Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما سبب إرجاء وزير الخارجية الموريتاني زيارته للمغرب؟

رد فعل دبلوماسي بسبب استقبال نواكشوط قيادي "البوليساريو"

الحدود بين المغرب ومورتانيا (أ ف ب)

أرجأ وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ زيارة إلى المغرب كانت مقررة الأربعاء الماضي بدعوى الحالة الوبائية في البلدين، لكن معطيات أكدت أن المغرب هو من قرر إلغاء الزيارة باعتبار أن الوزير الموريتاني كان حاملاً رسالة شخصية من الرئيس ولد الشيخ الغزواني إلى الملك محمد السادس، يطرح فيها وساطته في نزاع الرباط وجبهة "البوليساريو".

استقبال قيادي "البوليساريو"

يأتي ذلك في أعقاب استقبال الغزواني وفداً من الجبهة في القصر الجمهوري في 24 مارس (آذار) الماضي، كما سبق لموريتانيا أن استضافت وفداً من الجبهة في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2020 خلال أزمة معبر الكركرات الحدودي بين البلدين، التي تسببت فيها استفزازات الجبهة للجيش المغربي، الذي تدخل عسكرياً لإنهاء المسألة.

وذكرت وكالة الأنباء الموريتانية أن زيارة وفد جبهة "البوليساريو" الأخيرة شهدت تسليمه للرئيس الموريتاني، رسالة من زعيمها ابراهيم غالي، تتناول مستجدات نزاع الصحراء، وذلك في ظل وجود جهود جزائرية للترويج لدور أفريقي في البحث عن حل له.

طبيعة العلاقات

تمر العلاقات المغربية الموريتانية بمدّ وجزر، تتحكم فيها طبيعة علاقة الرئيس الموريتاني بالرباط والجزائر. فبعدما شهدت تلك العلاقات حالة جفاء خلال عهد الرئيس الموريتاني السابق ولد عبد العزيز (الذي كان يُتّهم بالموالاة للجزائر)، يسعى الرئيس الحالي إلى مسك العصا من الوسط، وذلك عبر محاولة الوقوف على المسافة ذاتها بين المغرب وجبهة "البوليساريو".

وفي آخر تصريح له يتعلق بقضية الصحراء، أكد الغزواني أن "موقف بلاده من النزاع في إقليم الصحراء لن يتغير، وهو من ثوابت السياسة الخارجية للبلد"، موضحاً أن "وجهة نظر موريتانيا تكمن في الاعتراف بالجمهورية الصحراوية وتبنّي الحياد الإيجابي".

 خبايا الإرجاء

ويؤكد محللون أن إرجاء زيارة وزير الخارجية الموريتاني يعود بالأساس إلى امتعاض الرباط من استقبال قياديّي جبهة "البوليساريو"، إذ اعتبر الخبير المغربي في العلاقات الدولية عصام لعروسي، أن "التأجيل هو ردّ فعل دبلوماسي من قبل السلطات المغربية بسبب استقبال أعلى هرم السلطة في موريتانيا لقيادي من الجبهة، وهذا ما يؤشر إلى استياء الدبلوماسية المغربية من إقدام نواكشوط على هذه الخطوة"، مذكّراً بأن ذلك يأتي بعدما سجلت العلاقات المغربية الموريتانية تقارباً كبيراً، خصوصاً أن البلدين تجمعهما مصالح حيوية مشتركة سواء عسكرية أو اقتصادية، وذلك بعد عزم البلدين على تحصين الحدود المشتركة وسدّ الثغرات في المنطقة العازلة، إثر كسب المغرب معركة معبر الكركرات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف لعروسي أن هذا التأجيل من قبل المغرب يكشف عن تخبّط القيادة الموريتانية في ملف الصحراء المغربية، "حيث لا بد من أن نشير إلى أن الموقف الموريتاني ليس محايداً في قضية الصحراء المغربية، فنواكشوط تعترف بجمهورية الوهم، ما يصعب معه اعتبارها وسيطاً نزيهاً في هذا الملف".

من جانبه، يعتبر الخبير الموريتاني في شؤون الساحل والصحراء سليمان الشيخ حمدي، أنه "في ظل عدم وجود معطيات رسمية تؤكد إرجاء الزيارة من إلغائها والسبب وراء ذلك، نتّجه لنفي ما يتم تداوله من ربط بين استقبال الرئيس الموريتاني لوفد جبهة البوليساريو"، مشيراً إلى "اعتماد نواكشوط، منذ خروجها من حرب الصحراء عام 1978، توجّه الحياد الإيجابي، وهو الموقف الذي تتطلبه منها سيادتها وطبيعة علاقاتها الدولية، إضافة إلى أحكام القانون الدولي التي تعتبر موريتانيا طرفاً في نزاع الصحراء، لكنها لا تنحاز لطرف على حساب الآخر". ويشدد على أن أمر وجود وفد صحراوي أو مغربي في موريتانيا سيّان بالنسبة إلى نواكشوط.

إلى ذلك، يوضح السفير الجزائري في نواكشوط نور الدين خندودي أن موقف موريتانيا من قضية الصحراء موقف سيادي، مبني على الحياد الإيجابي"، قائلاً "أفهم شخصياً من الحياد أن موريتانيا تعترف بالمغرب وبالجمهورية الصحراوية، وتتعامل معهما وتستقبل مبعوثيهما، ولنا أمل كبير في أن تلعب نواكشوط دوراً إيجابياً في هذا النزاع، خصوصاً للتقريب بين الإخوة المغاربة والصحراويين للتفاوض، وصولاً لإيجاد حل للأزمة في ضوء قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي".

ما بعد الاعتراف الأميركي

بعدما نظّم المغرب "المسيرة الخضراء" عام 1975 لبسط سيادته على الصحراء، بذل منذ ذلك الحين جهوداً دبلوماسية لإقناع دول عدة بالإقرار بسيادته تلك. لكن بعد الاعتراف الأميركي بسلطته على الصحراء في نهاية عام 2020، بدأ ينتهج سياسة لا تقبل بالحياد، بالتالي أصبح يحث عدداً من الدول والتكتلات على توضيح موقفها من القضية بشكل صريح.

ويؤكد عصام لعروسي أنه بعد الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء، تحرّكت الجزائر دبلوماسياً في اتجاه موريتانيا وإسبانيا، وذلك من خلال زيارة وزير الخارجية إلى مدريد للتنسيق والتباحث بشأن مستجدات قضية الصحراء، وأيضاً الضغط على نواكشوط لاستقبال البشير مصطفى السيد، أحد قياديي "البوليساريو" الذين اشتهروا بتعذيب المعتقلين في سجونهم، معتبراً أن الجزائر نجحت في نسف هذا التقارب المغربي الموريتاني.

ويضيف الخبير المغربي أن "النهج الدبلوماسي المغربي يعبّر عن وضوح مقاربته، إذ يطالب موريتانيا بالخروج من دائرة الحياد السلبي ورفض الخضوع للضغط الجزائري، وهي رسالة واضحة المعالم في المعنى والمضمون لنواكشوط، فحواها أن الحفاظ على المصالح الحيوية المشتركة بين البلدين يتطلب من موريتانيا الكثير من الاتّزان والبراغماتية في قراءة تطورات قضية الصحراء المغربية، والتحول الذي تشهده العلاقات الدولية، وتأثر النسق الإقليمي في المنطقة المغاربية وفي منطقة جنوب الصحراء، وأن واقع قضية الصحراء يؤكد الطرح الواقعي الذي يقدّمه المغرب".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي