة الانتخابية الأخيرة أعلن أن إسرائيل ستقوم بتنفيذ ما هو ملقى عليها في المشروع.

وكانت إسرائيل قد وقعت في عام 2013 مع الأردن والسلطة الفلسطينية على مشروع قناة البحرين، الذي استهدف ضخ المياه لنهر الأردن وإبطاء وتيرة جفاف البحر الميت. المشروع يتضمن إنشاء محطة لتحلية المياه في العقبة بحيث تقوم بشفط 300 مليون متر مكعب من مياه البحر، وتحلية 80 مليون متر مكعب لمصلحة الأردن وإسرائيل. وتقوم بضخ محلول الأملاح المتبقي إلى البحر الميت. المشروع يتضمن إنشاء محطة هيدروكهربائية في منطقة البحر الميت، التي ستنتج 32 ميغاواط. ومقابل المياه التي ستحصل عليها إسرائيل ستقوم ببيع الأردن في صفقة تبادل 50 مليون كوب في الشمال، وتنقل إلى السلطة 20- 30 مليون كوب ضمن شروط سيتم تحديدها.

تهرّب

في إسرائيل، حاولوا التهرب في السنوات الماضية من تطبيق الاتفاق، بعدما تبينت التكلفة الاقتصادية الباهظة للمشروع- أكثر من مليار دولار خلال 25 سنة، منذ اللحظة التي سينطلق فيها المشروع. في المقابل، الأردن صمم على تنفيذ المشروع لأنه اعتبره وسيلة لتحقيق استقلال نسبي في تزويده بالمياه.

بحسب ادعاء أوساط مختلفة وعلى رأسها وزير التعاون الإقليمي السابق، تساحي هنغبي، فإن التكلفة الاقتصادية للمشروع غير زائدة، والأمر الوحيد الذي يمكن أن يتسبب في هذه المرحلة بإلغاء مشروع قناة البحرين هو النقاش بين الأطراف حول الضمانات للمشروع.

بحسب مصادر مقربة من الاتصالات مطلوب من إسرائيل تقديم ضمانات من أجل ضمان وجود المشروع، أو إعطاء تعويض للشركة التي ستنفذه. التعويض يتطرق إلى عدد من الحالات- سواء أكان الأمر يتعلق بالحاجة إلى إلغائه في حالة العثور على مكتشفات أثرية مهمة، يمكن اكتشافها أثناء الحفريات، أو في حال حدوث عملية. في إسرائيل يقولون إنه لا يمكنهم الدفاع عن منشآت لا تقع على أراضي تابعة لهم، وبالتأكيد ليس عن أنبوب يبلغ طوله أكثر من 200 كيلومتر.

حالياً، وفي ظل الأزمة السياسية التي تعيشها إسرائيل وغياب حكومة رسمية قادرة على اتخاذ القرار، يعتبر كل مشروع غير قابل للبحث أو التنفيذ قبل أن يتضح مستقبل الحكومة الإسرائيلية، إذا ما نجحت الجهود في تشكيلها.

من الصعب توفير بديل قادر على المنافسة

وبينما رفضت مصادر رسمية مصرية التعليق على "مثل تلك التقارير والأنباء"، على حد وصفهم لـ "اندبندنت عربية"، أوضح اللواء نصر سالم، أستاذ العلوم الاستراتيجية في أكاديمية ناصر العسكرية، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، أن "أي حديث عن إنشاء بدائل إسرائيلية في المنطقة لقناة السويس في الوقت الراهن هو فكرة تجاوزها الزمن، وبات من الصعب تنفيذها لأسباب عدة".

وذكر سالم أن "مضيّ مصر خلال السنوات الماضية في تطوير قدراتها الملاحية والبحرية والمحيطة بقناة السويس، جعل من الصعب توفير أي بديل قادر على منافسة الميزات التنافسية التي توفرها مصر في ما يتعلق بنقل البضائع والحاويات، وحتى على مستوى الاستثمار وجذب رؤوس الأموال الأجنبية".

وتابع، "لو كان في الإمكان منافسة دور قناة السويس وإنشاء بدائل لها لكان تم الأمر منذ عشرات السنين، أو على أقل تقدير أثناء إغلاق القناة في سنوات الحرب بين إسرائيل ومصر"، في إشارة إلى الفترة ما بين 1967 و1975 حيث ظلت القناة مغلقة في وجه الملاحة بسبب العمليات العسكرية على ضفتيها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير